مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-12-01

2022 ‬حساب‭ ‬الحصاد‭ ‬ورؤية‭ ‬لعام‭ ‬جديد ‭ ‬2023

على‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬،‭ ‬ربما‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬إلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬سريعة‭  ‬على‭  ‬الماضي‭ ‬القريب،‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬المستقبل‭ ‬عينه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتشكل‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الأيام،‭ ‬ولهذا‭  ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬2023،‭ ‬إمتدادا‭  ‬لسابقه‭ ‬،‭ ‬ومحملا‭ ‬بإرثه‭ ‬،‭  ‬ويبقى‭  ‬الأمل‭ ‬هو‭ ‬طاقة‭ ‬النجأة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للإنسانية‭ ‬المتردية‭.‬
 
 
بقلم‭: ‬إميل‭ ‬أمين‭ ‬
كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية
يرحل‭ ‬العام،‭ ‬وفي‭ ‬الجسد‭ ‬المعولم‭ ‬جراحا‭ ‬ثخينة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والتي‭ ‬أهلكت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الزرع‭ ‬والضرع،‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬فبراير،‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭  ‬إضطراب‭ ‬عالمي‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد‭ ‬حيوي‭ ‬وإستراتيجي،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أزمة‭ ‬اسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬ومخاوف‭ ‬توقف‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الغذائي،‭ ‬والخوف‭ ‬المتصاعد‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الحبوب،‭ ‬وزيادة‭  ‬مستويات‭ ‬الجوع،‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭.‬
 
 
هل‭ ‬سيحمل‭ ‬2023‭ ‬نهاية‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬العبثية،‭ ‬وعودة‭  ‬الهدوء‭ ‬إلى‭  ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬؟
‭ ‬الذين‭ ‬تابعوا‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬جوزيف‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬قمة‭ ‬العشرين‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬بالي‭ ‬بإندونيسيا،‭ ‬وقر‭ ‬لديهم‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬الجيد،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬سيد‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وتيرة‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬لدى‭  ‬موسكو‭ ‬وكييف،‭ ‬تتراجع،‭ ‬عطفا‭ ‬على‭ ‬دلالة‭ ‬الإنسحاب‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬خيرسون‭ ‬الأوكرانية‭ .‬
 
 
‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬يبقى‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬النووية،‭ ‬حال‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭  ‬صاحب‭ ‬الكرملين‭ ‬واردا،‭  ‬والشتاء‭ ‬النووي‭ ‬حاضرا‭ ‬،‭ ‬ضمن‭ ‬كافة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬الإ‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربك‭ .‬
يرحل‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حلقت‭ ‬علامات‭ ‬الإستفهام‭ ‬على‭ ‬سماوات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لجهة‭ ‬أوضاعها‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬بعد‭ ‬المفاجآت‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬إنتخابات‭ ‬التجديد‭ ‬النصفي‭ ‬للكونجرس‭.‬
 
 
‭ ‬كانت‭ ‬التوقعات‭ ‬بموجة‭ ‬حمراء‭ ‬قوية‭ ‬تلف‭ ‬البلاد،‭ ‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيجعل‭ ‬من‭ ‬2023‭ ‬عام‭ ‬الإستعداد‭ ‬وإستنهاض‭ ‬الهمم،‭ ‬للإنتخابات‭ ‬الرئاسية‭  ‬في‭ ‬2024‭ .‬
‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬مركز‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬تحسن‭ ‬بدرجة‭ ‬ما،‭ ‬لكن‭ ‬ستبقى‭ ‬الصراعات‭ ‬محتدمة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ومجلس‭ ‬الشيوخ،‭  ‬وتظل‭ ‬أمريكا‭ ‬منقسمة‭ ‬في‭ ‬داخلها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬له‭ ‬تبعاته‭ ‬على‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية‭  ‬المؤثرة‭ ‬حكما‭ ‬على‭  ‬بقية‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ .‬
 
 
في‭ ‬2022‭ ‬صدرت‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي،‭ ‬ونقرأ‭  ‬فيها،‭ ‬أهمية‭ ‬متابعة‭ ‬روسيا‭ ‬الإتحادية،‭ ‬كدولة‭ ‬تمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬نووية،‭ ‬تمثل‭ ‬المكافئ‭ ‬الموضوعي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وربما‭  ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ .‬
لكن‭ ‬الصراع‭ ‬الحقيقي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الجديدة،‭ ‬سيدور‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬التهديد‭ ‬الواقعي‭ ‬للقيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المنفردة‭ ‬بمقدرات‭ ‬العالم،‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الإتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ .‬
 
 
والشاهد‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تهدئة‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬مؤخراً،‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬الرئيسين‭ ‬بايدن‭ ‬وبينغ‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬العشرين،‭ ‬الإ‭  ‬أن‭ ‬فخ‭ ‬ثيؤسيديديس،‭ ‬أي‭ ‬الصراع‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬قائما،‭ ‬ومسالك‭ ‬المهالك‭ ‬حاضرة،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تايوان‭ ‬وبحر‭ ‬الصين،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭  ‬مياه‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬والصراع‭ ‬الدائر‭ ‬هناك‭ ‬بضراوة،‭ ‬ويخشى‭ ‬المراقبون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مرشحا‭  ‬للإنفجار‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ .‬
 
 
هل‭ ‬سيضحى‭ ‬2023‭ ‬عام‭ ‬ظهور‭ ‬قطب‭ ‬دولي‭ ‬جديد‭ ‬،‭ ‬يحمل‭ ‬ملامح‭ ‬ومعالم،‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد،‭ ‬عن‭ ‬الثنائية‭ ‬الدولية‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬البشرية‭ ‬طوال‭ ‬قرون‭ ‬؟
‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2008،‭ ‬يتكلم‭ ‬المنظر‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الاشهر،‭ ‬ريتشارد‭ ‬هاس،‭  ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬عالم‭ ‬الثنائية‭  ‬القطبية،‭ ‬وظهور‭ ‬عالم‭ ‬أخر‭ ‬يحمل‭ ‬بصمات‭ ‬لأقطاب‭ ‬متعددة‭ .‬
‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬علم‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬الإستراتيجيات‭ ‬الأممية،‭ ‬يقطعون‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭  ‬روسية‭ ‬–‭ ‬صينية،‭ ‬جرت‭  ‬وتجري،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ .‬
‭ ‬لكن‭  ‬الواقع‭ ‬يخبرنا‭ ‬بأن‭ ‬العلاقات‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الصينية،‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭  ‬درب‭ ‬من‭ ‬دروب‭ ‬البراغماتية‭ ‬السياسية،‭ ‬والتي‭ ‬أوجدتها‭  ‬المصلحة،‭ ‬وبهدف‭ ‬الوقوف‭ ‬صفا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭  ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومرد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الطبقات‭ ‬الحضارية‭  ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬غير‭ ‬مرتاحة‭ ‬لبعضها‭ ‬البعض،‭ ‬كما‭ ‬أنهما‭ ‬ينتميان‭ ‬لخلفيات‭ ‬تاريخية‭ ‬وثقافية‭  ‬متباينة‭ .‬
 
 
‭ ‬لكن‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬أفقا،‭ ‬وربما‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬تنتظر‭ ‬دول‭ ‬البريكس،‭ ‬ذلك‭ ‬التجمع‭ ‬الذي‭ ‬يحوي‭ ‬بين‭ ‬ضفتيه،‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬فاعلة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬الصين،‭ ‬والهند،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والبرازيل‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ .‬
‭ ‬فيما‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬نشهده‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬القادم،‭ ‬سوف‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬نشوء‭ ‬وإرتقاء‭ ‬جماعة‭ ‬البريكس،‭ ‬لتتوسع‭ ‬الدائرة،‭ ‬وتشمل‭ ‬دولا‭ ‬واعدة‭  ‬في‭ ‬سماوات‭ ‬العولمة،‭ ‬مثل‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬مصر،‭ ‬المكسيك‭ .‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحالف،‭ ‬لن‭ ‬يضحى‭ ‬يوماً‭ ‬قريباً،‭ ‬نداً‭ ‬عسكرياً‭  ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬لروسيا‭ ‬الإتحادية،‭ ‬الإ‭ ‬أنه‭ ‬وبشكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال،‭ ‬سوف‭ ‬يقتطع‭  ‬مساحة‭ ‬واعدة‭  ‬من‭ ‬هيمنة‭  ‬الكبار‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬الأحداث‭ ‬ومساقات‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ .‬
 
 
هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬سوف‭ ‬يتقلص‭ ‬عن‭ ‬سابقه‭ ‬؟
‭ ‬الذين‭ ‬تابعوا‭ ‬الأزمة‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بشيئ‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭ ‬والتدقيق،‭ ‬خلصوا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬المناورة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬تزويد‭ ‬كييف‭ ‬ببعض‭ ‬الأسلحة‭  ‬المتقدمة‭ ‬نعم،‭ ‬لكن‭ ‬واشنطن‭  ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمر،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تستدعي‭ ‬ردات‭ ‬فعل‭ ‬روسية‭ ‬ساحقة‭ ‬ماحقة،‭ ‬لا‭ ‬تصد‭ ‬ولا‭ ‬ترد،‭ ‬هذا‭ ‬على‭  ‬الصعيد‭ ‬العسكري‭ .‬
 
 
‭  ‬أما‭  ‬الدعم‭ ‬المادي،‭ ‬فإن‭ ‬واشنطن‭ ‬باتت‭ ‬اليوم،‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬مديونة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوزت‭ ‬ديونها‭ ‬31‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭  ‬وهناك‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬توقفها‭ ‬عن‭ ‬السداد،‭ ‬عند‭ ‬لحظة‭ ‬بعينها،‭ ‬مما‭ ‬يضيف‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬إرتباك‭ ‬المشهد‭ ‬الأممي،‭ ‬ولهذا‭ ‬راينا‭ ‬تهديدات‭ ‬زعيم‭ ‬الأقلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭  ‬كيفن‭ ‬مكارثي،‭ ‬والمرشح‭ ‬لأن‭ ‬يضحى‭ ‬زعيم‭ ‬الأغلبية،‭ ‬بوقف‭ ‬الشيكات‭ ‬على‭  ‬بياض‭ ‬لكييف،‭ ‬فالأمريكيين‭ ‬الفقراء‭ ‬والمطحونين‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬بتلك‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تتدفق‭ ‬على‭  ‬زيلنسكي‭ . ‬
 
 
وفي‭ ‬الحالتين‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يشاهد‭ ‬تقلصا‭ ‬واضحا‭ ‬للنفوذ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬سيدة‭ ‬قيصر،‭ ‬التي‭   ‬تخطئ‭ ‬في‭ ‬الحال،‭ ‬ولا‭ ‬يدانيها‭  ‬الخطأ‭  ‬في‭ ‬الإستقبال‭ .‬
على‭ ‬عتبات‭ ‬2023‭ ‬تبقى‭ ‬قضية‭ ‬الديون‭ ‬العالمية،‭ ‬والركود‭ ‬الإقتصادي،‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬الملفات‭ ‬الموقوتة،‭ ‬والقابلة‭ ‬للإنفجار،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توقعات‭ ‬الخبير‭ ‬الإقتصادي‭ ‬الكبير،‭ ‬نورييل‭ ‬روبيني،‭ ‬والذي‭ ‬يرى‭ ‬ركوداً‭ ‬إقتصادياً‭ ‬طويلاً‭  ‬وقاسياً‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أزمة‭ ‬الديون‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬والحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ .‬
‭ ‬يرى‭ ‬روبيني‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬دخل‭ ‬حقبة‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬الكساد‭ ‬الجيوسياسي،إذ‭ ‬تحدّت‭ ‬أربع‭ ‬قوى‭ ‬رجعية‭ ‬النظام‭ ‬الإقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬والأمني‭ ‬والجيوسياسي،‭ ‬الذي‭ ‬خلقته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬وأمسى‭  ‬خطر‭ ‬إندلاع‭ ‬نزاع‭ ‬نووي،‭ ‬لا‭ ‬حرب‭ ‬عادية،‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ .‬
 
 
هل‭ ‬تحملنا‭ ‬قراءة‭  ‬روبيني‭ ‬على‭  ‬التساؤل‭ ‬عما‭  ‬إذا‭  ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬،‭ ‬“بريتون‭ ‬وودز‭ ‬“،‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬قد‭ ‬تجاوزه‭ ‬الزمن،‭ ‬وأن‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭   ‬إلى‭  ‬بديل،‭ ‬بات‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬؟
‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الملفات‭ ‬الغاية‭ ‬الأهمية‭ ‬والفاعلية‭ ‬والتي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬2022،‭ ‬كان‭ ‬مؤتمر‭ ‬المناخ‭ ‬كوب‭ ‬27،‭ ‬والذي‭ ‬جرت‭  ‬وقائعه‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬المصرية،‭ ‬مدينة‭ ‬السلام،‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ .‬
 
 
‭ ‬ومن‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭  ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬حيث‭ ‬كوب‭ ‬28،‭ ‬يتساءل‭ ‬المحللون‭ ‬والمراقبون‭ ‬لأوضاع‭ ‬المناخ‭ ‬العالمي،‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬نوايا‭  ‬حقيقية‭  ‬لإستنقاذ‭ ‬البشرية‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬الهول‭ ‬الأكبر‭ ‬القائم‭ ‬والقادم‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬؟
هناك‭ ‬شكوك‭ ‬تلازم‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬الطاقة‭ ‬التقليدية‭  ‬الأحفورية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬توقف‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬تزويد‭ ‬أوربا‭ ‬بالغاز،‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬بنا‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬ملوثات‭ ‬المناخ،‭  ‬وفي‭ ‬مقدمها‭ ‬الكربون‭ ‬الفحمي‭.‬
عطفا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تبقى‭  ‬قضية‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬بدائل‭ ‬نظيفة‭ ‬للطاقة،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬سيرثها‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬والتي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬متابعة‭ ‬وتشجيع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬تبريد‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬درجتين،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينفجر‭ ‬الكوكب‭ ‬بمن‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الإحتباس‭ ‬الحراري‭ .‬
تلقى‭  ‬الفقرة‭ ‬السابقة‭ ‬بالضوء‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬الأوربية‭ ‬وموقعها‭ ‬وموضعها‭  ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬وكيف‭ ‬ستمضي‭ ‬بها‭ ‬المقادير،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬أزماتها،‭ ‬ربما‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الكونية‭ ‬الثانية‭ .‬
قبل‭ ‬نحو‭ ‬شهرين‭ ‬تحدث‭ ‬السيد‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل،‭ ‬منسق‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوربي،‭ ‬فاشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أوربا‭ ‬تبدو‭ ‬كالحديقة‭ ‬فيما‭  ‬من‭ ‬حولها‭  ‬يشبهون‭ ‬الغابات‭ .‬
‭ ‬الحديث‭ ‬الفوقي‭ ‬للسيد‭ ‬بوريل،‭ ‬ذكر‭ ‬العالم‭ ‬بفكرة‭ ‬المركزية‭ ‬الأوربية‭ ‬التاريخية،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬تجاوزها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أزمات‭ ‬عديدة‭ ‬تعيشها‭ ‬القارة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬يوما‭ ‬منطلق‭ ‬التنوير‭ ‬والنهضة‭ ‬والأنسنة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭.‬
تبدو‭ ‬أوربا‭  ‬اليوم‭ ‬متشظية‭  ‬من‭ ‬حول‭ ‬نفسها،‭ ‬والمخاوف‭ ‬محدقة‭ ‬بمستقبلها‭  ‬من‭ ‬جراء‭ ‬صعود‭ ‬القوميات‭ ‬والشوفينيات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الحركات‭ ‬العنصرية‭ ‬مرة‭  ‬جديدة‭ .‬
‭ ‬أوربا‭ ‬ووقت‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات،‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬أزمة‭ ‬طاقة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬ولا‭ ‬تبدو‭ ‬هناك‭ ‬حلول‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يرجح‭ ‬حتمية‭ ‬العودة‭ ‬للتصالح‭ ‬مع‭ ‬القيصر‭ ‬الروسي،‭  ‬ومحاولة‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬سلمية‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وحتى‭  ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تهديد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭  ‬المجتمعيين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬العجوز،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تبدى‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬التظاهرات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬الغفيرة،‭ ‬الرافضة‭  ‬للأوضاع‭ ‬الإقتصادية‭ ‬الآنية،‭ ‬والتي‭ ‬تسحق‭ ‬وتمحق‭ ‬الجميع‭  ‬من‭ ‬دون‭ ‬هوادة‭ .‬
 
 
أوربا‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬الجار‭ ‬الأقرب،‭ ‬والشريك‭ ‬الأكبر‭ ‬للعالم‭ ‬العربي،‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬فكرية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نبهت‭ ‬إليه‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬الدوائر‭ ‬الأوربية‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬الشهرين‭ ‬الماضيين،‭ ‬وبما‭ ‬يسمح‭ ‬بنمو‭ ‬العلاقات‭ ‬وإقامة‭ ‬الجسور‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬جدران‭ ‬السيد‭ ‬بوريل‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬الحديقة‭ ‬عن‭ ‬الغابة‭ .‬
 
 
‭ ‬يضيق‭ ‬المسطح‭ ‬المتاح‭ ‬للكتابة‭ ‬عن‭ ‬سرد‭ ‬وعرض‭ ‬باقي‭ ‬الملفات‭ ‬الفراقية‭ ‬التي‭ ‬سيرثها‭ ‬العام‭ ‬2023‭ ‬من‭ ‬سابقه‭ ‬2022،‭ ‬وأن‭ ‬كانت‭ ‬قضية‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬الأوبئة‭ ‬تبقى‭ ‬هاجساً‭ ‬مخيفاً،‭ ‬وبخاصة‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬عاشه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الفيروس‭ ‬الشائه‭ ‬كوفيد‭- ‬19‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين‭ .‬
وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬تبدو‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬فيها،‭  ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬رؤى‭ ‬تصالحية‭ ‬وتسامحية،‭ ‬تسدل‭ ‬الستار‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬والمواجهات،‭ ‬تسعى‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬تنمية‭ ‬البشر‭ ‬وترقية‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ .‬
 
 
‭ ‬ماذا‭  ‬عن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وعالمنا‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬؟
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره