مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-02-01

حرب الخليج الثانية «عاصفة الصحراء» 1991

بدأت حرب الخليج الثانية بعد اجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس 1990 وانتهت في فبراير 1991 سميت الحرب بعدة مسميات حرب تحرير الكويت وعملية عاصفة الصحراء وسميت من قبل الحكومة العراقية باسم أم المعارك، وقعت الحرب بين العراق وائتلاف دولي من 30 دولة بقيادة الولايات المتحدة وبتشريع من الأمم المتحدة، وتألفت من جزئين رئيسيين وهما حملة القصف الجوية على أهداف داخل العراق والتوغل الأرضي لقوات التحالف داخل الأراضي العراقية، وامتدت على مساحة جغرافية شملت أراضي العراق والكويت والسعودية وتم فيها إطلاق صواريخ أرض أرض "سكود" عراقية بعيدة المدى.
 
إعداد: حنان الذهب
 
 
إذا ما رجعنا للتاريخ وبالتحديد في بداية الثلاثينيات كانت العراق تطالب في ضم الكويت لها مدعية بأنها جزء منها على الرغم من استقلالية الكويت من الحكم العثماني، وبعد استقلال الكويت عن بريطانيا عام 1961 رجعت العراق لتطالب بها من خلال مؤتمر عقده عبدالكريم قاسم حاكم العراق آنذاك في بغداد والذي هدد باستخدام القوة مما سبب في أزمة سياسية بين الكويت والعراق عرفت بأزمة عبدالكريم قاسم، وفي 4 أكتوبر 1963 أعترف العراق رسمياً باستقلال الكويت وبالحدود العراقية الكويتية.
 
كانت بداية الحرب هي في معاناة العراق الاقتصادية التي رفضت أن تلتزم من خلالها في تسديد الديون التي عليها للكويت، حيث دعمت الكويت العراق اقتصادياً في الحرب العراقية الإيرانية منذ البدايات ووصلت حجم المساعدات الكويتية للعراق أثناء الحرب إلى ما يقارب 14 مليار دولار،  وكان العراق يأمل بدفع هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط بواسطة تقليل نسبة إنتاج منظمة أوبك للنفط، ولكن إحصائيات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" تشير إلى أن 10 دول من ضمنهم العراق لم تكن ملتزمة بحصص الإنتاج، وعلى الرغم من ذلك تعهدت كل من الكويت والإمارات بالالتزام بحصص الإنتاج المقدرة بمليون ونصف برميل في  10  يوليو 1990، وصرحت الكويت في 26 يوليو 1990 بأنها خفضت إنتاجها من النفط إلى مستوى حصص منظمة أوبك، وبدأت الأحداث تأخذ منحنى تصعيدياً من قبل النظام العراقي حيث بدأ العراق بتوجيه اتهامات للكويت مفادها أن الكويت قام بأعمال تنقيب غير مرخصة عن النفط في الجانب العراقي من حقل الرميلة النفطي ويطلق عليه في الكويت حقل الرتقة وهو حقل مشترك بين الكويت والعراق.
 
اختراق الحدود الكويتية
وفي 2 أغسطس  1990تقدمت فرق الحرس الجمهوري مخترقة الحدود الدولية باتجاه مدينة الكويت وتوغلت المدرعات والدبابات العراقية في العمق الكويتي، وقامت بالسيطرة على المراكز الرئيسية في شتى أنحاء البلاد ومن ضمنها العاصمة، كما قام الجيش العراقي بالسيطرة على الإذاعة والتلفزيون الكويتي وتم اعتقال الآلاف من المدنيين الكويتيين بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الأجانب الذين كانوا موجودين في الكويت في ذلك الوقت والذين تم استعمالهم كرهائن لاحقاً.
 
بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق من قبل القوات العراقية شملت جميع مرافق الكويت من أبسط المواد الغذائية على رفوف الأسواق إلى أجهزة طبية متطورة، وبدأت حملة منظمة لنقل ما تم الاستحواذ عليه إلى العراق، ارتكب الجيش العراقي العديد من الجرائم في الكويت كعمليات الإعدام بدون محاكمة، وكانت عمليات الإعدام تجرى أمام منزل الضحية وبحضور أسرته، ومن ثم قامت السلطات العراقية ولأغراض دعائية بنصب حكومة صورية تحت مسمى جمهورية الكويت برئاسة علاء حسين من 4 أغسطس سنة 1990 إلى 8  أغسطس من نفس العام أي لمدة أربعة أيام.
 
اعتبرت الكويت المحافظة التاسعة عشر للعراق وتم تعيين عزيز صالح النومان، وهو قائد الجيش الشعبي في الكويت، بمنصب محافظ الكويت، وكانت النسخة العراقية من الأحداث والتي نشرته قنوات الإعلام العراقي هو أن انقلاباً عسكرياً حصل في الكويت بقيادة الضابط الكويتي علاء حسين الذي طلب الدعم من العراق للإطاحة بأمير الكويت ولكن هذا التحليل لم يلاق قبولاً من الرأي العام العالمي.
 
مطالبة قوية بانسحاب العراق
بعد ساعات من الاجتياح العراقي للكويت طالبت الكويت والولايات المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن وتم تمرير قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660 والتي شجبت فيها الاجتياح وطالبت بانسحاب العراق من الكويت، في 3 أغسطس عقدت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً وقامت بنفس الإجراء، وفي 6  أغسطس أصدر مجلس الأمن قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على العراق.
 
في بداية الأمر صرح الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بأن الهدف من الحملة هو منع القوات العراقية من اجتياح الأراضي السعودية وسمى الحملة بتسمية "عملية درع الصحراء"، وبدأت القوات الأمريكية بالتدفق إلى السعودية في 7 أغسطس من عام 1990 وفي نفس اليوم الذي أعلن العراق فيه ضمه للكويت واعتبارها "المحافظة التاسعة عشر"، وصل حجم الحشود العسكرية في السعودية إلى 500,000 جندي، وفي خضم هذه الحشود العسكرية صدرت سلسلة من قرارات مجلس الأمن والجامعة العربية وكانت أهمها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 678، والذي أصدر في 29 نوفمبر سنة 1990 والذي حدد فيه تاريخ 15 يناير من سنة 1991 موعداً نهائياً للعراق لسحب قواتها من الكويت وإلا فإن قوات الائتلاف سوف "تستعمل كل الوسائل الضرورية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660".
 
تشكل إتلاف عسكري مكون من 34 دولة ضد العراق لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون قيد أو شرط، وبلغت نسبة الجنود الأمريكيين من الائتلاف العسكري حوالي 74 % من العدد الإجمالي للجنود التي تم حشدهم، وقد وصل العدد الإجمالي لجنود قوات الائتلاف إلى 959,600 ، وقد وافق مجلس الشيوخ الأمريكي في 21 يناير سنة 1991 على استخدام القوة العسكرية لتحرير الكويت بموافقة 52 عضو ورفض 47، كما وافق مجلس النواب الأمريكي بموافقة 250 عضو ورفض 183، بدأ العراق محاولات إعلامية لربط مسألة اجتياح الكويت بقضايا "الأمة العربية" فأعلن العراق أن أي انسحاب من الكويت يجب أن يصاحبه انسحاب سوري من لبنان وانسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان. 
 
حملات قوات الائتلاف
الحملة الجوية
في مطلع فجر 16 يناير من سنة 1991، أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الأمن للعراق لسحب قواته من الكويت، شنت طائرات قوات الائتلاف حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملت العراق كله من الشمال إلى الجنوب حيث قامت بقرابة 109,867 غارة جوية خلال 43 يوم بمعدل 2,555 غارة يومياً، أستخدم خلالها 60,624 طن من القنابل، الأمر الذي أدى إلى تدمير الكثير من البنى التحتية، وفي17  يناير من نفس السنة قام الرئيس صدام حسين بإصدار بيان من على شبكة الإذاعة العراقية معلناً فيها أن "أم المعارك قد بدأت".
 
شكلت القوة الجوية العراقية في بداية الحملة الجوية خطر على قوات التحالف، فقد كانت القوة الجوية العراقية مكونة من 750 طائرة قتالية و200 طائرة مساندة موزعة على 24 مطار عسكري رئيسي، إضافة إلى دفاعات جوية متطورة و9000 مدفعية مضادة للطائرات، بعد تدمير معظم قوات الدفاع الجوي العراقي أصبحت مراكز الاتصال القيادية الهدف الثاني للغارات الجوية وتم إلحاق أضرار كبيرة بمراكز الاتصال مما جعل الاتصال يكاد يكون معدوماً بين القيادة العسكرية العراقية وقطعات الجيش، قامت الطائرات الحربية العراقية بطلعات جوية متفرقة أدت إلى إسقاط 38 طائرة ميج منها من قبل الدفاعات الجوية لقوات الائتلاف، وأدرك العراق أن طائراته السوفيتية الصنع ليس بإمكانها اختراق الدفاعات الجوية لقوات التحالف فقامت بإرسال المتبقي من طائراتها، والبالغ عددها 122 طائرة إلى إيران، كما تم تدمير 141 طائرة في ثكناتها العسكرية، وبدأ العراق في23  يناير سنة 1991 بعملية سكب متعمدة لما يقارب من مليون طن من النفط الخام إلى مياه الخليج العربي.
 
بعد تدمير الدفاعات الجوية ومراكز الاتصال العراقية بدأت الغارات تستهدف قواعد إطلاق صواريخ سكود العراقية ومراكز الأبحاث العسكرية والسفن الحربية والقطاعات العسكرية المتواجدة في الكويت ومراكز توليد الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصال الهاتفي ومراكز تكرير وتوزيع النفط والموانئ العراقية والجسور وسكك الحديد ومراكز تصفية المياه، وقد أدى هذا الاستهداف الشامل للبنية التحتية العراقية إلى عواقب لا تزال آثارها شاخصة إلى هذا اليوم، وحاولت قوات التحالف أثناء حملتها الجوية تفادي وقوع أضرار في صفوف المدنيين.
 
في 29 يناير عام 1991 تمكنت وحدات من القوات العراقية من السيطرة على مدينة الخفجي السعودية، ولكن قوات الحرس الوطني السعودي بالإضافة إلى قوة قطرية تمكنتا من السيطرة على المدينة، ويرى المحللون العسكريون أنه لو كانت القوة العراقية المسيطرة على الخفجي أكبر حجماً لأدى ذلك إلى تغيير كبير في موازين الحرب إذ كانت مدينة الخفجي ذات أهمية إستراتيجية كونها معبراً لحقول النفط الشرقية للسعودية ولم تكن الخفجي محمية بقوة كبيرة الأمر الذي استغلته القيادة العسكرية العراقية، وسُميت هذه المعركة باسم "معركة الخفجي".
 
الحملة البرية
شكل الهجوم البري لتحرير الكويت نهاية حرب الخليج الثانية، فقد اعتمدت إستراتيجية التحالف على حرب الاستنزاف حيث تم اضعاف الجيش العراقي بالحرب الجوية على مدى 43 يوماً، وتعتبر هذه المواجهة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية حيث تواجه نحو مليون جندي تصاحبهم الآليات المدرعة وقطع المدفعية مسنودة بالقوة الجوية.
 
حاول العراق في اللحظات الأخيرة تجنب الحرب، ففي 22 فبراير سنة 1991 وافق العراق على مقترح سوفيتي بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي الكويتية خلال فترة قدرها 3 أسابيع على أن يتم الإشراف على الانسحاب من قبل مجلس الأمن، لم توافق الولايات المتحدة على هذا المقترح ولكنها "تعهدت" أنها لن تقوم بمهاجمة القطاعات العراقية المنسحبة وأعطت مهلة 24 ساعة فقط للقوات العراقية بإكمال انسحابها من الكويت بالكامل.
 
في الرابعة فجراً من 24 فبراير من نفس العام بدأت قوات التحالف توغلها في الأراضي الكويتية والعراقية، وتم تقسيم الجيش البري إلى ثلاث مجاميع رئيسية بحيث تتوجه المجموعة الأولى لتحرير مدينة الكويت بينما تقوم الثانية بمحاصرة جناح الجيش العراقي في غرب الكويت، وتقوم المجموعة الثالثة بالتحرك في أقصى الغرب وتدخل جنوب الأراضي العراقية لقطع كافة الإمدادات للجيش العراقي، وفي اليوم الأول للحرب البرية استطاعت قوات التحالف للوصول إلى نصف المسافة لمدينة الكويت بينما لم تلاقي المجموعتين الأخرتين أي صعوبات في التقدم، وفي اليوم الثاني قامت قوات التحالف بقطع جميع الطرق لإمداد الجيش العراقي.
 
في 26 فبراير سنة 1991 بدأ الجيش العراقي بالانسحاب بعد أن أشعل النار في حقول النفط الكويتية وتشكل خط طويل من الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود على طول المعبر الحدودي الرئيسي بين العراق والكويت، وقصفت قوات التحالف القطعات العسكرية المنسحبة من الكويت إلى العراق مما أدى إلى تدمير ما يزيد عن 1500 عربة عسكرية عراقية، وبالرغم من ضخامة عدد الآليات المدمرة إلا أن عدد الجنود العراقيين الذين قتلوا على هذا الطريق لم يزد عن 200 قتيل لأن معظمهم تركوا عرباتهم العسكرية ولاذوا بالفرار، سُمي هذا الطريق فيما بعد بطريق الموت أو ممر الموت.
 
وفي اليوم التالي أي في 27 فبراير أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عن تحرير الكويت بعد 100 ساعة من الحملة البرية، فقال: "الكويت أصبحت محررة، وأن الجيش العراقي قد هزم".
 
القوات الجوية وتحدي مذهل
تم استخدام أنواع مختلفة من الطائرات الحربية منها طائرات الشحن العسكري وطائرات مقاتلة واعتراضية وطائرة الشبح ، أما طائرات الشحن العسكري فقد قامت طائرات "سي5- جلاكسي" و"سي141- ستارليفتر" بنقل ما يصل إلى 72 % من المعدات العسكرية وثلث الجنود إلى القواعد العسكرية في الخليج، ويُعتبر نقل الجنود والمعدات هذا النقل الأكبر للجيش الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تم نقل ما يقارب 482,000 جندي و513,000 طن من المعدات، كما تم استخدام طائرة "سي130- هيركوليز" للنقل المتقدم للجنود وإخلاء الجرحى، حيث قامت هذه الطائرات بأكثر من 46,500 طلعة جوية قامت خلالها بنقل حوالي 209,000 جندي و 300,000 طن من المؤنة، وتم فقدان طائرة "لوكهيد إيه سي130-" خلال إحدى العمليات للقوات الخاصة، وبالنسبة لطائرات تموين الوقود فقد تم استخدام 256 طائرة من نوع  KC-135 و 46 طائرة KC-10  من طائرات القوات الجوية الأمريكية.
 
طائرات قتالية بمواجهة ضارية
شاركت عدد من الطائرات المقاتلة والاعتراضية في الحرب منها 120 طائرة F15 Egale C/D  فقد قامت بأكثر من 5,900 غارة جوية، كما قامت بإسقاط 5 طائرات "ميغ ـ 29" عراقية، كما قامت طائرة F15 Strike eagle  بحوالي 2,200 غارة معظمها ضد منصات صواريخ سكود، وتم فقدان طائرتين في المعارك، كما شاركت 144 طائرة "إيه - 10 ثاندر بولت" الثانية بثلث طلعات القوات الجوية الأمريكية وأطلقت 90 % من مجموع القنابل الذكية المستخدمة، على الرغم من العدد الكبير للغارات التي قامت بها، تم إسقاط 5 طائرات فقط، وكانت طائرة الشبح أو "إف – 117 نايت هوك" هي الطائرة الوحيدة التي قامت بإطلاق صواريخ عالية الدقة في بغداد تجنباً لإصابة المدنيين، أيضاً استخدمت القاذفة "بي52- ستراتوفورتريس" لتدمير المطارات العسكرية ومنشآت التخزين العسكرية العراقية مستخدمة 25,700 طن من القنابل، حيث قامت بإطلاق 31 % من القنابل الأمريكية، وقامت 249 طائرة "أف16- فايتنج فالكون" بأكثر من 13,450 طلعة جوية مشكلة بذلك أكثر طائرة تقوم بغارات جوية خلال الحرب، كما تم استخدام طائرات F111 و F-4G wild weasel. 
 
القوة البحرية ودور محوري
أما بالنسبة للقوات البحرية فقد شاركت 115 سفينة بحرية من بحرية الولايات المتحدة و50 قطعة بحرية أخرى من باقي دول التحالف، وكان للبحرية الأمريكية دور محوري في الحرب حيث عملت الفرقاطات "يو أس أس فيفي" و"يو أس أس ميسوري" و"يو أس أس ويسكنسون" و6 فرقاطات أخرى و5 مدمرات وغواصتان نوويتان، متواجدتان في البحر الأحمر، على إطلاق 288 صاروخ من صورايخ "بي جي إم109- توماهوك" باتجاه القواعد العراقية، وكان النصيب الأكبر من الإطلاق لـ "يو أس أس فيفي" حيث أطلقت 58 صاروخاً، كما قامت 4 حاملات طائرات متواجدة في الخليج العربي واثنتان في البحر الأحمر بإطلاق 30,000 طلعة جوية مشكلة ما يقارب 30 % من مجموع الطلعات الجوية.
 
بدأت الحرب البحرية عندما هاجمت "يو أس أس نيكولاس" مع الطراد استقلال التابع للبحرية الكويتية القوات العراقية في حقل الدرة النفطي، كما قامت كاسحات الألغام "يو أس أس أدريوت" و"يو أس أس ليدر" بتعطيل الألغام البحرية العراقية، وكان للقوة البرمائية -المقدر عددها بحوالي 17000 جندي- دور مهم في إخلاء جميع الألغام من الشواطئ الكويتية في عملية تعتبر الأكبر منذ أيام الحرب الكورية.
 
القنابل والصواريخ الذكية
تم في هذه الحرب استعمال القنابل الذكية التي كان لها دور كبير في تقليل الخسائر البشرية في صفوف المدنيين مقارنة بالحروب الأخرى في التاريخ، وكان يتم توجيه هذه القنابل بأشعة الليزر، وتعتبر حرب الخليج الثانية ثاني حرب استعملت فيها هذه القنابل، إذ كانت المرة الأولى في الحرب على جزر الفوكلاند بين الأرجنتين والمملكة المتحدة عام 1982، وهذه القنابل لا تتأثر بالظروف الجوية السيئة حيث أنها توجه بواسطة نظام أقمار اصطناعية.
 
خلال الحرب استعملت الولايات المتحدة صواريخ باتريوت الدفاعية لأول مرة لإسقاط صواريخ سكود العراقية، على الرغم من دقة صواريخ باتريوت العالية إلا أنه تم توثيق حدث واحد أدى خلل في نظام الحاسوب لنظام باتريوت الدفاعي إلى خطأ في اعتراض أحد صواريخ سكود التي تم إطلاقها باتجاه المملكة العربية السعودية في 25 فبراير سنة1991  وأدى هذا الخطأ إلى موت 28 جندي وإصابة 100 آخرين في ظهران. 
 
وأطلق الجيش العراقي 86 صاروخ سكود، وهو صاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس نووية وكيماوية من تطوير الاتحاد السوفيتي، حيث أطلق 40 صاروخ باتجاه إسرائيل و 46 باتجاه السعودية بمعدل 15 صاروخ أسبوعياً، وهو معدل أقل مما كان يُطلق خلال حرب الخليج الأولى وكان الجيش العراقي يملك أربع نماذج من صاروخ سكود: سكود - ب، وسكود طويل المدى ذي حمولة أقل، وصاروخ الحسين، وصاروخ العباس الذي يُعد أقلهم حمولة وأطولهم مدى، وتتميز جميع صواريخ سكود العراقية - ماعدا العباس- بإمكان إطلاقها من منصات متحركة، مما شكل صعوبة لقوات التحالف من حيث تتبع المنصات، وكما واجه نظام باتريوت مشكلة التصدي لصاروخ الحسين والعباس نتيجة لتفكك هذه الصواريخ أثناء طيرانها في الجو بسبب توزيع الثقل بشكل غير متساوي في الصاروخ بحيث يكون طرفاه ثقيلين يربطهما خزان وقود خفيف الوزن.
 
القوات العراقية
اختلفت التقارير في إحصاء الخسائر العراقية، لكنها بالمتوسط شملت على ما بين 70,000 إلى 100,000 قتيل و30,000 أسير، بالإضافة إلى تدمير 4,000 دبابة و3100 قطعة مدفعية و1856 عربة لنقل القوات، كما تم تدمير حوالي 240 طائرة، ولا توجد إحصائيات تحدد مدى حجم الخسائر في صفوف المدنيين، ومعظم التقارير تقدر عدد خسائر المدنيين بين 2,300 إلى 200,000، وسبب الاختلاف الواضح في الأعداد يعود إلى اختلاف المعطيات في التقدير وخاصة أن عدد كبير من المدنيين تم استعمالهم كدروع بشرية لمنع قوات التحالف من قصف المواقع العسكرية.
 
عواقب الحرب على الكويت
عند بدء العمليات الجوية قام الجيش العراقي بتدمير العديد من منشآت البنية التحتية الكويتية، كما قام بأسر وقتل عدد كبير من الكويتيين، فمن نتائج الحرب العراقية على الكويت انقسام الصف العربي الذي تعرض لشرخ كبير أثر هذا الغزو ما بين مؤيد ومعارض وذلك على الصعيد السياسي أما الجانب الاقتصادي فكان من نتائجها إشعال وتدمير أكثر من 727 بئر نفطي من أصل 1080 بئراً كويتياً، وقدر قيمة المفقود من النفط والغاز الطبيعي من تلك الآبار بحوالي 120 مليون دولار يومياً، وأدى ذلك إلى فقد قيمة النفط المحروق، كما فقد قيمة غير محققة ناتجة عن وقف الإنتاج، كما أن تكاليف إعادة إعمار القطاع النفطي قد تصل إلى 80 مليار دولار حسب تقديرات وزارة المالية الكويتية، كما تم تدمير مؤسسات ومنشآت حكومية نجم عنها خسائر بمليارات الدولارات.
 
كما أن الشعب الكويتي تعرض إبان الغزو العراقي للتعذيب والأسر والقتل، فقد تم أسر أكثر من 600 كويتي وبعض الأشخاص من جنسيات أخرى أثناء الاحتلال العراقي ولا يزال معظمهم مفقودين، ووجد بعد الحرب رفات حوالي 236 أسير منهم في مقابر جماعية.
 
وتعرضت الكويت ودول الخليج العربي لأحد أسوأ الكوارث البيئية جراء ممارسات النظام العراقي في ذلك الوقت، فقد كان لحرق أكثر من 727 بئر نفطي الأثر المدمر لجميع عناصر البيئة، ولم يقتصر تأثير حرائق الآبار النفطية على الكويت فقط، حيث وصل آثار الدخان المرئي إلى اليونان غرباً والصين شرقاً، بل حتى وصلت آثار السحابة الدخانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإن كانت بتركيزات منخفضة، فمرصد "هون لاوا" في هاواي رصد معدلات "سخام" أعلى بخمس مرات عن معدلات الثلاث سنوات السابقة، كما نجم عن قيام الجيش العراقي بضخ النفط في مياه الخليج العربي - بدأً من الأسبوع الثالث من شهر يناير لعام 1991 - تكوّن أكثر من 128 بقعة نفطية مسببةً أكبر حادث انسكاب نفطي، وتعرضت البيئة الصحراوية للتلوث من عدة عوامل أهمها تشكل البحيرات النفطية الناتجة من تدمير الآبار، كما كان لقيام الجيش العراقي بحفر الخنادق الدفاعية وزرع الألغام الأرضية أثراً كبيراً في تفكك التربة. 
 
تكلفة الحرب
تعهدت الولايات المتحدة بالمشاركة بعمليتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء بنصف مليون جندي مع معداتهم دون أي اعتبار لمسألة تكاليف ونفقات القوات العسكرية، وقد قدرت التكاليف الإضافية على الولايات المتحدة بـ 61 مليار دولار أمريكي، ودون أن تتشارك دول التحالف في تحمل هذه التكاليف فسوف تضطر الولايات المتحدة إلى دفعها عن طريق رفع الضرائب أو الاستدانة لتمويل هذه النفقات، إلا أن الكويت والسعودية واليابان وألمانيا والإمارات تعهدوا بدفع 53 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة منها 48 مليار مدفوعات نقدية والباقي مدفوعات عينية.
 
الحصار الدولي على العراق
بعد انتهاء الحرب عانى الجيش العراقي من تدمير قطاعاته وأمست الحكومة العراقية في أضعف حالاتها، وكان كل المراقبين يتصورون أنه سوف يتم الإطاحة بحكومة الرئيس صدام حسين وقام الرئيس الأمريكي بصورة غير مباشرة بتشجيع العراقيين على القيام بثورة ضد الرئيس، حيث صرح أن المهمة الرئيسية لقوات الائتلاف كانت "تحرير الكويت" وأن تغيير النظام السياسي في العراق هو "شأن داخلي" وبدأ تذمر واسع النطاق بين صفوف الجيش العراقي المنسحب وبدأت ما تسمى بالانتفاضة العراقية لسنة 1991 عندما صوب جندي مجهول فوهة دبابته إلى أحد صور الرئيس صدام حسين في أحد الساحات الرئيسية في مدينة البصرة وكانت هذه الحادثة باعتبار البعض الشرارة الأولى للانتفاضة التي عمت جنوب العراق وتبعتها المناطق الشمالية، ويُرجح معظم المؤرخين أن سبب فشل الانتفاضة كان اتفاقاً عقد في صفوان وعرف باسم "اتفاقية خيمة صفوان". 
 
كما نتج عن حرب الخليج الثانية تدمير بنية العراق التحتية وجيشه وحرسه الجمهوري الذي كان يعد من أقوى جيوش المنطقة، وتم فرض عزله شديدة على تلك البلاد إثر قرار هيئة الأمم المتحدة فرض عقوبات اقتصادية خانقة عليها استمرت ثلاثة عشر عاماً عانى منها البلد بشدة، فالأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للعراق من مصافي النفط ومولدات الطاقة الكهربائية ومحطات تصفية المياه أدت إلى تدني هائل في جميع المرافق الاقتصادية والصحية والاجتماعية في العراق، نتج عن الحرب الجوية تدمير 96 % من مولدات الطاقة الكهربائية لتعيد مستويات إنتاج الكهرباء في العراق لما قبل عام 1920، وتعرضت بعض البنى التحتية لقصف متكرر كمحطة كهرباء الحارثة قرب البصرة ومحطة تكرير النفط في بيجي، ورأى بعض الخبراء أنه لا يوجد مبرر واضح لهذا القصف المتكرر وخاصة أن البنى التحتية التي قصفت من الصعب أن يتم إصلاحها خلال الحرب، كما أقامت الولايات المتحدة منطقة حظر الطيران لحماية المدنيين العراقيين في منطقة الشمال والجنوب وهذه المنطقة كانت العامل الرئيسي في إقامة إقليم كردستان في شمال العراق لاحقاً، وكان للحصار تأثير كبير شمل جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فقد أدى الحصار إلى ارتفاع نسبة التضخم ليصل إلى 24 % في عام 1994 كما أدى الحصار إلى هجرة أكثر من 23 ألف باحث وطبيب ومهندس عراقي إثر انخفاض معدلات أجر الفرد إلى أكثر من النصف، وقد صاحب الحصار ارتفاع معدلات وفيات الأطفال وسوء التغذية وانخفاض معدلات التحصيل العلمي، فقد تعرض أكثر من 4,500 طفل شهرياً للوفاة نتيجة سوء التغذية والأمراض حسب تقديرات اليونيسيف.
 
كما ألزم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العراق بتخصيص 5 % من عائدات بيع النفط لتعويض الكويت عن الأضرار التي خلفها الجيش العراقي، وقد جمعت اللجنة التابعة للأمم المتحدة ما قيمته 386 مليار دولار حصلت الكويت منها على 39 مليار دولار فقط.
 
مرض حرب الخليج
أطلق مرض حرب الخليج على مجموعة من الأعراض البدنية والنفسية التي عانى منها جنود قوات الائتلاف بعد عودتهم إلى أوطانهم ولا يزال الجدل محتدماً حول أسباب الأعراض المرضية التي عانى منها بعض هؤلاء الجنود، وتشمل هذه الأعراض ازدياد نسبة أمراض الجهاز المناعي، والخمول المزمن، وفقدان السيطرة على العضلات الإرادية، والإسهال، والصداع، ونوع من فقدان الذاكرة والتوازن والارتباك، وآلام المفاصل، والقيء، وتضخم الغدد، والحمى، الإعياء والطفح الجلدي وآلام المفاصل، ويعتقد بعض الخبراء أن الأسلحة الكيميائية العراقية التي قصفت قوات التحالف مواقعها هي سبب هذا المرض، ويعتقد آخرون أن جرعات عقار بروميد البيريدوستيجمن التي تناولها جنود التحالف للحماية من غاز الأعصاب هي السبب الرئيسي للمرض.
 
ويعتبر اليورانيوم المنضب وهو يورانيوم يحتوي على نسبة مختزلة من نظائر عناصر كيميائية لليورانيوم، من الأمراض التي انتشرت بعد الحرب، ففي عام 1998 صرح أطباء في اختصاص طب المجتمع في العراق أن استعمال قوات الائتلاف لهذه المادة أدت إلى ارتفاع كبير بنسب التشوهات الخلقية للولادات ونسب سرطان الدم وبالأخص ابيضاض الدم.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره