مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-09-01

التطـور التكنولوجي وتأثيره على الاستخدام التعبوي لوحدات المدفعية

لم يعد خافياً على أحد ذلك الصراع المستمر بين المدفعية كسلاح فعَّال ورئيس في المعارك البريّة وبين الأسلحة التي تستهدف مواقع المدفعية وخاصة التطور في الطائرات المقاتلة والطائرات العمودية والذخيرة الموجهة ، ففي هذا الصراع ظهرت بعض الآراء التي تتنبأ بأن عصر المدفعية يكاد ينتهي قياساً إلى التطور الكبير في الطائرات والصواريخ، في حين يؤكد آخرون أن عصر المدفعية لا يمكن أن ينتهي نتيجة التطوير المستمر على المدفعية والذخيرة الخاصة بها، بما يجعلها متفوقة بشكل دائم وهو تطوير يشمل تخفيف وزن معدات المدفعية وزيادة فاعلية نيرانها وتدريعها وطلاتها بمواد تجعلها عصيِّة عن الكشف. 
 
بقلم: المقدم / خلفان سيف النعيمي
 
 
يُحدد دور المدفعية ومكانها في المعركة المشتركة استناداً إلى المهام التي تنفذها، وهي مرهونة أساساً بميزاتها وخواصها القتالية، التي تتلخص في معدل الرمي في الدقيقة الواحدة (القوة النارية)، وطول المدى، والمرونة بنقل النيران من هدف إلى آخر، ودقة الإصابة، إضافة إلى القدرة الكبيرة على التنقل في ميدان المعركة، ومدى التأثير على الأهداف وطول مدته، وتنسيق نيران المدفعية ومناورتها مع وحدات الصنوف الأخرى وقطعاتها ودعمها نارياً في أي وقت وفي جميع أحوال الطقس، إن مجمل مهام المدفعية تتأثر بالتقدم التقاني التكنولوجي إذ تتطلب أنظمة مراقبة فعالة لرصد دائم للعدو في ثباته أو تحركه ولمواقع أسلحته ومقرات قياداته وطرائق إمداداته وتموينه وتحتاج أجهزة تسديد ورصد وتوجيه نيران ومعدات رؤية ليلية متطورة، وتتطلب الحرب الحديثة أجهزة قادرة على توجيه القذائف الذكية على أهدافها بدقة متناهية.
إن الواجبات والأدوار الرئيسة للمدفعية وبشكل عام تشتمل على تقديم الإسناد القريب والبعيد بالنيران الدقيقة وفي الوقت المناسب  للمشاة والدروع في العمليات التعبوية والإسناد للقوات المنقولة جواً والمظليين ، وهذا يتطلب تنوع معدات المدفعية ، كذلك توفر وسائل معدات لاستمكان مدفعية وهاونات العدو وتدميرها ، وإعطاء العمق للقتال وذلك بإيصال النيران لمشاغلة المنشآت الإدارية، والاحتياط والقيادات ووسائل الاتصالات المعادية في منطقة مسؤولية التشكيل التي تقوم بإسناده.
 
دور التقانات ( التكنولوجيا) الحديثة في تطور المدفعية
  أكدت الحروب الحديثة ضرورة توفير قدرات عالية لدى المدفعية من عدة جوانب أهمها قابلية الحركة، وقوة النار، والحماية الذاتية, والقدرة على التكيف، تلك التي تزيد من قدرتها على تجنب الأسلحة الذكية والقدرة على تحدي قدرة الطائرات ، إلا أن التطور الذي طرأ على المدفعية مؤخراً زاد من الحاجة إلى الأطقم المؤهلة تقانياً وبالتالي أثر ايجاباً على القدرات وكذلك على المستوى الاستراتيجي و المستوى العملياتي والمستوى التعبوي.
 
تطورت قدرة المدفعية على التكيف مع نوع العمليات والقدرة على التحول من مهمة لأخرى، ولم تعـــــد وحدات المدفعية تعتمد عـــلى العمل في منطقة واحدة وهــذا مـــا ظهر خــلال الحرب في العراق وأفغانستان حيث شاركت وحدات المدفعية في معارك الأرض المفتوحة ثم تحول عملها إلى المدن والمناطق المبنية وتحول عمل القوات من العمليات العسكرية إلى عمليات فرض الأمن ومطاردة عناصر المقاومة والعكس. 
 
نستطيع أن نبين اثر التطور التقاني على الاستخدام التعبوي للمدفعية في الحرب الحديثة بالتالي:
زيادة المرونة للمدفعية: أدى الاستخدام المتنامي للتقانة المتقدمة إلى تحديث كامل لمفاهيم استخدام عناصر المدفعية وبناء على هذه المفاهيم أصبحت عناصر المدفعية تعمل كقوة ثالثة تتميز بالمرونة وخفة الحركة العالية وقادرة على توفير النيران الدقيقة والمركزة مما ينتج عنه إحداث تدمير شديد للقوات المعادية، لقد كان استخدام القذائف الموجهة من المدافع والهاوتزرات ذاتية الحركة خلال الحروب الحديثة تطبيقاً عملياً لهذا المفهوم، وأثناء مرحلة الهجوم البري أصبح من الواضح أنه في المعركة سريعة الحركة فإن استخدام القذائف الموجهة بالليزر ومعلومات الهدف الدقيقة يؤديان إلى زيادة دقة نيران المدفعية والاشتباك مع الأهداف المعادية على مسافات كبيرة من خط المواجهة.
 
التقليل من عبء الإسناد الإداري: دخول التقانة المتقدمة في المعدات والأجهزة والذخائر سيؤدي وبدرجة كبيرة إلى تقليل العبء الإداري المطلوب للصيانة والتزويد ويقلل كمية الذخيرة المطلوبة لإحداث التأثير المطلوب في الحرب مما يقلل الحاجة لحركة آليات النقل والنفقات.
 
زيادة دقة الإصابة: إن الطلب على التوجيه الدقيق لخفض الأضرار والإصابات الجانبية بين السكان المدنيين قد أصبح مطلباً أساسياً في العمليات العسكرية، ويمكن أيضاً الاشتباك مع قوات العدو عندما تكون اقرب إلى القوات الصديقة، إذ تتيح القذائف الموجهة للمدفعية الدقة في الإصابة وأيضا الحاجة إلى كمية أقل من الذخيرة لتدمير أهداف محددة، ولذلك فإن الحاجة لا تدعو إلا إلى أقل قدر من القذائف لإنجاز مهام الرماية، وهذا ما تحقق للمدفعية حالياً من توفر الذخيرة الموجهة ومعدات التوجيه الدقيقة .
 
زيادة فاعلية تصنيف الأهداف: بالقدرة على التمييز بين مجموعة الأهداف الميدانية التعبوية ومجموعة الأهداف ذات الأهمية الاستراتيجية ، مما أدى إلى تصنيف القنابل والمقذوفات بصورة تتناسب مع الأهداف المقصودة في شتى الأحوال الجوية وهكذا برزت دقة التوجيه للجيل الجديد من المقذوفات والقنابل المصممة لتدمير أهداف برية ثابتة أو متحركة ذات قيمة استراتيجية ولها تأثير على مجرى العمليات.
 
سهولة إشغال الأهداف المتحركة: توفرت للمدفعية الأجهزه والذخائر الملائمة لرمايتها كون الأهداف المتحركة تتطلب تزويد القذيفة بوسائط فائقة للتوجيه النهائي ، حسب سيناريوهات القتال المحتملة لذلك يستوجب تجهيز القذيفة بأنظمة  ورادارات التقانة العالية العاملة بالموجات الليزرية، ومثال على ذلك قذيفة البونص والقذيفة الصينية  والكوبرهيد حيث يتم إطلاق هذه القذائف من المدفع على مسافات بعيدة ويتولى ضابط الرصد إضاءة الهدف أو الآلية المتحركة بالليزر تتبع القذيفة الإشعاع الليزري الموجهة على الهدف وتصيبه مباشرة وبدقة عالية. 
 
تطور مفهوم الأسلحة الذكية في المدفعية
سرعة رد الفعل 
تحسين الرؤية الليلية: أصبحت القدرة على رؤية العدو ليلاً أحد العناصر الحاسمة لكسب الحرب الحديثة، فمن يرى عدوه أولاً يطلق عليه النيران سواء أكان العدو في الجو، أم في البحر، أم في البر، ووفر انتشار أجهزة الرؤية الليلية قدرات قتالية عالية، مثل زيادة إمكانية المراقبة القريبة على مدى 24 ساعة وكفاءة الاستطلاع وتعديل النار للمدفعية .
 
زيادة الردع
زيادة المدى:  باستخدام مدفعية وراجمات صواريخ ذات مديات بعيدة  تم الوصول إلى عمق العدو وأهدافه الاستراتيجية وتهديد مراكز الثقل والقواعد الجوية المختلفة بوساطة  ذخائر متطورة من خلال تحسين الشكل المقذوفي أو استخدام الدفع الصاروخي وأيضاً القذائف الموجهة ذات فاعلية اكبر في التأثير على الهدف وبمدى أطول .
 
تحقيق المفاجأة: تمكن  القائد من تطبيق  المفاجأة في نيران الإسناد بإنزال أكبر ثقل نار وبمعدلات رمي عاليه وبدقة متناهية على مواقع العدو بشكل مفاجئ  ودون إنذار مسبق من خلال :
- الخدعة والسرية باستخدام معدات الرصد والمراقبة التي تحقق الدقة ودون تعديل على الأهداف.
- توفير محطات البرقية الجوية للتعويض عن الأحوال الجوية.
- سرعة رد الفعل من المدافع الناتج عن التوجيه والتثبيت والتعبئة الآلية للمدافع .
- توفر الحواسيب المتطورة لحساب معلومات الرماية.
- استخدام أجهزة لاسلكية ترسل المعلومات دون كلام مباشرة من الحواسيب.
- استخدام الطائرات المسيرة لجلب المعلومات وتعديل النيران .
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره