مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-12-01

الحرب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى

أثبتت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وجود‭ ‬متغيرات‭ ‬متواترة‭ ‬فى‭ ‬مفهوم‭ ‬الحرب‭ ‬الحديثة‭ ‬تنطوى‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬الرقمى‭ ‬والإلكترونى‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬موازية‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬ساحات‭ ‬الحرب‭ ‬التقليدية‭ ‬فى‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭. ‬بل‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ ‬مركزية‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الصراعات‭ ‬العالمية‭.‬
 
د‭. ‬مروة‭ ‬صبحى‭ ‬منتصر
‭ ‬مدرس‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬–‭ ‬كلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة
‭‬تبدو‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لروسيا‭ ‬والهجمات‭ ‬المضادة‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والغرب‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬وأثناءه‭ ‬المثال‭ ‬الأول‭ ‬لحرب‭ ‬المستقبل‭, ‬الذى‭ ‬يُستخدم‭ ‬فيها‭ ‬القدرات‭ ‬السيبرانية‭ ‬والألكترونية‭ ‬كسلاح‭ ‬جديد‭ ‬ومؤثر‭ ‬فى‭ ‬ساحات‭ ‬الحروب‭, ‬وما‭ ‬ستغيره‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬الصراع‭. ‬وتشمل‭ ‬هذة‭ ‬الهجمات‭ ‬هجمات‭ ‬إلكترونية‭ ‬مدمرة‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬المستهدف،‭ ‬واختراق‭ ‬الشبكة‭ ‬والتجسس‭ ‬خارج‭ ‬البلد‭ ‬المستهدف،‭ ‬وعمليات‭ ‬التأثير‭ ‬السيبراني‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأشخاص‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.  ‬
 
‭‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭, ‬شنت‭ ‬روسيا‭ ‬حملات‭ ‬متواصلة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ضد‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬وقطاعات‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭, ‬منها‭: ‬
في‭ ‬منتصف‭ ‬شهر‭ ‬يناير،‭ ‬أفادت‭ ‬أكبر‭ ‬شركة‭ ‬لبيع‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭, ‬شركة‭ ‬الغاز‭ ‬الإقليمية‭, ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬ضحية‭ ‬لهجوم‭ ‬إلكتروني‭.‬
 
 
قبل‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬أدى‭ ‬هجوم‭ (‬DDoS‭) ‬إلى‭ ‬تعطيل‭ ‬مواقع‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬البنوك‭ ‬بأوكرانيا‭. ‬وفى‭ ‬اليوم‭ ‬السابق‭ ‬للحرب‭, ‬في‭ ‬23‭ ‬فبراير،‭ ‬ظهرت‭ ‬مجموعة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬والتي‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬اسم‭ (‬HermeticWiper‭ / ‬FOXBLADE‭). ‬
 
 
في‭ ‬يوم‭ ‬الحرب‭ ‬أيضاً،‭ ‬شهد‭ ‬مزود‭ ‬خدمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ (‬Viasat‭) ‬بأوكرانيا‭ ‬انقطاعًا‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬الاتصالات‭. ‬استغرقت‭ ‬بعض‭ ‬حالات‭ ‬الانقطاع‭ ‬هذه‭ ‬أسابيع‭ ‬لحلها‭, ‬وتُركت‭ ‬أجهزة‭ ‬مودم‭ (‬Viasat KA-SAT‭) ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬
 
 
في‭ ‬25‭ ‬فبراير،‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب،‭ ‬شنت‭ ‬مجموعة‭ ‬القرصنة‭  (‬Primitive Bear‭) ‬المرتبطة‭ ‬بالمخابرات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الروسية‭ (‬FSB‭)‬،‭ ‬والمعروفة‭ ‬أيضاً‭ ‬باسم‭ (‬Gamaredon‭)‬،‭ ‬هجوماً‭ ‬جماعياً‭ ‬على‭ ‬حسابات‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لفريق‭ ‬الاستجابة‭ ‬لحالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬على‭ ‬الحواسب‭ ‬الآلية‭ ‬بأوكرانيا‭ ‬وبعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭ ‬لتعطيل‭ ‬الخدمات‭ ‬الحيوية‭. ‬
 
 
في‭ ‬أوائل‭ ‬مارس،‭ ‬عانت‭ ‬مدينة‭ ‬سومي‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الكهرباء،‭ ‬ويرتبط‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬بالنشاط‭ ‬السيبراني‭ ‬الروسي‭ ‬المشتبه‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حددته‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬فبراير‭.‬
 
 
في‭ ‬20‭ ‬مارس،‭ ‬قام‭ ‬ممثلو‭ ‬روسيا‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ (‬InvisiMole‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬لها‭ ‬صلات‭ ‬مشتبه‭ ‬بها‭ ‬بـ‭ (‬FSB‭)‬،‭ ‬بإنشاء‭ ‬باب‭ ‬خلفي‭ (‬LoadEdge‭) ‬للمؤسسات‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬مما‭ ‬سمح‭ ‬لها‭ ‬بتثبيت‭ ‬برامج‭ ‬مراقبة‭ ‬وبرامج‭ ‬ضارة‭ ‬أخرى‭.‬
 
 
في‭ ‬13‭ ‬أبريل،‭ ‬ادعى‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأوكرانيون‭ ‬أنهم‭ ‬أحبطوا‭ ‬هجوماً‭ ‬ضخماً‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬للطاقة‭ - ‬وهو‭ ‬هجوم‭ ‬بدا‭ ‬مشابهاً‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬للنظر‭ ‬للهجوم‭ ‬الذي‭ ‬أسقط‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬كييف‭ ‬قبل‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭.
 
‬قامت‭ ‬مجموعة‭ (‬Sandworm‭) ‬بزرع‭ ‬البرامج‭ ‬الضارة‭ ‬اللازمة‭ ‬في‭ ‬فبراير،‭ ‬لكنها‭ ‬انتظرت‭ ‬حتى‭ ‬أبريل‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الهجوم،‭ ‬وربما‭ ‬يتزامن‭ ‬التوقيت‭ ‬مع‭ ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬روسيا‭ ‬لاستراتيجيتها‭ ‬القتالية‭ ‬بأكملها‭. ‬
 
 
ذكر‭ ‬تقرير‭ ‬لشركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬ومراكز‭ ‬الفكر‭ ‬والشركات‭ ‬ومجموعات‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬42‭ ‬دولة‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬استهدافها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب،‭ ‬مع‭ ‬ثلثي‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبولندا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.‬
 
 
كما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬هجمات‭ (‬DDoS‭) ‬وعمليات‭ ‬تشويه‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعات‭ ‬روسية‭ ‬ترعاها‭ ‬الدولة‭ ‬مثل‭ ‬“Killnet”،‭ ‬والتي‭ ‬أعلنت‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يونيو‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الويب‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬الليتوانية‭ ‬انتقاما‭ ‬لقرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الليتوانى‭ ‬بوقف‭ ‬نقل‭ ‬بعض‭ ‬البضائع‭ ‬إلى‭ ‬كالينينغراد‭ ‬الروسي‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬عقوبات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭. ‬كما‭ ‬هاجم‭ ‬قراصنة‭ ‬الكرملين‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬“Killnet”‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لوزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬الأوروبية‭ ‬والشرطة‭ ‬الإيطالية‭ ‬ومجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬وكذلك‭ ‬البوندستاغ‭ ‬الألمانى‭. ‬
 
 
لكن‭ ‬القلق‭ ‬الأكثر‭ ‬جدية‭ ‬يتعلق‭ ‬بإمكانية‭ ‬استخدام‭ ‬روسيا‭ ‬للبرمجيات‭ ‬التخريبية‭ ‬الخبيثة‭ ‬ضد‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬للدول‭ ‬المستهدفة،‭ ‬والتي‭ ‬أشارت‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬جيد‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.
‭‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬القائمة‭ ‬هي‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭. ‬حيث‭ ‬أفادت‭ ‬خدمة‭ ‬الدولة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬للاتصالات‭ ‬الخاصة‭ ‬وحماية‭ ‬المعلومات‭ ‬أنه‭ ‬بين‭ ‬23‭ - ‬29‭ ‬مارس،‭ ‬وقعت‭ ‬65‭ ‬هجومًا‭ ‬إلكترونيًا‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬أكدت‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬أنه‭ ‬بين‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬وأبريل،‭ ‬شنت‭ ‬مجموعات‭ ‬القرصنة‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬هجوم‭ ‬إلكتروني‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‭, ‬كانت‭ ‬منها‭  ‬37‭ ‬هجمة‭ ‬مدمرة‭ ‬منفصلة‭ ‬‮«‬دمرت‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬ملفات‭ ‬في‭ ‬مئات‭ ‬الأنظمة‭ ‬عبر‭ ‬عشرات‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬‮»‬‭ ‬
 
‭‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬نمط‭ ‬الهجمات،‭ ‬تبدو‭ ‬الأهداف‭ ‬الروسية‭ ‬مباشرة‭: ‬تقويض‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬كييف‭ ‬وتعطيل‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بحركة‭ ‬الجيوش‭ ‬والأموال‭ ‬والأشخاص‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭, ‬يعد‭ ‬إيقاف‭ ‬العمل‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعقد‭ ‬قدرة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬الشركاء‭ ‬العالميين‭ ‬الذين‭ ‬أثبتوا‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬تقويض‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المصرفي‭ ‬الأوكراني‭ ‬تشتيت‭ ‬انتباه‭ ‬الحكومة‭ ‬ومنع‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬الأموال‭ ‬اللازمة‭ ‬للفرار،‭ ‬ومحاصرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرهائن‭ ‬المحتملين‭ ‬في‭ ‬مدنها‭. ‬
 
‭‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭, ‬تجد‭ ‬روسيا‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحالف‭ ‬عالمي‭ ‬عدائي‭ ‬قوي‭ ‬مع‭ ‬نشطاء‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الرقمي‭:‬
 
في‭ ‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬ألمح‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المحاربين‭ ‬الإلكترونيين‭ ‬التابعين‭ ‬للحلف‭ ‬يتبادلون‭ ‬المعلومات‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأوكرانيين‭, ‬ويدعم‭ ‬بعضهم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬‮«‬على‭ ‬الأرض‮»‬‭. ‬وقع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬بشأن‭ ‬التعاون‭ ‬السيبراني‭ ‬المعزز‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬‮«‬وصول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬مشاركة‭ ‬معلومات‭ ‬البرامج‭ ‬الضارة‭ ‬التابعة‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‮»‬‭. ‬وبمعزل‭ ‬عن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬عززت‭ ‬مبادرة‭ ‬CYBERCOM‮»‬‭ ‬“‭ ‬من‭ ‬الشراكات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬الإلكتروني‭. ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬ذكرت‭ ‬CYBERCOM‭ ‬أنها‭ ‬أجرت‭ ‬28‭ ‬“عملية‭ ‬إلكترونية‭ ‬دفاعية‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالمعلومات‭ ‬والشركاء”‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬دولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أوكرانيا‭.  ‬
 
كما‭ ‬تعرضت‭ ‬الشبكات‭ ‬الروسية‭ ‬الخاصة‭ ‬لضغط‭ ‬كبير،‭ ‬حيث‭ ‬تلقت‭ ‬قصف‭ ‬إلكتروني‭ ‬منسق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭, ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يوصفون‭ ‬بأنهم‭ ‬حراس‭. ‬تضمنت‭ ‬المجموعات‭ ‬كتيبة‭ (‬الشبكة‭ ‬65‭) ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تشكيلها‭ ‬حديثًا،‭ ‬و‭(‬Elves‭)‬‭ (‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4000‭ ‬متطوع‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬وشرق‭ ‬أوروبا‭)‬،‭ ‬و‭ (‬Cyber Partisans‭) (‬مجموعة‭ ‬مناهضة‭ ‬للحكومة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬بيلاروسيا‭) ‬ومجموعة‭ ‬Anonymous‭ ‬الجماعية‭ ‬سيئة‭ ‬السمعة،‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬روسيا‭. ‬وقد‭ ‬حظيت‭ ‬أنشطة‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬بتأييد‭ ‬السلطات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬؛وأصبحوا‭ ‬معروفين‭ ‬باسم‭ ‬“جيش‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات”‭ ‬الأوكراني‭.‬
 
تضمن‭ ‬نشاط‭ ‬الحراس‭ ‬الألكترونيين‭ ‬سرقة‭ ‬وتسريب‭ ‬رسائل‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وكلمات‭ ‬المرور‭ ‬والوثائق‭ ‬والمعلومات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭. ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬وفقًا‭ ‬لشركة‭ ‬الأمن‭ ‬الرقمي‭ ‬الليتوانية‭ (‬Surfshark‭)‬،‭ ‬شكلت‭ ‬بيانات‭ ‬اعتماد‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬المتعلقة‭ ‬بروسيا‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسريبها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭.‬
 
سُرقت‭ ‬مادة‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬روسكومنادزور‭ ‬المنظمة‭ ‬للإعلام‭ ‬الروسية‭ ‬وشركة‭ ‬البث‭ ‬الإذاعي‭ ‬والتليفزيوني‭ ‬الحكومية‭ ‬لعموم‭ ‬روسيا،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬تسريب‭ ‬بيانات‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الروسية‭ ‬وشركة‭ ‬النفط‭ (‬روسنفت‭) ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭. ‬
 
بينما‭ ‬طلب‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأوكرانى‭ ‬ووزير‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ميخايلو‭ ‬فيدوروف‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬حوكمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬فصل‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬الإنترنت‭ ‬العالمى‭. ‬تلقى‭ ‬نداء‭ ‬فيدوروف‭ ‬رفضًا‭ ‬جماعيًا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬جوهر‭ ‬الإنترنت‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬غير‭ ‬سياسي‭. ‬اليوم،‭ ‬تتلقى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تعاونًا‭ ‬استخباراتيًا‭ ‬قويًا‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بينما‭ ‬يقدم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬دعمًا‭ ‬لبناء‭ ‬القدرات‭ ‬السيبرانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسة‭ ‬التعاون‭ ‬المنظم‭ ‬الدائم‭ (‬PESCO‭). ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تم‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬بين‭ ‬دائرة‭ ‬المحفوظات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والأرشيف‭ ‬الوطني‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬النقل‭ ‬المؤقت‭ ‬لتخزين‭ ‬البيانات‭ ‬الحوسبية‭ ‬والنسخ‭ ‬الاحتياطية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الرقمية‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الأرشفة‭ ‬الحكومية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فقدانها‭ ‬المحتمل‭.‬
 
كان‭ ‬تمكين‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الخاصة‭ ‬للاتصال‭ ‬بالإنترنت‭ ‬أمرًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬أيضًا،‭ ‬وتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬لنظام‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ (‬Starlink‭) ‬التابع‭ ‬لشركته‭ (‬SpaceX‭) ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وهيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭ ‬وإصدار‭ (‬Radio Free Europe‭) ‬لإرشادات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬الشبكات‭ ‬الخاصة‭ ‬الافتراضية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ (‬Onion Router‭) ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬المظلمة‭ ‬لتجنب‭ ‬مراقبة‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭. ‬
 
على‭ ‬جانب‭ ‬موازى‭, ‬تعد‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬سلاح‭ ‬آخر‭ ‬ثقيل‭ ‬فى‭ ‬تأثيره‭ ‬وجزء‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المعركة‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمى‭, ‬والتى‭ ‬أثبتت‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أهميتها‭ ‬فى‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الحرب‭. ‬رافق‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬المعلومات‭ ‬المصممة‭ ‬لتقويض‭ ‬دعم‭ ‬الجمهور‭ ‬الروسي‭ ‬للحرب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اختراق‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الروسية‭ ‬لنشر‭ ‬محتوى‭ ‬مؤيد‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وتعطيل‭ ‬الرسائل‭ ‬من‭ ‬المتصيدون‭ ‬والروبوتات‭ ‬الروس‭.‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬مجموعة‭ (‬Anonymous‭) ‬حربًا‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬الروسية‭ ‬عبر‭ ‬Twitter‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭. ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬تمكن‭ ‬نشطاء‭ ‬القرصنة‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬بيانات‭ ‬الحكومة‭ ‬الروسية،‭ ‬ومهاجمة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الحكومية،‭ ‬وحتى‭ ‬اختراق‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬الموالية‭ ‬للكرملين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬رسائل‭ ‬مؤيدة‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ومعارضة‭ ‬للحرب‭ ‬بروسيا‭. ‬وفى‭ ‬ذلك‭, ‬تجند‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬500000‭ ‬من‭ ‬نشطاء‭ ‬القرصنة‭.‬
 
‭‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬تروجه‭ ‬الحسابات‭ ‬والمواقع‭ ‬الروسية‭ ‬لرواية‭ ‬الكرملين‭ ‬للوضع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭,‬‭ ‬فوفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ (‬Mandiant‭)‬،‭ ‬أطلق‭ ‬قراصنة‭ ‬مدعومون‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬عدة‭ ‬حملات‭ ‬تضليل‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬معنويات‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬وعزلهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التدابير‭ ‬الدفاعية‭ ‬الرقمية،‭ ‬ويقوم‭ ‬الأوكرانيون‭ ‬أيضًا‭ ‬بحملة‭ ‬إعلامية‭ ‬فعالة،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬هجمات‭ ‬القرصنة‭. ‬
 
كما‭ ‬تشكل‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الحرب‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬العاديون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي‭ ‬بفضل‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإنترنت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬وفى‭ ‬ذلك‭,‬تستخدم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بكفاءة‭ ‬جميع‭ ‬قنوات‭ ‬الاتصال‭ ‬المتاحة‭ ‬–‭ (‬Telegram‭), (‬VKontakte‭), (‬YouTube‭) (‬Instagram‭) - ‬لنشر‭ ‬موادها‭ ‬باللغات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والروسية‭ ‬والإنجليزية‭.‬
‭   ‬وإذا‭ ‬نظرنا‭ ‬لملامح‭ ‬الحرب‭ ‬الحديثة‭, ‬يطرح‭ ‬المفهوم‭ ‬المتطور‭ ‬للحرب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وسيرها‭ ‬أسئلة‭ ‬جادة‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬الحرب،‭ ‬ومفهوم‭ ‬الجندي،‭ ‬وممارسة‭ ‬الدعاية‭. ‬ويمكن‭ ‬تحليل‭ ‬ملامح‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬كما‭ ‬يلى‭: ‬
على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأوكرانى‭ ‬فيدوروف،‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الأولى‮»‬‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الإنترنت،‭ ‬أصبحت‭ ‬الرموز‭ ‬أسلحة‭ ‬تتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء،‭ ‬ويتم‭ ‬حشد‭ ‬الجيوش‭ ‬الرقمية‭. ‬وتتميز‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬بأنها‭ ‬رخيصة‭ ‬نسبيا‭ ‬ويصعب‭ ‬تعقبها‭ ‬وقد‭ ‬تستهدف‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بنى‭ ‬تحتية‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭. ‬
 
إن‭ ‬جنود‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬ليسوا‭ ‬مجرد‭ ‬“جنود‭ ‬عاديين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬محاربين‭ ‬غير‭ ‬نظاميين”‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تضم‭ ‬جحافل‭ ‬من‭ ‬الممولين‭ ‬والمصرفيين‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬التنفيذيين‭ ‬والمتسللين‭ ‬وأصحاب‭ ‬النفوذ‭ ‬والمهندسين‭ ‬“‭. ‬
 
بالرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬أرجحية‭ ‬فكرة‭ ‬انفصال‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬شبكة‭ ‬الأنترنت‭ ‬العالمية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه،‭ ‬بسبب‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتفاقم‭ ‬الاتجاهات‭ ‬العالمية‭ ‬نحو‭ ‬الفصل‭ ‬التكنولوجى،‭ ‬القومية‭ ‬التقنية،‭ ‬الاستثمار‭ ‬فى‭ ‬البدائل‭ ‬المحلية‭. ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬ذلك،‭ ‬سعت‭ ‬روسيا،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الغربى،‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬الإنترنت‭ ‬السيادى‭ ‬منذ‭ ‬مايو‭ ‬2019،‭ ‬والذى‭ ‬يجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاتصال‭ ‬بخوادم‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأراضى‭ ‬الروسية‭ ‬فقط‭.  ‬
 
كذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قوانين‭ ‬حرب‭ ‬تنظم‭ ‬المجال‭ ‬السيبرانى‭. ‬حيث‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬اتهام‭ ‬دولة‭ ‬بعينها‭ ‬فى‭ ‬شن‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬لأنه‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬توظف‭ ‬الدول‭ ‬أفراد‭ ‬مجهولين‭ ‬anonymous‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬أمن‭ ‬رقمى‭ ‬خاصة‭ ‬لشن‭ ‬هذة‭ ‬الهجمات‭. ‬
 
وختاما‭,‬‭ ‬يعد‭ ‬البعد‭ ‬السيبراني‭ ‬للحرب‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬صراع‭ ‬إلكتروني‭. ‬حيث‭ ‬عانى‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الحراس‭ ‬الإلكترونيين‭. ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬صراع‭ ‬سيبراني‭ ‬متسع‭ ‬النطاق‭ ‬ومستنزف‭ ‬للغاية،‭ ‬اشتمل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التأثير‭ ‬المعلوماتى‭. ‬لكنها‭ ‬تضمنت‭ ‬أيضًا‭ ‬حملة‭ ‬روسية‭ ‬وغربية‭ ‬متواصلة‭ ‬لاختراق‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الوطنية‭ ‬الحيوية‭ ‬لبعضهما‭ ‬البعض‭ ‬وتعطيلها،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬سجال‭ ‬مكثف‭ ‬بين‭ ‬الهجوم‭ ‬والدفاع،‭ ‬مع‭ ‬سيطرة‭ ‬الدفاع‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬الوقت‭. ‬
 
‭‬لقد‭ ‬حددت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬معايير‭ ‬الحرب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الحديثة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬جميعها‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬لم‭ ‬يستخدم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬قدرات‭ ‬إلكترونية‭ ‬هجومية‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬ضد‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ (‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬حربًا‭ ‬إلكترونية‭ ‬كاملة‭ ‬النطاق‭ ‬وشاملة‭). ‬
 
‭‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬البعد‭ ‬السيبراني‭ ‬للحرب‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬تصعيد‭ ‬خارج‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬ومواجهة‭ ‬أكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬بالتأكيد‭ ‬إذا‭ ‬نجحت‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجوم‭ ‬إلكتروني‭ ‬مدمر‭ ‬ضد‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الغربية‭ ‬الحيوية‭ ‬أو‭ ‬استخدمت‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الناتو‭ ‬عملية‭ ‬إلكترونية‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬هجوم‭ ‬مسلح‭ ‬ضد‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬قد‭ ‬أوضحتا‭ ‬مخاوفهما‭ ‬بشأن‭ ‬الخطر‭ ‬السابق‭. ‬وشدد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاختراق‭ ‬الإلكتروني‭ ‬سيكون‭ ‬السبب‭ ‬الأكثر‭ ‬ترجيحًا‭ ‬لدخول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬“في‭ ‬حرب‭ ‬حقيقية”‭ ‬ضد‭ ‬قوة‭ ‬عالمية‭. ‬
 
‭‬ويبقى‭ ‬التساؤل‭, ‬هل‭ ‬تعد‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬فى‭ ‬المجال‭ ‬السيبرانى‭ ‬بداية‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬“الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الأولى”؟‭ ‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره