مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-03-01

جدوى امتلاك الأسلحة البيولوجية والكيماوية في الحـروب القادمـة

بقدر ما تحظى به أسلحة الدمار الشامل من اهتمام، إلا أنه حتى على الرغم من أن الأسلحة النووية ربما يتم تحجيمها نسبياً، إلا أن دولاً قد تتجه لصناعة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والتي لا تكلفها كثيراً، كما أنه يسهل إخفاؤها، وخطورة هذه الأسلحة تتزايد بسبب صعوبة منعها، وبالتالى، تصبح عملية التفتيش الدولي عليها مسألة صعبة.
 
اعداد: فكرى محمد على
 
إذا نظرنا إلى أن هذه الأسلحة الخطيرة يمكن أن تستخدم فى أغراض إرهابية، فهنا يصبح دور التفتيش الدولى هاماً وضرورياً للغاية، ولذا، يجب أن يكون الهدف من الاتفاقيات الدولية المتنوعة لحظر انتشار الأسلحة أن تشمل أيضا الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
 
وتتصف الأسلحة البيولوجية والكيماوية بأثرها المدمر للأهداف العسكرية والمدنية، على حد سواء. وبصفة عامة، فإن هذه الأسلحة ليست هي الأسلحة التي يقع عليها الاختيار في أرض المعركة، خاصة أثناء العمليات العسكرية، التي تقتضي التحرك السريع للجيوش لتحتل أراضي للعدو، وقد تحسنت كثيراً نظم إطلاق هذه الأسلحة، والقدرة على تزويد الرؤوس الحربية للصواريخ بالعناصر البيولوجية والكيماوية، وتعزيز آليات القيادة والسيطرة.
 
ويشدد الخبراء على ما يخلفه استخدام أسلحة الدمار الشامل من أثر في زعزعة الاستقرار، وأن الحصول على الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية سيفضي إلى خلل في التقديرات، وخاصة عندما يخطىء طرف في تفسير نوايا الطرف الآخر، ومجرد امتلاك هذه الأسلحة قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات، وبالتالي، إلى اندلاع مزيد من الحروب في نهاية الأمر.
 
طبيعة الأسلحة البيولوجية
تختلف الأسلحة البيولوجية عن الأسلحة الكيماوية والنووية، فهي عبارة عن كائنات حية تسبب الأمراض، ويتم إطلاقها بواسطة الأسلحة، ولا توجد وسائل مضمونة للكشف عن هذه الكائنات الحية، كما أن قدراً كبيراً من الشك يحيط بالحصيلة النهائية لاستخدامها كأسلحة، وتصنيع الأسلحة البيولوجية المتقدمة أسهل من تصنيع الأسلحة الكيماوية أو النووية، وتنقسم العناصر البيولوجية إلى سميات Toxins))، أو كائنات ممرضة Pathogens (وهي كائنات حية تسبب الأمراض، وتشمل البكتيريا والفيروسات)، والبكتيريا عبارة عن كائنات مجهرية مكونة من خلية واحدة، وتسبب أمراضاً كثيرة ( حوالي 40 مرضاً)، منها الكوليرا، والسل الرئوي، والطاعون الدبلي Bubonic Plague (الذي يعرف أيضا بالطاعونBlack Death )، والجمرة الخبيثة Anthrax ، والزهري، والسيلان، والسعال الديكي، والدفتيريا، وحمى "كيو" (Q fever).
 
 أما الفيروسات، التي تسبب زهاء 20 مرضاً، فهي أصلاً مجموعات أو كتل من الجينات، تغطيها طبقات من البروتين، وهي أصغر الكائنات الحية على وجه الأرض، وهذه الكائنات الدقيقة يمكنها الاختفاء والظهور من جديد بأشكال مختلفة مع مرور الزمن، ورغم أن البكتيريا تتكاثر في ظروف طبيعية، فإن الفيروسات لا تتكاثر إلا إذا اعتمدت في غذائها على مضيف مناسب، وإن دخلت الفيروسات في البيئة المضيفة يغدو من الصعب القضاء عليها، ومن أشد أنواع الفيروسات فتكا الإيبولا، وفيروس نقص المناعة المكتسبة " الإيدز " ، والتهاب الدماغ ، والتهاب الدماغ الياباني.
 
ويمكن منع انتشار البكتيريا والفيروسات عن طريق التلقيح، وغالباً ما يقضي الجهاز المناعي للجسم على الأمراض البكتيرية والفيروسية الدخيلة بمساعدة اللقاحات وأنواع الدواء الأخرى، ويعتمد هذا بصورة جوهرية على اكتشاف المرض قبل أن يتمكن من الجسم، وهذه مهمة صعبة.
 ومن المستحيل عملياً التعرف على الوسائل التي ستستخدمها دولة ما أثناء سير العمليات العسكرية، لأن برامج التسلح البيولوجي المستمرة تبقى عادة في طي الكتمان، كما أنه من المستحيل معرفة العناصر البيولوجية، التي ستستخدمها دولة ما حتى تقوم بذلك بالفعل، وهذا ما يجعل في الأسلحة البيولوجية قدرة كامنة على إحداث حجم هائل من الدمار.
 
طبيعة الأسلحة الكيماوية
الأسلحة الكيماوية عبارة عن الاستخدام العسكري للمواد السامة، وهى، كالأسلحة البيولوجية، يصعب تماماً اكتشافها بعد أن يتم نثرها وانتشارها، وتستخدم ضد الأهداف المدنية والعسكرية معاً، وفي الوقت الذي تعتمد فيه معظم المتفجرات التقليدية في انفجارها على موجة مدمرة من الهواء المضغوط والحرارة، تعتمد الأسلحة الكيماوية على تفاعل مادتين أو أكثر، ويجب أولاً تحويل المواد الكيماوية إلى سوائل أو قطرات صغيرة، وأخيراً، إلى دخان قبل قذفها، وتأخذ معظم الأسلحة الكيماوية هذا الشكل الأخير، ولهذا، فإنها تنتشر بسهولة، ويمكن رشها فوق مناطق واسعة عن طريق الطائرات، أو القذائف، أو الصواريخ، وتنقسم الأسلحة الكيماوية إلى فئتين:
-  مواد كيماوية مميتة، كغاز الأعصاب، والعناصر التي تسبب القروح والبثور، والعناصر التي تسبب الاختناق.
- الأسلحة الكيماوية التي تسبب العجز، أو غير المميتة، كالغاز المسيل للدموع.
 
وقد شهدت الحرب العالمية الأولى ظهور بوادر الأسلحة الكيماوية عندما أجرى العالم الألماني فريتز هيبر تجارب سرية على غازات الكلور، واسترعت هذه التجارب اهتمام القوات المسلحة الألمانية، فأدخلت العناصر الكيماوية في حرب الخنادق، وترتب على ذلك إصابة الآلاف من جنود الحلفاء بالعجز، واعتمدت فاعلية غاز الكلور في تلك المرحلة المبكرة اعتماداً كبيراً على اتجاه الرياح، وكان الألمان ببساطة يطلقون العنصر الكيماوي من علب صغيرة في اتجاه جنود العدو، غير أن هذه الطريقة كانت أحيانا تعطي نتائج عكسية، نتيجة للتغير المفاجئ في اتجاه الرياح، الأمر الذي أدى إلى تأثر الجنود الألمان بهذه العناصر الكيماوية أيضاً، وفي فترة لاحقة، أتقن العلماء الألمان طرقاً أكثر دقة لإطلاق الغازات الكيماوية، مستخدمين في ذلك قذائف وقنابل المدافع، وكانت هذه الغازات أكثر فاعلية في حرب الخنادق، وفي حروب الاستنزاف، عنها في عمليات الحرب الخاطفة التي كانت تجري فيها تحركات الجنود والمعدات باستمرار، وبقدر عال من السرعة، وتم الاستعاضة في نهاية المطاف عن غازات الكلور بعنصر أكثر قوة في إحداث البثور، وهو غاز الخردل ، الذي تبلغ فاعليته ثمانية عشر ضعفاً، مقارنة بغاز الكلور، وقد قتل أكثر من 100 ألف من جنود الحلفاء، وأصيب أكثر من مليون منهم، من جراء تعرضهم لغاز الخردل في أواخر الحرب العالمية الأولى.
 
 وفيما بعد، طور العلماء الألمان غازاً جديداً أكثر قوة، عرف باسم "زيكلون ب" ، ثم أتبعوه بعنصر يستخدم كغاز للأعصاب، يعرف باسم "تابون"، ولم يستخدم الألمان الأسلحة الكيماوية في الحرب العالمية الثانية، إلا أنهم استخدموا عناصر كيماوية في التخلص من سجناء معسكرات الاعتقال، بما فيها غاز التابون. 
 
وتوجد آلاف المواد السامة فى العالم اليوم، وقد تم التعرف على بعضها، بينما بقى البعض الآخر مجهولاً، ولا يصلح للحروب الكيماوية إلا نسبة ضئيلة من هذه المواد، وهى تشمل مواد متفجرة، مثل سيانيد الهيدروجين، والسارين ، وسومان، وتابون، أما الأنواع الفتاكة والأكثر دواماً، فتشمل ما يسمى "السلسلة V"، مثل VE وVGوVM وVS وVX.
 
الاختلاف عن الأسلحة النووية
تختلف أدوات الحرب من حيث الاستخدام والتطبيق، فالأسلحة النووية هي الأسلحة الاستراتيجية بمفهومها المطلق، نظراً إلى أثرها في إحداث تغيير جذري في سلوك الدول، فهي أسلحة شديدة الفتك، وقد تبينت آثارها المدمرة، ليس فقط في التفجيرات النووية في مدينتي هيروشيما وناجازاكي، ولكن في العديد من التجارب النووية أيضاً، غير أن الأسلحة النووية نادرة أو عديمة الاستخدام من الناحية العسكرية، ولا تكمن أهميتها في استخدامها الفعلي، بل في التهديد باستخدامها، ولذلك، فهي تعد أدوات سياسية، وليست أدوات عسكرية للحرب. 
 
ويرى بعض الخبراء أن انتشار الأسلحة النووية قد يكون أنجع السبل لمنع الحروب في المستقبل، وأن التدمير المؤكد المتبادل سيسهم في بقاء الرؤوس الحربية النووية في قواعدها، وأن الحروب المستقبلية ستتحول إلى عمليات أصغر حجماً، تشتمل على الإرهاب، وأعمال التمرد العرقية والدينية والقومية، بدلاً من الحملات العسكرية التقليدية من النوع الذي شهدته الحرب العالمية الثانية.
 
وربما يكون من الخطأ تحويل نماذج الأسلحة النووية الموجودة، والمبادئ التي تحكم استخدامها، والتي تطورت منذ الحرب العالمية الثانية، لجعلها تنطبق على الأسلحة البيولوجية والكيماوية، فالأسلحة النووية أشد فتكاً وتدميراً من الأسلحة البيولوجية والكيماوية، وخلافاً للأسلحة النووية، فإن الأسلحة البيولوجية والكيماوية هي أسلحة مسببة للخسائر البشرية الجماعية، حيث تهلك الأرواح البشرية، ولا تدمر البنية التحتية، كالمباني والجسور والطرق والسدود، وتظل بعض عناصر الأسلحة البيولوجية والكيماوية عالقة في البيئة، ولا يعرف إلا القليل عن أثرها على المدى الطويل في السكان الذين يتعرضون لها.
 
إن الغرض من الأسلحة النووية هو تقويض  مركز العدو، وسلب إرادته قبل اندلاع الحرب، وهى أسلحة سياسية، مطلقة التأثير، أما الأسلحة البيولوجية والكيماوية فهي، في المقام الأول، تكتيكية في طبيعتها، وصممت بهدف التأثير في النتيجة النهائية لمعركة من المعارك، وبعبارة موجزة، إنها أسلحة تستخدم للإكراه والإخضاع ، كما أنه من اليسير تجهيز الأسلحة البيولوجية والكيماوية لاستخدامها في ميدان القتال، مقارنة بالأسلحة النووية، ولهذا السبب، فهناك قدر أكبر من الإغراء لاستخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية في الحرب، ولكن، يمكن تعزيز الاستفادة من الأسلحة البيولوجية والكيماوية بإضافة الأسلحة النووية إليها، وقد يفسرهذا سعي بعض الدول للتسلح نووياً، إضافة إلى برامجهم النشطة والمتواصلة في مجال الأسلحة البيولوجية والكيماوية.
 
تأثيرات العناصر البيولوجية والكيماوية
تتراوح تأثيرات العناصر البيولوجية والكيماوية بين آثار عاجلة وأخرى آجلة، فإذا استخدمت أسلحة بيولوجية، فقد تمضي عدة أشهر قبل أن تبدأ الأعراض المرضية في الظهور، وكذلك، قد لا يتم اكتشاف نوع العنصر البيولوجي المستخدم إلا بعد إصابة الأهالي والثروة الحيوانية والزراعة بآثاره، ولا يتطلب الأمر سوى نثر كمية قليلة من عنصر بيولوجي لتترتب على ذلك إصابات هائلة، خاصة إذا كانت الرياح مواتية، ويمكن إطلاق العناصر البيولوجية والكيماوية خفية على ضحايا من الأفراد المدنيين أو العسكريين، دون أن يشعروا بذلك، بطريقة تجعل من المستحيل عملياً إثبات التعرض لهذه العناصر، أو معرفة مصدرها الأصلي.
 
وتتمثل فائدة الأسلحة البيولوجية والكيماوية في زمن الحرب في تعزيز قدرة دولة من الدول على قتل، أو شل حركة أعداد ضخمة من الجنود، ببث الذعر في قلوبهم، أو بتحويل العمليات الحربية التقليدية إلى عمليات أكثر إرهاقاً، وأقل فاعلية، وقد يكون للأمراض المعدية تأثيرات مضاعفة، تفوق آثار استخدام طلقات الرصاص التقليدية، وعلى أقل تقدير، فإن استخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية يمكن أن يخلف آثاراً نفسية عميقة في المدنيين والعسكريين، على حد سواء، فهذه الأسلحة صممت أصلاً لإضعاف الروح المعنوية للعدو، وإفقاده الثقة بالنفس، والتسبب في إرباكه، وخاصة في الحروب طويلة الأجل، وبذلك، يصبح الهدف من استخدام هذه الأسلحة هو غرس الخوف، والإحساس باليأس، والعجز، وهى من العوامل النفسية المهمة والخطيرة، التي تؤثر في الإنسان.
 
ومن أشكال الخطورة التي تتمثل في التعامل مع العناصر البيولوجية والكيماوية، أن هذه العناصر تسبب الهلاك على نطاق واسع، وهذا يعني أنها ليست للهواة، إن 300 كيلوجرام من غاز الأعصاب "السارين" بكثافة 70 مليجراما في المتر المكعب، يمكن أن تغطي مساحة تبلغ 0.22 من الكيلومتر المربع، وتسبب مقتل ما بين 60 إلى 200 شخص، وكذلك، يكفي 30 كيلوجراما فقط من جراثيم الجمرة الخبيثة، بكثافة 0.1 مليجرام في المتر المكعب لتغطية مساحة 10 كيلومترات مربعة، وتؤدي إلى موت عدد يتراوح بين 30 ألف و 100 ألف شخص.
 
دور الصواريخ البالستية فى انتشار الأسلحة البيولوجية والكيماوية
إن انتشار الصواريخ البالستية له صلة وثيقة بالأسلحة البيولوجية والكيماوية، حيث تمتاز الصواريخ كونها نظم إطلاق ذات فاعلية تفوق فاعلية الطائرات والمدفعية، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الصواريخ الحديثة تستخدم أجهزة متطورة ودقيقة التوجيه، تزيد من دقة إصابة الهدف المحدد بكفاءة كبيرة، في أية ظروف للطقس، ومن مدى بعيد، وكذلك، يمكن توجيه الصواريخ أثناء تحليقها، ومن الصعب اعتراضها، ومن ناحية أخرى، فإن بعض أنواع الطائرات الموجودة يحمل في الأغلب صواريخ غير موجهة، ويمكن اعتراض هذا النوع من الطائرات، كما يعوق الطقس الرديء أداءها، أما قذائف المدفعية، فهي محدودة المدى، وفي الوقت الراهن، تمثل الصواريخ البالستية وسيلة جيدة لإطلاق العناصر البيولوجية والكيماوية.
 
جدوى الامتلاك
تعززت  الثورة في الشؤون العسكرية بظهور تطورات جديدة في تقنيات صنع الأسلحة، وفي المبادئ التي تحكم استخدام هذه الأسلحة، مما سيسهم بلا ريب في تعاظم الحافز إلى امتلاك الأسلحة البيولوجية والكيماوية، خاصة وأن بعض الدول تعانى من التخلف في مجال التقدم التقني، مقارنة بقوى كبرى، وقد تلجأ هذه الدول إلى امتلاك الأسلحة البيولوجية والكيماوية لتعويض سوء حظها النسبي في المجالات التقنية، ومع تزايد تكلفة الأسلحة التقليدية، والاحتفاظ بجيوش تقليدية عاملة، ذات أعداد ضخمة، فإن النزعة نحو الانتقال إلى الأسلحة البيولوجية والكيماوية الدفاعية، التي تتصف بالتكلفة القليلة، والانتشار السهل، سوف تنمو. 
 
مما لا شك فيه أن الأسلحة البيولوجية والكيماوية لها أثرها في سلوك الدول الضعيفة، أو المتساوية القوة، وليس هناك دليل على أن العراق استخدم أسلحة بيولوجية وكيماوية ضد قوات التحالف في حرب تحرير الكويت، حيث آثر العراق ألا يدفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى اللجوء إلى اتخاذ خطوات عقابية انتقامية، وقصر عملياته العسكرية على الأسلحة التقليدية، وهذا دليل على أن الدول الضعيفة ستواجه صعوبة في استخدام مثل هذه الأسلحة ضد دول تفوقها قوة، وتتمتع بقدرة غير محدودة على الرد والانتقام، وقد أكد بعض الخبراء أن احتمال قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعمليات انتقامية كان العامل الرئيسي في عدول العراق عن استخدام عناصر كيماوية أثناء حرب تحرير الكويت، ولكن هناك عوامل أخرى كان لها أثرها كذلك.
 
مواجهة الانتشار
يمثل منع انتشار أسلحة الدمار الشامل المثلى للتقليل من المتاجرة غير المشروعة بالأسلحة البيولوجية والكيماوية، وسرقتها، وتصنيعها، ويشمل ذلك التقليل من انتقال أجهزة الحواسب عالية القدرة، وغيرها من المعدات مزدوجة الاستخدام والتى تستخدم فى كل من الأغراض العسكرية والمدنية، وتقتضي مراقبة التسلح إجراء مفاوضات دبلوماسية صعبة ومعقدة، ويعود السبب في هذا بصورة رئيسية إلى مشكلات التنفيذ والإثبات، وحتى عندما توقع الدول على اتفاقيات دولية لمنع انتشار الأسلحة البيولوجية والكيماوية واستخدامها، فإنها غالبا لا تلتزم بهذه الاتفاقيات، نتيجة لمشكلات الأمن الإقليمية، ولاعتبارات قومية أخرى. 
 
وعلاوة على ذلك، تؤكد بعض الدول أنها تعامل انتقائياً، بينما يطلق العنان لدول أخرى للسير قدما في هذا المجال، وكثيراً ما تشير الدول الضعيفة إلى هذه المعايير المزدوجة الواضحة، إضافة إلى القضايا المهمة، التي تتعلق بالسيادة القومية، ووحدة الأراضي، كحجج ضد أنظمة مراقبة التسلح.
 
وتأخذ مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل شكل الردع عن طريق الحرمان، ويتمثل الردع فى قدرة طرف على اقناع طرف آخر بعدم الاقدام على اتخاذ خطوة، يرى الطرف الأول أنها تضر بمصالحه القومية، إنها قدرة قوة مضادة، تم وضعها أصلا لكي تحرم مستخدماً محتملاً للأسلحة البيولوجية والكيماوية من جني أية فوائد قد تترتب على استخدام هذه الأسلحة. 
 
 وتشتمل عناصر مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل على الدفاع بشكليه، الإيجابي والسلبي، أما الدفاع الإيجابي، فيشتمل على قدرات هجومية متقدمة، كصواريخ "توماهوك" ، وقنابل قادرة على اختراق عمق الأهداف الصلبة، بالإضافة إلى استخبارات متطورة، تتمتع بالدقة والموثوقية، ويشمل هذا النوع من الدفاع ضربات وقائية ضد مواقع يشتبه في إنتاجها لأسلحة نووية وبيولوجية وكيماوية، وكذلك وسائل إطلاقها، أما الدفاع السلبي، فهو مجهود قومي لإعداد القوات المسلحة والمدنيين للصمود في مواجهة هجمات بالأسلحة البيولوجية والكيماوية، ويشمل هذا حملات تلقيح مكثفة ضد أمراض محتملة، وتوزيع الأقنعة الواقية، ونشر أنظمة الدفاع الصاروخي.
 
والجدير بالذكر أن معظم دول العالم نأت بنفسها عن تطوير الأسلحة البيولوجية والكيماوية، حيث تعارض هذه الدول استخدام هذه الأسلحة لاعتبارات إنسانية وأخلاقية، ومن ثم لا ترى فيها قيمة عسكرية إيجابية ملازمة لها، إلا قليلاً، ولهذا السبب وحده، فإن التفكير التقليدي لهذه الدول بشأن أي استخدام محتمل لهذه الأسلحة لن يتغير، على الأرجح، لأن المعرفة بالآثار المترتبة على استخدامها في ازدياد، وبدلاً من ذلك، تفضل الدول الالتزام بالنظام العالمي لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتعزيزه، لاعتبارات أخلاقية ومالية.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره