مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-02-01

الامارات: دبلوماسية ديناميكية في عالم متغير

تطرح التحركات الخارجية النشطة لدولة الإمارات العربية المتحدة في الآونة الأخيرة، ولاسيما تجاه القوى الإقليمية المختلفة مثل تركيا وإسرائيل وإيران، بالتوازي مع تحركاتها تجاه محيطيها الخليجي والعربي، تساؤلات بشأن كيفية فهم الأهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها من هذه التحركات، والتي تتمحور بالأساس حول العمل من أجل بناء نظام إقليمي تعاوني يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار لجميع شعوب المنطقة، إلى جانب تخفيف حدة التوترات والصراعات القائمة بما يسمح بالتركيز بصورة أكبر على مسيرة البناء والتطوير وتحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية المستدامة التي تنشدها شعوب المنطقة.
 
 
بقلم العقيد الركن/ يوسف جمعه الحداد
 
 
التحركات الدبلوماسية الإماراتية من منظور الرؤية المستقبلية للدولة:
إن تحليل التحركات الدبلوماسية لدولة الإمارات العربية المتحدة يجب أن يبدأ من قراءة سياسية جيدة للأهداف الاستراتيجية الاماراتية في الخمسينية الجديدة،  فالإمارات التي احتفلت مؤخراً باكتمال الخمسينية الأولى من عمر البناء الاتحادي، قد تحولت إلى نموذج عالمي وقاطرة للمستقبل، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو» اعتماد اليوم الوطني للإمارات (الثاني من ديسمبر) يوماً عالمياً للمستقبل، لتتوج الامارات رسمياً كرائد عالمي في مجال استشراف المستقبل. بما يعكس قناعة المجتمع الدولي بأن الامارات باتت تمثل رمزاً للنجاح واستشراف المستقبل وأنها قادرة على قيادة الجهود الدولية في مجالات واعدة مثل الابتكار والابداع والتميز والبحث العلمي والعلوم والتكنولوجيا، لما حققته من طفرات نوعية كبرى تعتبر مصدر الهام ومحفزات للأجيال الجديدة في مختلف دول العالم؛ فالإمارات تمتلك استراتيجيات للمستقبل في مختلف المجالات، التعليم والفضاء والاقتصاد والعلوم المتقدمة والطاقة والصحة والاقتصاد والبيئة والأمن الغذائي والمائي والذكاء الاصطناعي وغير ذلك، فضلاً عن منظومات متكاملة واستراتيجيات متخصصة لاستشراف المستقبل، وتهدف إلى الرصد المبكر للفرص والتحديات في مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، وبناء نماذج مستقبلية في مختلف المجالات، وتعزيز الإمكانات على المستوى الوطني في تخصصات ترتبط باستشراف المستقبل، وعقد الشراكات التخصصية على مستوى العالم في هذا المجال.
 
 
وقد وضعت الامارات في مستهل الخمسينية الجديدة استراتيجية طموحة للمستقبل، تضمنتها “وثيقة مبادئ الخمسين”، التي نصت على عشرة مبادئ ترسم في مجملها خطوات الامارات في سنواتها المقبلة، وتعد بمنزلة خارطة طريق سياسية واقتصادية وتنموية للمستقبل المنظور، وبالتالي فإن فهم ما وراء التحركات الدبلوماسية الأخيرة تجاه سوريا وتركيا وإيران وباقي دول الإقليم يجب أن يبدأ من قراءة دقيقة لهذه المبادئ التي تعلي من قيم التعاون بهدف التركيز على تحقيق التنمية المستدامة للشعوب، حيث نص المبدأ الثاني من الوثيقة على “التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى، وجميع مؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية ستكون مسؤوليتها بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة»، والمعنى هنا واضح تمام الوضوح ويعني أن تركيز القيادة الرشيدة بدولة الإمارات سينصب «بشكل كامل» خلال السنوات المقبلة على «بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم» وأن «التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى».
 
 
 وإذا كان هذا هو الهدف الاستراتيجي الذي يحظى بأولوية مطلقة في تخطيط ورؤية القيادة الرشيدة، فإن من البديهي أن تأتي الوثيقة على ذكر الآليات التي تحقق هذا الهدف، وهنا لابد من الاشارة إلى المبدأ الثالث بالوثيقة، والذي يُكمل ما قبله وينص على أن «السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا وعلى رأسها المصالح الاقتصادية لدولة الإمارات، هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الإمارات»، وهنا تبدو الأمور واضحة، حيث يؤطر هذا المبدأ لدور السياسة الخارجية الاماراتية ويضعها في خدمة الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية، مشيراً بمنتهى الوضوح إلى أن هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد وصولاً إلى توفير «أفضل حياة» لشعب الامارات، أو الارتقاء بمؤشرات السعادة التي تعد ثمرة أو حصاداً لمجمل جهود التنمية. 
 
 
 وإذا كانت الوثيقة قد نصت على الأهداف والآليات فإنها تنص كذلك على أسس ومبادئ العمل من خلال التأكيد في المبدأ الخامس على أن «حسن الجوار أساس للاستقرار»، وأن «المحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش ضمنه الدولة يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها، وتطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية مع هذا المحيط يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة»، ورغم أن هذا المبدأ يتماهى تماماً مع ثوابت السياسة الخارجية الاماراتية التي تسير عليها دولة الاتحاد منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فإن التأكيد عليه مجدداً في الوثيقة التي ترسم خارطة الطريق للخمسينية المقبلة يعد تجديداً للثوابت وتجذيراً لها لأن بقية المبادئ التي تنص عليها الوثيقة تمثل في أغلبها أيضاً مزيجاً متجانساً يجمع بين المبادئ والقيم الراسخة في الوعي الجمعي وبين تطلعات المستقبل وأهدافه الطموحة، حيث التأكيد على أن تحقيق الآمال سيكون من خلال الارتكاز على قاعدة متينة من الموروث الاماراتي.
 
 
الخلاصة، أن جانباً كبيراً من تحركات الدبلوماسية الاماراتية على الصعيد الاقليمي يمكن أن يجد تفسيرات له في الربط والتلازم الذي ترسخه وثيقة الخمسين بين السياسة والاقتصاد، وكيف أن الدبلوماسية يجب أن تحقق أهداف السياسة الاقتصادية، وأن التنمية الاقتصادية للدولة هي «المصلحة الوطنية الأعلى»، وأن «التركيز بشكل كامل» خلال الفترة المقبلة سينصب على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط عالمياً،  ما يرسم منظومة متكاملة للسياسات الاقتصادية والتنموية والعمل الدبلوماسي.
 
 
دلائل وأبعاد للدبلوماسية الأكثر فاعلية وديناميكية
التحركات الدبلوماسية المتسارعة التي شهدتها ساحة السياسة الخارجية الاماراتية منذ سبتمبر عام 2020، لها أبعاد استراتيجية يمكن طرحها فيما يلي:
اختراقات نوعية: لاشك أن الآلة الدبلوماسية لدولة الإمارات العربية المتحدة تعمل منذ سنوات طويلة بفاعلية يشهد بها القاصي والداني، ولكن الأعوام الأخيرة حققت الدبلوماسية الاماراتية نجاحات وانجازات واختراقات نوعية كبرى، تعكس في مجملها تناغماً عميقاً وتفاهماً بالغاً لفريق عمل وطني يقوده بكفاءة ووعي استراتيجي نادر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث نجحت الامارات من خلال جهود هذا الفريق في حلحلة الكثير من الملفات الجامدة والامساك بزمام المبادرة والمبادأة استراتيجياً في التعاطي مع الأزمات والتوترات والتفكير خارج الصندوق في التعاطي معها، وما يُنظر إليه كتحركات دبلوماسية «مفاجئة» نحو دول مثل تركيا وإيران وسوريا، هو في حقيقة الأمر نتاج دراسة متأنية للظروف ومعطيات البيئة الاستراتيجية الاقليمية والدولية، بما يحقق مصالح الإمارات ويضمن لها خطوات استباقية في ملفات متحركة ضمن رؤيتها الاستراتيجية الشاملة للأمن والاستقرار الإقليمي.
 
 
تعزيز التعاون وبناء الشراكات: في إطار التوقعات القائلة بأن الولايات المتحدة تنسحب تدريجياً من منطقة الشرق الأوسط على الأقل لجهة الاهتمام والتركيز وأولوية المنطقة في حسابات الأمن القومي الأمريكي، وكذلك التوقعات المتباينة حول مصير الجهود الدولية الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 بين إيران ومجموعة «5+1»، وما يرتبط بذلك من تكهنات وسيناريوهات حول موقف اسرائيل حيال ما تعتبره تهديدات نووية إيرانية لأمنها القومي، تبدو تحركات الدبلوماسية الاماراتية لتحييد كل هذه الأخطار وتفادي تداعياتها المحتملة - قدر الامكان - والحيلولة دون تأثر قاطرة التنمية الاماراتية المتسارعة بما يجري من حولها من صراعات وتوترات، وهنا يبدو الأمر مفهوماً إلى حد كبير، فالامارات لا تريد سوى توفير أجواء اقليمية آمنة ومستقرة تضمن لعملية التنمية التواصل والاستمرارية وتضمن لها كذلك مستويات متزايدة من التعاون والشراكات بينها وبين الدول والاقتصادات الأخرى، لاسيما تلك التي تتمتع بمزايا نسبية يمكن أن تسهم في تعزيز معدلات الأداء التنموي الاماراتي في مختلف القطاعات، مثل قطاعات التقنية والمياه والذكاء الاصطناعي في اسرائيل على سبيل المثال.
 
 
تحولات نوعية في شبكة العلاقات الاقليمية: تبدو الدبلوماسية الاماراتية خلال الأشهر الأخيرة الأكثر نشاطاً وفاعلية وديناميكية على الصعيدين الاقليمي والدولي، فالامارات التي تستضيف المعرض الأكثر عراقة وشهرة في العالم «اكسبو 2020» استقبلت في الأشهر الأخيرة أيضاً العديد من القادة والرؤساء والزعماء وكبار المسؤولين من دول العالم، كما تبادلت الزيارات مع العديد من الدول المحورية، وقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي بزيارات لعواصم اقليمية ودولية عدة، وجميع هذه الأنشطة الدبلوماسية والاقتصادية قد أثمرت عن تحولات نوعية مؤثرة في الخارطة الاقليمية، والمسألة تبدو أعمق بمراحل من «تصفير المشاكل» أو تهدئة التوترات لتطال رسم واقع جيوسياسي جديد يرسخ موقع الامارات ومكانتها وثقلها الاستراتيجي الاقليمي والدولي كصانعة سياسات وصاحبة دور استراتيجي فاعل يستهدف تحقيق الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي.
 
 
استجابات غير تقليدية للأزمات التقليدية: تعكس التحركات الدبلوماسية الاماراتية منذ توقيع اتفاق ابراهيم مع اسرائيل حتى الآن، استجابات اماراتية غير تقليدية للأزمات التقليدية، فالامارات تمتلك من الثقة بالذات والقدرة على التمسك بالثوابت ما يجعلها قادرة على اقتحام المشاكل والأزمات وإجراء الحوارات المباشرة البناءة مع أصدقائها ومنافسيها وأيضاً خصومها الاستراتيجيين، فالنموذج الاماراتي الذي بات يمثل قدوة في  الفاعلية والانطلاق والتحرر من القيود والحسابات التقليدية بات قادراً على تجاوز الأعراف والقواعد والبروتوكولات التقليدية التي تحول في أحيان كثيرة عن تحريك المياه الراكدة في أزمات وملفات كثيرة، وتقف عقبة أمام تنقية الأجواء وتبريد أزمات المنطقة، فالامارات التي تقرأ الواقع الاستراتيجي الدولي جيداً وتعي أن العالم يمر بمرحلة انتقالية من النظام العالمي القائم إلى ما يمكن تسميته نظام ما بعد كورونا، وما يعنيه ذلك كله من تجاذبات وتحولات وإعادة للهندسة الجيو سياسية والجيو استراتيجية للدول والمناطق المختلفة، لا تريد الوقوف بانتظار تبلور نتائج التفاعلات الحاصلة على المستوى الدولي، بل تريد أن تسهم بفاعلية في توجيه بوصلة التحولات بما تمتلك من إرادة التحرك الاستباقي سياسياً ودبلوماسياً من أجل تفادي أي تأثيرات وعواقب سلبية لسياسات وقرارات وتوجهات القوى الدولية والاقليمية.
 
 
قوة دفع الخمسينية الأولى: لاشك أن حصاد مسيرة التنمية الاماراتية طيلة العقود الخمس الماضية من عمر الاتحاد، قد راكمت موروثاً عميقاً من الانجازات النوعية التي تمثل وقوداً ورافعة استراتيجية لأي تحرك سياسي اماراتي، فالامارات تتحدث إلى الجميع وهي تستند إلى حصاد كبير من التجارب والانجازات التي توفر لها قدر هائل من الاحترام والتقدير الاقليمي والدولي، وهذا يمنحها القدرة على إدارة الخلافات رغم الاختلافات - أيديولوجية كانت أو مصالحية أو سياسية أو  حتى اقتصادية - واعتماد نهج أكثر براجماتية مقابل تحقق المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للدولة، وهذا النهج القائم على جردة حساب واقعية للأرباح والخسائر في العلاقات المعقدة وذات الطبيعة الحساسية مع أطراف اقليمية مثل تركيا وإيران.
 
 
مقاربات تشاركية: تمثل التحركات الدبلوماسية الاماراتية باتجاه سوريا وايران وتركيا وقطر وغيرها نهجاً تشاركياً يعكس رؤية الامارات وميلها الدائم نحو ترسيخ الأمن والسلم الدوليين، فالامارات لا تسعى للجمع بين المتناقضين كما يتصور البعض، بل تريد تشارك بين الجميع وفق رؤية تحقق المصالح المشتركة قفزاً على التناقضات والتباينات من خلال تعظيم المشتركات والبناء عليها واقصاء الاختلافات والحد من تأثيرها، والانفتاح على الجميع، وليس مفاجئاً أن تعتمد الدولة التي تمتلك أهداف طموحة - كالتي وردت في وثيقة الخمسين - أو التي تعلنها القيادة الرشيدة بأن الطموحات لا سقف لها سوى السماء، تطرق أبواب مصالحها الاستراتيجية أينما كانت، لاسيما أن المسألة لا تتعلق فقط بمكاسب اقتصادية وتجارية، بل برغبة صادقة في نشر قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر، لذا ليس من باب المنطق أن تُبذل كل هذه الجهود في التقريب بين البشر سواء من خلال وثيقة الأخوة الانسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك - التي وقعها الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرانسيس في الرابع من فبراير 2019 في أبوظبي- في حين لا تستطيع اختراق الحواجز في علاقاتها الثنائية مع أطراف اقليمية مثل اسرائيل أو تركيا أو إيران، ناهيك عن سوريا، حاضرة الثقافة العربية العريقة التي لا يمكن للعرب مواصلة الابتعاد عنها أو اقصائها من منظومة العمل العربي المشترك بكل ما يعنيه ذلك من تبعات استراتيجية سلبية للجميع. وهنا يمكن الاشارة إلى التحرك الدبلوماسي الفاعل والسريع نحو سوريا، والذي تجسد في زيارة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى دمشق واللقاء المهم مع الرئيس بشار الأسد، في اختراق دبلوماسي يتغلب على بيئة التباطؤ السياسي العربي في استعادة سوريا إلى حاضنتها العربية الطبيعية،  و»بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُطع»، كما قال د. أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة.
 
 
البعد الدولي للتحركات الدبلوماسية الاماراتية
لاشك أن تحركات الدبلوماسية الاماراتية لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التوترات اقليمياً في الأشهر الأخيرة لا تنفصل عن دور الامارات وسمعتها العالمية التي انعكست في التصويت بالثقة من جانب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، وانتخابها، للمرة الثانية في تاريخها، يوم الحادي عشر من يونيو 2021، لنيل العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي - لمدة عامين - إلى جانب ألبانيا والبرازيل والجابون وغانا للفترة 2022-2023؛ حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - رعاه الله - بهذه المناسبة أن انتخاب دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن يعكس دبلوماسيتها النشطة، وموقعها الدولي، ونموذجها التنموي المتميز. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إن انتخاب دولة الإمارات العربية المتحدة، لعضوية مجلس الأمن الدولي، يجسد ثقة العالم بالسياسة الإماراتية، وكفاءة منظومتها الدبلوماسية وفاعليتها، مؤكداً أن الإمارات ستواصل مسؤوليتها من أجل ترسيخ السلام والتعاون والتنمية على الساحة الدولية.
 
 
وفي المجمل  فإن عضوية دولة الامارات غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية (كانت الامارات عضواً في مجلس الأمن في الفترة 1986 – 1987) لمدة عامين، تمثل فرصة ثمينة لتعزيز دور الدولة ومكانتها وتحقيق رسالتها من أجل ترسيخ السلام والتعاون والتنمية على الساحة الدولية. وهنا يبدو تحرك الامارات على الصعيد الاقليمي مواكباً لدورها الدولي مثلما قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان  وزير الخارجية والتعاون الدولي: “التزمت دولة الإمارات بالعمل المتعدد الأطراف، والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة منذ تأسيسها وستستمر الدولة في التمسك بهذه المبادئ خلال عضويتها في مجلس الأمن، وإنني على ثقة من أن تاريخنا ودورنا كشريك ووسيط موثوق به، سيمكننا من تقديم مساهمة فاعلة خلال السنتين اللتين سنعمل فيهما في مجلس الأمن، وإننا ندرك المسؤولية الكبيرة المرتبطة بالعضوية وأهمية التحديات التي يواجها المجلس، وبكل عزم ومثابرة، ستحرص دولة الإمارات على الحفاظ على السلم والأمن الدوليين». وهذه الرسالة بالغة الأهمية حقيقتين مهمتين أولهما تمسك الامارات برؤيتها الخاصة بأن ميثاق الأمم المتحدة ومبادىء القانون الدولي هي الركيزة الأهم في العلاقات الدولية، وثانيهما استشعار الامارات لأهمية دورها في توظيف قدراتها وامكانياتها الكبيرة لمصلحة تنفيذ التزاماتها ومسؤولياتها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة.
 
 
خلال الاعلان رسمياً عن ترشحها وانطلاق حملتها للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2022 – 2023، قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بيان دولة الإمارات أمام المناقشة العامة للدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة: «ستواصل بلادي بنفس الخطى والمبادئ التي تأسست عليها جهودها في صون السلم والأمن الدوليين بالتعاون مع أعضاء المجلس»، وأضاف سموه : “ أننا ندرك حجم المسؤولية المترتبة على عضويتنا ومقدار التحديات التي تواجه المجلس ونؤكد أن بلادي ستعمل بعزم وإصرار لمعالجة القضايا الهامة للدول مسترشدين في ذلك بفهمنا للأزمات وبخبرتنا في المنطقة العربية وعلاقاتنا الوثيقة مع الدول وستواصل بلادي الدعوة لإشراك المنظمات الإقليمية في بلورة حلول دائمة للأزمات ونعتمد على دعمكم لنتمكن من تحقيق هذه الغايات».
 
 
ويتفق المراقبون والمتخصصون على أن الدبلوماسية الاماراتية قد استطاعت أن تحقق أهداف الدولة في الخارج، وضمنت لها حضوراً مؤثراً من خلال المشاركة في القمم والاجتماعات الدولية الكبرى، كما نجحت في  توظيف ثقل ومكانة دولة الامارات كقوة صاعدة تنموياً واقتصادياً وتكنولوجياً من أجل لعب دور حيوي في  ترسيخ أسس الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، حيث أظهرت الدبلوماسية الإماراتية قدرة كبيرة في التعامل مع أزمات المنطقة، والعمل على احتواء تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وهو ما رسخ مكانة الإمارات ضمن حسابات العواصم الدولية الكبرى، حيث تحرص القوى الكبرى على التعرف على رؤى الإمارات ومواقفها المتوازنة تجاه مختلف القضايا، والاستفادة منها في معرفة وتقييم تطورات الأوضاع في المنطقة. كما نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال دبلوماسيتها النشيطة، وعلاقاتها القوية مع جميع دول العالم، من دون استثناء، إلى جانب اعتمادها مبدأ تسوية النزاعات بالطرق السلمية، كأحد المبادئ والثوابت في سياستها الخارجية، في إثبات نفسها كإحدى أبرز القوى الفاعلة ذات التأثير على الصعيدين الإقليمي والدولي، وإحدى الدول ذات الدور الحيوي في إقرار السلم والأمن العالميين، ويبدو هذا جلياً في الدور الذي تضطلع به في إدارة الأزمات التي تموج بها منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة.
 
 
ومن المعروف أن الإمارات من الدول التي تؤمن إيماناً راسخاً بأهداف الأمم المتحدة، ومبادئها التي عبر عنها ميثاقها لحماية الأمن والسلم الدوليين والتعايش السلمي بين الدول، من خلال حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية، واحترام قواعد القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وخلق مناخ ملائم للعلاقات الدولية، يقوم على أساس التسامح ونبذ العنف والاعتراف بالآخر، واحترام حقوق الإنسان والشعوب. وتتبنى الدولة موقفاً ثابتاً وصادقاً يرفض التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وتحرص على مواجهة هذه الآفة والقضاء عليها.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره