مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-02-01

الأطر التشريعية الناظمة للإعلام الاجتمـاعي محلياً وعالمياً

ينطلق الاتصال بكل أدواته وأساليبه إلى طريق التغيير اللا متناهي، كل يوم هو في جديد، حيث تلعب التكنولوجيا الدور الأكبر في هذا التغيير؛ فهي القاطرة الحاملة له. ولكل زمان أدواته وأساليبه وطرقه في التواصل والتفاعل مع أفراد هذا المجتمع، إلا أن هذا الاختلاف لا يفرز أدوات وأساليب جديدة فقط، بل يحمل معه أيديولوجيات وأفكاراً هي الأخرى متغيرة. 
 
إعداد: د. أمينة خميس الظاهري
 
ونحن اليوم في زمن الاتصال التكنولوجي الذي يقدم لنا الجديد والجديد في مجال الاتصال، مصحوباً بتغيرات في العملية الاتصالية التي جعلت من المتلقي للرسالة صانعاً لها في الوقت نفسه. 
 
إن هذا الدور الأكثر فاعلية لمتلقي الرسالة الإعلامية والعنصـر الذي لطالما كان دوره محدوداً أصبح اليوم له دور أساسي، وأحدث ثورة نوعية في المحتوى الإعلامي المتعدد الوسائط الذي خرج عن إطار الرقابة السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها من المجالات.
 
الإعلام الجديد والتعريف بالشبكات الاجتماعية
 الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد، كما يطلق عليه أيضاً، له تعريفات كثيرة؛ منها أنه الاتصال عبر الشبكة العنكبوتية، أو كما عُرّف من خلال موسوعة ويكبيديا «هو مصطلح يضم أشكال التواصل الإلكتروني المختلفة، والتي أصبحت ممكنة من خلال استخدام تقنيات الحاسب الآلي»، وبالنظر إلى علاقة هذا المصطلح بوسائل الإعلام القديم، كالصحف المطبوعة والمجلات التي تتسم بسكون نصوصها ورسوماتها، فإن وسائل الإعلام الجديد تشتمل على: الموقع على الشبكة العنكبوتية، والنقل المتدفق للصوت والفيديو، وغرف الدردشة، والبريد الإلكتروني، ومجتمعات الإنترنت، وإعلانات الإنترنت، وأقراص «السي دي» والـ «دي في دي»، والواقع الافتراضي، ودمج البيانات الرقمية مع الهاتف، والكاميرات الرقمية والهواتف الجوالية، أو كما رآها أحد الكتاب بأنها فضاء تواصلي بديل وموازٍ وفريد تتشكل فيه أنماط جديدة من التفاعل والتعبير والمضامين، تحولت في سياق سانح إلى قوة سياسية وثقافية فاعلة في المجتمع وقادرة على تغييره.
 
وبينما يخلط بعضهم بين تعريف الإعلام الاجتماعي وتعريف الشبكات الاجتماعية، معتبرين المصطلحين شيئاً واحداً، يرى البعض الآخر أن مصطلح «الإعلام الاجتماعي» أعم وأشمل؛ فيعرفونه بأنه عبارة عن شبكات اجتماعية بها أعضاء من مختلف دول العالم، وتهدف إلى ربطهم والتعارف بينهم حسب التخصص، والمكان، وطبيعة الأهداف الخاصة والاهتمامات؛ وبذلك يشمل الإعلام الاجتماعي شبكات التواصل الاجتماعي، مثل: Facebook، ومواقع المفضلات مثل Delicious، والأخبار الاجتماعية مثل Digg، والمشاركة الإعلامية المتعددة الوسائط مثل Youtube، والتدوين المصغر مثل Twitter والمدونات الشخصية والمنتديات العامة مثل Worldpress، والبريد الإلكتروني مثل Hotmail.
 
سمات عصر الإعلام الاجتماعي
يتسم هذا العصر بكونه عصر الفضاء المفتوح والحرية المطلقة والتنوع في المضامين والمحتوى الإعلامي، كما تعددت وسائطه، واتسم هذا العصر أيضاً بعدة سمات يمكن إيجاز بعض منها كالتالي:
- نافذة واسعة تطل على العالم.
- استخدام يومي منتظم، بل تجاوز ذلك إلى أن أصبح عادة لا يمكن الاستغناء عنها.
- نشر الوعي والحراك السياسي بين أفراد المجتمع.
- إمكانية تعبئة الرأي العام.
- صعوبة السيطرة على تدفق المعلومات.
ظواهر صاحبت الإعلام الجديد
- كسر احتكار المعلومات من قبل المؤسسات الإعلامية الكبرى. 
- ظهور ممارسين جدد للإعلام، وأغلبيتهم غير متخصصين في الإعلام، إلا أنهم أصبحوا محترفين في استخدام تطبيقات وبرامج الإعلام الجديد. 
- ظهور منابر جديدة للحوار؛ فقد أصبح باستطاعة أي فرد في المجتمع أن يرسل ويستقبل ويتفاعل ويعقّب ويستفسر ويعلّق بكل حرية، وبسرعة فائقة.
- ظهور ما يسمى «إعلام الجمهور» أو «صحافة المواطن».
- توافر المضامين الثقافية والإعلامية الجديدة والمتنوعة والشاملة. 
- نجح الإعلام الجديد في أحيان كثيرة في تسليط الضوء بكثافة على قضايا مسكوت عنها في وسائل الإعلام التقليدية؛ ما جعل هذه القضايا المهمة هاجساً للمجتمع، فانشغل بالتفكير فيها ومناقشتها ومعالجتها.
- ظهور ظاهرة المجتمع الافتراضي والشبكات الاجتماعية؛ وهي مجموعة من الأفراد يتحاورون ويتخاطبون باستخدام الإعلام الجديد لأغراض مختلفة ومتنوعة.
- تجزئة الجماهير مع التعدد الهائل والتنوع الكبير الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ؛ فقد بدأ الجمهور يتجزأ إلى مجموعات صغيره بدلاً من حالة الجماهير العريضة لوسائل الإعلام التقليدية.
 
التعريف بالإعلام العسكري
قبل البدء في الحديث عن انعكاسات الإعلام الاجتماعي على المجال العسكري لابد لنا من تعريف الإعلام العسكري لتتضح الصورة بشكل أفضل؛ فالإعلام العسكري هو العملية الاتصالية التي من خلالها يتم نشر المعلومات والأخبار الدقيقة عن المجال العسكري التي ترتكز على الصدق والصراحة ومخاطبة الجماهير لغرس روح الانتماء للوطن والتصدي للحروب النفسية التي من شأنها التأثير على الروح المعنوية باستخدام مختلف وسائل الإعلام.
 
أصبح الإعلام محوراً أساسياً لمختلف القضايا الأساسية، وقد زادت أهميته نتيجة التطورات التكنولوجية التي حسنت من دور هذا الإعلام حتى بات تأثيره واضحاً في كل مجال من مجالات الحياة، ومنها المجال العسكري. إن مفهوم الإعلام العسكري هو في الحقيقة وجه آخر لمفهوم الإعلام الأمني الذي هو جزء لا يتجزأ من المجال العسكري، إذا افترضنا أن الأمن الداخلي والخارجي مهمة يقوم بها العسكر بكل أطيافهم ومسمياتهم، من جيش وجنود وشرطة ودفاع مدني وغيرهم ممن يندرج تحت لواء العسكرية بشكل مباشر وغير مباشر.
 
وظائف الإعلام العسكري
وظائف الإعلام العسكري كثيرة ومتعددة تبعاً لتعدد هذا المجال، ويمكن اختصارها بشكل سريع في النقاط التالية:
- خلق صورة إيجابية واضحة لدى المواطنين عن المجال العسكري ووظائفه ومهامه.
- تنمية روح المشاركة والارتباط بين المجال العسكري وأفراد المجتمع على أساس من المسؤولية المشتركة في تحقيق الاستقرار والأمن الجماعي.
- التغطية الإعلامية وإعداد البيانات والأخبار المتعلقة بالمجال العسكري.
- التعريف بالأنشطة والخدمات المختلفة التي تقدمها الأجهزة العسكرية.
- توعية أفراد المجتمع بكل ما هو جديد في المجال العسكري والأمني ودعم التعاون بين الجماهير وبين المؤسسة العسكرية.
- إعداد الخطط اللازمة للتعامل مع الأزمات المحتملة.
- استطلاع آراء الجمهور عن الخدمات المقدمة من قبل المؤسسة العسكرية.
- التنسيق والتعاون مع المؤسسات الإعلامية المختلفة في المجتمع.
- المتابعة الدقيقة والمستمرة لما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة المحلية والدولية.
 
تطور تكنولوجيا المعلومات
لقد ساهمت مجموعة من العوامل المختلفة في ظهور الإعلام العسكري؛ فقد كان للمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتطورات التي لحقت بالوسائل الإعلامية والاتصالية والتكنولوجية المختلفة، دور كبير في ازدياد أهمية الإعلام العسكري، بما في ذلك الإعلام الأمني، وقد أدى التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال إلى تطور هائل في نقل المعلومات وسرعة تبادلها، إلى جانب الحاجة إلى تطوير الجانب المهني للإعلام بشكل عام والإعلام العسكري بشكل خاص. ولا شك في أن هذه التطورات كان لها تأثيرها على الأنشطة العسكرية؛ فقد وسَّعت نشاطات معينة، وغيرت أخرى، وأوجدت نشاطات جديدة. إن تعقد الحياة وتشابكها، وتداخل العديد من الأمور، وتزايد الحاجات الاتصالية للجماهير الحديثة، وتنامي الإحساس بالدور الذي يمكن أن يسهم فيه الإعلام في ظل منظومة حياتية متكاملة – كل ذلك أدى إلى أن يلعب الإعلام العسكري والأمني دور مهماً، بناءً على هذه المتغيرات في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
 
إشكاليات الإعلام العسكري
وهناك مجموعة من الإشكاليات التي تواجه الإعلام العسكري والأمني؛ أبرزها ما يأتي:
- عدم وجود إستراتيجية واضحة ومحددة المعالم، وخاصة في مسألة الخطط الإعلامية أثناء الأزمات وبعدها.
- عدم وجود الكادر الإعلامي العسكري المؤهل، وقلة الخبرة لدى العاملين في مجال الإعلام العسكري نظراً لحداثة هذا التخصص، حيث إن ظهوره بدأ في أواخر القرن العشرين.
- عدم طرح هذا التخصص في جامعاتنا الوطنية، مع عدم وجود مواد تدرس في هذا المجال.
- حساسية القضايا التي تختص بالمجال العسكري؛ ما يجعل تداولها إعلامياً مسألة تدخل في صلب القضايا الأمنية.
- صعوبة الحصول على معلومات دقيقة وحديثة؛ ما يؤدي إلى ضعف توصيل الرسالة الإعلامية أو عدم اكتمالها.
 
الإعلام الاجتماعي وانعكاساته الإيجابية على الإعلام العسكري
- كسب الدعم الشعبي للمؤسسة العسكرية، حيث تتيح وسائل الإعلام الاجتماعي المختلفة نشر مواد تخلق تعاطفاً شعبياً معها، واستهداف الشباب لتعزيز هويته الوطنية وزرع حب الوطن والولاء له.
- أصبح الإعلام العسكري الأمني مجالاً متخصصاً في المجتمعات الحديثة، ويمتلك أهدافاً اجتماعية وإعلامية وقائية، ولديه مهمة ثقيلة هي أمن واستقرار المجتمعات في ظل ظروف دولية متغيرة. وهو إعلام يلبي حاجات اجتماعية تسهم في التوعية الثقافية والتوجيه والإرشاد لمجابهة الكثير من المتغيرات التي فرضتها ظروف معينة على المجتمعات الإنسانية، وطرأت على السلوك والفكر والقيم. لذلك، فالإعلام الاجتماعي هو وسيلة قريبة من الجمهور، ولديه القدرة على التفاعل وقياس الاتجاهات ورد الفعل بشكل مباشر، وهذا تحد آخر للإعلام العسكري، الذي لابد أن يتعامل مع هذه الوسيلة الجديدة من خلال مناقشة الكثير من القضايا وإيجاد الحلول لها؛ انطلاقاً من الدور المهم للإعلام العسكري الأمني في بناء الأمن الوطني والمساهمة في وضع استراتيجيات الدولة في مواجهة التحديات الاجتماعية ورسالته في مواجهة الغزو الفكري الثقافي المعادي الذي يستهدف النيل من وحدة الوطن، وفي مواجهة الدعاية المضادة والحروب النفسية.
- يستطيع الإعلام العسكري استخدام الإعلام الاجتماعي في بث التوجيهات ونشر التعليمات للجماهير، بهدف التعامل مع الأزمات، وتزويد الجماهير بالمعلومات الكاملة للحد من انتشار الشائعات.
- يسهم الإعلام الاجتماعي اليوم في إثراء النقاش وتشكيل الآراء تجاه القضايا العامة، وهنا يبرز دور الإعلام العسكري الأمني بتوظيفه الإعلام الاجتماعي في التوعية المجتمعية واستحداث آراء حول الموضوعات الجديدة وزيادة وعي المواطن للتعامل مع قضايا الأمن الاجتماعي.
- الإعلام الاجتماعي هو اليوم إعلام الجميع، ليس له جمهور محدد، حيث يستخدمه الكل، أطفالاً ومراهقين وشباباً وناضجين، ويستطيع من خلاله الإعلام العسكري الأمني أن ينشر الثقافة الأمنية ويعزز شعور المواطنين بالمسؤولية، ويزرع الثقة بالأجهزة الأمنية بين هـذا الجمهور المتنوع.
- التواصل بين أفراد المؤسسة العسكرية نفسها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، سواء داخل الدولة أو خارجها؛ مما يقلل من الكلفة المادية لهذا التواصل.
- مكافحة الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تنشر عبر وسائل الإعلام الاجتماعي من خلال احتواء هذه الشائعات ودحضها.
- التبادل المعلوماتي عن طريق الشفرة؛ إذ يمكن للأجهزة العسكرية استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي في تبادل معلومات سرية مشفرة مع عملائها الخارجيين، بحيث يصعب كشفها.
- استخدام الإعلام الاجتماعي في تثقيف أفراد المؤسسة العسكرية في زمن أصبح فيه للكتاب مكان ضيق. كما يمكن من خلاله إعطاء دورات مفتوحة لأفراد المؤسسة العسكرية تسهم في تطويرهم فكرياً ومهنياً وعسكرياً.
 
الإعلام الاجتماعي وانعكاساته السلبية على الإعلام العسكري
هناك بعض الانعكاسات السلبية للإعلام الاجتماعي على الإعلام العسكري، ويتضح هذا التأثير السلبي في النقاط التالية:
أولاً: إن الإعلام الاجتماعي يفرض على الجهات المسؤولة، سواء كانت عسكرية أو غيرها، شفافية في تقديم المعلومة..فلم يعد باستطاعة أحد اليوم - مع وجود هذا الإعلام - أن يخفي الحقيقة. قد يواجه الإعلام العسكري الأمني مشكلة تقييد الحريات للاحتفاظ بقدر من السرية لبعض المعلومات؛ لذلك يتطلب الأمر إيجاد نقطة توازن بين سرية المعلومات وبين ما يمكن الإفصاح عنه من أجل الصالح العام.
ثانياً: إن تطور تكنولوجيا المعلومات، الذي أحدث نقلة نوعية وثورة هائلة في مجال جمع وتبويب وتخزين واسترجاع البيانات والمعلومات ونشرها، قد جعل من الصعوبة حجب المعلومات والتحكم فيها؛ لذلك من الأفضل أن تبادر المؤسسات بالإفصاح عن هذه المعلومات لخلق أرضية مشتركة من الثقة. نذكر على سبيل المثال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، الذي صرح للصحفيين، وهو في الطائرة متوجهاً إلى سلطنة عمان، بأن زيارته هي من أجل توقيع اتفاقية لبيع منظومة دفاع جوي متطورة لمسقط، قبل أن تفصح الحكومة العمانية عن هذا الخبر.
ثالثاً: ازدياد احتمالات التلاعب والتشويه للمؤسسات ذات الاستراتيجيات الحساسة كالمؤسسات العسكرية والأمنية، من خلال بث الشائعات المغرضة.
رابعاً: إمكانية التعرض لهجمات إلكترونية تستهدف بشكل مباشر المرافق الإستراتيجية المرتبطة بالفضاء الإلكتروني.
خامساً: استخدام المجموعات الجهادية للإمكانيات التي توفرها الشبكات الاجتماعية على مستوى الدعاية والتجنيد وغسل الأدمغة والدعوة إلى التحرك، من خلال بث التعليمات عبر هذا الإعلام الاجتماعي (تنظيم القاعدة مثال على ذلك).
سادساً: انتشار الجريمة العالمية عبر مواقع الاتصال الاجتماعي؛ ما يهدد أمن المجتمعات.
سابعاً: إمكانية العبث والاختراق في حالة عدم وجود آلية للحماية.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره