مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-02-01

تنـوع وسائل وتقنيات الاستطلاع في الجيوش العصرية

يعتبر الاستطلاع مصدراً من مصادر جمع المعلومات عن العدو ومواقعه وتحركاته ونواياه، وتدقيقها مع مصادر المعلومات الأخرى التي ترد إلى القيادات العسكرية للمساعدة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، دون التعرض لمفاجآت، وكان الاستطلاع على مر العصور من أهم التدابير القتالية التي تعتمد عليها القوات المسلحة لكشف نوايا العدو وقدراته وأماكن تجمعه، بغية إعداد الخطط الملائمة لخط سير المعركة، ودخول الحرب دون معلومات استطلاع يعد من قبيل المغامرة والمخاطرة، فالاستطلاع يتيح المعلومات الأساسية لوضع الخطط واتخاذ القرارات، وفي نفس الوقت، فإنه يقلل من احتمالات التعامل مع المجهول.
 
إعداد: د. شريف علي محمد
 
هناك العديد من وسائل الاستطلاع الحديثة، التي تلعب دوراً هاماً في توفير المعلومات، فقد تطورت الأقمار الصناعية، حيث بلغت الصور والمعلومات الواردة منها حداً فائقاً من الجودة والدقة لم تبلغها من قبل‏،‏ والرادارات يمكنها كشف التحركات المعادية فوق مساحة شاسعة من الأرض‏،‏ وتم تزويد أغلب الأسلحة بمستشعرات‏، تستطيع الحصول على معلومات دقيقه عن ميدان الصراع‏، إلى جانب أدوات أخرى كالتصوير الجوي، والطائرات غير المأهولة‏.‏ 
وهذه الوسائل تستخدم في أغلب الأحوال لجمع المعلومات من خارج نطاق البنية الأساسية المعلوماتية للعدو، والمتمثلة في شبكات الاتصالات والمعلومات،‏‏ وقواعد البيانات‏، ونظم المعلومات‏،‏ والتحكم والسيطرة‏،‏ لأن جمع المعلومات من داخل هذه البنية يحتاج إلى أدوات مختلفة ومستحدثة، تناسب طبيعتها كفضاء إلكتروني تتدفق من خلاله المعلومات في اتجاهات شتى.
ولقد أدى التقدم التكنولوجي في نظم الاستطلاع إلى تعقيد السباق بين الدول في الحصول على المعلومات، وكان لذلك أثره الواضح على شكل المنظومة العامة للاستطلاع التي أصبحت تشتمل على وسائل فنية، من مستشعرات، ومنصات حاملة، ووصلات نقل بيانات، علاوة على مراكز للمعالجة الإشارية والمعلوماتية.
 
وأدى احتدام التباري بين الدول في الحصول على المعلومات إلى استغلال التقدم التكنولوجي في اتجاهين متضادين: الأول، يعمل على رفع كفاءة أداء منظومة الاستطلاع، والثاني يعمل على إعاقة العدو عن قيامه بعمليات الاستطلاع، فبفضل هذا التقدم تنوعت المستشعرات من كاميرات بصرية أو تلفزيونية أو حرارية، إلى أجهزة استطلاع اليكتروني أو لاسلكي، ومن أجهزة رادار أو سونار، إلى مستشعرات سيزمية، وأمكن جعلها فائقة الحساسية، مع قابليتها للمواءمة من حيث الحجم، والوزن، والقدرة الكهربية المطلوبة، والحدود المسموح بها لحرية حركتها.
ويمكن تنفيذ الاستطلاع بالعناصر البشرية، ويعني ذلك التجسس في أوقات الحرب والسلم بواسطة العملاء، سواء كان هذا التجسس على العدو أو على الحلفاء (في بعض الأحيان).
أما الاستطلاع التصويري فيتم من خلال الصور الفوتوغرافية، والتصوير بالأشعة تحت الحمراء للأهداف العسكرية، والوسائل الرئيسة المستخدمة هنا هي طائرات الإنذار، والمستشعرات الفضائية التي تغطي مساحات كبيرة لها قيمة إستراتيجية أو تكتيكية، ويمكن لهذه الوسائل أن تكتشف أي تغيرات تحدث خلال فترة زمنية محددة، وغالباً ما تستعين وسائل الاستطلاع التصويري بالعناصر البشرية التي تحدد المناطق ذات الأهمية الخاصة.
 
تكامل تقنيات الاستطلاع 
تنوعت تقنيات الاستطلاع لتحقيق التكامل فيما بينها، فمنها الاستطلاع الفوتوغرافي الذي يستخدم في العمل النهاري، ويقوم بتوفير المعلومات الضرورية للقوات قبل بدء المعركة، أما الاستطلاع التليفزيوني فينقل المعلومات فورياً إلى المراكز الأرضية، والاستطلاع الراداري يمكنه تحقيق المدى المطلوب إذا كان استطلاعاً جوياً، كما أنه يحقق قدرة في مجال إكتشاف الأهداف الأرضية، ويستخدم الاستطلاع الراداري المائل لاستطلاع الأهداف ومسرح العمليات، وهو يوفر قدرة تمييز عالية للأهداف الأرضية المتحركة والثابتة، دون الدخول في عمق دفاعات العدو. 
والرادارات الحديثة الجاري تطويرها، كنظم كشف الأهداف خلف الأفق، والتي تعتمد على استخدام موجات التردد العالي التي تنعكس على طبقة الغلاف الجوي لالتقاط الأهداف خلف مدى البصر، أصبحت من الوسائل بالغة الأهمية في نظم الإنذار، والتي سوف يكون لها تأثير كبير في المعركة الحديثة في السنوات القادمة.
أما الاستطلاع بالأشعة تحت الحمراء ليلاً، فهو أحد الأنواع الحديثة في مجال الاستطلاع، ومن المنتظر أن يتطور بدرجة كبيرة في المستقبل، فهو يعتمد على التقاط الإشعاع الحراري الناتج من الأهداف، مقارناً بالخلفية المحيطة بهذه الأهداف، وبالتالي يمكن تمييزها بسهولة والتعرف عليها.
 
وصلات البيانات
كان استخدام التصوير التقليدي يتضمن تعطيلاً زمنياً بين الحصول على الصورة وبين معالجة الفيلم وتوزيع البيانات المستقاة منه على القادة في ميدان القتال، وبالتالي لم تكن المعلومات متاحة في ما يعرف اليوم بـ "الوقت الحقيقي "، ومع السيناريوهات العسكرية سريعة الحركة، كثيراً ما تفقد المعلومات قيمتها قبل دخولها في الاستخدام العملي، وجاء التقدم في تخفيض هذا التعطيل الزمني من خلال استخدام التسجيل الالكتروني للصور، وذلك لتحقيق سرعة تفسيرها ونشرها، إلا أن توفرها في الوقت الحقيقي كان لايزال هو الهدف المنشود، وقد تزامن استخدام التقنيات الإلكترونية مع تطور وصلات البيانات المبنية على اللاسلكي، والتي مكنت من الإرسال المباشر للمستخدمين النهائيين، ألا وهم القادة على الأرض.
 
ولقد تطلب التطور في المنصات الحاملة للمستشعرات إحداث تطور مماثل في وصلات نقل البيانات، التي تقوم بإعادة إذاعة الإشارات الملتقطة بعد معالجتها جزئياً إلى مراكز أرضية تقوم بمهام ثلاث، وهي إرسال الأوامر للمنصات الحاملة للتحكم في أوضاعها وأوضاع المستشعرات بها، واستكمال معالجة وتحليل الإشارات المستقبلة لاستخلاص محتواها المعلوماتى، وإرسال المعلومات الواردة من مصادر مختلفة بغرض تدقيق المعلومات، وحذف غير الضروري منها، وتقدير الأهمية، وتحديد أسلوب الاستفادة، ويطلق على المراكز التي تقوم بذلك اسم "مراكز صهر المعلومات".
ومن الآثار السلبية للتطور التكنولوجي في المستشعرات أن التدقيق الهائل للبيانات المطلوب إرسالها بمعدلات وصلات نقل البيانات فرض وضعاً صعباً على تلك الوصلات، من حيث الاضطرار إلى زيادة عرض النطاق الترددي لرفع معدلات الإرسال، وتعارض ذلك مع الاحتفاظ بمعدلات ضئيلة لأخطار الاستقبال ومناعة عالية ضد التدخلات.
 
وللتغلب على ذلك ظهرت تكتيكات تكثيف المعطيات للإشارات قبل إرسالها حتى يمكن خفض معدلات الإرسال، ولنفس السبب أيضاً كان من مهام المراكز الأرضية استكمال معالجة وتحليل الإشارات المستقبلية واستخلاص محتواها المعلوماتي، إذ ينتج عن ذلك تخفيف الطلب على قنوات الاتصال بين تلك المراكز ومركز صهر المعلومات، وذلك بتقليل حجم الذاكرة وكم المعلومات بمركز صهر المعلومات.
 
العمل في ظروف الحرب الإلكترونية
أصبح على نظم الاستطلاع المختلفة أن تعمل في ظروف الحرب الإلكترونية التي أصبحت مضاعف قوة لا يستهان به في المعركة الحديثة، وأصبح هناك اعتماد بدرجة أكبر من أي وقت مضى على المجال الكهرومغناطيسي لتوفير الاتصالات واكتشاف الأهداف وتوجيه الأسلحة، وعلى ذلك، فإن ميدان المعركة الحديثة يكون مملوء بالمئات بل بالآلاف من المنصات الكهرومغناطيسية.
وتهدف الحرب الإلكترونية إلى استغلال البيئة المحيطة استغلالاً كاملاً، وتستخدم التقنيات السلبية للحرب الإلكترونية في الغالب للحصول على المعلومات ذات القيمة الكبيرة، ومراقبة وسائل الاتصال المعادية، وهذه توفر المعلومات عن موقف العدو وتخطيطاته وراداراته ومصادر انبعاث الأشعة تحت الحمراء وأشعة الليزر، وبذلك توفر للقوات الصديقة إنذاراً مبكراً ومعلومات محددة.
 
الاستطلاع الإلكتروني
الاستطلاع الإلكتروني هو مجموعة ما تتخذه الوحدات المتخصصة من تدابير لجمع المعلومات الدقيقة عن العدو باستخدام المعدات الالكترونية والأقمار الصناعية، وطائرات التجسس، والأجهزة المتطورة المحمولة في طائرات الاستطلاع، ويغطي هذا الاستطلاع مجالات تفسير وتمييز وتحليل وحل شفرة الإشارات، وهو يغطي أيضاً تمييز وتحليل مصادر البث الكهرومغناطيسي، مثل إرسال الرادار والراديو، ويعتمد الاستطلاع الإلكتروني على التقاط الموجات الصادرة من مراكز الإشعاع الراداري والإشاري، البري والبحري والجوي.
 
ومن أحدث نظم الاستطلاع الإلكتروني النظام البريطاني MS3360، الذى يقوم باستقبال الموجات الكهرومغناطيسية وتحليلها وتقسيمها وعرض بيانات البحث والتحليل، وتتم هذه العمليات جميعها داخل وحدة واحدة، تحوي بداخلها المستقبل وجهاز تحليل الترددات، وشاشة عرض بيانات، ويعمل الجهاز على مسح حيز الترددات من 18-5 جيجا هرتز، وهو حيز يشمل معظم ترددات عمل أنظمة رادارات الدفاع الجوي الحديثة، ويتميز بالسرعة العالية في عملية المسح، والدقة في عرض البيانات، مع إمكانية التحكم في سرعة المسح لحيز الترددات، وكذا إمكانية اختيار حيز محدد لعمل الجهاز لتقليل زمن المسح، ويعتبر هذا الجهاز من الأنواع  المتطورة لأنظمة الاستطلاع الإلكتروني حيث يقوم بالكشف والتحليل والعرض من خلال وحدة واحدة يمكنها العمل أثناء التحرك من داخل المركبات، ويمكن استخدامه منفصلاً كجهاز استطلاع إلكتروني أو ضمن نظام متكامل للحرب الإلكترونية بالاستفادة من بياناته لتغذية نظام إعاقة الكترونية بعد إنتاج الجهاز للعمل داخل الحيز المذكور من الترددات لتغطية عمليات الاستطلاع التكتيكية والإستراتيجية، مع اختلاف الهوائيات المستخدمة، وتجري عمليات تطوير للجهاز لزيادة حيز الترددات ليصل من 40 إلى 50 جيجا هرتز، وبذلك يمكن العمل مع ترددات الردارات المليمترية التي يتم التوسع في استخدامها حالياً، وخاصة في المقاتلات، وقيادة نيران الطائرات العمودية المسلحة
 
ولقد أحدث التقدم في تكنولوجيا بناء الدوائر الرقمية طفرات في قدرات الحواسب الإلكترونية من حيث السرعة واتساع الذاكرة، وظهرت المعالجات متناهية الصغر، وأصبح من الممكن تنفيذ العديد من تكتيكات المعالجات الإشارية في فترة زمنية محدودة، وبدوائر رقمية ذات حجم محدد، وسهل ذلك تنفيذ بعض المعالجات الإشارية فائقة التعقيد، وقد كان لهذا التقدم آثاره الإيجابية والسلبية على منظومة الاستطلاع في مجالات الاستطلاع الراداري واللاسلكي وتحديد الاتجاه.
 
وتطور بعض الشركات الغربية نظام إدارة الاستطلاع الرقمي لاستخدامه في الطائرات التكتيكية التي يمكنها التعامل مع الإشارات التي تأتي من مستشعرات كهروضوئية متعددة، ويعتبر هذا النظام تطويراً لنظام الاستطلاع الذي صمم لتستخدمه الطائرة السويدية الجديدة JAS 39 GRIPEN المتعددة المهام، والذي سيحتوى على المستشعرات ووسائل عرض وتصغير وتكبير وتحليل الصور، وسيتم تخزين المعلومات على مسجل رقمي، ويمكن نقل هذه البيانات إلى محطة أرضية من خلال وصلة نقل البيانات، ووفقاً للحاجة فإنه يمكن أيضاً عرض المعلومات وتحليلها في الطائرة نفسها، ويمكن للنظام استقبال المعلومات من أي مستشعر كهروضوئي، مثل نظام الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء، أو من كاميرات تلفزيونية، فيتم التقاط الأهداف وتصنيفها في وحدة تحليل الصور، وتستخلص الصور المشكوك فيها آلياً، وتتعرض لمزيد من التحليل للحصول على معلومات أكثر مثل المساحة، ودرجة الحرارة، ويمكن التعامل مع معلومات المستشعرات في الزمن الحقيقي، أو تستدعى من ذاكرة النظام، أو من جهاز التسجيل والصور التلفزيونية، ويمكن عرضها على شاشة.
 
الاستطلاع البري
تقوم بالاستطلاع البري دوريات الوحدات المقاتلة، أو وحدات الاستطلاع، وتكون مهمتها تحديد قوة ومواقع العدو وتحركاته، مع تجنب الالتحام والاشتباك المباشر معه، أو احتلال الأراضي في العمق، وتلعب عناصر الاستطلاع هنا دوراً هاماً وفعالاً، يتطلب استخدام كافة الوسائل اللازمة لتوفير المعلومات الضرورية عن تحركات العدو ونواياه، بدقة متناهية، ويقظة عالية، لما يتطلبه الموقف من السرعة في اتخاذ ا لقرار.
ويستخدم الرادار البريطاني MSTAR، الذي يحمله الأفراد، لاكتشاف الأهداف المتحركة، وقد أعد هذا الرادار في الأصل ليستخدمه أفراد المراقبة المتقدمة للمدفعية ووحدات الاستطلاع والرصد، ويتميز بسهولة فكه وتجميعه ليحمله فردان أو ثلاثة، ويمكن تركيبه على أي نوع من المركبات العسكرية، وهو خفيف الوزن (35 كيلوجرام).
 
ولا شك أن الاهتمام الدولي بسلاح الإغماء بالليزر يزداد على نطاق واسع، كما أن فترة التعمية التي تصيب الطاقم المعادي يمكن أن تستغل بصورة جيدة لصالح أطقم الاستطلاع الصديقة لتوفير الهروب الآمن، ولقد قامت أمريكا أخيراً بتجهيز عدد من مركبات الاستطلاع المدرعة "برادلي" بسلاح ليزر للإغماء أطلقت عليه اسم "الشعاع القارص" وذلك بغرض التأثير على أطقم مركبات القتال المعادية من خلال وسائل الرؤية البصرية، كما يمكن للجهاز إعطاب وإعاقة أنظمة الرؤية الليلية وأنظمة التصوير، حيث يتسبب في عمى مؤقت أو دائم للأطقم التي تقبع خلف تلك الوسائل المستخدمة للرصد والرؤية.
 
وتمت تجربة السلاح الليزري في الظروف الصحراوية الحارة، وتم تطويره لزيادة مدى التأثير وحيز الطيف الذي يؤثر فيه، ويمثل ذلك أحد التطورات الهامة في مركبات الاستطلاع لزيادة فاعليتها، حيث يتيح لها فرصة الهرب تحت تأثير العمى المؤقت أو الدائم أو إعطاب أنظمة الرؤية الليلية المعادية، وعلى الجانب الآخر فإن ذلك سوف يضيف تكلفة إضافية لمركبات الاستطلاع قد تصل إلى حوالي مليون دولار للمركبة الواحدة.
وتقود شركة BAE تحالفاً من الباحثين وعلماء الجيش والأكاديميات ومؤسسات الصناعات العسكرية الأمريكية لتطوير أنظمة روبوت عسكرية للاستخدام في عمليات تجميع البيانات والاستطلاع الميداني، وذلك بموجب اتفاقية وقعتها الشركة مع وحدة مختبرات أبحاث الجيش الأمريكي، وقد أطلق على هذا التحالف اسم "تحالف التقنيات المشتركة للأنظمة المصغرة ذاتية التحكم"، وسيساهم في دعم أبحاث علوم التقنيات الأساسية لأنظمة الروبوت في المستقبل في مجالات رئيسية عديدة، منها أنظمة الاستطلاع المتحركة صغيرة الحجم، ووحدات الدفع والرادار ومعالجة المعلومات والاتصالات والملاحة والتحكم والأجهزة دقيقة الحجم ومكملاتها وأغطية المنصات الإلكترونية.
 
وتمهد منصات الروبوت ذاتية التحكم الطريق للارتقاء بكفاءة مناهج تجميع المعلومات في العمليات العسكرية، إلى جانب توفير أدوات وقدرات ميدانية لم تكن متاحة من قبل.
وتشمل مهام التحالف تنفيذ أبحاث وتطوير تجهيزات إلكترونية ذاتية التحكم متقدمة يمكن الاستعانة بها في الميادين التي تتسم بتضاريس وأجواء صعبة، مثل الجبال والكهوف، ويسعى الفريق إلى تصميم وتصنيع مجموعة من أنظمة الروبوت متعددة القدرات، تستطيع تجميع المعلومات العسكرية، بحيث يمكن الاعتماد عليها في المناطق الخطرة، أو التي يتعذر الوصول إليها.
 
الاستطلاع الجوي 
كانت رغبة القادة على الدوام، ومنذ فجر التاريخ العسكري هي أن يروا خلف الخط الأمامي فى المنطقة التي يسيطر عليها العدو، وقد تحقق هذا الطموح جزئياً بظهور المنصات الجوية، بدءاً بالبالونات الأخف من الهواء، والتي كانت تحمل المراقبين ليمعنوا النظر عبر الطرف الأمامي لميدان القتال، ومن ثم خلال المركبات الأثقل من الهواء التي كانت تقوم رغم بعض المخاطر، باختراق المجال الجوي للعدو.
ويعد الاستطلاع أول المهام التي استخدمت فيها الطائرة للحصول على المعلومات عن العدو، فقبل الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918)، كان الاستخدام الشائع للطائرات في المعركة هو الاستطلاع الجوي، إلى أن استخدمها الإيطاليون في عام 1911 في قصف القنابل على طرابلس، ثم استخدموها في العام التالي في اعتراض الطائرات المعادية.
 
ومرت طائرات الاستطلاع بتطورات أكثر من غيرها من الطائرات الأخرى؛ إذ زودت بآلات التصوير، والأجهزة اللاسلكية، والإلكترونية بعد أن كان الفرد المراقب يحمل ورقة وقلماً ويدون ملاحظاته عن الأرض والعدو أولاً بأول طوال خط سير الطائرة، وأصبح الاستطلاع الإلكتروني فناً قادراً على اكتشاف جميع أنواع البث وتسجيلها: اللاسلكي، والراداري، والليزري، والحراري، والتلفزيوني، وكذلك إرسال المعلومات الفورية إلى مراكز الإستقبال.
وتجهز طائرات الاستطلاع الحديثة بنظم تصوير متطورة، كما أن هناك أنواعاً منها تعمل بالأشعة تحت الحمراء، أو بالمستشعرات الحرارية، وقد تجهز طائرة الاستطلاع بمستشعرات رادارية؛ لإجراء الاستطلاع الجوي الإلكتروني، واستخدم التصوير التلفزيوني كذلك ضمن ما استخدم من وسائل ومعدات التصوير الجوي؛ إذ ترسل الصور الملتقطة بشكل فوري إلى مراكز استقبال أرضية، مما يسهل عملية تحليل المعلومات وتداولها للإستفادة منها.
 
ومن مميزات التصوير الجوي أنه يتيح استطلاع مساحات شاسعة في زمن قصير، ومن زوايا مختلفة، كما توفر الصور الجوية الفرصة لدراسة الموقف، والأوضاع الجارية في مسرح القتال مع إمكانية إجراء المقارنات على التغيرات الحادثة بين القوات من فترة لأخرى، وتتميز معدات التصوير الإلكترونية، والكهروبصرية الحديثة بإمكانية استخدامها في كل الأوقات، ليلاً ونهاراً، وتحت مختلف الظروف الجوية.
والاستطلاع الجوي تقوم به طائرات الاستطلاع بعيدة المدى، المزودة بآلات التصوير الدقيقة، والطائرات المقودة بدون طيار، وذلك بهدف كشف الأهداف المعادية في العمق، وتحديد مرابض بطاريات الدفاع الجوي، والتحقق من إصابة أهداف تم تصويرها مسبقاً، وكانت الظروف الجوية في الماضي تعيق هذا النوع من الاستطلاع، إلا أن تقنية معدات التصوير الحديثة مكنت من تنفيذ مهام الاستطلاع الجوي في كافة الأحوال الجوية الصعبة، وظروف الرؤية السيئة، ليلاً ونهاراً.
 
وكانت أنظمة الرادار الموجهة إلى أسفل مستخدمة منذ عهد بعيد للملاحة الجوية ولتسديد القنابل، وكانت هذه الرادارات تصور المعالم الأرضية بوضوح، مما يمكن من تحديد الأهداف الأرضية من ارتفاعات عالية، وكان من السهل إدارة هوائيات الرادارات في 90 درجة بحيث يتم توجيه أشعتها أفقياً لتكوين رادارات "تنظر" جانبياً، وكانت هذه الرادارات عبارة عن أنظمة مكملة لأنظمة الاستطلاع الأخرى، ولكن لها ميزة إضافية، وهي أنه لم يكن من اللازم للطائرات أن تطير فوق المناطق ذات الأهمية بحيث تصبح عرضة لدفاعات العدو.
وقد أمن الرادار التغطية لمساحات واسعة مع تأمينه في نفس الوقت لمستويات من التفاصيل التي تمكن من تمييز الأهداف الكبيرة نسبياً، كالمطارات والطرق والجسور، وحتى البنايات المتوسطة الحجم، مع تحديد مناطق المدن من خلال شوارعها، وذلك اعتماداً على الارتفاع الذي تطير عليه الطائرة الحاملة للرادار.
 
وقد تتطلب مهام الاستطلاع استخدام نوعين من أنظمة الرادار مدمجان عادة في جهاز الكتروني واحد، ويستخدمان مصفوفة هوائي واحدة مشتركة مركبة أسفل بطن الطائرة، وهما الرادار SAR ورادار تمييز الأهداف المتحركة، حيث يفي الأول بمطالب تمييز الأهداف الثابتة من مدى بعيد، بينما يفي الأخير بتمييز الأهداف المتحركة كالمركبات على مسافات أقصر نسبية، وأحد الأنظمة من نمط SAR يمكنه تمييز مركبة على بعد يصل إلى 300 كلم، أما في نمط  تمييز الأهداف المتحركة فيمكنه تحقيق تحليل مماثل على حوالي نصف هذا المدى، هذا وتعمل الطائرة المجهزة بالرادار المشترك أساساً على الارتفاعات العالية، حتى لا تتعرض للاعتراض بواسطة أغلب صواريخ الدفاع الجوي ونادراً ما تعمل هذه الطائرات في ما وراء المواقع الأمامية لقواتها البرية، وبذلك يشار إليها بأنها أنظمة "عند بعد".
ولم تعد الطائرات المتحكم فيها عن بعد والتي تطير بدون طيار فوق جبهة القتال لتعقب وقتل العدو ضرباً من الخيال، فقد أصبحت حقيقة، وثبتت فوائدها لدرجة دفعت البنتاجون إلى إنفاق 13 مليار دولار على جيل جديد من هذه الطائرات، ويبحث الجيشان الأمريكي والبريطاني في سبل جعل هذه الطائرات غير مرئية للرادار أو للعين المجردة، أو حتى للمجسات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء. 
 
وهذه الطائرات الجديدة لا تساهم في جمع المعلومات فقط، بل تتعقب العدو وتقتله أيضاً، وأشهرها طائرات Predator الأمريكية المتحكم فيها عن بعد، والمسلحة بصواريخ Hellfire، وتطير بسرعات منخفضة تصل لثمانين ميلاً في الساعة، ويمكن أن تحلق لمدة 24 ساعة على إرتفاع 15 ألف قدم فوق جبهة القتال، وهي مزودة بعدسة مكبرة ورادار ومجسات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويمكنها إرسال صور حية إلى القوات المزودة بأجهزة كمبيوتر خاصة. 
ومن أحدث المركبات الجوية غير المأهولة المركبة الأمريكية Global Hawk التي تؤدي عادة مهاماً على نصف قطر عملي يزيد على 7 آلاف ميل بحري، ولها قدرة تحمل تبلغ حوالي 35 ساعة، وبذلك فإن هذه الأنظمة ذات صفة استراتيجية، وليس هناك ما يفوقها من حيث مساحة التغطية وقدرة التحمل إلا أقمار الاستطلاع الصناعية.
 
ويؤمن البرنامج البريطاني WATCHKEEPER للقوات المسلحة البريطانية القدرات الأساسية في مجال الإستخبار والمراقبة واكتساب الهدف والإستكشاف، المستندة إلى نظام المركبة الجوية بدون طيار، وذلك من خلال مراقبة ليلية ونهارية في الظروف المناخية كافة إبان الحروب والاضطرابات وعمليات حفظ السلام، وذلك دون حاجة لنشر القوات في بقع حساسة أو خلال أوضاع حرجة، وبإمكان نظام "ووتشكيبر" تأمين مراقبة مستمرة على مدار الساعة، مستعملاً مركبات جوية غير مأهولة باستطاعة كل منها البقاء محلقة أكثر من 16 ساعة، ويتألف النظام من مركبة جوية غير مأهولة، تحمل مستشعرات ليلية/ نهارية، وجهاز تعيين ليزري للأهداف، موصول بمحطات للمراقبة الأرضية، موضوعة في حاويات، من خلال بيئة شبكية قادرة.
وسوف يتم استثمار التصوير البصري والراداري العالي الوضوح، ويوزع على القادة ليوفر لهم معلومات استخباراتية قيمة، وهذا النظام يمكن نشره بسرعة، والعمل في أي مكان في العالم لدعم متطلبات المعلومات للقوات الجوية والبحرية والبرية، وسوف يقوم بتشغيله سلاح المدفعية الملكي البريطاني.
 
كانت المعلومات دائماً، وستظل، عاملاً حاسماً في ساحات المعارك، ومع المزيد من التحكم في المعلومات ستقل الحاجة لقوات مسلحة كبيرة ومسلحة تسليحاً ثقيلاً، لكن الخطر الذي يواجه الجيوش الحديثة هو أن التكنولوجيا حققت درجة من الرضا جعلها تهيمن على جمع المعلومات بصورة أثرت بالسلب على الإستخبارات البشرية.
وقد ظهرت أجهزة استشعار متعددة لها نفس ميزة الاستخدام في مجال الاستطلاع، ومن ذلك التصوير بالأشعة تحت الحمراء وأنظمة التلفزيون المنخفض الضوء والتصوير الحراري، وأهم من ذلك التقنيات الجديدة في مجال الرادار، وجميعها وفرت قدرة إضافية للأنظمة الموجودة، وذلك من خلال قدرتها على الحصول على معلومات الاستطلاع بتفاصيل أكثر، بصرف النظر عن الأحوال الجوية وظروف الاضاءة، وبصفة خاصة بالنسبة للرادار على مديات أبعد بكثير، مقارنة بالأنظمة البصرية .
 
 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره