مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-05-01

تقنيات تحرك الأسلحة البحرية بسرعة فائقة تحت سطح الماء

بات من الواضح أكثر فأكثر مؤخراً أن القوى البحرية الكبرى في العالم تطور تقنيات، لم يكتب حولها إلا النزر اليسير، لبناء ترسانات بحرية كاملة، تشتمل على أسلحة وأساطيل مبتكرة، تحت مائية، قادرة على التحرك بسرعات لم يسبق لها مثيل، وهذه التقنيات تسمح للأسلحة وللقطع البحرية بأن تشق طريقها تحت سطح الماء، بسرعة تصل إلى مئات الأميال في الساعة، بل وتتجاوز سرعة الصوت في الماء، أحياناً، بينما التقنيات التقليدية تسمح بالحركة تحت سطح الماء بسرعة لا تزيد على 80 ميلاً في الساعة.
وقد تمثل هذه التقنية قفزة كبيرة في الحرب البحرية، وهي تماثل- إلى حد ما- الانتقال من الطائرات العمودية إلى الطائرات النفاثة، بل وحتى إلى الصواريخ والقذائف. ومما لا شك فيه أنه ينبغي التغلب على تحديات كثيرة ذات شأن تتعدى الأمور التقنية قبل أن تصبح أي من تقانات الجيل القادم هذه حقيقة واقعة.
 
إعداد: د. شريف علي محمد
 
فكرة التقنية الجديدة
بالرغم من أنه لم ينشر الكثير عن التقنية الجديدة، فإن القدرة على الوصول إلى السرعات العالية للتحرك تحت الماء تعتمد على ظاهرة فيزيائية من ظواهر حركة السوائل، تعرف باسم "التكهف الفائق" Supercavitation، وهي عبارة عن تحول السائل من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، وهي ظاهرة تحدث عندما تتكون فقاقيع من بخار الماء عند حافات الأجسام المغمورة في ماء سريع الجريان، وتكمن الفكرة هنا في إحاطة الجسم المتحرك بغلاف متجدد من الغاز، بحيث لا يبلل الماء إلا جزءاً صغيراً من سطح الجسم، الأمر الذي يخفف من قوة السحب اللزج Viscous Drag.
ويتطلب دفع جسم ما في الماء جهداً ملحوظاً، وهذا ما يلمسه كل سباح، ويزداد الأمر صعوبة كلما حاولنا الانطلاق بسرعة أكبر لأن الاحتكاك بالسطح يزداد بازدياد السرعة، كما أن السباحة تحت الماء تماماً تغدو أكثر صعوبة، لأن الماء يولد مقاومة سحب تزيد 1000 مرة عن قوة السحب التي يولدها الهواء للأجسام التي تتحرك فيه. لذلك، يجتهد مهندسو البحرية في معالجة هذه المسائل المعروفة منذ القدم عن طريق تصميم هياكل انسيابية لتخفيض قوة السحب الاحتكاكي للماء، وتزويد السفن بمحركات ذات قدرة عالية لشق طريقها عبر الأمواج. ومن ثم، فقد يفاجأون إذا علموا أن العلماء والمهندسين اكتشفوا أسلوباً آخر للتغلب على قوة السحب اللزج يمكنهم من شق الطريق في الماء بسرعات عالية.
 
وبناء على ذلك، فإن الفكرة تكمن عموماً في تخفيض مساحة السطح المبلل من الجسم المتحرك في الماء عن طريق إحاطته بفقاعة غازية، منخفضة الكثافة. فعندما يتحرك سائل بسرعة حول جسم ما، ينخفض الضغط في تدفق السائل، ولا سيما عند نهايات الجسم، وبازدياد السرعة، يبلغ الضغط في التدفق نقطة يتساوى فيها مع ضغط بخار الماء، وعندئذ، يتحول السائل إلى غاز، أي بخار ماء. وبعبارة أخرى، فإن عدم وجود الضغط الكافي لإحداث تماسك جزيئات الماء معا يجعل هذه الجزيئات تتفكك إلى غاز. وفي ظروف معينة، ولا سيما عند الحافات الحادة، يمكن أن يشتمل التدفق Cavitation على تكهفات ذات ضغط ثابت تقريباً، مملوءة ببخار الماء، تجر وراءها الهواء، وهذا ما يطلق عليه اسم "التكهف الطبيعي" Natural Cavitation. ويتخذ التكهف الشكل الضروري للحفاظ على شروط الضغط الثابت عند حدوده، وهي الحدود التي ترتبط وتتحدد تماماً بالجسم الذي يولدها، إضافة إلى ضغط التكهف وقوة الجاذبية. ويحاول مهندسو البحرية تجنب حدوث التكهف لأن وجوده يمكن أن يولد اضطراباً في تدفق الماء، فيؤدي إلى تخفيض فاعلية المضخات والتوربينات وسطوح الانسياب المائي Hydrofoils والدواسر Propellers، وقد يؤدي أيضاً إلى حدوث موجات صدم عنيفة، ناجمة عن سرعة انهيار الفقاقيع، تتسبب في تنقر السطوح المعدنية وتآكلها.
 
إن مركبات التكهف الفائق يمكن أن تكون خفيفة، سريعة الحركة، لو أحسن تنسيق سطوح التحكم فيها، فإذا عملت نظم التحكم في مقدمة السلاح ومؤخرته بحيث تجاري مؤخرة السلاح ما تقوم به مقدمته، أمكن الوصول إلى انعطافات سريعة جداً. وثمة نقطة مهمة تتعلق بمركبات التكهف الفائق المستقبلية، وهي أن انتقالات الأجسام تحت الماء من الطور الطبيعي للحركة إلى طور التكهف الفائق والخروج منه يمكن تحقيقها عن طريق تهوية اصطناعية جزئية للتكهف، وذلك بهدف الحفاظ على التكهف، أو توسيعه أثناء تحولات السرعة. وهكذا، يمكن "نفخ" تكهف طبيعي صغير متشكل في مقدمة الجسم (عند سرعات منخفضة) ليغدو أكبر حجماً، بحيث يغلف كامل الجسم المتحرك. وبالمقابل، يمكن تخفيف مناورات الكبح بوساطة توسيع الفقاعة، عن طريق حقنها بغازات، ومن ثم، تخفيض حجمها ببطء، الأمر الذي يخفف من سرعة الجسم.
 
الطوربيد التكهفي
الطوربيد التكهفي (يسمى أيضاً الطوربيد التجوفي) Supercavitation Torpedo هو سلاح بحري ذو سرعة عالية جداً، تجعل مسألة مقاومته والقيام بمناورات مضادة له أمراً صعباً بالنسبة للغواصات والسفن المعادية. وفكرة هذا الطوربيد هو أن نجعل الطوربيد يتحرك في وسط هالة أو فقاعة التجوف، أي في وسط محيط غازي بدلاً من أن يتحرك في وسط سائل حيث أن مقاومة الماء للحركة أكبر بـ 55 مرة من مقاومة الهواء لها، لذلك، فإنه لو تمكنا من جعل الطوربيد يتحرك في وسط غازي تحت الماء فإنه يمكن تقريباً الوصول إلى سرعة 55 ضعف سرعة الطوربيد العادي. وللوصول إلى حل هذه المشكلة فإن المهندسين طرحوا فكرتين: الأولى، هي أن يكون الطوربيد سريع إلى درجة تكون تكهف في رأس الطوربيد يتوسع إلى أن يضم كامل الطوربيد، والثانية، هي تحميل الطوربيد بالغاز الذي ينفثه أثناء حركته بطريقة تجعل الطوربيد يتحرك داخل ما يمكن اعتباره تكهف اصطناعي. وبالنسبة للحل الأول، فإنه غير ملائم للطوربيدات نظراً لكبر حجمها وللسرعة العالية، وبالتالي، الطاقة العالية التي نحتاجها لصنع التكهف، إلا أن أبحاثاً ما تزال جارية على نوع من الرصاصات صغيرة الحجم. لذلك، تم استعمال أو تبني الحل الثاني، وهو تحميل غاز في الطوربيد لإنشاء التكهف.
المشكلة التالية التي تعترض المهندسين هي كيف يمكن توجيه الطوربيد وجعله يسير دائماً داخل التجوف، حيث أن خروج الطوربيد عن التكهف قد يسبب تلفه أو انحرافه عن مساره. أما عن التسيير، فبعض المهندسين يرون الحل في رأس طوربيد متحرك يكون هو منبع التكهف، وبتحريكه، يمكن توجيه التكهف.
 
الطوربيد "العاصفة"
كان هناك على مدى العديد من السنين سلاحاً واحداً على الأقل من الأسلحة التي تعتمد على هذه تقنية "التكهف الفائق". ففي عام 1977، وبعد انقضاء نحو عشر سنوات من البحث والتطوير، أدخلت القوات البحرية السوفييتية- سراً- طوربيداً يعمل بوقود صاروخي أطلقت عليه اسم "شكفال" Shkval (كلمة روسية تعني "العاصفة") باستطاعته أن "يطير" عبر الماء بسرعة 230 ميلاً في الساعة، ضمن تجويف غازي مولد ذاتياً. وعلى الرغم من أن هذه القذيفة ذات الرأس النووي تفتقر من بعض الوجوه إلى الإتقان والفاعلية الكاملة، فإن الأخبار التي شاعت عنها في التسعينات من القرن العشرين جعلت القوات الحربية في الدول الغربية تولي هذه التقنية اهتماماً ملحوظاً.
 
ويعد الطوربيد الروسي تحت المائي Shkval نموذجاً عملياً مثالياً لسلاح تكهف فائق، إذ إنه يوضح الأجزاء الرئيسية لتصميم من الجيل الأول. ويشاع أن طول الطوربيد يبلغ 27 قدماً، وأن وزنه 5940 رطلاً، وهو بذلك قذيفة ضخمة، مجهزة بصاروخ في مؤخرتها. ويتكون السلاح عموماً من جسم أسطواني، يضم محركاً صاروخياً يعمل بالوقود الصلب، وينتهي انسيابياً بمخروط يحيط بالرأس الحربي. وتبرز الفتحة العريضة لفوهة الصاروخ من مركز نهايته الخلفية، محاطة بثماني أسطوانات صغيرة، يقال إنها تعمل عمل صواريخ إقلاع صغيرة. وتسمح هذه الأخيرة للطوربيد ببلوغ سرعة تؤدي إلى التكهف الفائق، ومن ثم، يبدأ المحرك الرئيسي بالعمل. ويظن أن الطوربيد يحتضن بين اثنتين من فوهات محرك الإقلاع بكرة سلك توجيه تنحل عند انطلاق الطوربيد باتجاه هدفه في الماء، ويسمح السلك المعلق هذا للعاملين في الغواصة بالتحكم في عمل السلاح وتفجير رأسه الحربي.
ويعتقد الخبراء أن مقدمة الطوربيد تتخذ في الغالب شكل قرص مسطح، ذي مظهر دائري، وهذا هو مولد التكهف الأكثر أهمية، الذي يولد الفجوة الغازية، التي يتحرك ضمنها الطوربيد. ويميل القرص نحو الأمام عند ذروته، الأمر الذي يوفر "زاوية هجوم" لتأمين قوة الرفع المطلوبة لدعم مقدمة الطوربيد. ولابد من أن تكون حافة مولد التكهف حادة كي يكون اضطراب الغاز عند الحدود مع الماء في حده الأدنى. ويوضع خلف مولد التكهف مباشرة عدة قنوات تهوية، تمر عبرها غازات العادم والبخار إلى داخل فقاعة التكهف لتزيد في حجمها. وعند نحو ثلثي المسافة رجوعاً من مقدمة الطوربيد ثمة أربع أسطوانات مائلة باتجاه مؤخرته. ومع أن هذه الأسطوانات الأربع تشبه الزعانف، إلى حد ما، فإن هذه المزالج من شأنها أن تدعم مؤخرة الطوربيد، بأن تسمح له بالارتداد عن السطح الداخلي للتكهف. ويعتقد الخبراء الغربيون أن الطوربيد "شكفال" يتقدم ببطء حول محيط التكهف، بحيث يرتد مراراً عن جداره إبان شقه طريقه إلى الهدف في الماء.
 
ويعد الطوربيد "شكفال" سلاحاً لم يكتمل تطوره بعد، إذ لا يمكنه الانطلاق إلا وفق خط مستقيم، ولابد للطوربيدات المستقبلية من أن تصمم بحيث يمكنها المناورة في الماء. وبالطبع، يمكن توجيه الطوربيد باستخدام سطوح توجيه تخترق التكهف، مثل الزعانف ومنظومات توجيه الدفع، وهي مجرد فتحات توجيه لنفثات العادم، ولابد هنا من اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة للإبقاء على الطوربيد ضمن التكهف أثناء الانعطافات، إذ إن خروجه منه يجعله يرتطم بجدار الماء المحدق به، ومن ثم، تحطمه تماماً، كما تتحطم علبة شراب بارد تعرضت للضغط.
 
نظم الدفع المتطورة
تعتمد معظم تجهيزات التكهف الفائق، المستقلة ذاتياً، على محركات صاروخية لتوليد الدفع اللازم لها، بيد أن صواريخ الدفع التقليدية لا تخلو من بعض المساوئ، فهي ذات مدى محدود، كما أن قوة الدفع التي تقدمها تتناقص بازدياد الضغط تحت سطح الماء مع ازدياد العمق، وتجري معالجة المشكلة الأولى باستخدام تقانة جديدة لتوليد الطاقة عالية الكثافة، ويمكن التغلب على المشكلة الأخرى باستخدام تقانة الداسر، ذي التكهف الفائق. ويتطلب بلوغ جسم سرعة حد التكهف الفائق طاقة هائلة، ولبلوغ المدى الأقصى باستخدام الصواريخ، عليك أن تحرق وقوداً ذا كثافة طاقة عالية، وذلك لتوفير الدفع النوعي الأقصى.
ويقدر الباحثون أن محركاً صاروخياً مثالياً يعمل بالوقود الصلب يمكنه أن يحقق مدى يبلغ عدة عشرات من الكيلومترات، وسرعة ربما تبلغ 200 متراً في الثانية. وبدراسة نظم دفع تعتمد على محركات الديزل والمحركات الكهربائية ومحطات الطاقة النووية والتوربينات الغازية، استنتج الباحثون أن التوربينات الغازية ذات المردود العالي، ونظم الدفع النفاث التي تستهلك وقوداً معدنياً (كالألمنيوم أو المنجنيز أو الليثيوم) وتستخدم ماءً محمولاً على متن الجسم ليعمل كمؤكسد للوقود وكمبرد لنواتج الاحتراق، هذه النظم هي وحدها التي تمتلك الإمكانات الحقيقية لدفع وسائط التكهف الفائق لتبلغ سرعتها العالية. 
 
ويعد الألمنيوم، وهو مادة رخيصة الثمن نسبياً، أكثر المعادن المذكورة توليداً للطاقة، فهو يولد حرارة تفاعل تبلغ 10600 درجة مئوية، وبالإمكان تسريع التفاعل عن طريق صهر المعدن واستخدام بخار الماء. ففي تصميم مقترح لمحطة لتوليد الطاقة، تستخدم الحرارة المتولدة في حجرة الاحتراق لصهر صفائح الألمنيوم عند الدرجة 675 مئوية، ولتبخير ماء البحر في الوقت ذاته، ومن ثم، تدير نواتج الاحتراق دواسر توربينية الدفع. وقد جرى تطوير نظام من هذا القبيل في روسيا، وفقاً لما تذكره وسائط الإعلام هناك. وللولايات المتحدة الأمريكية خبرة في هذا المجال كذلك، فالباحثون الأمريكيون يعملون على تطوير نظام يحرق الألمنيوم لتوليد نفاث تضاغطي مائي Water ramjet، كمصدر طاقة إضافي للقطع البحرية الطافية.
 
أنواع الأسلحة المستقبلية
إن قائمة الأسلحة والقطع البحرية التي قد يتم تطويرها بالاعتماد على هذه التقنية واسعة ومدهشة، فهي تشتمل على طلقات تحت مائية، فائقة السرعة، تستهدف الألغام والطوربيدات الموجهة، والقوارب، بل وحتى الطائرات والعموديات المحلقة على ارتفاعات منخفضة، وتطلق من حجيرات إطلاق تشبه في شكلها - إلى حد كبير- الأبراج الدوارة، التي استخدمت على متن القاذفات الجوية في الحرب العالمية الثانية. وثمة إمكانات أخرى، كالطوربيدات عالية السرعة، المضادة للسفن وللطوربيدات، إضافة إلى وسائط اشتباك، غير موجهة، متوسطة المدى، وهي أسلحة أكبر حجماً، تستخدم للعمل على وضع نهاية لقتال ينشب بين غواصتين. كما يمكن تصور طائرة تسير على سطح الماء بسرعة فائقة، إضافة إلى قذائف تحت مائية، ذات قدرة نووية، مصممة لتحييد مجموعات حربية كاملة من حاملات الطائرات.
ويمكن استعمال طوربيدات أو صواريخ موجهة، بعيدة المدى، ومتعددة المراحل، ومزودة برؤوس نووية، ورخيصة الكلفة نسبياً، قد تثبت فعاليتها ضد منظومات الدفاع الصاروخي المستقبلي، ويمكن لهذه الطوربيدات أو الصواريخ أن تطلق من مسافة عدة أميال، وهي تحت سطح الماء تماماً، ثم تبرز من مياه الشاطئ قريباً من أهدافها، وتلقي بأحمالها الفتاكة، قبل أن يكون بإمكان الدفاعات الجوية أو الفضائية الرد عليها.
 
ومع أن بحوث التكهف الفائق في الولايات المتحدة الأمريكية تركزت في الماضي على تطوير الدواسر عالية السرعة، وسطوح الانسياب المائية، فقد آثرت البحرية الأمريكية فيما بعد الاهتمام بتقانات تحت مائية أخرى، ولاسيما تلك المتعلقة بعمليات التسلل والتخفي، بدلاً من قدرات التحرك بسرعة عالية، ونتيجة لهذا، فإن البحرية الأمريكية لا تمتلك حالياً أسلحة التكهف الفائق. وتتولى إدارة بحوث أسلحة التكهف الفائق في الولايات المتحدة دائرة البحوث البحرية، التي ينحصر اهتمامها في تطوير مجموعتين من الأسلحة التي تعتمد تقانات التكهف الفائق، هما القذائف والطوربيدات. وتتمثل الطائفة الأولى منهما بقذائف "نظام إزالة ألغام سريع محمول جواً" تعرف اختصاراً باسم Rapid Airborne Mine Clearance System: RAMICS ستجهز بها العموديات، بهدف تدمير الألغام البحرية السطحية أو القريبة من السطح، وذلك بإطلاق قذائف التكهف الفائق عليها. والقذائف من هذا النوع من عيار 20 مم، وهي ذات مقدمة منبسطة، ومصممة للتحرك في الهواء وفى الماء بحركة مستقرة، وتطلق من مدفع إطلاق سريع معدل، ومجهز بنظام تسديد متطور، ومن المتوقع تطوير هذا النوع من القذائف ليغدو من عيار 30 مم. كذلك، تدرس البحرية الأمريكية إمكان نشر نظام "راميكس" سطحي قصير المدى، يكون محمولاً على متن السفن، وقادراً على تدمير الطوربيدات.
 
وتكمن الخطوة التالية في تقانة قذائف التكهف الفائق في بناء نظام إطلاق تحت سطحي كامل، يستخدم ذخيرة تحت مائية، عالية السرعة، وقابلة للتكيف Adaptable High Speed Undersea Munitions: AHSUM. ويمكن أن تأخذ هذه الذخيرة شكل طلقات تكهف فائق، قادرة على شل حركة الأهداف المعادية، وتطلق من مدافع، مركبة على أبراج انسيابية، تجهز بها هياكل الغواصات أو القطع البحرية الطافية على السطح، أو المزالج المقطورة، المضادة للألغام البحرية، ويؤمل أن يكون هذا النظام الموجه بالسونار، المكافئ تحت المائي لنظام أسلحة Phalanx، الذي تستعمله البحرية الأمريكية، وهو مدفع سريع الطلقات، يتم التحكم به بالرادار، ويستخدم لحماية القطع البحرية السطحية من القذائف الطوافة Cruise المهاجمة.
 
أما الصنف الثاني من أسلحة تقانة التكهف الفائق، الذي تهتم به دائرة بحوث البحرية الأمريكية، فهو طوربيد، تبلغ سرعته 200 عقدة، لكن ثمة عقبات تقنية تعترض طريق الوصول إلى النموذج المرغوب، ولا سيما في الأمور المتصلة بالإطلاق، وديناميكا السوائل، والصوتيات، والتوجيه، والتحكم، والدفع. وفيما يتصل بديناميكا السوائل المتعلقة بالطوربيد، والعمل الذي ينجز حالياً بشأنها، فإنه يجرى محاكاة الظروف التي سيعمل فيها الطوربيد، حيث يوجد ماء وغاز معاً، لمعرفة دور الماء، وشكل التجويف الغازي، وكيفية التأكد من أن التجويف الغازي يحيط بالجسم في جميع الأوقات. وتجدر الإشارة إلى أنه ما إن يتصدع التجويف حتى تزداد مساحة السطح المبلل، وتنخفض السرعة على نحو سريع جداً.
 
مخاوف مستقبلية
بصرف النظر عما تخفيه السنوات القادمة لأسلحة التكهف الفائق فإن هذا النوع من السلاح أقض مضاجع الأوساط العسكرية والاستخباراتية في العالم، إذ يبدو أنه حثها بالفعل على إعادة النظر في استراتيجياتها البحرية. وعلى سبيل المثال، فلدى انتشار نبأ طوربيد "شكفال"، ثار جدال حول الغاية من هذا السلاح، وقالت بعض مراكز الاستخبارات الغربية، إنه طور ليسمح للغواصات السوفييتية ذات التقانة المتدنية، والمجهزة بمحركات ديزل عالية الضجيج بالرد إذا ما هوجمت فجأة من الغواصات الأمريكية، ذات الضجيج المنخفض، القابعة قريباً منها، إذ إن سماع الدواسر لطوربيد تقليدي قادم قد يؤدي إلى إطلاق طوربيد "شكفال" لإجبار الطوربيد المهاجم على الهرب، وهو ما قد يؤدي إلى قطع سلك توجيهه.
 
وتدعي مصادر غربية بأن طوربيد "شكفال" هو سلاح قاتل للغواصات، خاصة إذا جهز برأس نووي حربي تكتيكي، وأنه في الحقيقة سلاح هجومي مصمم لتفجير عبوة نووية في مجموعة سفن، ومن ثم، القضاء على أسطول حربي بأكمله. وإذا ما نشبت حرب نووية فيمكن توجيه السلاح نحو ميناء، أو نحو هدف ساحلي، وبالنظر إلى عدم وجود إجراءات مضادة معروفة لهذا النوع من الأسلحة، فإن استعماله سيكون ذا تأثير كبير في العمليات الحربية البحرية المستقبلية، سواء كانت هذه العمليات تجري فوق سطح الماء، أو تحته، كما يمكنه أن يضع القوى البحرية الغربية في مأزق حقيقي.
 
وفي السنوات الأخيرة، عرضت روسيا طوربيد "شكفال" للبيع علناً في معرضين دوليين للأسلحة، وهو تطور أزعج البنتاجون بدرجة كبيرة، ونشر تقرير مفاده أن الصين ابتاعت نحو 40 طوربيد "شكفال" من كازاخستان، الأمر الذي يزيد من إمكانية تهديد بكين للقوى البحرية الأمريكية في أي مواجهة حربية مستقبلية في مضيق تايوان. وقد تلقت أجهزة الاستخبارات الأمريكية عدة مؤشرات على أن الروس يعملون على تطوير طراز من طوربيد "شكفال" يكون أطول مدى بكثير.
 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره