مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-08-01

اللباس العسكري الموحد..لمحة تاريخية

يعد الزي العسكري دليلاً على الانضباط، كما يوحي بالالتزام والطاعة، ويؤدي إلى شعور عميق بالتوحد والترابط، ويعزز شعور المودة والتضامن بين الأفراد الذين يرتدونه. فضلاً عن أنه يعد من المقومات الحيوية التي تدل على قوة الجيش وفاعليته؛ من خلال ما يبثه من شعور بالفخر والزهو.
 
إعداد: محمد عبدالغفار
 
وكان الاهتمام بالهندام واللباس العسكري على الدوام مطلباً مهماً لدى جميع الجيوش نظراً إلى ما يوحي به من احترام وهيبة، وما يبعثه في نفوس الأعداء من رهبة وقوة، فضلاً عن أنه يمثل هوية للجيش من خلال المظهر الموحد.
 
وكان استخدام الأجهزة الواقية المكونة من حائل خشبي أو جلدي أو الدروع أو الخوذات المصنوعة من الجلد في بعض المناسبات من أول أشكال التمييز. وكانت هذه هي أولى العلامات على استخدام رموز معينة لتمييز المشاركين في القتال.
 
ويعود تاريخ اللباس العسكري الموحد إلى بداية تشكل الجيوش قبل نحو خمسة آلاف سنة، حيث كان المحاربون يرتدون الدروع الجلدية والحديدية، وتظهر الرسومات التي وجدت في حضارات الرومان والإغريق والفرس وبلاد ما بين النهرين ومصر وجود أنواع مختلفة من تلك الدروع. كما تبرز تلك الرسومات والمنحوتات أرتالاً من الجنود يرتدون لباساً موحداً.
 
ولكن هذه الحال لم تدم؛ إذ ظهر بعد ذلك مقاتلون في جيوش عدة يرتدون ألبسة مختلفة، وإن بقيت الدروع علامة مميزة للجنود في تلك الفترة. وكانت الرايات والأعلام التي تسير في مقدمة الجيوش هي البديل الذي يوحي بتوحد المقاتلين وتنظيمهم. 
 
السترة العسكرية من فترات الإمبراطورية الرومانية المبكرة
وكانت السترة العسكرية الرومانية بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي قصيرة الأكمام عادة وتمتد إلى أسفل الفخذين، حيث كانت ترتدي بمفردها؛ فيما تحمي الساقين العاريتين دروع خاصة. وكانت اللون المسيطر على الستر هو اللون الأحمر، على حين يرتدي بعض الجنود ستراً بيضاء. ولم يتضح إن كان اختلاف اللون ذا علاقة بالرتب العسكرية.
 
وقد طرأ تغيير تدريجي على الملابس العسكرية الرومانية منذ القرن الثاني الميلادي، حيث ظهر الستر ذات الأكمام الطويلة، إضافة إلى دخول بعض الأوان الزاهية عليها.
وفي أواخر القرن الثالث لوحظ ظهور ما يسمى "الموضات العسكرية"، حيث بدأت الملابس العسكرية تتأثر بالأزياء المدنية. ودخل "السروال" إلى اللباس العسكري بعد أن كان يُنظر إليه نظرة سلبية في القطاع العسكري.
 
وكانت السراويل ضيقة تغطي الساق إلى الركبتين، ثم جاءت السراويل الجرمانية التي كانت فضفاضة تغطي القدمين، وكانت ألوانها متعددة مثل الأبيض والأحمر والأسود. وتشير الدلائل إلى أن الإمبراطور الروماني الأول، أوغسطس، كان يمتلك زوجاً من السراويل، ولكن لم يكن يرتدي السروال أمام الشعب.
 
ويقول المؤرخون الرومان إن عباءة من الصوف الثقيلة، تسمى "الساجوم" اعتمدت من الأسبان أواخر القرن الثالث قبل الميلاد. كما ظهرت العباءة القصيرة، فيما كانت هنا عباءات الجزء الخلفي من الساقين وكانت كثيفة، خشنة، ومصبوغة باللون الأحمر. وكان لـ"الساجوم" أغراض كثيرة، حيث كانت تستخدم للوقاية من البرد، وأحياناً تستخدم كوسادة أو بطانية عند النوم. وحين يتعذر على الجندي الحصول على درع كان يلف عباءته على ذراعه الأيسر ليستخدمه اتقاء للضربات.
 
أدت التطورات التي طرأت على المعدات العسكرية في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى اختفاء الدروع والخوذات الثقيلة. وفي الوقت نفسه، أصبح ارتداء زي عسكري موحد يستخدم كعنصر رئيسي للتمييز. وعندما بدأ تأسيس الجيوش الدائمة الكبيرة عقب صلح وستفاليا، ازدادت الحاجة بين كافة الجيوش الأوربية إلى ارتداء ملبس مميز في ساحة المعركة.
 
وفي أوروبا، تطور الزي العسكري في عهد القائد الفرنسي نابليون، فأصبحت ملامح الموضة والتألق تظهر في الزي، وأصبح الجندي يبدو أكثر استعراضاً في زيه ذي الألوان الزاهية، لكنها كانت غير عملية، ولا تؤمن له الراحة في حركته. 
 
وفي فترات لاحقة بدأ الزي العسكري في التخلص من العديد من أوجه الزينة والكماليات، واتجه إلى أن يكون عملياً بدرجة أكبر، وخلال القرن العشرين ارتدت جميع الجيوش الوطنية في العالم أزياء عسكرية موحدة وبشكل خاص خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
 
الزي العسكري في العصر الحديث
ظهرت في العصر الحديث لوائح ونظم خاصة بسياسة استخدام الزي العسكري الموحد، من حيث اللون والنوع الذي يتكيف مع لون البيئة التي يعمل فيها الجيش، ومن حيث التلاؤم مع فصول السنة وما يناسبها من أنواع الأقمشة وألوانها. كما كانت هناك عقوبات بحق من يخالف أنظمة اللباس العسكري.
 
ولم تكن العادة والتقاليد بعيدة عن التأثير في اللباس العسكري، فلكل دولة أعراف وتقاليد ثقافية وتاريخية وعسكرية تؤثر في اختيار الزي العسكري؛ فكان العقال واللفافة يستخدمان بدلاً من غطاء الرأس التقليدي في كثير من الجيوش المتمسكة بتلك التقاليد.
 
وثمة معايير عسكرية تحدد شكل الزي العسكري ومدى فعاليته ووظيفته ومرونته، بل يتعدى الأمر إلى النص على تكلفة مواده، كما أن القانون الدولي الخاص بأعراف الحرب بدأ يؤخذ في الحسبان عند تجهيز الزي العسكري، حيث لا بد من تحقيق مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين أثناء العمليات العسكرية لغرض حماية المدنيين من آثار الحرب من جهة، وكذلك لا بد من صون حقوق من يقع أسيراً من العسكريين.
 
 وكان للتكنولوجيا الحديثة دور مهم في الزي العسكري، حيث تنبهت الجيوش إلى ضرورة اختيار ألبسة جديدة تتناسب مع ساحات المعارك، ومتطلبات القتال الحديثة، ولاسيما مع وجود القذائف الحرارية والإشعاعات والأسلحة البيولوجية والكيماوية، وذلك باستخدام مواد دقيقة طورت لتدمج مع نسيج الأقمشة المستعملة في الزي. وكذلك لا بد مراعاة عوامل الطقس المختلفة، ولاسيما في ظل التنقل من منطقة إلى أخرى بعيدة عنها ومختلفة في الطقس كلياً.
 
وفي العمليات العدائية الفعلية تستخدم معظم الجيوش زياً مموهاً، يمكنها من خلاله التكيف بدرجة كبيرة مع لون البيئة التي يعمل فيها الجيش، وذلك لضمان عدم إمكانية رصد الجنود ورؤيتهم، الأمر الذي يجعل استهدافهم أصعب من قبل قوات العدو.
 
الزي العسكري الإماراتي
أولت دولة الإمارات العربية المتحدة جيشها اهتماماً كبيراً من حيث تجهيزه من مختلف النواحي، ومن ضمن ذلك الاهتمام بالزي العسكري لأفراد جيشها وضباطه. 
 
ويتميز الزي العسكري الإماراتي بأنه لباس متنوع وذو هيبة، ويبعث في نفس مرتديه القوة، وفي نفس من يراه الاحترام والمهابة. ويتنوع الزي العسكري الإماراتي ويختلف من سلاح إلى آخر وفقاً لكل تخصص، حيث يراعي طبيعة المهام المسندة إلى كل سلاح، كما يراعي العوامل البيئية والمناخية التي تفرض نفسها على كل تخصص. 
 
ويمكن التعرف إلى السلاح الذي ينتمي إليه أبناء القوات المسلحة الإماراتية من خلال لون الزي أو من لون الباريه (غطاء الرأس) أو من الشارات العسكرية الموضوعة على الصدر.
 
فالزي العسكري للقوات الجوية والدفاع الجوي يطغى عليه اللون الأزرق للضباط وضباط صف وأفراد، كما يرتدي أفراد هذا السلاح غطاء للرأس يميزهم عن سائر أفراد القوات الإماراتية. فيما يرتدي أفراد القوات البحرية لباساً ذا لون أبيض. أما القوات البرية فيرتدي أفرادها اللون الأخضر.
 
المصادر:
‏www.almusallh.ly-
‏www.albayan.ae-
www.icrc.org-
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره