مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-01-02

الإمارات العربية المتحدة.. 50 عاما من الإنجازات والنهضة الشاملة

احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة باليوبيل الذهبى لتأسيسها, استطاعت خلال مسيرة نصف قرن أن تحقق المعجزات, خاصة فى مجال التنمية والتقدم الاقتصادى والعلمى, وأن تصبح من أبرز دول العالم فى تحقيق النهضة وفى امتلاك القوة الشاملة, السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية, جعلتها نموذجا رائدا  يحتذى به على مستوى العالم. 
 
 
بقلم: د. أحمد سيد أحمد
 
معجزة اقتصادية:
تبنت الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهان, منهجا فريدا فى البناء والإعمار والتنمية والتقدم وتوظيف الثروات حتى استطاعت الإمارات أن تحقق معجزة اقتصادية يشيد بها الجميع.
 
 
فقد استطاعت الإمارات العربية خلال خمسين عاما أن تحقق معجزة تنموية اقتصادية أشاد بها العالم أجمع, حيث ارتكزت منذ تأسيس الدولة على تبنى الخطط الاقتصادية المتعددة وفقا منهج التنمية الشاملة والمستدامة ووفق فلسفة أن الإنسان الإماراتى هو الغاية من التنمية وأداتها فى ذات الوقت, ولذلك استمرت البلاد فى الارتقاء بالمواطن الإماراتى وتسليحه بأحدث علوم العصر الحديث ليكون قادرا على مواكبة متطلبات سوق العمل الحديثة وتعزيز التكنولوجيا ومشروعات ريادة الأعمال القائمة على الإبداع وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد القائم على المعرفة. كما ارتكزت فلسفة التنمية الإماراتية على توظيف موارد البلاد الطبيعية خاصة من النفط والغاز فى بناء اقتصاد حديث أصبح أحد أبرز الاقتصاديات الإقليمية والعالمية التى تتسم بخصوصية وسمات متفردة, وقد انعكست مخرجات فلسفة التنمية الإماراتية القائمة على توظيف الموارد البشرية والطبيعية فى احتلال الإمارات مرتبة اقتصادية عالمية واقتصاد متفرد تعكسه لغة الأرقام والإنجازات. فقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى إقليما والتاسعة عالميا فى تقرير التنافسية العالمية 2021, وتعد الإمارات من بين أفضل الدول عالميا فى مجال ريادة الأعمال, كما أنها احتلت المرتبة الأولى عربيا وإقليما وال15 عالميا فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر والذى وصل إلى 73 مليار درهم فى عام 2020. ورغم تداعيات جائحة كورونا وتأثيراتها على الاقتصاد العالمى, فإنها حققت زيادة كبيرة فى تلك الاستثمارات خلال عام 2021. كما أصبحت الإمارات مقرا ل25% من الشركات ال500 الكبرى فى العالم وذلك بسبب بيئة الاستثمار الجاذبة والواعدة فى البلاد. ويعد الاقتصاد الإماراتى ثانى أكبر اقتصادى عربى بعد المملكة العربية السعودية بناتج محلى يصل إلى 421 مليار دولار فى عام 2021, وتخطط الدولة الإماراتية إلى الوصل بحجم الناتج المحلى إلى 3 ترليون دولار بحلول عام 2031. كما كانت الإمارات العربية من أفضل الدول التى استطاعت تجاوز أثار جائحة كورونا بفعل خططها واستراتيجيها فى التعامل مع الجائحة حيث قامت بتلقيح كافة المقيمين فيها من مواطنين ووافدين, كما وازنت بين الإجراءات الاحترازية وبين استمرار عجلة الإنتاج والتنمية وحققت معدلات نمو مرتفعة فى أعوام 2020, و2021, تجاوزت 2,5%.
 
 
لقد أصبحت الإمارات العربية على مدار نصف قرن من التنمية المتواصلة أن تصبح جوهرة الشرق الأوسط اقتصاديا, وأن تصبح رائدة صناعة اللوجيستيات فى العالم, حيث تصل إلى 220 مليار درهم, خاصة فى ميناء جبل على أحد موانئ مجمع دبى العالمية, وأن تكون أحد أبرز المحطات العالمية فى اللوجستيات والترانزيت وما تقدمه من خدمات عالمية جعلت شهرتها واسعة عالميا.
ومنذ سنوات مبكرة تبنت الإمارات العربية إستراتيجية تحديث وتنويع هيكل الاقتصاد, بحيث لا يكون معتمدا فقط على النفط والغاز, والذى تتأثر أسعاره بعوامل عالمية مثل العرض والطلب وحالة الاقتصاد العالمى وعوامل عدم الاستقرار فى الدول المستهلكة.. إلخ, ولذلك كانت الإمارات من الدول النفطية الرائدة التى قامت بتحقيق طفرات كبيرة فى مجال تنويع الاقتصاد وزيادة حجم الصادرات والقطاعات غير النفطية وإسهامها فى الناتج المحلى, حيث تجاوز 4% معدل نمو القطاع غير النفطى فى 2020, وقد حققت البلاد إنجازات كبيرة فى القطاعات غير النفطية مثل صناعة اللوجيستيات والصناعات البتروكيماوية والسياحة والتصنيع وغيرها. كما أصبحت الإمارات احد أبرز الوجهات السياحية فى العالم والتى زادت بشكل كبير بعد استضافة الإمارات لمعرض اكسبو 2020, حيث أصبحت السياحة من المصادر الرئيسة للاقتصاد الوطنى, حيث ساهمت بما يقارب 200 مليار درهم عام 2019. كما تعد الإمارات أحد أهم الأسواق الرقمية فى الشرق الأوسط والعالم, إضافة إلى أن الإمارات من الدول البارزة عالميا فى مجال استخدام وإنتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس والكهرباء, وهو ما يعكس جهود الإمارات الرائدة فى مواجهة التغيرات المناخية وتقليل الانبعاثات الحرارية وتخفيض نسبة ثانى أكسيد الكربون, حيث وصلت الاستثمارات فى قطاع الطاقة المتجددة إلى ما يزيد عن 600 مليار درهم,  وقد انعكس تلك الإنجازات بصدور رخصة تشغيل المحطة الثانية من محطات براكة للطاقة النووية السلمية، أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربى، فى 9 مارس 2021، بعد أن نجحت الإمارات فى نهاية 2020 بوصول مفاعل المحطة الأولى إلى 100% من طاقته الإنتاجية. وتحتوي محطات براكة للطاقة النووية السلمية على 4 مفاعلات تندرج ضمن الجيل الثالث من مفاعلات الطاقة النووية المتقدمة، ستنتج عند اكتمال تشغيلها 5.6 جيجاوات من الكهرباء. كما كانت الإمارات أول دولة عربيا وإقليميا تخترق مجال الفضاء وترسل مسبار الأمل إلى كوكب المريخ فى فبراير 2021, لتضع العرب على الخريطة العالمية فى مجال الفضاء وخامس دولة عالمية تحقق هذا الإنجاز. وقد تجسدت أبرز الإنجازات فى اليوبيل الذهبى للإمارات بتنظيم معرض اكسبو 2020 كأول دولة عربية تستضيف هذا الحدث العالمى الذى يشارك فيه أكثر من 190 دولة فى العالم.
ولاشك أن هذه الإنجازات وهذه المعجزة الاقتصادية الإماراتية, تحققت بفعل توافر الإرادة السياسية لدى قادة الإمارات, والذى أسسه المغفور له الشيخ زايد, وسار على دربه قادة البلاد من بعده, والاعتماد على التخطيط السليم والتراكم فى الإنجازات واستخدام المنهج العلمى ومواكبة التطور السريع فى التكنولوجيا والمعرفة.
 
 
ركيزة للأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط:
شكلت الإمارات العربية المتحدة خلال نصف قرن ركيزة أساسية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط, والتى تموج بالصراعات والحروب والأزمات منذ عقود عديدة, وتبنت الإمارات سياسة خارجية قائمة على تغليب منهج ومنطق السلام والحكمة والتعاون على منطق الحرب والصراع, انطلاقا من فلسفة أن السلام أقل تكلفة من الحروب والصراعات التى تؤدى دائما إلى الدمار والقتل والتشريد.  وانحازت الإمارات دائما إلى احترام قواعد القانون الدولى وعدم التدخل فى شؤون الأخرين واحترام مبادئ السيادة وحسن الجوار والتى رسمت محددات وملاح السياسة الخارجية الإماراتية وهو ما أكسبها احترام العالم كله. وعلى مدار تاريخها لعبت الإمارات دورا إقليميا وعالميا فاعلا فى تحقيق الأمن والاستقرار عبر الوساطة الإيجابية الحيادية والمساهمة فى تسوية الكثير من الصراعات والأزمات خاصة فى منطقة الشرق الأوسط. وقدمت الإمارات نموذجا رائدا فى الدولة التى تنتهج نهج السلام والتنمية والاستقرار.
 
 
وفى العقد الأخير الذى شهد الكثير من الصراعات والتوترات والحروب فى الشرق الأوسط وما عرف بالربيع العربى شكلت الإمارات العربية المتحدة قوة وازنة فى المنطقة فى تحقيق الأمن والاستقرار وتصدت لموجات الإرهاب والتطرف التى قامت بها مليشيات وتنظيمات دينية متطرفة استخدمت الدين لأغراض سياسية مثل داعش والإخوان المسلمين وغيرها, من التنظيمات الإرهابية التى أساءت للدين الإسلامى الحنيف كما أساءت إلى أوطانها وتم استخدامها كأدوات فى بعض الدول الكبرى والإقليمية كمخلب قط فى الجسد العربى وتفتيت دوله, وقد دفعت الشعوب العربية ثمنا غاليا لتلك المخططات من ملايين القتلى والمصابين وملايين المهاجرين والمشردين وتدمير كامل للبنية الأساسية. وفى ظل هذه البيئة المضطربة استطاعات الإمارات العربية بالتعاون مع مصر والمملكة العربية السعودية, دول القلب الصلب, أن تشكل حائط صد أمام تلك المخططات التى كانت تريد نشر الفوضى فى المنطقة وتدمير الدول العربية وتقويض مؤسسات الدولة الوطنية العربية عبر إنشاء المليشيات والكيانات الموازية من تنظيمات مسلحة ومليشيات طائفية, ونجحت الإمارات مع دول القلب الصلب  فى إجهاض هذه المخططات والحفاظ على النظام العربى والدفاع عن الأمن القومى العربى ضد العدوان والتدخلات الخارجية.
 
 
عاصمة إنسانية عالمية:
شكلت الإمارات العربية نموذجا عالميا للمساعدات الإنسانية والعمل الإنسانى فى كافة أنحاء العالم وعلى مدار خمسين عاما تحولت الدولة التي تأسست على العطاء والمنح إلى عاصمة إنسانية عالمية, حيث تستند المساعدات الإماراتية إلى النهج الإنساني للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات، والذي سار عليه من بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. وقد بلغ حجم المساعدات الإنسانية الإماراتية خلال 50 عاما أكثر من 320 مليار دولار, وهو ما كشف عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى فى حسابه على توتير،  وقدمت إلى أكثر من 155 دولة فى العالم, بغض النظر عن الاختلافات الدينية أو العرقية, ولم ترتبط بأية مشروطية سياسية, كما هو الحال بالنسبة لمساعدات الدول الغربية والدول الكبرى الأخرى, وإنما استندت على دعم وخدمة الإنسان أينما كان وانحازت لمصلحة الشعوب فى كل مكان.
 
 
نموذج عالمى ملهم للتسامح والتعايش:
شكلت الإمارات منذ تأسيسها نموذجا للتعايش والتسامح والانفتاح بين الثقافات والحضارات انطلاقا من فلسفة أن الاختلاف سنة والتعايش واجب. وفى ظل عالم يموج بالصراعات والحروب والأزمات والتهميش وإقصاء الأخر وتصاعد خطاب الكراهية والتطرف لدى التنظيمات المتأسلمة فى مقابل تصاعد خطاب الكراهية والإقصاء والتهديد للأخر من جانب حركات وتنظيمات اليمين المتطرف فى الغرب وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا, وسط كل ذلك برزت الإمارات العربية كنموذج مضئ يجسد روح التسامح والانفتاح والتلاقى ويعزز قيم التعاون والإخاء بين الجميع من منظور الإخوة الإنسانية. وقد انعكس ذلك فى استضافت الإمارات لأكبر حدث إنسانى عالمى بتوقيع  وثيقة الأخوة الإنسانية فى عام 2019، بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا فرانسيس الثانى بابا الفاتيكان, وخلد العالم ذكرى توقيعها في احتفالية دولية سنوية، تم الاحتفال بها لأول مرة 4 فبراير2021، بعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر 2020 هذا اليوم يوما عالميا للأخوة الإنسانية. وفي ترجمة عملية للوثيقة وأهدافها، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، بناء بيت العائلة الإبراهيمية في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، ليجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنسانى الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات. ومن المقرر افتتاح البيت منتصف عام 2022، ليشكل مركزا لنشر التسامح الدينى والتعايش المشترك ونشر قيم السلام.
 
 
لقد نجحت الإمارات العربية المتحدة خلال مسيرتها فى الخمسين عاما الماضية أن تجسد نموذج الدولة الرائدة  فى امتلاك القوة الشاملة وأن تحقق طفرات على كافة المستويات وأن يجنى المواطن الإماراتى ثمار التنمية والنهضة الشاملة ويفتخر بمنجزات ونهضة بلده, كما أن قطار النهضة  والشاملة والتقدم مستمر فى صعوده وفى مسيرته ليجعل من الإمارات الدولة الأنموذج ويضعها فى مقدمة دول العالم.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره