مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-11-02

تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬آسيا

كان‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬تداعياتها‭ ‬البالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬أبرزها‭ ‬علاقات‭ ‬الاعتماد‭ ‬الأمني‭ ‬المتبادل‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬ثَمَّ،‭ ‬فأي‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬من‭ ‬أقاليم‭ ‬العالم‭ ‬يمتد‭ ‬أثره‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬الأقاليم‭ ‬الأخرى‭ ‬بدرجات‭ ‬ومستويات‭ ‬متباينة،‭ ‬تبعاً‭ ‬لطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬والأقاليم‭ ‬الأخرى‭.‬
 
بقلم‭: ‬أ‭. ‬د‭. ‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬أبو‭ ‬عامود
 
ونظرًا‭ ‬لقوة‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا؛‭ ‬فقد‭ ‬امتد‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تُعد‭ ‬أخطر‭ ‬الأزمات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬أوروبا‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الآسيوية‭ ‬بدرجة‭ ‬ملحوظة‭ ‬شملت‭ ‬الجوانب‭ ‬الأمنية‭ ‬كافة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تحديدها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الآتي‭: ‬
 
أولًا‭: ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬
نتج‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ومنظومة‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الرئيسة‭ ‬ومنها‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬وأسعارها‭ ‬وأساليب‭ ‬سداد‭ ‬تصديرها،‭ ‬واتسع‭ ‬نطاق‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬نتيجة‭ ‬لاتفاق‭ ‬“أوبك‭ ‬بلس”‭ ‬الذي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬روسيا،‭ ‬والذي‭ ‬حدد‭ ‬حجم‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط،‭ ‬ومن‭ ‬ثَمَّ،‭ ‬وضع‭ ‬حدودًا‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬تعويض‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬لأي‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬نتيجة‭ ‬لنقص‭ ‬الإنتاج‭ ‬الروسي،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬إمكانية‭ ‬تعويض‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬تتعذر‭ ‬في‭ ‬الأمد‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬وتجهيزات‭ ‬فنية‭.‬
 
ونظرًا‭ ‬لأن‭ ‬آسيا‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية؛‭ ‬فقد‭ ‬امتد‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬إليها،‭ ‬وهنا‭ ‬سنجد‭ ‬تباينًا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية؛‭ ‬فهناك‭ ‬دول‭ ‬استفادت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع،‭ ‬وأبرزها‭ ‬الصين‭ ‬والهند؛‭ ‬حيث‭ ‬تمكنتا‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬احتياجاتهما‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬بأسعار‭ ‬مناسبة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تخطيطهما‭ ‬لتوفير‭ ‬مخزون‭ ‬كبير‭ ‬منها‭ ‬يكفي‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬نسبيًّا،‭ ‬مستفيدتيْن‭ ‬من‭ ‬الأسعار‭ ‬المخفضة‭ ‬التي‭ ‬تُقدمها‭ ‬موسكو‭ ‬لصادرات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تأثرت‭ ‬سلبًا‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬التي‭ ‬انضمت‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬وأهمها‭ ‬اليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تفاوتت‭ ‬درجة‭ ‬التأثير‭ ‬ومستوياته‭ ‬بين‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬وذلك‭ ‬تبعًا‭ ‬لحجم‭ ‬احتياجات‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬والمصادر‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬ومدى‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭.‬
 
ثانيًا‭: ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬
نتج‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بالغة‭ ‬الخطورة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وعلى‭ ‬اقتصادات‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كافة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لهذه‭ ‬الدول،‭ ‬وأهمها‭: ‬
 
الخلل‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬نظام‭ ‬تسوية‭ ‬المعاملات‭ ‬الدولية‭ ‬النقدية‭ ‬والمصرفية‭ ‬بفعل‭ ‬منع‭ ‬البنوك‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬نظام‭ ‬سويفت‭ ‬الذي‭ ‬استقر‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬على‭ ‬تسوية‭ ‬هذه‭ ‬المعاملات‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وقد‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تولُّد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬لدى‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬ومدى‭ ‬إمكانية‭ ‬تعرُّض‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬لما‭ ‬تعرَّضت‭ ‬له‭ ‬روسيا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬طرح‭ ‬بدائل‭ ‬جديدة‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬منها‭ ‬إمكانية‭ ‬تسوية‭ ‬هذه‭ ‬المعاملات‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬لأطرافها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لجأت‭ ‬إليه‭ ‬روسيا،‭ ‬وأيدتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬منها‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬وإيران،‭ ‬كما‭ ‬اتجهت‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬لتحويل‭ ‬اليوان‭ ‬إلى‭ ‬عملة‭ ‬منافسة‭ ‬للدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬
 
تنامي‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الإجراءات‭ ‬الانتقامية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المحتملة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬البدائل،‭ ‬فقد‭ ‬طرحت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬إمكانية‭ ‬إثارة‭ ‬بنك‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أزمة‭ ‬مالية‭ ‬آسيوية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬أزمة‭ ‬1997‭ ‬لامتلاك‭ ‬البنوك‭ ‬لتريليونات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭ ‬المتراكمة،‭ ‬فارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ومخاطر‭ ‬السياسة‭ ‬الصينية‭ ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬تؤثر‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُطلق‭ ‬عليه‭ ‬التقرير‭ ‬“عملات‭ ‬الطبقة‭ ‬الثانية”‭ ‬في‭ ‬آسيا؛‭ ‬حيث‭ ‬تعرَّضت‭ ‬العملات‭ ‬ذات‭ ‬العائد‭ ‬المرتفع،‭ ‬مثل‭: ‬البيزو‭ ‬الفلبيني،‭ ‬والروبية‭ ‬الهندية،‭ ‬والروبية‭ ‬الإندونيسية،‭ ‬لضغوط‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬ويتوقع‭ ‬التقرير‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الضغوط‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭.‬
 
أزمة‭ ‬التضخم‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وتُهدِّد‭ ‬بميلاد‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الكساد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تشير‭ ‬توقعات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوثه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وتشير‭ ‬التقارير‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬آسيا؛‭ ‬مما‭ ‬سيُضر‭ ‬بالأسر‭ ‬والشركات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬خطرًا‭ ‬أسوأ،‭ ‬وهو‭ ‬التضخم‭ ‬المصحوب‭ ‬بالركود،‭ ‬بمعنى‭ ‬تزامن‭ ‬تباطؤ‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والبطالة‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬ويرجع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتباطؤ‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬والصين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬القادة‭ ‬الآسيويين‭ ‬عملية‭ ‬موازنة‭ ‬صعبة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تباطؤ‭ ‬النمو‭ ‬وارتفاع‭ ‬التضخم‭.‬
 
ثالثًا‭: ‬إثارة‭ ‬وتسخين‭ ‬بؤر‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬الآسيوية‭ ‬
في‭ ‬سياق‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬برز‭ ‬اتجاه‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬واحتمال‭ ‬تكرار‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬تايوان،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬لمراجعة‭ ‬موقفها‭ ‬الرافض‭ ‬للأسلوب‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وقد‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تصعيد‭ ‬متبادل‭ ‬من‭ ‬الجانبين؛‭ ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حذرت‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬تجاه‭ ‬تايوان،‭ ‬مهددة‭ ‬باتخاذها‭ ‬لإجراءات‭ ‬مماثلة‭ ‬لما‭ ‬اتخِذ‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لمساندة‭ ‬تايوان‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬وإمدادها‭ ‬باحتياجاتها‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬لردع‭ ‬الصين،‭ ‬كما‭ ‬زار‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬الكونجرس‭ ‬تايوان‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬احتجت‭ ‬عليه‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬وصفت‭ ‬وزارة‭ ‬خارجيتها‭ ‬زيارة‭ ‬وفد‭ ‬الكونجرس‭ ‬بأنه‭ ‬عمل‭ ‬استفزازي‭ ‬متعمد،‭ ‬وحذَّرت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬السلوك‭ ‬واستخدام‭ ‬الحيل‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬خطير‭ ‬للغاية،‭ ‬وقال‭ ‬بيان‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الصينية‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التحرك‭ ‬ينتهك‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬مبدأ‭ ‬الصين‭ ‬الواحدة،‭ ‬ويقوض‭ ‬الأساس‭ ‬السياسي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ويصعد‭ ‬التوتر‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬تايوان‭.‬
 
وكانت‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬وفد‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬تايوان‭ ‬مناورات‭ ‬عسكريةٍ‭ ‬بحرية‭ ‬وجوية‭ ‬ضخمة‭ ‬قبالة‭ ‬الجزيرة‭ ‬التي‭ ‬تعُدُّها‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬أراضيها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬بمثابة‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬لواشنطن‭ ‬بأنها‭ ‬إذا‭ ‬تجاوزت‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬فإن‭ ‬رد‭ ‬الصين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬تايوان‭ ‬بالقوة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬ذلك‭. ‬وفي‭ ‬لقاء‭ ‬بين‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الصيني‭ ‬والأمريكي‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬اجتماعات‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬أوضح‭ ‬الوزير‭ ‬الصيني‭ ‬موقف‭ ‬الصين‭ ‬الرسمي‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬تايوان،‭ ‬وطالب‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بضرورة‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬أقواله‭ ‬وأفعاله،‭ ‬وألا‭ ‬يرسل‭ ‬أي‭ ‬إشارات‭ ‬خاطئة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬قوى‭ ‬استقلال‭ ‬تايوان،‭ ‬وألا‭ ‬يستهين‭ ‬من‭ ‬تصميم‭ ‬الشعب‭ ‬الصيني‭ ‬الراسخ‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬سيادة‭ ‬أراضيه،‭ ‬وألا‭ ‬يرتكب‭ ‬أخطاء‭ ‬تخريبية‭ ‬قد‭ ‬تدمر‭ ‬السلام‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬تايوان‭.‬
 
هذا‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬بؤر‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬الآسيوية‭ ‬في‭ ‬التصاعد‭ ‬بفعل‭ ‬التفاعلات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وهي‭ ‬المتعلقة‭ ‬ببحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬والشرقي،‭ ‬الذي‭ ‬تتضارب‭ ‬بشأنه‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الصينية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬الحدود‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬الهند؛‭ ‬حيث‭ ‬تحاول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬استمالة‭ ‬الهند‭ ‬لموازنة‭ ‬القوة‭ ‬الصينية‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬“حوار‭ ‬شانجريلا”‭- ‬المؤتمر‭ ‬الدفاعي‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الذي‭ ‬عُقِد‭ ‬في‭ ‬سنغافورة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تنسج‭ ‬علاقات‭ ‬وُثْقى‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬آخرين‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬الهند،‭ ‬التي‭ ‬تُعد‭ ‬أكبر‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لأنها‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬قدرتها‭ ‬العسكرية‭ ‬المتنامية‭ ‬وبراعتها‭ ‬التكنولوجية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬عامل‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
 
وشهد‭ ‬“ حوار‭ ‬شانجريلا ”،‭ ‬مواجهة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها،‭ ‬واتجه‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد؛‭ ‬فقد‭ ‬اتهم‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬الصين‭ ‬بإثارة‭ ‬التوترات‭ ‬مع‭ ‬جيرانها‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الشرقي‭ ‬نتيجة‭ ‬توسع‭ ‬أسطول‭ ‬الصيد‭ ‬الصيني‭. ‬وفي‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬ندد‭ ‬باستخدام‭ ‬الصين‭ ‬لما‭ ‬أسماه‭ ‬بالبؤر‭ ‬الاستيطانية‭ ‬على‭ ‬جزر‭ ‬صناعية‭ ‬تعجُّ‭ ‬بأسلحة‭ ‬متطورة‭ ‬لتعزيز‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بمطالبها‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السفن‭ ‬الصينية‭ ‬تنهب‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتعمل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬داخل‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬للبلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭.‬
 
وقد‭ ‬وصفت‭ ‬الصين،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لنائب‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬الصينية،‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالاتهامات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها،‭ ‬وعبَّرت‭ ‬عن‭ ‬استيائها‭ ‬البالغ‭ ‬ومعارضتها‭ ‬الشديدة‭ ‬لهذه‭ ‬الاتهامات‭ ‬الباطلة،‭ ‬وأضاف‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬الصينية‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬تهدف‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬هيمنتها،‭ ‬وأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحاول‭ ‬تشكيل‭ ‬دائرة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شد‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬للتحريض‭ ‬ضد‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لدفع‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬إلى‭ ‬فخ‭ ‬الألعاب‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والمواجهة‭ ‬العسكرية‭.‬
 
وامتدت‭ ‬المحاولات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتوظيف‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬تسخين‭ ‬بؤر‭ ‬الصراعات‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬ملفات‭ ‬أخرى،‭ ‬شملت‭ ‬هونج‭ ‬كونج،‭ ‬والتنافس‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬إقليم‭ ‬شينجيانج‭ ‬الإيجوري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬مضادة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الصيني؛‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للانفجار‭.‬
 
ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬تأثير‭ ‬التفاعلات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬تسخين‭ ‬الصراعات‭ ‬الآسيوية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالصين،‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬ليشمل‭ ‬الصراع‭ ‬الروسي‭ ‬الياباني‭ ‬بشأن‭ ‬جزر‭ ‬الكوريل،‭ ‬والذي‭ ‬شهد‭ ‬تصعيدًا‭ ‬متبادلًا‭ ‬من‭ ‬الجانبين؛‭ ‬فقد‭ ‬وصف‭ ‬الكتاب‭ ‬الأبيض‭ ‬الجديد‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الخارجية‭ ‬اليابانية‭ ‬هذه‭ ‬الجزر‭ ‬بأنها‭ ‬أراضٍ‭ ‬محتلة،‭ ‬كما‭ ‬تبنَّت‭ ‬اليابان‭ ‬سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وطبقتها‭ ‬بإحكام‭.‬
وجاء‭ ‬الرد‭ ‬الروسي‭ ‬قويًّا؛‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬بيان‭ ‬للخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬إيقاف‭ ‬المحادثات‭ ‬مع‭ ‬اليابان‭ ‬حول‭ ‬معاهدة‭ ‬السلام‭ ‬نظرًا‭ ‬لاستحالة‭ ‬مناقشة‭ ‬توقيع‭ ‬وثيقة‭ ‬تأسيسية‭ ‬حول‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬تقف‭ ‬مواقف‭ ‬غير‭ ‬ودية‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬الإساءة‭ ‬لمصالح‭ ‬روسيا،‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬موسكو‭ ‬عن‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬اليابان‭ ‬حول‭ ‬تطوير‭ ‬أنشطة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬الكوريل‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ونيتها‭ ‬منع‭ ‬تمديد‭ ‬وضع‭ ‬اليابان‭ ‬كشريك‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭.‬
 
ثم‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬الروسي‭ ‬بتأميم‭ ‬شركة‭ ‬ساخالين‭ ‬للطاقة‭ ‬لتصبح‭ ‬ملكًا‭ ‬للحكومة‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رأت‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬أنه‭ ‬سيشعل‭ ‬معركة‭ ‬شرسة‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬واليابان‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬الطاقة،‭ ‬لأنه‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬منافسة‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬واليابان‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬بديلة‭ ‬لواردات‭ ‬الطاقة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬“ساخالين‭ -‬2”‭ ‬كان‭ ‬يزوِّد‭ ‬اليابان‭ ‬بالوقود‭ ‬بأسعار‭ ‬تنافسية‭.‬
ومن‭ ‬البؤر‭ ‬الصراعية‭ ‬الآسيوية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تصاعدت،‭ ‬البؤرة‭ ‬الكورية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تزايُدًا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬النووية‭ ‬والصاروخية،‭ ‬المهددة‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الرئيس‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬يدعو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬واليابان‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬معًا‭ ‬لإقناع‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬بأنها‭ ‬لن‭ ‬تكسب‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬والصاروخي‭.‬
 
رابعًا‭: ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأسلحة‭ ‬ذات‭ ‬التقنية‭ ‬العالية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬
يشمل‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬عدة‭ ‬مجالات،‭ ‬منها‭:‬
تطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حققت‭ ‬فيه‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬تفوقًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وقد‭ ‬تصاعدت‭ ‬وتيرة‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬تفجر‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬واتسع‭ ‬نطاقه‭ ‬ليشمل‭ ‬التقنيات‭ ‬الناشئة‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬الفضاء‭ ‬المتطورة،‭ ‬والدفاع‭ ‬ضد‭ ‬الصواريخ‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭. ‬
التوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتعلم‭ ‬الآلي،‭ ‬والطاقة‭ ‬الموجهة‭ ‬والحوسبة‭ ‬الكمومية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التسليح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬التطوير‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأسلحة‭ ‬المسيَّرة‭ ‬الجوية‭ ‬والبرية‭ ‬والبحرية،‭ ‬والتنافس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السيطرة‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬مخاطر‭ ‬أمنية‭ ‬جديدة‭ ‬يتعرَّض‭ ‬لها‭ ‬الأمن‭ ‬الآسيوي‭.‬
 
في‭ ‬إطار‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأسلحة‭ ‬ذات‭ ‬التقنيات‭ ‬العالية،‭ ‬اقترحت‭ ‬اليابان‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬سلاح‭ ‬كهرومغناطيسي‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬صواريخ‭ ‬العدو‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬كما‭ ‬قررت‭ ‬طوكيو‭ ‬تطوير‭ ‬المدافع‭ ‬الكهرومغناطيسية‭ ‬ردًّا‭ ‬على‭ ‬مخاوفها‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬الصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الروسي‭. ‬
التسابق‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬الوحدات‭ ‬البحرية‭ ‬والقدرات‭ ‬الصاروخية،‭ ‬ويمثل‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الصينية‭ ‬نموذجًا‭ ‬مهمًّا؛‭ ‬حيث‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬حاملات‭ ‬طائرات‭ ‬متطورة،‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬تعمل‭ ‬بالوقود‭ ‬السائل‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬بحرية‭ ‬لتوسيع‭ ‬خيارات‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاءها‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬إلى‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭.‬
 
خامسًا‭: ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬
أدى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬تزايُد‭ ‬احتمالات‭ ‬تعرُّض‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تحقق‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالات؛‭ ‬حيث‭ ‬تُعد‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬نشاطًا‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬أدوات‭ ‬وأسلحة‭ ‬الحرب‭ ‬السيبرانية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬صراعاتها‭.‬
وختامًا،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬تقدَّم‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬ضمَّت‭ ‬الأمن‭ ‬بمفهومه‭ ‬الشامل،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬علاقات‭ ‬الاعتماد‭ ‬المتبادل‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬وارتباطها‭ ‬بطبيعة‭ ‬التحولات‭ ‬الجذرية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬بفعل‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتسارع‭ ‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬القوة،‭ ‬والأهمية‭ ‬النسبية‭ ‬المتزايدة‭ ‬للقارة‭ ‬الآسيوية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭.‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره