مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-09-04

تطبيقات زايد .. وركائز دعم الإستقرار بالشرق الأوسط

يأتى التوافق الوطني على شخص سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإنتخابة رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، تأسيساً على مُجمل تحركاته الداخلية والخارجية الرامية لتعزيز أركان الوطن وضمان إستقرار الإقليم، وذلك إنطلاقاً من عدد من الثوابت السياسية ذات الإرتباط الوثيق بمحددات «النموذج الإماراتي»، والمتمثلة في:   
 
بقلم: د. إيمان زهران 
 
 
وحدة «البناء الخليجي»: وذلك عبر تعميق السياسات الإندماجية، والبناء على الأبعاد الجيوسياسية والديموغرافية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحجم إتصالاتها المباشرة وغير المباشرة مع دول الجوار. 
 
التمسك بمبدأ «التضامن العربي»: وذلك على كافة المستويات السياسية والأمنية والتنموية والاقتصادية والإنسانية، وبما يتناسب بالتغير القائم بكافة المعادلات التفاعليه بإقليم الشرق الأوسط، وما ترنو إليه القوى الدولية بتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة، وأجنداتها المتباينة والمتشابكة والمتقاطعة مع المصالح الوطنية بدول المنطقة.    
الإعلاء من «القيم الإنسانية»: وذلك عبر اعتماد قيم السلم والتسامح والتضامن كمعايير دبلوماسية ناجعة، والتوازن في المواقف الدولية عبر رفض العدوان المباشر، ورفض التدخل الخارجي غير المشروع، ونبذ منهاجية العنف المسلح في حسم الصراعات الدولية، فضلا عن رفض سياسات الإنحياز والتبعية السلبية.
 
 
تأسيسا على ذلك، تأتى «تطبيقات زايد الوطنية» لموازنة عدد من الإختلالات الراهنة بالمنطقة، أبرزها: عودة الصراع الجيوسياسي إلى الخارطة العالمية، وتفكك النظام الإقليمي العربي جراء موجات التغير الراديكالي في العشرية الماضية، وبروز إشكالية «الدول المنهارة/ الفاشلة»، وصعود المليشيات المؤدلجة والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة بمحركات السياسات العربية، فضلا عن تزايد مخاطر الاختراق الخارجي للأمن الإقليمي العربي، بالتوازى مع الإنحسار التنموي والتردي الاقتصادي لأغلب دول المنطقة. 
 
 
تطبيقات زايد:  
عمد سمو الشيخ «محمد بن زايد» - رئيس الدولة - إلى تبنى نهج دبلوماسي يتوافق مع ركائز ومحددات «النموذج الإماراتي» السالف ذكرها، وبالبناء على ذلك، فقد تلخصت تطبيقات «زايد» بالنظر إلى المحددات التالية:  
 
 
شراكات نوعية: ويُعرف ذلك النمط بكونه الأكثر مرونة وتنوع، فبالنظر للرؤية الحاكمة لتحركات سمو الشيخ محمد بن زايد، نجد أنه قد عمد إلى تطوير «فلسفة الدبلوماسية الخارجية» إلى محورين:
الأول - الدبلوماسية المرنة: حيث تتمثل في موازنه التصورات الواقعية لمختلف تفاعلات المعادلات الاقليمية والدولية، فقد انتفت صفة «ثبات التحالفات»، ليظهر ما يُعرف بـ «تنوع الشراكات»، والإنفتاح الإيجابي على مختلف الاقطاب التقليدية والصاعدة. فضلا عن تطويع عناصر «القوة الذكية الإماراتية» في توطيد الدور الدبلوماسى بمختلف التحركات الخارجية والتى تنطوى بالمقام الأول على «هندسة إستقرار الإقليم العربي».  
 
 
الثاني - الدبلوماسية الإنسانية: ينطلق ذلك المحور على مجمل الخيارات المُجتمعية، والإنسانية، والحضارية التى ترسخ لها دولة الإمارات العربية المتحدة في توجهاتها الداخلية، ودشن من خلالها سمو الشيخ محمد بن زايد كافة تصوراته وتحركاته في الشؤون الخارجية القائمة على ثقافة التعددية والتسامح وإرساء السلام، وهو ما تم ترجمته بـ «وثيقة الإخوة الانسانية» والتى تم توقيعها من جانب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب- شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس- بابا الكنيسة الكاثوليكية، وذلك بدولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير2020.   
 
  
وحدة الصف: عبر دعم كافة محاولات التضامن العربي، وإخماد الفتن وإطفاء النزاعات، والسعي إلى المصالحات العربية والاقليمية، وإنجاز متطلبات السلام الشرق أوسطي، والحرص على إستمرار تدفق المصالح الخليجية والعربية في ما بينها لتحصين المنطقة من أية محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار، وهو ما يُفسر «نهج زايد» نحو الإعلاء من «دبلوماسية القمم» كإحدى الخطوات الناجعة لرأب الصدع بالمنطقة، وإعادة البناء العربي، وتوحيد أجنداته.  
 
 
مجابهة التحديات: لا يتعلق الأمر فقط بالتحديات الأمنية والتي بدأت أن تلوح بالأفق مع بداية الحراك الإجتماعي العربي في 2011، وما خلفة ذلك من فوضى سياسة في عدد من الدول المأزمة بالمنطقة، مثل اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وهو ما تسعى دولة الإمارات لإنهائه عبر عدد من المبادرات التوافقية عربياً لإنجاز متطلبات التسوية السياسية، والعبور الأمن بتلك الدول نحو إعادة البناء المؤسسي. كذلك من أبرز التحديات التى يسعى سمو الشيخ محمد بن زايد لمواجهتها، ما يتعلق بالإنعكاسات السلبية على الشرق الأوسط جراء تدهور حركة التجارة العالمية، وإضطراب سلاسل التوريد، وتخبط السياسات النقدية، وموازنة التهديدات غير التقليدية مثل التهديدات الايكولوجية والبيئية كالتغيرات المناخية، ومجابهه الأوبئة كجائحة كورونا، وهو ما دفع نحو تعزيز أنماط العمل الجماعي والتنسيق العربي وفقا لمبدأ «المسؤولية المشتركة». 
 
 
 تحركات قائمة:  
عقب مراحل التأسيس والتمكين بعهد الآباء المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة، تأتى مرحلة «الإنطلاق للمستقبل» مع تولى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئاسة الدولة، للبناء على ما تم إنجازة، وذلك بالنظر إلى «خارطة الطريق» والتي يمكن الإستدلال على ملامحها بتحليل مضمون خطاب سمو الشيخ محمد بن زايد خلال القمة العالمية للحكومات في عام 2015، حيث ترسم الخطوط العريضة لبناء «إمارات المستقبل» عبر نموذج اقتصادي وتنموي أكثر مرونة واستدامة قوامه الإستثمار في المعرفة والابتكار والإبداع. ليخدم بشكل تام خارطة التحركات الخارجية إنطلاقاً من مبدأ “المسؤولية المشتركة”، والتي تُبنى على عدد من الإلتزامات السياسية تم صياغتها وفقا للمضامين الرئسية لـ»وثيقة الخمسين الثانية» والرامية لتحقيق الريادة العالمية بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الدولة في عام 2071، حيث:  
  • قيام دولة الإمارات على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوة الإنسانية، واحترام الهوية الوطنية.
  • دعم دولة الإمارات - عبر سياستها الخارجية - لكافة المبادرات والتعهدات، ودعم المنظمات الدولية الداعية للسلم والأخوة الإنسانية.
  • الإلتزام خارجياً بالدعوة لإقرار السلام، والمفاوضات السياسية، والحوار السلمي لحل كافة الخلافات.
  • السعي مع الشركاء الإقليميين والدوليين لترسيخ ركائز السلام والاستقرار الإقليمي.   
وإنطلاقا من ذلك، تأتى تحركات «بن زايد» لتُشكل تحديا لإعادة دعم متطلبات الإستقرار بالمنطقة، حيث منها:   
إنتهاج آلية “دبلوماسية القمم”: يسعى الشيخ زايد ضمن تطبيقاته إلى إنتهاج نمط “دبلوماسية القمم”، وذلك عبر إعادة ترسيم الحراك السياسي والدبلوماسي الإماراتي، لحلحلة الأزمات العربية والاقليمية، والبحث عن حلول نوعية لها بما يسهم في دعم أمن واستقرار المنطقة. وهو ما تم إنجازة بالنظر إلى مجمل القمم واللقاءات الثنائية والمشتركة مع كافة قادة الدول العربية، والتى أخرها مشاركه الشيخ زايد بالقمة الخماسية العربية بمدينة العلمين بالقاهرة – أغسطس 2022. 
 
 
الدفع بأوراق “إعادة الإعمار”: حيث سعت الإمارات العربية المتحدة لتعزيز مختلف برامجها لإنجاز تعهداتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية التى تضمنتها “وثيقة الخمسين” للعديد من الدول النامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية، فضلا عن مساهمتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام، وحماية السكان المدنيين، وإعادة الإعمار في المناطق بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع مختلف الأطراف المحلية والاقليمية والدولية بما يرنو لدعم السلام والإستقرار بالمنطقة .  
 
 
صناعة  «العلامة الوطنية»: وهى إحدى الأهداف المتضمنة لأجندة التحركات الخارجية لسمو الشيخ محمد بن زايد، وهو ما يتعلق بالترويج للعلامة الوطنية Nation Brand  لدولة الإمارات العربية المتحدة – كنموذج عالمي حداثي- تمتزج خلاله أطر الأصالة والمعاصرة بمختلف أنشطة المستويات السياسية والاقتصادية والإجتماعية والإمنية والثقافية والمؤسساتية.
 
 
توظيف أدوات «القوة الذكية»: تُبنى تلك النقطة على التنوع في توظيف أدوات القوة الصلبة، والقوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تنتهج الدولة الوطنية سياسة خارجية ديناميكية، وأكثر فاعلية، وسلوكا نشطا إزاء بيئتها الإقليمية ذات الإضطرابات السياسية والأمنية.وذلك عبر التوظيف المرن لأدوات القوة الذكية، فعلى سبيل المثال:  نجحت دولة الإمارات في توظيف مقدراتها العسكرية في دعم الاستقرار الإقليمي، وتأييد الشرعية الدولية، وتأكيد أو تعزيز تحالفاتها – جنبا إلى جنب – مع توظيف أحد أهم أدوات قواتها الناعمة والمتمثلة في “جاذبية النموذج”، والمتمثل في نجاح ثلاثية: “الاتحاد السياسي، والاقتصاد التنموي، والتعدد الثقافي”، فضلا عن تعزيز آلية الدبلوماسية الإنسانية، ودبلوماسية المبادرات، وحصار الخصوم. 
 
 
إعتماد إستراتيجية «تصفير المشاكل»: فبالنظر إلى المبادى التى تنطويها “وثيقة الخمسين”، وتحركات ما بعد المصالحة الخليجية في قمة العُلا بالرياض في يناير 2021، فضلا عن استيعاب التغيرات الاستراتيجية في المنطقة مع تصاعد قوى آخرى ذات تأثير ملموس مثل إسرائيل وتركيا، والتعاطي معها بمرونة وثبات وفاعلية وجرأة أهلتها لشغل مقعداً غير دائم في مجلس الأمن، تستطيع من خلاله دولة الإمارات العربية المتحدة عرض ملفات الشرق الأوسط بالأورقة الدولية، وفي مقدمتها الملفات المأزومة سياسياً وأمنياً في كل من: سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى التطورات المتواصلة بالقضية الفلسطينية.    
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره