مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-07-01

البجعة‭ ‬السوداء‭: ‬السيناريوهات‭ ‬الخمسة‭ ‬للحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية

تُرى‭ ‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التمرُّد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحسابات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتحقيق‭ ‬النصر؟‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬المنطق،‭ ‬لكن‭ ‬متى‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬منطقية؟‭ ‬إنها‭ ‬نتاج‭ ‬قرار‭ ‬عبثي‭ ‬بالأساس،‭ ‬ومحض‭ ‬مغامرة‭ ‬جنونية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬نتائجها‭ ‬غير‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬
 
 
 
بقلم‭/ ‬جهاد‭ ‬عمر‭ ‬الخطيب
باحثة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية
 
 
مائة‭ ‬يوم‭ ‬ونيْف‭ ‬مضت‭ ‬على‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وهي‭ ‬حرب‭ ‬عبثية‭ ‬بدأها‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬“فيلاديمير‭ ‬بوتين”‭ ‬بإعلان‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭ ‬“العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة”‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬دونباس‭ ‬الواقعة‭ ‬شرقي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬فبراير‭/ ‬شباط‭ ‬الماضي‭. ‬وبيْن‭ ‬نهجي‭ ‬“الصبر‭ ‬الاستراتيجي”‭ ‬و”الضغط‭ ‬الأقصى”،‭ ‬تظل‭ ‬الساحة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬السيناريوهات‭ ‬والاحتمالات‭ ‬كافة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬سيناريو‭ ‬“البجعة‭ ‬السوداء”،‭ ‬وفي‭ ‬المقال،‭ ‬محاولةٌ‭ ‬لبلورة‭ ‬أبرز‭ ‬تلك‭ ‬السيناريوهات،‭ ‬وما‭ ‬تستند‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬فرضيات‭ ‬بغية‭ ‬مناقشة‭ ‬احتمالات‭ ‬تحقيقها،‭ ‬وكذا‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭. ‬
 
 
السيناريو‭ ‬الأول‭: ‬حرب‭ ‬استنزاف‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬‮«‬الصبر‭ ‬الاستراتيجي‮»‬
يستند‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬على‭ ‬فرضية‭ ‬رئيسة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬قد‭ ‬تمتد‭ ‬لشهور‭ ‬عديدة‭ ‬–‭ ‬وربما‭ ‬لسنوات‭ ‬–‭ ‬فهي‭ ‬حرب‭ ‬‮«‬استنزاف‮»‬‭ ‬تخوضها‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬والأوكرانية،‭ ‬تؤجِّجها‭ ‬رغبة‭ ‬الطرفيْن‭ ‬في‭ ‬الصمود،‭ ‬واتباعهما‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬الصبر‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬Strategic Patience،‭ ‬وكذا‭ ‬إحجامهما‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬الاستسلام‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حجم‭ ‬الخسائر‭.‬
 
 
ويُعزِّز‭ ‬تلك‭ ‬الفرضية‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬والوقائع‭ ‬العملياتية؛‭ ‬لعل‭ ‬في‭ ‬طليعتها‭ ‬المراوحة‭ ‬وتبدُّل‭ ‬حالة‭ ‬الزخم‭ ‬صعودًا‭ ‬وهبوطًا‭ ‬بين‭ ‬الجانبيْن؛‭ ‬فكلاهما‭ ‬يحقق‭ ‬قدرًا‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬الميدانية‭ ‬تارة‭ ‬ويُمنى‭ ‬بخسائر‭ ‬أو‭ ‬يتجه‭ ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬ميادين‭ ‬المعركة‭ ‬تارةً‭ ‬أخرى،‭ ‬وتكفي‭ ‬الإشارة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬روسيا‭ (‬الطرف‭ ‬الأقوى‭ ‬وفقًا‭ ‬للحسابات‭ ‬العسكرية‭) ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬كييف‭ ‬أو‭ ‬مدينة‭ ‬خاركيف،‭ ‬وهي‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬المدن‭ ‬الأوكرانية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المساحة،‭ ‬ومركز‭ ‬ثقافي‭ ‬وصناعي‭ ‬وأكاديمي‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬دلالاتها‭ ‬الرمزية‭ ‬كونها‭ ‬استمرت‭ ‬عاصمة‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬تحت‭ ‬الحكم‭ ‬السوفيتي‭ ‬طيلة‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬1920‭ ‬حتى‭ ‬.1934 ‬
 
 
واعتبر‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬الانسحاب‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬المدينتيْن‭ ‬السابقتيْن‭ ‬برهانًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬وفقًا‭ ‬لخطط‭ ‬موسكو‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬نحو‭ ‬ثُلث‭ ‬قواتها‭ ‬البرية‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/ ‬شباط‭ ‬المنصرم،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقديرات‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين،‭ ‬وبالتبعية،‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬مضطرة‭ ‬لتركيز‭ ‬ضرباتها‭ ‬على‭ ‬الشرق‭ ‬الأوكراني‭ ‬حيث‭ ‬منطقة‭ ‬دونباس‭ ‬بغية‭ ‬السيطرة‭ ‬الكُليَّة‭ ‬على‭ ‬لوجانسك‭ ‬ودونيتسك‭. ‬
ويُعَوِّل‭ ‬الجانبان‭ ‬الروسي‭ ‬والأوكراني‭ ‬على‭ ‬ثنائية‭ ‬“الصبر‭ ‬الاستراتيجي‭ - ‬الضغط‭ ‬الأقصى”؛‭ ‬فالرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬“فيلاديمير‭ ‬بوتين”‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬انهيار‭ ‬المقاومة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وفقدان‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬–‭ ‬شغف‭ ‬استمرار‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬والعودة‭ ‬مجددًا‭ ‬للتركيز‭ ‬والانكفاء‭ ‬على‭ ‬تهديدات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصعود‭ ‬الصيني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الإندو‭ ‬–‭ ‬باسيفيك‭ ‬أو‭ ‬إشكاليات‭ ‬وأزمات‭ ‬الداخل‭.‬
 
 
وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تراهن‭ ‬كييف‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬“الضغط‭ ‬الأقصى”‭ ‬Maximum Pressure‭ ‬والتي‭ ‬تتمثَّل‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬موسكو،‭ ‬وقد‭ ‬تدفع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬ونظام‭ ‬“بوتين”‭ ‬لحافة‭ ‬الهاوية،‭ ‬ويتزامن‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬السياسة،‭ ‬استمرار‭ ‬تدفقات‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬الغربية‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدتها‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الترسانة‭ ‬الروسية‭. ‬
 
 
وتأسيسًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سلف،‭ ‬قد‭ ‬تتحوَّل‭ ‬الحرب‭ ‬الراهنة‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬دائم‭ ‬بوتيرة‭ ‬منخفضة،‭ ‬وتصبح‭ ‬“حربًا‭ ‬أبدية”‭ ‬Endless War‭ ‬لا‭ ‬تشهد‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية،‭ ‬وإنما‭ ‬تظل‭ ‬مستمرة‭ ‬طالما‭ ‬ظلت‭ ‬حالة‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الحرب‭ ‬بتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬استراتيجية‭ ‬حاسمة‭.‬
 
 
بيْدَ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أمرًا‭ ‬قد‭ ‬يُغيِّر‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭ ‬وحاسم،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬انتهاء‭ ‬حالة‭ ‬التوافق‭ ‬الراهنة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬إزاء‭ ‬دعم‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ (‬بشكل‭ ‬مطلق‭) ‬ليحل‭ ‬الشقاق‭ ‬محلها،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬بوادر‭ ‬هذا‭ ‬الشقاق‭ ‬في‭ ‬التجلي‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الأيام‭ ‬المنقضية؛‭ ‬واتضح‭ ‬ذلك‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬سويسرا‭ ‬طلبيْن‭ ‬تقدَّمت‭ ‬بهما‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬لإعادة‭ ‬تصدير‭ ‬ذخيرة‭  - ‬سويسرية‭ ‬الصنع‭ - ‬إلى‭ ‬كييف،‭ ‬ويُعتقد‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬مدرعات‭ ‬ألمانية‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬طراز‭  ‬“ماردر”،‭ ‬وكانت‭ ‬حُجتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬تصدير‭ ‬منتجاتها‭ ‬العسكرية‭ ‬لدولة‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬يُعَد‭ ‬إخلالًا‭ ‬بمبدأ‭ ‬حيادها‭ ‬العسكري‭.‬
إضافةً‭ ‬لذلك،‭ ‬رفضت‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬مطالب‭ ‬كييف‭ ‬بتسليمها‭ ‬أسلحة‭ ‬ثقيلة‭ ‬ألمانية‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مدرعات‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬“ماردر”‭ ‬أيضًا،‭ ‬وكلها‭ ‬مؤشرات‭ ‬تؤكِّد‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ليس‭ ‬مطلقًا‭ ‬أو‭ ‬دائمًا،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬“بوتين”‭ ‬يدرك‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬جيدًا‭ ‬قبيْل‭ ‬إعلانه‭ ‬“العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة”‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا؛‭ ‬فالانسحاب‭ ‬الفوضوي‭ ‬المهين‭ ‬لواشنطن‭ ‬وحلفائها‭ ‬بالناتو‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬دامت‭ ‬عقديْن‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لن‭ ‬تغامر‭ ‬مجددًا‭ ‬بالتورط‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬جديد،‭ ‬وربما‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القبول‭ ‬بتسوية‭ ‬الحرب،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬صيغة‭ ‬“مينسك‭ ‬الثانية”‭ ‬منطلقًا‭ ‬رئيسًا‭ ‬لعملية‭ ‬الوساطة،‭ ‬ومن‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬باستقلال‭ ‬ذاتي‭ ‬محدود‭ ‬لكلٍ‭ ‬من‭ ‬لوجانسك‭ ‬ودونيتسك‭ ‬داخل‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والاتفاقية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬استلهام‭ ‬بنودها‭ ‬أيضًا‭ ‬هي‭ ‬معاهدة‭ ‬الدولة‭ ‬النمساوية‭ ‬لعام‭ ‬1955،‭ ‬والتي‭ ‬نصَّت‭ ‬على‭ ‬حياد‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭.‬
 
 
السيناريو‭ ‬الثاني‭: ‬جمود‭ ‬الصراع‭ ‬
ينصرف‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬جمود‭ ‬الصراع‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬الجامد‮»‬‭  ‬frozen conflictإلى‭ ‬انتهاء‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬دونما‭ ‬التوصُّل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬سلام‭ ‬أو‭ ‬تسوية‭ ‬تحظى‭ ‬بقبول‭ ‬وتوافق‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع،‭ ‬وهذا‭ ‬السيناريو‭ ‬وثيق‭ ‬الصلة‭ ‬بسلفه؛‭ ‬ذلك‭ ‬لأنهما‭ ‬نابعان‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬قدرة‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬–‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬حسم‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يدفعهما‭ ‬لوقفها‭ ‬دونما‭ ‬بذل‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعزيز‭ ‬إجراءات‭ ‬الثقة‭ ‬بينهما،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬السِّلم‭ ‬باجتثاث‭ ‬جذور‭ ‬الصراع‭.‬
 
 
ويستند‭ ‬سيناريو‭ ‬“جمود‭ ‬الصراع”‭ ‬على‭ ‬فرضية‭ ‬أساسية‭ ‬مفادها‭ ‬توصُّل‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬وكييف‭ ‬لقناعة‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬باستطاعتهما‭ ‬تقديم‭ ‬المزيد‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العسكرية‭ ‬–‭ ‬واستنفاد‭ ‬قدراتهما‭ ‬العسكرية‭ ‬والبشرية‭. ‬وحينئذ،‭ ‬ستدرك‭ ‬روسيا‭ ‬أن‭ ‬خسائرها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبشرية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضها،‭ ‬وستشعر‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬سئمت‭ ‬الحرب،‭ ‬وأن‭ ‬شعبها‭ ‬غير‭ ‬مستعد‭ ‬للمخاطرة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الأرواح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نصر‭ ‬قد‭ ‬يستحيل‭ ‬–‭ ‬وفقًا‭ ‬للمعطيات‭ ‬الراهنة‭ ‬–‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وأن‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬دائمًا‭.‬
 
 
وعلاوةً‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬القناعات،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تلوح‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬للحوار‭ ‬أو‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬التوصُّل‭ ‬لمعاهدة‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬المنظور‭ ‬–‭ ‬وفقًا‭ ‬لهذا‭ ‬السيناريو‭ - ‬وهذا‭ ‬مرجعه‭ ‬بالأساس‭ ‬غياب‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الجانبيْن،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يدعمه‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬مارس‭/ ‬آذار‭ ‬المنقضي؛‭ ‬إذ‭ ‬توقَّفت‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الجانبيْن‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬ورفضت‭ ‬كييف‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬لهدنة‭ ‬أو‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬يشمل‭ ‬تنازلها‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬عن‭ ‬أيٍ‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مايو‭/ ‬آيار‭ ‬الماضي‭.‬
 
 
‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الجمود‭ ‬–‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ - ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يستمر‭ ‬طويلًا،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬يعاود‭ ‬الصراع‭ ‬الاشتعال‭ ‬وبكثافة؛‭ ‬فقد‭ ‬يحدث‭ ‬مثلًا‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬الصراع‭ ‬جمودًا‭ ‬بإعلان‭ ‬“بوتين”‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬دونما‭ ‬التوصُّل‭ ‬لمعاهدة‭ ‬سلام،‭ ‬وتواصل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬دعمها‭ ‬العسكري‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬التي‭ ‬تستمر‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬الرافض‭ ‬لإعلان‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬روسيا،‭ ‬وهنا‭ ‬يجد‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬نفسه‭ ‬مدفوعًا‭ ‬نحو‭ ‬كسر‭ ‬حلقة‭ ‬الجمود‭ ‬تلك‭ ‬بالتوسُّع‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المستهدفة‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬وربما‭ ‬مهاجمة‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الأوكراني‭ ‬التابعة‭ ‬للناتو‭ ‬مثل‭ ‬بولندا‭ ‬أو‭ ‬المجر‭ ‬أو‭ ‬سلوفاكيا‭ ‬أو‭ ‬رومانيا،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬لتحقيق‭ ‬سيناريو‭ ‬“البجعة‭ ‬السوداء”‭ ‬Black Swan،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيتطرَّق‭ ‬إليه‭ ‬المقال‭ ‬لاحقًا‭.‬
 
 
السيناريو‭ ‬الثالث‭: ‬انتصار‭ ‬روسيا‭ ‬و»نظام‭ ‬الدُّمية‮»‬
لعل‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المطروحة‭ ‬لمستقبل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬هو‭ ‬نجاح‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الحرب‭ ‬لصالحها؛‭ ‬فهي‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬الحرب،‭ ‬وتعي‭ ‬جيدًا‭ ‬حجم‭ ‬قواتها‭ ‬طبقًا‭ ‬لحسابات‭ ‬الورقة‭ ‬والقلم،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬تراجُع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬موقفها‭ ‬الداعم‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬ويُعزِّز‭ ‬احتمالات‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الانتصارات‭ ‬الميدانية‭ ‬لروسيا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب؛‭ ‬وأبرزها‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬ماريوبول‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الواصلة‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬دونباس‭ ‬وشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬تُعَد‭ ‬خطوة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬السيطرة‭ ‬الكُليِّة‭ ‬على‭ ‬لوجانسك‭ ‬ودونيتسك،‭ ‬وربما‭ ‬الشرق‭ ‬الأوكراني‭ ‬بأكمله،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬قد‭ ‬ينتهي‭ ‬بتقسيم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬نصفين؛‭ ‬شرقي‭ ‬وغربي،‭ ‬أو‭ ‬إسقاط‭ ‬حكومة‭ ‬كييف‭ ‬الموالية‭ ‬للغرب‭ ‬وتشكيل‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬دُمية‮»‬‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬موسكو،‭ ‬أو‭ ‬النتيجتيْن‭ ‬معًا‭.‬
 
 
لكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬ويصعب‭ ‬تحقيقه‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬–‭ ‬فالطريق‭ ‬لحسم‭ ‬الحرب‭ ‬تمامًا‭ ‬ليست‭ ‬معبَّدة‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬بوتين»؛‭ ‬فالمرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬كانت‭ ‬مكلفة‭ ‬للغاية،‭ ‬والمقاومة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬وبقوة‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬عسكري‭ ‬مهم‭ ‬أو‭ ‬حسم‭ ‬الحرب‭ ‬دونما‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬قواتها،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬عملية‭ ‬تعبئة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬لأفراد‭ ‬الشعب‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانضمام‭ ‬لصفوف‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬تحارب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬تحوُّل‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬شاملة‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تمتد‭ ‬لسنوات،‭ ‬وقد‭ ‬يُقابل‭ ‬ذلك‭ ‬بمعارضة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الروس،‭ ‬وربما‭ ‬يُشكِّل‭ ‬تهديدًا‭ ‬وجوديًا‭ ‬لنظام‭ ‬‮«‬فيلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬‭.‬
 
 
السيناريو‭ ‬الرابع‭: ‬انتصار‭ ‬أوكرانيا‭ ‬
تُرى‭ ‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحسابات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتحقيق‭ ‬النصر؟‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬المنطق،‭ ‬لكن‭ ‬متى‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬منطقية؟‭ ‬إنها‭ ‬نتاج‭ ‬قرار‭ ‬عبثي‭ ‬بالأساس،‭ ‬ومحض‭ ‬مغامرة‭ ‬جنونية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬نتائجها‭ ‬غير‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬ويرتكز‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬على‭ ‬فشل‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬دونباس،‭ ‬واستمرارها‭ ‬في‭ ‬تكبُّد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬وفرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تنهك‭ ‬اقتصادها،‭ ‬ونجاح‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬هجمات‭ ‬مضادة‭ ‬محدودة‭ ‬لكنها‭ ‬متواصلة‭ ‬وتقود‭ ‬لإنهاك‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭. ‬وإذ‭ ‬ذاك،‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬إلى‭ ‬الهجوم‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يُنذر‭ ‬بعواقب‭ ‬وخيمة؛‭ ‬فـ‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬بأي‭ ‬هزيمة‭ ‬عسكرية‭ ‬تقليدية،‭ ‬وقد‭ ‬يستخدم‭ ‬الورقة‭ ‬الأخيرة؛‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬السلاح‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬بجعة‭ ‬سوداء‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭. ‬
 
 
البجعة‭ ‬السوداء‭ )‬التصعيد‭ ‬الرأسي‭ ‬أو‭ ‬الأفقي)
تشير‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬البجعة‭ ‬السوداء‮»‬‭ ‬Black Swan‭ ‬إلى‭ ‬معتقد‭ ‬غربي‭ ‬خاطئ‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬بجع‭ ‬أسود،‭ ‬واسْتُخدمت‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬الحدث‭ ‬المفاجئ‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يقلب‭ ‬الأمور‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬سيناريو‭ ‬“البجعة‭ ‬السوداء”‭ ‬عند‭ ‬بلورة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استحال‭ ‬حدوثه،‭ ‬والبجعة‭ ‬السوداء‭ ‬هنا‭ ‬تعني‭ ‬التصعيد‭ ‬“الأفقي”‭ ‬أو‭ ‬“الرأسي”‭ ‬للحرب؛‭ ‬فالتصعيد‭ ‬“الأفقي”‭ ‬يعني‭ ‬امتداد‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الأوكراني،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الناتو،‭ ‬وهي‭ ‬بولندا‭ ‬أو‭ ‬المجر‭ ‬أو‭ ‬سلوفاكيا‭ ‬أو‭ ‬رومانيا،‭ ‬وعندئذ،‭ ‬سيضطر‭ ‬الناتو‭ ‬للتدخل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أعضائه‭ ‬ليصبح‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬ومفتوحة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭.‬
 
 
ويُقْصَد‭ ‬بالتصعيد‭ ‬“الرأسي”‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬استخدام‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬لتصبح‭ ‬الحرب‭ ‬الراهنة‭ ‬حربًا‭ ‬نووية،‭ ‬ورغم‭ ‬استبعاد‭ ‬البعض‭ ‬حدوث‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬وحُجتهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬نظرية‭ ‬“توازن‭ ‬الرعب‭ ‬النووي”‭ ‬Balance‭ ‬of Terror،‭ ‬وتستند‭ ‬على‭ ‬فرضية‭ ‬الخوف‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬لا‭ ‬تفكر‭ ‬البتَّة‭ ‬في‭ ‬شنّ‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬نووي‭. ‬بيْدَ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليها‭ ‬كثيرًا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اتجاه‭ ‬قادة‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬–‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬ترسانة‭ ‬نووية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك،‭ ‬للتصرف‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عقلاني‭ ‬دونما‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬العواقب‭.‬
 
 
وختامًا،‭ ‬فإنه‭ ‬تظل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ساحة‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬السيناريوهات‭ ‬والاحتمالات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتنافي‭ ‬ومقتضيات‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق‭ ‬السليم‭ ‬أو‭ ‬الحسابات‭ ‬الراهنة،‭ ‬ومهما‭ ‬تعدَّدت‭ ‬تلك‭ ‬السيناريوهات،‭ ‬تظل‭ ‬هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الشك؛‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬دائمًا‭ ‬إشعال‭ ‬الحرب‭ ‬لكن‭ ‬إخمادها‭ ‬يتطلَّب‭ ‬ويُكلِّف‭ ‬الكثير،‭ ‬والكل‭ ‬فيها‭ ‬خاسر،‭ ‬ومحصلة‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬لاجئ‭ ‬ونازح‭ ‬أوكراني،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬التكلفة‭ ‬الباهظة‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التي‭ ‬دمَّرتها‭ ‬الحرب،‭ ‬وتُقدَّر‭ ‬بحوالي‭ ‬220‭ ‬–‭ ‬540‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره