مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-04-07

اتجاهات الإنفاق الدفاعي في العالم ومستقبل الأمن الدولي

قراءة في تقرير التوازن العسكري 2021
 
رغم جائحة كوفيد- 19 التي ألقت بظلالها السلبية على اقتصاديات معظم دول العالم في ضوء ما صاحبها من إغلاق وفرض المزيد من القيود على ممارسة الأنشطة الاقتصادية، إلا أنها- خلافاً للتوقعات والتقديرات- لم تؤد إلى تراجع معدلات الإنفاق العسكري العالمي، وفاقمت من وتيرة الصراعات الإقليمية والدولية.
 
بقلم: داليا السيد أحمد
وهذه هي الحقيقة التي خلص إليها  التقرير السنوي الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن في فبراير 2021 والذي يقدم قراءة واقعية عن التطورات في توازن القوى العسكري في العالم خلال العام 2020، وخريطة الصراعات والنزاعات المسلحة في المنطقة والعالم، ومساراتها المستقبلية.
 
تصاعد الإنفاق العسكري في العالم رغم جائحة كوفيد- 19
 يعد تقرير التوازن العسكري الذي يصدر سنوياً عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن في شهر فبراير من كل عام المرجع العسكري الأكثر مصداقية فيما يتعلق برصد التطورات العسكرية والاستراتيجية والأمنية التي يشهدها العالم. وتكمن أهمية هذا التقرير ليس فقط في أنه يقدم صورة شاملة عن طبيعة التحولات في موازين القوى العسكرية والاستراتيجية على الصعيدين الإقليمي والدولي، أو يهتم برصد التحولات في طبيعة مصادر الخطر والتهديد التي تواجه الأمن والسلم العالمي، وإنما أيضاً لأنه يساعد صانعي القرار وخاصة المسئولين عن وضع السياسات الدفاعية والأمنية في التعرف على ملامح التوازن العسكري من خلال المعلومات والبيانات الدقيقة المستندة على تحليل علمي رصين لكافة القدرات العسكرية واقتصادات الدفاع لـ 171 دولة حول العالم. 
 
وفيما يتعلق بتقرير التوازن العسكري للعام 2021، فإنه يسلط الضوء على معدلات الإنفاق العسكري في العالم عن العام 2020، كما يرصد التطور في الصناعات الدفاعية والعسكرية والصراع بين القوى الكبرى لتحديث ترسانتها العسكرية، التقليدية وغير التقليدية، وفيما يلي عرض لأهم مؤشرات هذا التقرير:
 
1 -استمرار الارتفاع في الإنفاق العسكري العالمي، والذي سجل رقماً قياسياً جديداً في العام 2020، حيث بلغ 1,830 مليار دولار بزيادة 3,9% مقارنة بالعام 2019. كما ارتفعت نسبة الإنفاق العسكري العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 1.85 في المائة في عام 2019 إلى 2.08 في المائة في العام 2020. ويأتي هذا الارتفاع في معدل الإنفاق العالمي رغم جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى انكماش الاقتصاد العالمي. وهذه النتيجة التي توصل إليها تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تنسجم مع نتائج دراسة أخرى نشرها مركز المعلومات والتحليل «جاينس» (janes) في يناير من العام 2021 خلصت إلى أن الإنفاق العسكري العالمي لسنة 2020 زادا بنسبة 1.9% وبلغ 1.93 تريليون دولار، وأظهر نموا مطردا منذ 7 سنوات. ووفقا لهذه الدراسة، فإن الانفاق العسكري في العالم للعام 2020 زاد  بنحو 180 مليار دولار عن مؤشرات عام 2010، والذي كان 1.75 تريليون دولار.
 
2 - جاءت الولايات المتحدة في صدارة دول العالم من حيث الإنفاق العسكري، فما تزال تستحوذ على نصيب الأسد، إذ تمثل نفقاتها 40,3% (أو 738 مليار دولار) من الإنفاق الإجمالي. كما واصلت الصين الزيادة في إنفاقها العسكري للعام 2020 وتقدر ميزانيتها بـ 193,3 مليار دولار، بزيادة 12 مليار دولار عن العام 2019. وتعد الصين هي المحرك الرئيسي للنمو في الميزانيات العسكرية في آسيا (25% من الإجمالي) . وشكلت الزيادات في ميزانيات الدفاع الأمريكية والصينية ما يقرب من ثلثي الزيادة الإجمالية في الإنفاق الدفاعي العالمي في عام 2020.
 
 3 - جاءت بريطانيا في المرتبة الثانية عالمياً  من حيث  الإنفاق العسكري ، بميزانية تصل إلى 61.58 مليار دولار، واحتلت روسيا المرتبة الثالثة بميزانية وصلت إلى 60.64 مليار دولار، وتمثل أقل من 10% من الذي تنفقه الولايات المتحدة الأمريكية على التسلح.
 
4 - زاد إجمالي الإنفاق العسكري في أوروبا بنسبة 2 في المائة في عام 2020 بالقيمة الحقيقية مقارنة بالعام 2019، وحققت 9 من أصل 28 عضوا في حلف شمال الأطلسي هدف إنفاق 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في العام 2020. فقد كانت هذه الزيادة أقل من الزيادة السابقة لها بنسبة 4.1% في عام 2019، غير أنه في حال التزمت القوى الفاعلة الرئيسية كفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا، بزيادة ميزانيتها الدفاعية، فإن ذلك سيعني أنه في العام الجاري 2021، يمكن أن تصبح أوروبا المنطقة ذات أسرع معدل نمو في الإنفاق الدفاعي العالمي. لكن مع ذلك ما يزال العديد من أعضاء حلف شمال الأطسي (الناتو) بعيدين عن هدف تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني لهذا الغرض في العام 2024.
 
وهذه النتيحة التي خلص إليها تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تقترب إلى حد كبير مع بيانات التقرير السنوي لحلف شمال الأطلسي الذي قدمه السكرتير العام للحلف ينس ستولتنبرغ في السادس عشر من مارس 2021 ، وأشار إلى أن أعضاء الحلف أنفقوا 1.1 تريليون دولار بشكل إجمالي العام 2020.  وارتفع الإنفاق العسكري للدول الثلاثين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) العام 2020  بنسبة 2.7 بالمئة مقارنة بعام 2019 رغم الضغوط الهائلة التي تسببت فيها جائحة كوفيد-19 على الإنفاق العام في تلك الدول. ويلتزم الآن 11 من الدول الأعضاء في الناتو بالنسبة المستهدفة للإنفاق العسكري، والتي تبلغ 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، مقابل ثلاث دول فقط في 2015، وهو العام الذي التزم فيه أعضاء الحلف بهذا الهدف.
 
5 - ارتفع معدل الإنفاق الدفاعي في منطقة آسيا عام 2020 وأصبحت حصتها تقدر 25% من الإنفاق الدفاعي العالمي مقارنة بـ 17.8 % في عام 2010.  
 
6 - شهدت قارة أفريقيا ارتفاعا في الإنفاق العسكري العالمي، وبلغ معدل الإنفاق 8.4٪ ، وهذا يرجع الى الزيادة الكبيرة فى ميزانية دولة نيجيريا والتى بلغت 36%. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة الموجهة للدفاع تعد كبيرة نسبيا الآن، الا انها مازالت تشكل أزمة كبيرة بالنسبة لأفريقيا فى مواجهة تحديات تصاعد حدة الصراعات الداخلية، واستمرار تمدد الجماعات الجهادية. ومن الملاحظ أن القيود الاقتصادية التي تواجهها المنطقة أدت إلى كبح جماح الإنفاق الدفاعي، حيث كان نصيب المنطقة 0.9٪ فقط من الإجمالي العالمي في عام 2020. بيد أن القيمة الحقيقية للدفاع الإقليمي ارتفعت بنسبة 8.4٪ في عام 2020 لتصل إلى نحو 17.7 مليار دولار أمريكي.  
 
7 - بالنسبة للدول العربية، تراجع معدل الإنفاق الدفاعي بين الدول العربية مع انخفاض أسعار النفط في العام 2020 نتيجة جائحة كوفيد-19، غير أن المملكة العربية السعودية حافظت على ميزانيتها العسكرية البالغة 48 مليار دولار.
 
تنامي مؤشرات التوتر وعدم الاستقرار في البيئة الدولية 
وفيما يتعلق بمسار الصراعات والنزاعات المسلحة في العالم، أكد تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية للعام 2021 على أمرين مهمين، الأول أن البيئة الأمنية العالمية يطغى عليها التوتر وعدم الاستقرار،سواء بسبب استمرار وتيرة الصراعات بين القوى الكبرى، أو نتيجة تصاعد حدة التوتر في العلاقات الدفاعية بين الدول - حتى بين الحلفاء كما هو الحال في حلف شمال الأطلسي- ، أو نتيجة تعثر الترتيبات الخاصة بالحد من التسلح، بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الأجواء المفتوحة في نوفمبر 2020 ، بعد أكثر من عام بقليل من انسحابها رسميًا من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وفشل محاولات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإدراج الصين في اتفاقية ستارت الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة. أما الأمر الثاني فيتعلق بجمود الصراعات الإقليمية والدولية، ففي منطقة الشرق الأوسط  استمرت الحروب في ليبيا وسوريا واليمن، كما استمر الصراع في أوكرانيا ، وكذلك في أفريقيا ، بما في ذلك الحرب المستمرة منذ فترة طويلة في منطقة الساحل، كما تجدد الصراع في إقليم ناغورنو كاراباخ ، واستعادت أذربيجان مساحات شاسعة من أراضيها. 
 
جائحة كوفيد- 19 وإعادة هيكلة أدوار الجيوش
أشار تقرير التوازن العسكري للعام 2021 إلى أن جائحة كوفيد- 19 تركت تأثيرها الواضح على مؤسسات الدفاع والجيوش في العالم، وأعادت هيكلة أدوارها لتتضمن المساهمة في حفظ الأمن والاستقرار في أوقات الأزمات والكوارث، ففي العديد من دول العالم، تم نشر قوات الجيش لدعم السلطات المدنية في المهام بما في ذلك التخطيط والدعم اللوجستي. كما قدمت القوات المسلحة الطواقم الطبية والبنية التحتية. لكن على الجانب الآخر، فإن الجائحة أثرت بشكل سلبي على الجيوش، فمع المخاوف من تنامي انتشار فيروس كورونا لجأت العديد من دول العالم إلى إلغاء بعض تدريباتها الخاصة، كما لجأت أخرى إلى تأجيل المناورات المشتركة في إطار الجهود الوقائية للحيلولة دون انتشار الفيروس. 
 
طريق الحرير الرقمي .. مدخل الصين لتعزيز هيمنتها العالمية
تناول تقرير التوازن العسكري للعام 2021 استراتيجية الصين لطريق الحرير الرقمي، باعتبارها تشكل أهم أدواتها لتعزيز هيمنتها العالمية، خاصة أن هذه الاستراتيجية تتضمن، الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإبرام اتفاقيات ثنائية لإجراء الأبحاث المشتركة، وتمويل برامج لتعليم الطلاب عن التكنولوجيا الصينية، حيث وقعت 16 دولة مذكرة تفاهم مع الصين حول مشاريع مرتبطة بطريق الحرير الرقمي، ما يعنى التوصل إلى تفاهم رسمي حول السماح بوجود التكنولوجيا الصينية في الأسواق، أو استضافة الصين لبرامج تعليمية، أو إطلاق برامج بحثية مشتركة، وهذا بحسب التقرير لا يعد فقط مؤشراً على اختراق التكنولوجيا الصينية في العالم، وإنما الأخطر أنها تستهدف ترجمة ذلك إلى نفوذ سياسي واكتساب أسواق جديدة في 137 دولة حول العالم.
 
الأمر اللافت للانتباه والذي أشار إليه تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية هو أن نجاح الصين في تسويق تكنولوجيتها المتقدمة عبر مشروع «طريق الحرير الرقمي»، يرجع في جانب منه إلى تصور العديد من الحكومات حول العالم بأن الصين على وشك قيادة النظام الدولي الجديد في ظل تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة الأمريكية، وفشل حملة الضغوط التي تمارسها من أجل إقناع هذه الدول بالتخلي عن التكنولوجيا الصينية.  وكشف التقرير أن مشروع الحرير الرقمي يبدو في ظاهره أنه يرتبط بنقل التكنولوجيا الصينية المتقدمة إلى دول العالم، لكنه في الحقيقة ذو أهداف جيوسياسية واستراتيجية تتعلق باستراتيجية الصين لقيادة العالم في المستقبل، فالاتفاقيات التي تبرمها الصين مع العديد من دول العالم تمنحها أكثر من موطئ قدم في الأسواق وتعزز من قدرتهاعلى التأثير في صنع السياسات الحكومية.
 
التوازن العسكري في العالم 2021 .. قراءة تحليلية
لا شك أن استمرار الزيادة في الإنفاق العسكري العالمي – كما جاء في تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية- في ظل استمرار جائحة كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط يمكن تفسيره في ضوء العوامل والاعتبارات التالية: 
 
1 - استمرار التنافس على قيادة النظام الدولي في عالم ما بعد كورونا، فقائمة الدول الأكثر إنفاقاً هي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وهذا لا يمكن فهمه بمعزل عن التنافس فيما بينها على المكانة والنفوذ في عالم ما بعد كورونا. ففي الوقت الذي تريد فيه الولايات المتحدة تأكيد قيادتها للنظام الدولي، فإن القوى الأخرى تسعى إلى بناء عالم متعدد الأقطاب. 
 
2 - قناعة القوى الكبرى بأن القوة العسكرية ما تزال أهم عوامل ومحددات القوة الشاملة ومعيار النفوذ والتأثير الرئيسي في العالم، ولعل هذا يفسر توجه الولايات المتحدة إلى تطوير منظومتها من الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، فهي لم تعد تكتفي بالتسليح التقليدي البري والبحري والجوي، بل باتت تركز جهودها على القوة الفضائية التي أرسى دعائمها الرئيس السابق دونالد ترامب، وهناك أحاديث جدية عن عودة برنامج حرب الكواكب من جديد، في محاولة لإحياء الطريق الذي كان قد استهله الرئيس رونالد ريجان عام 83، وهو عبارة عن شبكة من مدافع الليزر تحيط بأمريكا لمنع وصول أي صواريخ عابرة للقارات إليها. نفس الأمر ينطبق على بريطانيا التي تريد أن تعزز من قوتها العسكرية وخاصة في أعقاب انسحابها من الاتحاد الأوروبي، حيث تسعى إلى تبني استراتيجية دفاعية مستقلة في مواجهة التحديات والمخاطر المحتملة، دون الاعتماد ثانية على الدول الأوروبية، وفي ظل التحسب لأي تهديدات محتملة من روسيا بعد نحو عقدين من الهدوء النسبي معها.  وتعتزم الحكومة البريطانية زيادة انفاقها العسكري ليكون الأكبر منذ انتهاء الحرب الباردة. إذ أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون  في شهر نوفمبر 2020 عن تمويل إضافي بقيمة 16,5 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الأربع المقبلة. ورأى جونسون أنه «اتخذ هذا القرار في خضمّ أزمة جائحة كورونا لأنّ الدفاع عن الوطن يجب أن يأتي أولا». 
 
بينما تسعى الصين من وراء الزيادة في إنفاقها الدفاعي إلى تعزيز قوتها العسكرية، وبالفعل فقد ضاعفت أعداد الطرادات البحرية في السنوات الخمس الماضية، لتصل إلى 55 طرادة في عام 2020. وفي الوقت نفسه، ازدادت قدرات البحرية الصينية فيما يتعلق بالحروب ضد الغواصات. كما استمر بناء السفن البحرية الأخرى بوتيرة متسارعة، وتضاعف عدد السفن البرمائية الكبيرة إلى 6 سفن منذ عام 2015. فيما تدرك روسيا أن قوتها العسكرية تمثل أهم أدوات تعزيز نفوذها في النظام الدولي ، باعتبارها قوى عظمي، وإن كانت تتبنى استراتيجية لتحديث ترسانتها من الأسلحة تعتمد على النوعية وليس الكم ، ولهذا بدأت تعتمد بشكل متزايد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومتها العسكرية،  وبالفعل فإن الصواريخ الروسية الفرط صوتية العابرة للقارات من نوعية أفانجارد، وسارامات،  التي تستطيع حمل 10 رؤوس نووية، وذات القدرات التدميرية العالية، باتت تمثل هاجساً مقلقاً للولايات المتحدة.
 
3 - استمرار الصراعات بين القوى الكبرى على النفوذ في بعض المناطق الاستراتيجية، كمنطقة بحر الصين الجنوبي، والتي تشهد بين الحين والآخر بعض المناوشات البسيطة بين السفن الحربية الأمريكية، مع السفن الحربية الصينية أثناء تسيير الدوريات البحرية في بحر الصين الجنوبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى سيطرتها على هذا الممر المائي، فإن الولايات المتحدة ترى أن مياه هذا البحر هي مياه دولية بالأساس، وتندرج تحت فئة «أعالي البحار» ضمن بنود القانون الدولي. وفي شهر يناير 2021 حذّرت الولايات المتحدة الصين من استخدام القوة في مياه بحر الصين الجنوبي، وأعادت تأكيد وجهة نظرها بأن الحملة الحازمة التي تقودها الصين في المياه المتنازع عليها غير شرعية. وفي شهر مارس 2021 قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن  «إن الصين تتصرف بشكل أكثر عدوانية وقمعاً، بما في ذلك في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، حيث تخوض نزاعات على السيادة مع اليابان ودول آسيوية أخرى». وتعهد بلينكن بالتصدي لما وصفه بـ»العدوان الصيني» بما في ذلك مطالبها بسيادتها على مناطق واسعة في بحر الصين الشرقي وبحر الصيني الجنوبي.  
 
وهذه الصراعات تفسر في جانب منها زيادة الإنفاق العسكري لكل من الولايات المتحدة والصين، فميزانية الدفاع الأمريكية للعام 2021 تعد الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، وتبلغ 740 مليار دولار. وتعرضت هذه الميزانية للانتقادات بسبب تمويلها للعمليات العسكرية في الخارج بدلًا من استخدام الأموال لتلبية الاحتياجات المحلية.أما الصين فقد أعلنت في مارس 2021 زيادة ميزانيتها العسكرية للعام 2021  بنسبة 6,8 % عن العام 2020، وتقدر بـ (209 مليارات دولار)، سيتم توجيه جانب كبير منها على تطوير القدرات البحرية الصينية، وذلك بهدف دعم مطالبتها بالسيادة على بحر الصين الجنوبي في مواجهة فيتنام والفيلبين خصوصًا وفي بحر الصين الشرقي في جزر سينكاكو التي تسيطر عليها اليابان فضلا عن منطقة هملايا في مواجهة الهند.
فيما لا يزال الصراع بين حلف الأطلسي وروسيا قائماً في ظل تخوف موسكو من توسع الحلف باتجاه حدودها ، ولهذا فإنها تعارض انضمام مزيد من الدول إلى الحلف، وخاصة تلك التي يمكن من خلالها تهديد أمنها، وبالفعل فقد حذرت في شهر مارس 2021 من أنها سترد إذا اتخذت البوسنة خطوات صوب الانضمام لحلف شمال الأطلسي؛ لأنها ستعتبر ذلك سلوكا عدائيا.
 
4 - استمرار وتصاعد خطر الإرهاب في بعض المناطق يعد أحد الأسباب وراء ارتفاع الإنفاق الدفاعي العالمي، وخاصة في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء التي تنتشر فيها التنظيمات المتطرفة والإرهابية المرتبطة بتنظيمي «داعش» و»القاعدة» ، ومنطقة جنوب آسيا وبعض الدول في منطقة الشرق الأوسط ، وخاصة في مناطق الأزمات والصراعات كاليمن وليبيا وسوريا والعراق. ولا شك في أن هذا الخطر يعد أحد العوامل التي تدفع الدول في هذه المناطق إلى تعظيم قدراتها العسكرية والأمنية لمواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة. في الوقت ذاته فإن ميزانية الدفاع الأمريكية تخصص مئات الملايين من الدولارات لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، تتضمن 645 مليون دولار للعمليات الأمنية في العراق، و200 مليون دولار لسوريا، والتي سيتم توجيهها للأنشطة المتعلقة بمكافحة وجود «داعش» في البلدين.
 
خاتمة
في الوقت الذي كانت فيه التوقعات تشير إلى تراجع معدلات الإنفاق العسكري في العالم في العام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، وتنامي التعاون بين القوى الكبرى في مواجهة هذه الجائحة، وخاصة في إيجاد حلول للصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، وتوجيه مليارات الدولارات على التنمية والخدمات الاجتماعية،  إلا أن الواقع- كما كشفه تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن، جاء مغايراً، فالعالم ما يزال ينفق ما يقرب من تريليوني دولار على الأسلحة، فيما يشتد التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ والمصالح في العديد من المناطق، وذلك في عودة واضحة لأجواء الحرب الباردة.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره