2014-09-01
اللواء مطر سالم الظاهري: الهدف الرئيسي لقانون الخدمة الوطنية إعداد قيادات شابة من أبناء الوطن
مجتمع الإمارات عمق استراتيجي للقوات المسلحة
القوات المسلحة تعمل بكافة أطرافها لإنجاح قانون الخدمة الوطنية
تحتل الأمم مكانتها بين سواها بحكمة الآباء والأجداد، وتحمي حدودها بسواعد الأبناء من الشباب والشابات، وتزدهر وتمضي إلى المستقبل بروح الجيل الواعد من الأبناء. هكذا هي حال الإمارات بين الأمم، بناها الأجداد في الماضي، ويطوّرها الآباء اليوم، وبموجب قانون الخدمة الوطنية رقم 6 لسنة 2014، سيحميها الأبناء ويحافظوا عليها للأجيال القادمة.
في حوار خاص مع اللواء مطر سالم الظاهري، رئيس هيئة الإدارة والقوى البشرية في القيادة العامة للقوات المسلحة، تحدث بكل شفافية عن التحديات التي واجهت تسجيل الدفعة الأولى من طلاب الثانوية العامة للعام 2014-2013، وما قامت به الجهات المختصة للتغلب على تلك التحديات في وقت قياسي، كما تمت دراسة الدروس المستفادة وتحليلها، ومن ثم الخروج بقرارات وخطط، وُضعت قيد التنفيذ مباشرة لآليات التسجيل والالتحاق للدفعات القادمة.
قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية
وقد تحدث اللواء الظاهري في بداية الحوار عن إعلان قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، وتشكيل هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية بناء على هذا القانون. وقدم اللواء الظاهري فكرة وافية عن الأسباب التي استدعت إصدار هذا القانون وتوقيته، وعما إذا كان إصداره يعني أن هنالك خطراً ما تتعرض له دولة الإمارات العربية المتحدة، مبيناً أنه لا يوجد خطر بعينه يتهدد الدولة ويستدعي صدور القرار؛ لأن دراسة قانون الخدمة الوطنية بدأت منذ سنوات طويلة، ومنذ أيام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. غير أن التأني في إصداره كان نتيجة أنه قانون يمس شرائح المجتمع كافة، وقد جاءت توجيهات القيادة الرشيدة بألا يصدر القانون إلا بعد أن تتم دراسته بشكل وافٍ. ولقد أُجريت زيارات لبلدان عديدة، للاطلاع على تجارب مختلفة والوصول إلى أفضل الممارسات.
إعداد قيادات شابة
وأوضح اللواء الظاهري أن من الأهداف الرئيسية لقانون الخدمة الوطنية إعداد قيادات شابة من أبناء الوطن وبناته، تكون لديهم القدرة على تحمل مسؤولياتهم المستقبلية، ويسهمون في الخطط المستقبلية المستدامة للدولة. وفي الوقت نفسه لا مانع من إعداد أبناء الوطن وبناته للإسهام في دعم القوات المسلحة. وهذا ما تفعله كل دول العالم. ولقد بُحث القانون من جميع جوانبه، وأطلق عليه اسم الخدمة الوطنية والاحتياطية، وليس الخدمة الإلزامية أو الإجبارية، وفي هذا دلالة واضحة على أنها خدمة وطن. كما يوجد خدمة بديلة لمن لا يمكنه أداء الخدمة العسكرية، والهدف من ذلك هو إشراك جميع أبناء المجتمع بخدمة الوطن، إذ لا يوجد مسوغ قانوني لحرمان أي واحد من أبناء الإمارات من خدمة بلده، وقانون دولة الإمارات لا يجيز استثناء أي شخص من خدمه بلده.
وفي سؤال آخر عن الفائدة التي يتوقعها المواطن من أداء الخدمة الوطنية، أجاب اللواء الظاهري بأنه من خلال الزيارات التي أجريت لبلدان مختلفة، أظهرت التجارب أن الخدمة العسكرية الوطنية تسهم في بناء شخصية أفراد المجتمع ممن يؤدونها حتى على المستوى الشخصي، فالمهارات القيادية مطلوبة لدى الجميع مهما تكن أعمالهم ومهنهم، مثل: العمل ضمن فريق واحد بما يحقق زيادة الإنتاجية، وتحقيق الانضباطية في الوقت. وأكد اللواء الظاهري أن القوات المسلحة تقدم لأبناء الإمارات الأخلاقيات التي تُبنى عليها القوات المسلحة، ليس في الإمارات فحسب، بل في العالم أيضاً. ومن هذه الأخلاقيات: الانضباط، والنظام، والدقة في الوقت، وتقليل التكاليف في أداء الواجب، والتضحية ونكران الذات باتجاه خدمة الوطن. كل هذا يسهم في نقل القيم الإيجابية إلى أبناء الوطن، وبذلك تصبح الخدمة الوطنية جزءاً مكملاً لشخصية الشابة أو الشاب.
ومن ناحية أخرى تناول اللواء الظاهري مسألة اختيار الفئة العمرية من سن الثامنة عشرة لتكون الدفعة الأولى للبدء بإطلاق الخدمة الوطنية، كونها الفئة العمرية التي تحتاج إلى بناء الشخصية، وتحفيز طاقاتها الإيجابية للعمل، فهذه الفئة العمرية قد أنهت للتو دراستها الثانوية، وتتحضر للانتقال إلى المرحلة الجامعية مع بعض الاستثناءات لذوي الاختصاصات العلمية مثل الطب والتي تحتاج إلى سنوات دراسة طويلة.
وأشار رئيس هيئة الإدارة والقوى البشرية إلى أن الخدمة الوطنية هي مرحلة تحضيرية تسبق خوض الشباب للحياة الجامعية، وتسهم بتسليحهم بمهارات إضافية تفيدهم في بناء مستقبلهم، وبناء على ذلك يمكن القول إنها مرحلة مكمّلة للمرحلة المدرسية ومتمّمة للمرحلة الجامعية. ومن جانب آخر، فإن حكومة دولة الإمارات تتحمل مصاريف مدرسية هائلة لتعليم أبنائها من الإماراتيين، ومع ذلك، أحياناً تكون نسب الإخفاق أكبر مما ينبغي لها، وعلى الرغم من أن قدرات الطالب تؤهله لتحقيق المزيد، فإنه لا يرهق نفسه ويكتفي أحياناً بالمتوسط.
دور هيئة الإدارة والقوى البشرية
وعن دور هيئة الإدارة والقوى البشرية في القوات المسلحة الحالي والمستقبلي في عملية الخدمة الوطنية، وماهيّة العلاقة بين الهيئتين: القوى البشرية والخدمة الوطنية، قال اللواء الظاهري إن القوات المسلحة قد كُلّفت بموجب قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية بتنفيذ القانون، والقوات المسلحة تعمل بكل أطرافها لإنجاح هذا القانون، والهيئة المختصة بالتعامل مع مشروع الخدمة الوطنية هي هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، وباقي الهيئات في القوات المسلحة هي هيئات داعمة لها. وهنا يأتي دور هيئة القوى البشرية في إنهاء إجراءات التجنيد مثل الفحص الطبي، وإنهاء الإجراءات الأخرى المرتبطة بالتجنيد، استصدار البطاقات، توجيه الأبناء نحو معسكرات التدريب، متابعة ما يتلقونه من تعليم وبرامج تدريبية، تحديد أماكن التدريب والمساهمة في سياسة التوزيع في المستقبل، وستبقى صيغة هذه العلاقة في المستقبل قائمة، وستكون هيئة الخدمة الوطنية هي الهيئة المنوط بها مشروع الخدمة الوطنية، وجميع أفرع وهيئات القوات المسلحة مُسخرة بحسب الاختصاص لدعم دور هيئة الخدمة الوطنية.
وبعد الإعلان عن قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية بمدة وجيزة، وقعت هيئة الخدمة الوطنية مجموعة من مذكرات التفاهم مع عدد من الجهات الحكومية، الأمر الذي كان له أثر إيجابي ينعكس على القوات المسلحة بأسرها، فهيئة الخدمة الوطنية تتعامل مع الجهات الحكومية، كلٌّ في مجال تخصصه بما يخدم مشروع الخدمة الوطنية بالكامل. ومن المؤكد أن هذه المذكرات والتعاون بين الخدمة الوطنية والجهات الحكومية الأخرى له أثر إيجابي ينعكس على القوات المسلحة بأسرها.
المعايير
وشرح اللواء الظاهري المعايير الناظمة لعملية اختيار أسماء المجندين بقوله: إنه لا توجد آليات أو شروط لاختيار أسماء المجندين، فالدفعة الأولى التي ستلتحق بالخدمة الوطنية هي لجميع خريجي الثانوية العامة لهذا العام، ولاسيما من استوفى منهم الشروط الصحية، ومجموعهم أقل من 90 %. أما من حقق مجموعاً أقل من 90 %، ويرغب في الوقت نفسه بمتابعة تعليمه، وحصل على منحة دراسية أو قبول في جامعات لمتابعة تحصيله العلمي الجامعي فسيلتحق بالخدمة الوطنية لهذا العام، ومن ثم يتابع دراسته العام المقبل، علماً بأن وزارة التربية والتعليم قد قامت بالاتفاق مع الجامعات والكليات الحكومية والخاصة داخل الدولة بالاحتفاظ بموافقات قبول دراسة الطلاب الجامعية إلى العام المقبل، أي لما بعد انتهائهم من أداء الخدمة الوطنية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى جهات الابتعاث خارج الدولة، فإنها تعامل المعاملة نفسها، ويؤجل الابتعاث إلى ما بعد الانتهاء من الخدمة الوطنية مع الاحتفاظ بحق الطلاب مع جهات الابتعاث، وبناء عليه، فإن المنح الدراسية لهذا العام مؤجلة وليست ملغية.
وأكد اللواء الظاهري أن خريجي الثانوية لهذا العام الذين يودون الالتحاق بالكليات العسكرية يندرجون تحت فئة العسكري المحترف، لذلك فهم مستثنون بقوة القانون، إذ سيؤدي الملتحقون بالكليات العسكرية الخدمة العسكرية لمدة 12 شهراً، بما في ذلك التدريب العسكري بجميع أشكاله، بل أكثر مما يتدرب عليه منتسبو الخدمة الوطنية.
وفي سؤال عن مبالغة بعض الأهل في حرصهم على أبنائهم وحمايتهم لهم واهتمامهم البالغ بمعرفة الفئات العمرية التي سيتم إدماجهم فيها في المعسكرات التدريبية، قال اللواء الظاهري للأهل: إن القوات المسلحة في الدولة هي جزء من نسيج المجتمع، وتعود خبراتها التدريبية إلى سنوات طويلة سابقة، وبهذا المجال أشار إلى مراعاة ظروف سكن المجندين ووجود المشرفين المتخصصين وتأمين الظروف الصحية المناسبة لهم، فالقوات المسلحة في الإمارات تتعامل مع هذه الفئات العمرية بشكل دوري منذ سنوات طويلة، وتراكمت لديها خبرات كبيرة في مجالات تدريب مختلف الفئات العمرية. الجدير بالذكر بأن هذه الدفعة هي من فئة عمرية متشابهة، وهي مندمجة في المدارس، لذلك لا داعي لخوف الأهل، كما أن القوات المسلحة تعتبر المجند ابناً لها، وتحرص من خلال جميع كوادرها عليهم. ويمكن للأهل الاطمئنان على أبنائهم بصورة دورية من خلال وسائل الاتصال المتوافرة، كما يمكنهم الوصول إليهم في حالات الطوارئ.
ومن خلال حديثه أجاب اللواء الظاهري عن بعض التساؤلات التي تدور في خلد مستحقي التجنيد، مثل إن كان بمقدورهم استخدام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المتحركة في المعسكرات التدريبية، إذ قال إنه سيتم تبليغ المجندون عند استلامهم لبطاقاتهم العسكرية بما يمكنهم اصطحابه معهم إلى المعسكرات، وما يُنصح أن يصطحبوه إلى المعسكرات من ملابس وأدوات أخرى لاحقاً. أما بالنسبة إلى استخدام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المتحركة فهي ستكون مقننة وبتوقيتات محددة وسيتم استخدامها وفق الأنظمة المعمول بها في القوات المسلحة.
التسجيل
وتحدث اللواء الظاهري بشفافية بالغة عما أعلنته هيئة الخدمة الوطنية من خلال وسائل الإعلام المختلفة، حول عمليات التسجيل والشروط وحالات الإعفاء والتأجيل، وتفاصيل أخرى، و إذا ما كانت المعلومات التي تم تقديمها للجمهور شفافة وكافية بحيث لم تترك المجال للكثير من التساؤلات لدى مستحقي التجنيد، إذ قال إنه ونظراً لأهمية القانون ومساسه بجميع أبناء الوطن وبناته على اختلاف طبقاتهم وفئاتهم، والسؤال حق مشروع للجميع سواء من أبنائنا المجندين، أو ذويهم، أو الجهات الحكومية أو الخاصة، ومن الطبيعي والمتوقع أن يكون هنالك الكثير من الأسئلة، والنقاش مازال جارٍ، ومن المتوقع أن يستمر في المراحل كافة، سواء قبل التطبيق أم بعده. وأكد أن الجهات المسؤولة في القوات المسلحة قلوبها وعقولها مفتوحة للإجابة عن التساؤلات كافة، كما تم البدء بالاستفادة من وسائل التواصل الحديثة لاستقراء التساؤلات المجتمعية الموجودة.
ورأى الظاهري أن ما تم تطبيقه هو الممارسة الأفضل: صدور القانون، مع شرح الأمور الرئيسية فيه، ومن ثم تمت الإجابة على أسئلة كثيرة من خلال المحاضرات المتعددة التي أقامتها هيئة الخدمة الوطنية، وهناك قنوات جديدة مفتوحة للإجابة على التساؤلات. وتابع الظاهري قائلاً إنه يتصور أن القوات المسلحة جاهزة لتطبيق القانون بمنتهى الاحترافية، وأن جميع فئات مجتمع الإمارات جاهزة لتطبيق الخدمة، بل إن الكثير من التساؤلات قد أثيرت حول مواطنين من الفئات العمرية التي تجاوزت سن الالتحاق بالخدمة ويرغبون بالانضمام.
أما عن أسباب الإعلانات التي تتالت عن مواعيد فتح أبواب التسجيل والتي تضمنت تمديد مواعيد التسجيل أكثر من مرة، ما أثار أسئلة حول الأسباب الموجبة لهذا التمديد، وخصوصاً في ضوء أن الجهات المختصة قد قامت بدراسة المدة الزمنية المناسبة لعمليات تسجيل من هذا النوع، ومن المفترض أنها قد أعطت الوقت الكافي قبل فتح أبواب التسجيل، أجاب اللواء الظاهري رئيس هيئة الإدارة والقوى البشرية بأن تاريخ 13 يوليو كان متزامناً مع تاريخ إصدار الشهادات الثانوية من قبل وزارة التعليم، فإجراءات التقديم للخدمة الوطنية كما هو معروف مرتبطة بحصول الطلاب على شهاداتهم الثانوية الموثقة ولمن استلم شهادته في وقت مبكر، فُتح باب التسجيل قبل التاريخ الذي تم الإعلان عنه.
وعلى الرغم من أن أغلب الأعداد المتوقعة قامت بالتسجيل خلال الأسبوع الأول الذي تم الإعلان عنه، لكن إجراءات التسجيل لا تنتهي في تلك الفترة الزمنية، بل تأخذ وقتاً أطول. وهنا لا بد من التنويه إلى أن عملية التسجيل لا تعني عملية إنهاء الإجراءات، فعملية التسجيل لا تأخذ أكثر من عشر دقائق أي أن تقديم الأوراق وإدراجها في الأنظمة لا يتجاوز الدقائق العشر، في حين أن عملية إنهاء الإجراءات تحتاج إلى وقت أطول يتفاوت بين حالة وأخرى، وبإنهاء إجراء التسجيل نعني: إنهاء عملية التسجيل، إنهاء الفحص الطبي، تحديد المعسكر، والحصول على البطاقة العسكرية.
وعن كثافة أعداد المتقدمين للتسجيل في معسكر الرحمانية في الشارقة بالأخص، حيث إنه يغطي تسجيل كل من إمارات دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، رأس الخيمة والفجيرة، قال الظاهري إنه قد تم اختيار هذا المعسكر ليكون في منطقة معروفة من قبل سكان المنطقة، وفي الوقت نفسه على مسافة قريبة من جهات حكومية مختلفة، وسهل الوصول من ناحية الطرقات، فهو على مخارج طرق سريعة، وإلى جانبه عدد من المشافي العسكرية القريبة. وبدءاً من العام القادم سيتم زيادة عدد معسكرات التسجيل، فمعسكر المنامة سيصبح مفتوحاً ويخدم الإمارات الشمالية.
ولإنصاف معسكر الرحمانية، فإن مبناه حديث وتم افتتاحه ليكون معداً لاستقبال الخدمة الوطنية، وقد افتتح مع بدء عمليات التسجيل وبالتالي كان تسجيل الخدمة الوطنية أول تشغيل له وعلى الرغم من كونه مجهزاً لينهي مئات الأشخاص في يوم واحد، إلا أنه تدافع أعداد كبيرة من المسجلين إلى المعسكر، مصطحبين ذويهم (وفي بعض الحالات أكثر من فرد من الأسرة)، للقيام بإجراءات التسجيل وبالتالي تضاعفت أعداد القادمين إلى المعسكر، ما أدى إلى الازدحام. وبسرعة كبيرة تم تدارك هذا الوضع وتم تدعيمه بمراكز مصاحبة، ومركزين لدعم الفحص الطبي، مركز في الشارقة، والآخر في دبي. وبمكرمة من حاكم الشارقة، فقد أضيفت مساحة من الأرض، أقيمت عليها خيمة لهذا العام، في حين سيتم بناء صالات رسمية للاستقبال في الأعوام القادمة. وتسهيلاً لإجراءات التسجيل والفحص، وفرت القوات المسلحة المواصلات من الرحمانية إلى المراكز الطبية، بحيث تم اختصار وقت الفحص الطبي إلى ساعة ونصف.
وكانت وسائل الإعلام قد تناولت التحديات التي واجهتها العملية التنظيمية بعض مراكز التسجيل في أيامها الأولى، فتحدث اللواء الظاهري عن كيفية تدارك تلك التحديات قائلاً إنه لا يمكن الرد على أسئلة من هذا النوع إلاّ بشفافية عالية، فقد رأى أن تلك التحديات أمر إيجابي، إذ بيّنت النظرة الإيجابية للخدمة الوطنية أكثر من جميع الدراسات المتفائلة التي أجريت من قبل. وفي الحقيقة فإن التحدي الرئيسي الذي واجهته العملية التنظيمية، كان اندفاع أبناء الإمارات إلى مكاتب التجنيد للتسجيل بنسب أعلى من كل التوقعات والدراسات المتفائلة التي أجريت قبل فتح باب التسجيل. فقد تم توقع أعداد معينة للقدوم إلى كل مركز، علماً بأن اللجان التي قامت بالدراسات قد وضعت أرقاماً متفائلة، لكن على أرض الواقع كانت الإقبال أكبر مما يمكن لأي لجنة أو جهة توقعه عن الطاقة الاستيعابية.
ولكن حال بدء التسجيل، ورصد مختلف التحديات في عملية التسجيل، تم تدارك الأمر واتخذت حلول سريعة، فقد تم دعم عدد الموظفين بفرق عمل إضافية وزيادة عدد ساعات التسجيل وعدد الأيام والاستفادة من بعض قيادات قوات المسلحة المجاورة لمكاتب التجنيد، إلى أن عادت الأمور إلى طبيعتها بوقت قياسي.
أفضل الممارسات الإعلامية
وعن السؤال عن معايير احتساب المدة الزمنية لإنجاز كل معاملة، إذ وبحسب أفضل الممارسات العالمية، تتم عادة احتساب المدة الزمنية لإنجاز كل معاملة تسجيل، أجاب اللواء الظاهري بأن عملية تسجيل منتسبي الخدمة الوطنية خضعت لأفضل المعايير العالمية، فمراكز التسجيل تنهي يومياً إجراءات تسجيل عدد متوسط يصل إلى 400 شخص، لكن يجب أن نضع بعين الاعتبار أن هذه السنة هي استثنائية، فقد صدر القانون مع التطبيق في الوقت نفسه، مؤكداً أن الإمكانيات متاحة لدى القوات المسلحة، فنحن ننهي يومياً عدد يتراوح ما بين 350 إلى 600 تسجيل، علماً بأنه يبلغ عدد خريجي الثانوية العامة 9500 طالب تقريباً، ومتوسط إنهاء إجراءات التسجيل يومياً 400 طلب، أي في عشرة أيام يمكننا إنهاء 4000 طلب تسجيل، وفي عشرين يوماً ننهي 8000 طلب تسجيل، ففي خلال شهر تنهي عمليات التسجيل.
ولا بد هنا من التفريق ما بين التسجيل، وإنهاء إجراءات التسجيل واستلام البطاقة، أحياناً يتقدم يومياً للتسجيل نحو 900 شخص، لكن إنهاء الإجراءات تصل إلى متوسط 400 شخص يومياً. فبعض المتقدمين للتسجيل يحتاجون إلى رأي استشاري طبي، وأحياناً يحتاجون إلى رأي لجنة طبية للبت في الحالة الصحية، وهذا ما يطيل مدة إنهاء الإجراء.
وأشار بأنه لا بد من الإشارة إلى أن تسجيل الخدمة الوطنية يتزامن مع تسجيل القوات المسلحة والشرطة لمرشحيهم، فقد تم الإعلان منذ أكثر من شهرين عن أن تكون اللجنة موحدة، جاءت هذه الخطوة الإيجابية للمرة الأولى سعياً لتوفير الوقت على المواطنين، فاللجنة المشتركة تمنع الازدواجية في إجراءات التجنيد، وتوفر على الأسر الجهد لإجراء الفحوصات والقيام بعمليات التسجيل مرتين، فالذي يُفحص للتسجيل في الشرطة أو القوات المسلحة ولا يجتاز الفحص، سيقوم بأداء الخدمة الوطنية بجميع الأحوال، وفي هذه الحالة فإنه قد أصبح جاهزاً لأداء الخدمة الوطنية من دون أن يعاود المرور بالإجراءات نفسها مرة ثانية.
الفحص الطبي
وعن أسباب ظهور بعض العراقيل في الفحص الطبي في الأيام الأولى، قال اللواء الظاهري إنه لم يكن بإمكان القوات المسلحة إجراء الفحص الطبي، أو أي إجراءات أخرى ذات صلة بالخدمة الوطنية، بقوة القانون قبل صدوره، أما اليوم وبعد صدور القانون، أصبح بالإمكان فتح المكاتب لإجراء الفحص الطبي في أثناء العام الدراسي. وتفادياً لتكرار الازدحام الذي حدث هذ العام تم الاتفاق مع وزارة التربية والتعليم ومجالس التعليم لإتاحة الفرصة أمام الطلاب بدءاً من العام القادم بإجراء الفحص الطبي في أثناء العام الدراسي، ومن ثمّ تصبح عملية التسجيل روتينية بعد انتهائهم من العام الدراسي وحصولهم على شهادة الثانوية.
وأجاب رئيس هيئة الإدارة والقوى البشرية في القيادة العامة للقوات المسلحة عن التساؤلات حول الأمراض التي تصنّف ضمن عدم اللياقة الطبية بأنها مذكورة في اللائحة التنفيذية والتي تم إقرارها حالياً في القوات المسلحة وسيتم الإعلان عنها قريباً، فإن نتائج اللياقة الطبية يشرحها الأطباء بالتفصيل للمنتسبين، ومن المعروف أن من لا يحصل على شهادة طبية تخوله بأداء الخدمة العسكرية، سيتجه إلى أداء الخدمة البديلة.
أما عن معايير الطول والوزن المطلوبين بالحدين الأدنى والأعلى، فقال اللواء الظاهري إنه من إيجابيات الخدمة الوطنية إسهامها في تحقيق اللياقة البدنية لأبنائنا وبناتنا، وذلك من خلال وضع برنامج يناسب الفئات التي تعاني وزناً زائداً، وفي الوقت ذاته ترى اللجنة الطبية أنهم قادرون على الوصول إلى اللياقة المطلوبة وإن كان بعد مدة زمنية معينة، فلا مانع لدينا من استيعاب هذه الفئات، ووضع برامج غذائية وصحية لمساعدتها على الانضمام إلى الخدمة الوطنية.
وفي موضوع متصل، بخصوص إمكانية فصل تسجيل مستحقي الانتساب في الخدمة الوطنية عن تسجيل منتسبي القوات المسلحة ووزارة الداخلية للحد من الأعداد الكبيرة المتدفقة إلى “كاونترات” التسجيل، فقد أوضح اللواء الظاهري بأن هذه عبارة عن عملية تسجيل متكاملة، فإن الذي لم يستوف شروط الانتساب إلى القوات المسلحة وهو مستوفٍ لشروط أداء الخدمة المدنية، يكون قد أصبح جاهزاً للانتساب إلى الخدمة الوطنية، ومن ثمّ تم توفير تكرار الإجراءات على المنتسب، وعلى الجهات التنظيمية أيضاً.
ونوّه رئيس هيئة الإدارة والقوى البشرية بأن اللائحة التنفيذية قد أصبحت في مراحلها الأخيرة، ومن المؤكد أنه لن يبدأ تطبيق القانون إلاّ بوجودها، فاللائحة كما هو معروف عبارة عن تفاصيل القانون، وعادة ما تحتاج التفاصيل إلى وقت كافٍ قبل الإعلان عنها.
تسجيل الإناث
ومن ناحية أخرى فقد تناول اللقاء تسجيل الإناث، فمعسكرات الإناث هي بالكامل للإناث، سواء لناحية الإدارة أو الإشراف أو التدريب. ومن المؤكد أنه تمت مراعاة العادات والتقاليد في مجتمعنا وديننا الحنيف، كما تمت مراعاة أمور أخرى أيضاً، كسلامتهن ونوعية البرامج التدريبية التي سيخضعن لها، مع العلم بأن التدريب الميداني مختلف بين الإناث والذكور، فالتدريب العسكري كمنهاج يتشابه ما بين الفئتين، والتدريب الوطني أيضاً مشترك، كذلك الجانب الديني والجوانب القيادية ستكون متشابهة، وفي النهاية فإن برامج القوات المسلحة التدريبية كافة تؤكد أهمية القيم الصحيحة، والتسامح، وحب شعب الإمارات للمجتمعات والأديان الأخرى، واحترام الآخرين، مع المحافظة على خصوصية المجتمع الإماراتي.
وأكد اللواء الظاهري أنه سيتم فصل الفئات العمرية من الإناث في السكن عن بعضها بعضاً، وسترافقهن مشرفات ذوات خبرة تزيد عن 30 سنة في تدريب الإناث، كما أن القوات المسلحة حريصة بالغ الحرص على الإماراتيات، وعلى الالتزام بتقاليد الدولة المتوارثة وقيمها وعاداتها.
الدفعة الثانية
وأشار اللواء الظاهري إلى أن الدفعة الثانية المتوقعة في شهر يناير بأنها ستضم الفئة العمرية من عمر الثلاثين عاماً فما أدنى، كما ستليها دفعة أخرى في شهر مايو أيضاً مخصصة للفئة العمرية من ثلاثين عاماً فما دون.
وعن مستحقي الانتساب إلى الخدمة الوطنية ممن يكملون دراساتهم العليا في الخارج، قال اللواء الظاهري إن قانون الخدمة الوطنية قد أقر بأنه يتوجب على جميع المستحقين التقدم إلى الهيئة ليُبلّغوا، ثم يتم تأجيلهم إلى سن الأربعين، لكنه يبقى مشمولاً بالخدمة الوطنية.
الحياة العسكرية
وأجاب اللواء الظاهري أيضاً عن تساؤلات متعلقة بتفاصيل الدورات التدريبية، من ناحية عدد أيام التدريب الأساسي، وكيف يتم تقسيم المدة الزمنية الكاملة للخدمة الوطنية، فقال إن المرحلة الأولى من التدريب هي نقل المجند من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية وتسليحه بالمفاهيم الوطنية والقيادية والدينية. يتم تحديد مدة المبيت في المعسكرات لاحقاً، لكنها غالباً ما تكون بضعة أسابيع، ثم يتمكن من الخروج أسبوعياً والعودة إلى أهله، باستثناء من كان عليه مناوبة أو مخالفة.
وعادة لا يُطلق اسم عقوبة، بل التدريب الإضافي، فهي ليست عقوبة لشخص المجند، بل هي حاجة إلى التدريب الإضافي، فالعسكري مطيع ومنفّذ للأوامر التي يتلقاها، وهو ليس شخصاً ذا طبيعة إجرامية وقد تكون مخالفته مثلاً عدم استيفائه لشرط اللياقة البدنية، فيحتاج إلى المزيد من التدريب في هذا المجال.
ومتابعة للحديث عن يوميات المتدربين وما سيتوقعون مواجهته في فترة التدريب الأساسي، ومن ثم في الفترات اللاحقة وما سيتوقعون مواجهته في الحياة العسكرية، قال الظاهري إن معسكرات التدريب هي هيئات مستقلة لكن العلاقة بين جميع الجهات في القوات المسلحة هي علاقة تعاون تهدف إلى إنجاح مشروع الخدمة الوطني.
وتقسم برامج التدريب في الخدمة الوطنية إلى قسمين: برامج تطبيقية تدريبية هي عبارة عن برامج دورات القوات المسلحة الاعتيادية مصحوبة ببرامج نظرية أعدت بمساعدة العديد من جهات الاختصاص في الدولة، وليس القوات المسلحة فقط، مثل جهات تعليمية، أسهمت فيها وزارة التعليم العالي، وهيئة الأوقاف، ووزارة الداخلية بالإضافة إلى جهات أخرى كل بحسب مجال تخصصه.
وهنا استغل اللواء مطر سالم الظاهري المناسبة لتوجيه الشكر للمجلس الوطني الاتحادي على دوره البارز برئيسه وأعضائه في مناقشتهم لقانون الخدمة الوطنية بمنتهى المهنية والاحترافية، وقدرتهم على نقل آراء فئات المجتمع كافة بصورة دقيقة، ولاسيما أن قيادات الدولة أصرّت على مرور القانون بجميع القنوات الرسمية في الدولة، وذلك بالتنسيق المستمر مع القوات المسلحة، فقد كان دور الإخوة والأخوات في المجلس الوطني بارزاً ومساعداً للغاية.
وتحدث اللواء الظاهري بتفاصيل أكثر عن زيارات إلى العديد من بلدان العالم للاطلاع على تجاربها في مجال الخدمة الوطنية، وكيفية بناء مناهجها التدريبية، ومن ثم تم تطوير هذه التجارب المستفادة من قبل خبراء محليين مواطنين وخبراء مقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة وملمّين بطبيعة الدولة وما يتناسب معها، وأصبحت البرامج اليوم جاهزة للتطبيق وبانتظار الدفعة الأولى. أما عن يوميات المجند وساعة الاستيقاظ والتدريبات اليومية فقد فصّل اللواء الظاهري قائلاً بأنه يكون الاستيقاظ المعتاد في القوات المسلحة مع الشروق، باستثناء حالات التدريب الخاصة ذات الأهداف المعينة، مع مراعاة حاجة المتدرب إلى ساعات نوم معينة وحالته الصحية.
كما يوجد مركز صحي متقدم وطاقم طبي لمراقبة الأوزان والعادات الغذائية للمجندين، وهنالك مشرفون وأخصائيون اجتماعيون ونفسيون. وسينقسم يوم المجند ما بين تدريب رياضي، وتدريب على المنشآت العسكرية، علماً بأنه في مرحلة التدريب الأساسي سيتلقون تدريباً على المعدات الخفيفة، كما يوجد توجيه ديني من قبل أئمة وواعظين، وهنالك محاضرون مختصون في القيادات.
ومن جهة الاستقلالية وأداء مهام تنمّي الاعتماد على النفس، فسيكتسب المتدرب مهارات معينة مثلاً في تحضير طعامه الخاص من ضمن بعض التدريبات، بالإضافة إلى قيامه بمهام أخرى مثل النظافة الشخصية والغسيل والكوي، مع توفير المكان المناسب للغسيل والكي. كما سيستفيد المجندون من تجربتهم في القوات المسلحة من الاعتمادية على الذات والاستفادة من الموارد المحدودة، مثلاً إذا توافر الماء بكميات قليلة، أو كان الحيز ضيقاً.
وستؤمن القوات المسلحة المواصلات من وإلى المعسكرات طيلة فترة التدريب، وقد روعي أن تكون معسكرات التدريب لطلاب الثانوية في معسكرات سهلة الوصول وقريبة. فبعضهم غير حاملين لرخصة القيادة، وبالتالي يحتاجون إلى من يقلّهم من وإلى المعسكرات خلال فترات التدريب، علماً بأن فترة التدريب الأساسي هي ثلاثة أشهر، وبعد ذلك يتم توزيعهم بحسب الاختصاص، وفي تلك الحالة سيُراعى أن يتم توزيعهم على أماكن قريبة من أماكن سكنهم بقدر الإمكان.
المكافآة المالية
وعن تفاصيل أخرى لا تتعلق بالدفعة الأولى ويوميات التدريب والمناهج، بل بالمكافآت التي سيتم صرفها في أثناء أداء الخدمة الوطنية ومن سيستحقها، أجاب اللواء الظاهري بأن المكافأة المالية هي لطلاب المدارس والعاطلين عن العمل وذوي الحرف فقط، على أن يتم تحديد تلك المكافأة لاحقاً في اللائحة التنفيذية. أما من يعمل في جهة حكومية، سواء كانت اتحادية أم محلية، فسيأخذ راتبه من الحكومة كاملاً.
وأشاد الظاهري بدعم القطاع الخاص لتحمّل نصف راتب المجندين قائلاً بأن قرار الخدمة الوطنية هو قرار سيادي أقرته الحكومة، ولا بد للجميع من دعمه بأشكال مختلفة، فالحكومة تجنب القطاع الخاص الضرائب، وتوفر بيئة عمل مريحة وبيئة استثمارية ناجحة، وبالتالي فإن هذا يقع ضمن واجب القطاع الخاص تجاه الدولة.
جاهزية احترافية
واختتم اللواء مطر سالم الظاهري الحوار بكلمة أخيرة أكد فيها جاهزية القوات المسلحة لتنفيذ وتطبيق القانون بكل احترافية، مبيناً أن ظهور القانون لا يعبر عن حاجة القوات المسلحة لإضافة أعداد، بل لتأكيد أن مجتمع الإمارات هو عمق استراتيجي للقوات المسلحة، وأن أبناء الوطن مدركون لمسؤولياتهم تجاه الوطن، وفي الوقت ذاته فإن وجود أبنائنا يتدربون في القوات المسلحة يزيد من مسؤوليات القوات المسلحة تجاههم، والقوات المسلحة جاهزة لتنفيذ هذا التدريب .
لا يوجد تعليقات