مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2020-05-04

أزمة كورونا وإعداد الدولة للدفاع

النموذج المصري
 
تذكر بعض الوثائق العسكرية السرية أنه في عام 1992 قدم الجنرال سيدنى شاكنو من قيادة العمليات الخاصة في البانتجون برنامج أبحاث يرمي إلى عام 2020، يهدف لتطوير Surreptitiously Acquired DNA Identification  وإستبدال الدم كله Whole Blood Replacement بل وتوارد الخواطر المصطلح Telepathy Synthetic0 كان ذلك البرنامج محض خيال حينها، لكن بالقياس على ابتكارات علمية كثيرة توصل إليها الانسان بعد أن كانت محض خيال هي الأخرى، يمكن أن يتحقق أي شيء!!.
 
بقلم / عبد الله يسرى 
إعلامي وكاتب 
زميل كلية الدفاع الوطني/ أكاديمية ناصرالعسكرية العليا            
إن هذه البرامج البحثية العسكرية وغيرها تجعلنا نتحسس رؤوسنا ونحن نتخيل حروب المستقبل بوجه عام، وبوجه خاص حينما نحاول الحصول على خلفيات معلوماتية لهذا الفيروس covid-19 الذي أقعد العالم كله في بيوتهم، وعطل حركة الطيران وأوقف عجلة الإنتاج، وكبد الدول كل هذه الخسائر، بل ألقى بظلاله الغير متوقعة على إحتمالية تفكك كيانات وتكتلات دولية دامت عشرات السنين.
 
تساؤلات
في حروب المستقبل لا شىء أخلاقي، وغالبا ما تكون أهدافها لا تقتصر على التكتيك فحسب، بل أهداف إستراتيجية أيضاً، وأيّما كانت الإجابات المرتبطة بهذا الفيروس، ومدى إرتباطه بشبكات الـ 5G وما كشف عن آثارها المفزعة على الإنسانية وغيرها من الأسئلة. إلا أن مايعنينا في عالمنا العربي هو الإجابة عن هذا السؤال: ما مدى قدرة الدولة في الدفاع عن أمنها القومي؟ وكيف يتم إعدادها في مواجهة الجيل الجديد من الحروب البيولوجية؟ وما مدى جاهزية مؤسساتها الرسمية والأنساق الأخرى البديلة الغيرمعلنة والمعدّة خصيصاً للتعامل مع مهام غير إعتيادية وفي ظروف خاصة وفق سيناريوهات محتملة ومتوقعة؟
 
النموذج الإماراتي المصري
وأيمّا كان التفاوت في سرعة التعاطى مبكراً مع هذا الفيروس الذي يهدد الأمن القومى لكل دولة بشكل مباشر في هذا العالم الرحب، حيث مثّل هذا التعاطي في إدارة هذه الأزمة إنعكاساً لكل دولة على حدة من حيث قيمها الأخلاقية والإنسانية، ومن حيث قدراتها الداخلية وحتى سياساتها الخارجية، أيمّا كان ذلك، فإن النموذج الإماراتي والمصري يدعو للإعجاب والإشادة، من حيث ملمح شديد الأهمية وهو البعد الإنساني، والذي عكسته قرارات القيادة السياسية لكلا البلدين.
 
فوسط إنشغال العالم، كل دولة بنفسها ومواطنيها ـ تُعلن الإمارات العربية المتحدة عن إرسال طائرة خاصة لمدينة ووهان الصينية لإحضار الطلاب السودانيين مع مجموعة من أبناء الجاليات العربيـة، تنفيـذاً للمبادرة الإنسانيـــة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ليَحضُرهؤلاء وتتـم إستضافتهم في مدينـــــة الإمـــــارات الإنسانية في أبو ظبي لتنفيذ الحجر الصحى عليهم.
 
إن رمزية هذا القرارالإنساني الإماراتي ليس لها حدود، ومدى التأثير النفسي الإيجابي على كل إنسان في العالم يعرف هذا الموقف عميقٌ وغائر.
أيضا ما قامت به وزيرة الصحة والســكـــان المصريـــة الدكتـورة هالــة زايــد من تنفيذ لتعليمات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى من زيارةٍ ومؤازرة وتقديم لمساعدات طبية لكل من الصين دولة المنشأ لهذا الفيروس، وإيطاليا الدولة الأشد تأثراً من سلبيات هذا الفيروس من حيث عدد الضحايا.
 
 وما صرح به أيضاً الرئيس عبد الفتاح السيسى عبر حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، من وقوف مصر مع أي دولة في العالم ضد هذا التهديد الذي يُواجه البشرية والإنسانية، وهو ما كان له أبلغ الأثر الإنساني الإيجابي وإنعكاساً لقِيم الدولة المصرية وموروثها الحضارى.
 
لقد مثل الموقف الإماراتي والمصري نموذجاً مضيئاً على المستوى الدولي في التعاطي مع هذه الأزمة العالمية للدولة خارجياً، أما في التعاطي الداخلي مع هذه الأزمة فيمكن الإشـارة بإختصــار شـديد إلى محــور واحـــد وهو المحور الصحى والذي يعكس قدرات الدولة وإعدادها للدفاع ومدى جاهزية مؤسساتها في دولـــة كمصـر، يبلغ تعداد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة.
 
 يوم الاصطفاف
فبعد تقارير كافية من الأجهزة المعلوماتية المعنيــــة في الدولـــة، وُضعــــت أمام القـــيادة السياســية، تم تقـديــر الموقــف ومن ثمّ تم الإجتمـاع مع المجموعـة الوزاريـة المعنيــة وإســتعراض الموقـف وتحديد المهام لكل وزارة في إدارة هذه الأزمة مـــع صــــدور مجمــوعة مـن القرارات السـريعــة في مقدمتهــا تكليـف القـــــوات المسلحــــة المصريـة بمسـاعـدة ومعاونة كافة مؤسسات الدولة الأخرى في تنفيذ خطة الدفاع عن حياة المصريـين ورفـع الآثـار الجــانبيـــة المحتملة لهذه الجائحة.
 
سيبقى يوم الإصطفاف الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي في السابع من إبريل الجاري يوماً فارقاً لكثير مـن أجهزة المعلومـات المعنية في كثــير من دول العالم، بقياس قدرات الدولــة الشاملـة عـبر الأوزان النسبيــة المعروفــة في معادلة العلوم الإستراتيجـية، حيث عكست القوات الصحية المصطفة التابعة للقوات المسلحة المصرية بمعدّاتها الخاصة بالإخلاء والإيواء والتطهير والتعقيم وكذلك العناصر البشرية والنماذج للمستشفيات الميدانية، عكست قدرات كبرى لمصـــــر في مواجهــــة تهـديـــــد يصـــل الى درجــة البقــاء لهــا ولمواطنيها، وهذا ما يجعل دولة بحجمها رقماً صعباً في عالم الحروب البيولوجية أو الكيميائية المستقبلية، فضلاً عن أن كل ما تملكه مصر من قدرات في هذا الصدد هو «مسافة الِسكّة» لمواجهة أي تهديد يمس أمن الخليج العربي، كما صّرح بذلك الرئيس عبد الفتاح السيسى في أكثر من مناسبة.
 
إعداد الدولة للدفاع
وهنا يجب أن نعيد إلى الأذهان أهمية وجود عقيدة للمعلومات في إطار التخطيط لإعداد الدولة للدفاع وأهمية معرفة وتحديث بيانات قُوى الدولة الشاملة وخاصة القوة الصحية، التي تندرج تحت القوى الملموسة داخل أي دولة، فقد وضعتنا أزمة كرونا أمام ملمح مهم جداً ربما تزداد أهميته في المستقبل، في إطار مفهوم إعداد الدولة للدفاع ضد أي عدائيات محتملة أو قائمة.
 
إن أهم ملمح في قدرات الدولة الصحية وإعدادها للدفاع يكمن في وجود أنساق أخرى تمثل داعماً للنسق الأول وهي وزارة الصحة بمستشفياتها وأطبائها وتوزيعها الجغرافي ومعداتها الخاصة بالإخلاء والنقل وغيرها، بيد أن الأنساق الأخرى هنا يمكن أن تكون مثلا قدرات وإمكانات إدارة الخدمات الطبية التابعة لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، وما يتبعها من مستشفيات عسكرية يمكن أن تكون جاهزة لتنفيذ الحجر الصحي مع وجود المستشفيات الميدانية وباقي المعدات اللازمة في مثل هذا الظرف، وأيضا ما يمثله سلاح الحرب الكيماوية من نسق ثاني بعد إدارات وزارة الزراعة المعنية بالتعقيم والتطهير في هذا الظرف، وأيضا ما تمثله الشركة الوطنية للخدمات البترولية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية  للقوات المسلحة، من نسق ثاني بقدراتها الهائلة في سد الإحتياجات بالوقود بعد النسق الأول المعني بذلك في الدولة فهي وزارة البترول.
 
بالتأكيد تحرص الدول على عدم الإدلاء بأي معلومات أو بيانات أو أرقام عن قدرات الأنساق الأخرى لها وتحيطها بسرية تامة وغموض، وهو ما يجعل دائماً قدرات الدولة للدفاع عن أمنها القومي في شتى المجالات مجهولاً بدرجة كبيرة لا يتجسد إلا في وقت الحروب والأزمات التي تهدد بقائها، فضلاً عن أن هناك قدرات للدولة لا يمكن قياسها أبداً وهي غير الملموسة في هذا المجال مثل مدى الروح المعنوية للأطباء والممرضين ومدى تأهيلهم وكفائتهم في تنفيذ كافة المهام المكلفين بها.
 
إن الإحساس بالخطر داخل أي مجتمع يُولد آليات الدفاع الذاتية والغير متوقعة للعدو، فإذا ما أجاد صُناع القرار إستخدام الأنساق المختلفة وتوزيع الأدوار بينها في إدارة الأزمة، وقبل كل ذلك تقدير الموقف  بأبعاده حق التقدير فلا شك أن أي تهديد قد يُواجه الدولة سيحظى بإصطفاف وطني للرأي العام الداخلي، لتكون الدولة عندها جاهزة ومُعدّة للدفاع عن نفسها ومواطنيها.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره