مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-04-04

اتجاهات تجارة السلاح في عالمٍ مضطرب

وفقاً لمنظري العلاقات الدولية، ثمة علاقة عكسية بين درجة الاستقرار الدولي ومستوى تجارة السلاح في العالم. وعليه، تزدهر تجارة الأسلحة الثقيلة Major Weapons، كلما زادت درجة الاضطراب في السياسة الدولية وأقاليم العالم الخمسة (أوروبا، الأمريكتان، آسيا وأوقيانوسيا، الشرق الأوسط، وإفريقيا)، بحسب تقسيم معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري SIPRI).
 
 
إعداد:أيمن الدسوقي
 
 
 
 
ازدهار تجارة السلاح في العالم
شهدت تجارة السلاح (الأسلحة الثقيلة)في العالم نمواً مستمراً منذ العام 2004، بحسب تقرير سيبري عن اتجاهات تحويلات الأسلحة في العالم لعام 2015.وفي السنوات الخمس الماضية (2011-2015)، زادت بنسبة مقارنة بالفترة السابقة عليها (-2006 2010). ولاحظ التقرير أنّ تدفقات الأسلحة زادت إلى آسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط وإفريقيا منذ عام 2006، بينما هناك انخفاض حاد في التدفقات إلى أوروبا، وانخفاض قليل في التدفقات إلى الأمريكتين.
 
 
يعكس ازدهار تجارة السلاح بجلاء حال الاضطراب في السياسة العالمية؛ فالروس يحاجّون بأنّ العالم يلج في حرب باردة جديدة، والتفاعلات الدولية في أوروبا والشرقين الأوسط والأقصى تُرجح صحة حجتهم.وتوضح اتجاهات تجارة السلاح في العالم، لجهة تزعم الولايات المتحدة وروسيا قائمة المصدرين، أنّ مناخ "الحرب الباردة" بات على الأقل يُظلل الأُفق.
 
 
وعلى المستوى الإقليمي، يختبر الشرق الأوسط كل أنماط الصراعات، من حروبٍ وأزمات دولية، وأخرى محلية، وإرهاب وتمرد، واستقطاب إقليمي حاد بين معسكرين متضادين، أحدهما بقيادة السعودية والآخر تتزعمه إيران، وسباق للتسلح بين عددٍ من وحداته الإقليمية. أما منطقة آسيا وأوقيانوسيا، فتشهد سباقاً للتسلح بين الدول الرئيسية فيها، ولاسيما الصين والهند وباكستان والكوريتان، وتوتراً في شبه الجزيرة الهندية ونظيرتها الكورية، وتطلعاً من جانب بكين للعب دور إقليمي ودولي أكبر يقابله زيادة المخاوف لدى جيرانها. وكما يُظلل مناخ الحرب الباردة بعض التفاعلات الدولية في الشرق الأقصى، يُخيم هذا المناخ على أوروبا بفعل الأزمة الأوكرانية أساساً، وزيادة مستوى الحزم والصراع في السياسة الروسية تجاه الغرب. وهكذا...
 
 
الدول الخمس الكبرى المصدرة للسلاح
حدد تقرير سيبري المشار إليه آنفاً 58 دولة مصدرة للأسلحة الثقيلة في الفترة (2011-2015). وتتضمن الدول الخمس الكبرى كلاً من الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وألمانيا، وهي مسؤولة عن 74% من صادرات الأسلحة العالمية. وقد تغير تركيب قائمة هذه الدول وترتيبها في الفترة (2015-2011) عما كانت عليه الحال في الفترة (2010-2006). فبينما ظلت الولايات المتحدة وروسيا أكبر المصدرين بفارق كبير عما دونهما، زادت صادرات الصين من مستوى أقل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى المركز الثالث، فيما حلت المملكة المتحدة في المركز السادس. وقد زادت صادرات الدول الخمس الكبرى بنسبة في المتوسط في الفترة (2011-2015) مقارنةً بالفترة السابقة عليها.
 
 
وتتصدر الولايات المتحدة قائمة مصدري السلاح في العالم؛ حيث تستحوذ على %33 من مبيعات الأسلحة، التي زادت بنسبة %27، خلال السنوات الخمس المنصرمة.وتصدر الولايات المتحدة أسلحتها إلى نحو 96 دولة حول العالم؛ وهو عدد أكبر بكثير من أي دولة أخرى في قائمة الخمسة.وتعد السعودية والإمارات من أكبر مستوردي الأسلحة الأمريكية، بنسبة %9.7 و%9.1، على التوالي. وعلى المستوى الإقليمي، يظهر الشرق الأوسط أكبر مستقبلي الأسلحة الأمريكية (%41)، تليه منطقة آسيا والأوقيانوسيا (%40)، ثمأوروبا (%9.9).
 
 
وتأتي روسيا في المرتبة الثانية؛ حيث تستحوذ على ربع صادرات العالم من الأسلحة في الفترة (-2011 2015). وقد زادت مبيعاتها بنسبة %28 مقارنةً بالفترة (2006-2010).ومع ذلك، انخفضت صادرات السلاح الروسيةبصورةٍ كبيرة خلال العامين المنصرمين، وعادت إلى مستواها السنوي المنخفض الذي كانت تعرفه قبل خمس سنوات. وتصدّر روسيا أسلحتها إلى 50 دولة، بالإضافة إلى القوات المتمردة في أوكرانيا. وتظهر الهند كأكبر مستقبلي الأسلحة الروسية (%39)، تليها الصين وفيتنام ( لكلٍ). وعلى المستوى الإقليمي، تعد منطقة آسيا وأوقيانوسا أكبر المستوردين (%68)، تليها إفريقيا ()، فالشرق الأوسط (%8.2)، وأخيراً أوروبا بنسبة %6.4. 
 
 
وبالنسبة إلى الصين، زادت صادرات أسلحتها بنسبة %88 خلال السنوات الخمس الفائتة؛ ما جعلها تتبوأ المرتبة الثالثة في تصدير الأسلحة (بنسبة %6). وقد أمدت الصين 37 دولة حول العالم بالأسلحة في الفترة (2011-2015)، تأتي في مقدمتها باكستان (%35) وبنجلاديش (%20) وميانمار ()، وكلهم جيران للهند أكبر مستوردي السلاح في العالم. وعلى المستوى الإقليمي، تذهب معظم صادرات الصين من الأسلحة الثقيلة إلى دول آسيا وأوقيانوسيا (%75).
 
 
أما الدول الأوروبية الغربية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا)، فقد استحوذت مجتمعة على خُمس تجارة السلاح العالمية، في الفترة (-2011 2015). وفيما زادت صادرات الدول الثلاث الأخيرة، تراجعت صادرات فرنسا بنسبة ، وصادرات ألمانيا إلى النصف. والسبب هو الأزمة الاقتصادية؛ إذ باتت بعض الدول غير قادرة على شراء الأسلحة الثقيلة. وهذا يجبر بعض الدول على البحث عن أسواق جديدة لبيع أسلحتها، وتحاول ألمانيا دخول سوق الشرق الأوسط وآسيا.
 
 
منَ الأكثر استيراداً للسلاح
تضم قائمة الدول الخمس المستوردة للأسلحة الثقيلة في العالم، خلال الفترة (2011-2015)، كلٌ من الهند، السعودية، الصين، الإمارات، وأستراليا، مستحوذةً على 35% من الواردات. وقد كانت كلٌ من الهند والصين والإمارات بين قائمة الدول الخمس في الفترة (-2006 2010) أيضاً.
 
 
وعلى المستوى الإقليمي، يأتي إقليم آسيا وأوقيانوسيا في المرتبة الأولى؛ حيث يستحوذ على %46 من الواردات العالمية، يليه الشرق الأوسط (%25)، وأوروبا()، والأمريكتين(%9.6)، وأخيراً إفريقيا(%8).
 
 
وتقع ست دول من أكبر مستوردي السلاح في العالم، في الفترة (2011-2015)، في منطقة آسيا وأوقيانوسيا، وهي: الهند ()، الصين (%4.7)، أستراليا (%3.6)، باكستان (%3.3)، فيتنام (%3.3)، وكوريا الجنوبية (%2.6).
 
 
وبصفةٍ عامة، فقد زادت واردات دول آسيا وأوقيانوسيا من الأسلحة بنسبة %26 خلال الخمس سنوات المنصرمة. وربما يُفسر ذلك، بالإضافة إلى استمرار التوتر بين باكستان والهند، باستمرار تمدد القدرات العسكرية الصينية، سواء بأسلحة مستوردة أو منتَجة محلياً؛ ما يدفع جيرانها أيضاً، وعلى رأسهم الهند وفيتنام واليابان، إلى تدعيم قواتهم المسلحة، كما تتطلع أستراليا لتعزيز مكانتها الدولية.
ويلاحظ أنّ واردات الهند (أكبر مستوردي السلاح في العالم) زادت بنسبة %90 في الفترة (2011-2015)، وأكبر بثلاثة أضعاف من واردات منافسَيها الإقليميين، الصين وباكستان. والسبب الرئيسي في ذلك أنّ صناعة السلاح الهندية فشلت في توفير أسلحة محلية لها قدرة على المنافسة. وتأتي روسيا على قائمة مصدري السلاح للهند بنسبة %70، تليها الولايات المتحدة بنسبة . ويلاحظ أنّ ظهور الولايات المتحدة كمورد سلاح رئيسي للهند هو تطور حديث،وأنّ روسيا سوف تظل الموردالأساسي للهند، وبفارقٍ كبير، في المستقبل المنظور.
 
 
الشرق الأوسط: الصراع والسلاح
ارتفعت واردات دول الشرق الأوسط من الأسلحة الثقيلةبنسبة %61 في الفترة من 2011 و2015. ومن المتوقع أنْتزداد هذه الواردات؛ على ضوء الصراعات والأزمات المحتدمة في المنطقة، والميزانيات الضخمة لبعض الحكومات، وعدم تطوير صناعة سلاح محلية، ورفع الحظر عن واردات إيران من الأسلحة، التي سجلت مستوى منخفض جداً في الفترة (-2011 2015).صحيح أنّ الحال قد يتغير مع هبوط أسعار النفط، إلا أنّ كميات ضخمة من الأسلحة سوف تتسلمها دول المنطقة كجزء من عقودٍ تم توقيعها في السنوات الخمس السابقة.
 
 
وقد ظهرت عدد من دول المنطقة في القائمة العشرين لأكبر مستوردي السلاح في العالم، في الفترة (2011-2015)، وهي السعودية وتركيا ومصر والعراق. فقد احتلت السعودية المرتبة الثانية عالمياً في شراء السلاح، بنسبة %7، بزيادة قدرها %275 مقارنةً بالفترة (2006-2010). فيما تحل تركيا في المرتبة السادسة، بنسبة %3.4، بزيادة قدرها. وقد ذهبت %27 و و من تحويلات الأسلحة الثقيلة إلى الإقليم إلى الدول الثلاث، على التوالي.
 
 
وزادت الواردات المصرية بنسبة %37 بين الفترتين المذكورتين؛ بفضل الزيادة الكبيرة التي شهدها عام 2015 أساساً.كما زادت الواردات العراقية من الأسلحة الثقيلة بنسبة %83 خلال السنوات الخمس الفائتة. وتحتل مصر والعراق المركزين الـ12 والـ14، على التوالي، في استيراد السلاح على المستوى العالمي. أما قطر، فقد زادت وارداتها من الأسلحة الثقيلة بأكثر من الضعفين (%279). يُذكر أنّ عام 2015 شهد مستويات مرتفعة في واردات السلاح لعدد من الدول العربية؛ بسبب التدخل العسكري لمساندة الشرعية في اليمن من جانب التحالف الخليجي-العربي بقيادة السعودية، وتزايد الاستقطاب الإقليمي، والاضطرابات الداخلية في بعض هذه الدول.
 
 
وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول المصدرة للسلاح للمنطقة(بنسبة %53)، وبفارقٍ كبير عن المملكة المتحدة (بنسبة %9.6)، وروسيا (بنسبة%8.2). ولا تظهر أي من دول الشرق الأوسط في القائمة العشرين لمصدري السلاح، باستثناء تركيا وإسرائيل، اللتان تحتلان المركز 16 و11، على التوالي.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره