2022-07-01
حرب الأجرام الفضائية على سكان الكوكب الأزرق ...إلى أين ؟
هل بات كوكب الأرض مهدد إما بالفناء المطلق أو الجزئي من جراء اصطدام نيازك به في العقد ألقادم أو بعد القادم على أقصى تقدير ؟
تساؤل بات يشغل لا العلماء فقط بل الرجل العادي في كل بقاع الأرض، وبخاصة بعدما أكدت وكالة الفضاء الدولية الروسية عدة مرات ، إحتمال إصطدام كارثي لنيازك يصل قطره إلي 350 مترا بسطح الأرض ، ما يعني أنه حال حدوث ذلك ، سيخلف صحراء جديدة بحجم فرنسا .
وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بدورها لم تكن بعيدة عن ذات التصريح ،فقد أعلنت أن النيزك سيقترب على مسافة 30 ألف كيلومتر من الأرض في العام 2029 ، أي أقرب من بعض المحطات الأرضية الفضائية .
ما هو الفرق بين النيازك والمذنب والشهب وبقية المسميات الفضائية التي نسمع عنها من حين لأخر .
الفرق بين الشهب والنيازك
تعرف الشهب بأنها كتل صخرية تسقط متجهة نحو الأرض وتحترق في الغلاف الجوي كليا قبل أن تصل الأرض ،ولهذا تظهر في السماء بشكل ومضات سريعة لعدة ثوان ، وكثيرا ما تسقط الشهب كحبات المطر مثل شهب الأسديات التي تتكرر في شهر نوفمبر من كل عام ،حيث يسقط حوالي 130 شهاب في الساعة في وقت الذروة، أما شهب البروشاوش فتسقط حوالي 80 شهابا في الساعة ،وسميت بذلك الاسم نسبة الي كوكبة تسمى بروشاوس .
والثابت علميا أن النيازك تشبه الشهب في المظهر والمكونات ،لكنها لا تحترق كليا في الغلاف الجوي ،بل يصل بعضا منها الي الأرض .
تتكون النيازك من صخور وأحجار ومعادن، تتفاوت في أحجامها وكتلها وأشكالها وتركيبتها الكيميائية ، ويعتقد العلماء أن النيازك والشهب ربما تكون من مخلفات المذنبات وبقايا عملية هدم أو بناء الأجرام السماوية، وتتجه الآلاف منها الي الأرض يوميا ، لكن بسبب سرعتها تحترق حين تصطدم بالغلاف الجوي . ويذكر العلماء أن بعض فوهات القمر هي من آثار سقوط النيازك ، كما أنه توجد فوهة عميقة في صحراء أريزونا الأمريكية في منطقة أسمها « قانون بابلو »، أحدث سقوطها زلزالا قويا ومدمرا لما حوله قبل 50 ألف سنة تقريبا وحفرة بقطر 1200 متر وعمق 175 مترا .
ماذا عن المذنبات وطبيعتها ؟
أما المذنبات فتتكون من جليد « ماء وميثان » ، وغازات مختلفة موجودة في سحابة تسمى سحابة « أورط » ،وهي كرات ثلجية ،حين تقترب من الشمس يذوب الجليد وينفلت منها مواد مختلفة من غبار ومعادن وغازات ، تدفعها الرياح الشمسية للخلف ، مكونة ذنب وأحيانا ذنبان ، ويزداد طول المذنب عند الإقتراب من الشمس ، وتدور المذنبات حول الشمس بإتجاه عقارب الساعة، وتتأثر مسارات المذنبات بجاذبية الكواكب حين تتقاطع مع مداراتها ،ويتوسط المذنب نواة، وهي صلبة تتكون من الجليد والغبار وبعض المعادن ، وتتوهج النواة بسبب الحرارة الشديدة أما الغلاف الخارجي يسمى الهالة وتتكون من غازات مختلفة ومن أشهر المذنبات التي تمت مشاهدتها من على الأرض، مذنب هايكوتاكي وفترة دورانه حول الشمس مرة كل 3000 سنة ، ومذنب هالي، واكتشف قبل ألفي عام، ومذنب سويفت وتمبل، وهناك أسماء كثيرة من المذنبات المعروفة للعلماء .
النيازك اصطدم بالأرض من قبل
ولعل السؤال الذي يطل بوجهه علينا في هذه الأيام : هل أرتطمت نيازك من قبل بالأرض ؟
في دراسة علمية نشرت مؤخرا في دورية العلوم البريطانية ،نقرأ عن إرتطام مذنب فضائي هائل بالأرض قبل 251 مليون سنة، مما أدى إلي اختفاء حوالي %90 من مظاهر الحياة على كوكب الأرض، وهناك أحاديث أخرى عن إرتطام نيزك آخر بالأرض ، أسفر عن إنقراض الديناصورات قبل 66 مليون سنة، وتدل الدراسة التي أعتمدت على شظايا صغيرة من المذنب عثر عليها في القارة القطبية الجنوبية ، على أن اكبر حملة إبادة شهدتها الأرض ربما نجمت عن سقوط صخرة كونية كبيرة بحجم جبل تعرف باسم PERMIAN- TRIASSIC .
وقد قدر العلماء أن عرض الصخرة نحو ستة أميال وقد تسببت في تكوين كرة نارية ضخمة قذفت ملايين الأطنان من الغبار الي الغلاف الجوي، فحجبت ضوء الشمس وسادت الظلمة كوكب الأرض لعدة أشهر ، والى هذا النيازك تعزى إبادة الديناصورات ،ولم يتمكن العلماء من تحديد نقطة إرتطام النيازك في قارة بانغي الشاسعة التي ضمت إفريقيا وأمريكا الجنوبية والهند واستراليا في الأزمان السحيقة ، بيد أن العلماء يعتقدون بإرتطامه في المنطقة التي تعرف الآن بغربي استراليا .
ويرجح العلماء أن قوة الإرتطام قد أدت لتدفق الحمم البركانية على مدى زمني أستمر آلاف الأعوام ، وغطى مساحات شاسعة من الأرض ، بيد أنه لم يتم العثور على الدليل الداعم لذلك حتى الآن .
مذنبات مظلمة تهدد الأرض
والشاهد أنه إذا كان ذلك كذلك في الماضي فماذا عن تهديدات المستقبل بشكل عام ؟
الثابت أن علماء الفلك في الآونة الأخيرة قد حذروا من أن هناك مجموعة من المذنبات المظلمة غير المرئية، باتت تمثل تهديدا مميتا لكوكب الأرض، ويقول بعضهم إن تلك المذنبات التي قد تتواجد بالآلاف ، ليست مراقبة من قبل المراصد وكالات الفضاء .
غير أن « بيل نابير » من جامعة كارديف الإنجليزية ، أكد أن عددا كبيرا من تلك المذنبات قد يصل الي الأرض دون أن يتم الكشف عنهم وأضاف : «هناك قضية يجب أن توضح وهي أن المذنبات المظلمة الساكنة تمثل أهمية كبرى لكنها لا تبدو خطرة الي حد كبير» .
قدر علماء الفلك أن هناك حوالي ما يقرب من ثلاثة آلاف مذنب موجودة في المجرة ، لكن لم يتم التعرف سوى إلي 25 مذنبا منها فقط ، وإلى وقت قريب جدا كان علماء الفلك يشعرون بخوف شديد ، ويحسون أنهم يخوضون حربا غير متكافئة مع الوقت ، فقد كانوا يعتقدون أن السرعة التي يتجه بها أحد المذنبات البالغ قطره كيلومتر واحد نحو الأرض منذ سنة 1989، كفيلة بأن تقضي على مظاهر الحياة في كوكب الأرض .
كان من المتوقع أن يحدث الإرتطام بالأرض في سنة 1992 ، وعليه فقد أتفق العلماء على وضع بطارية مليئة بالصواريخ النووية ، من أجل تفجير المذنب أو تغيير إتجاهه خارج مجال الأرض ، ولم تكن الخطة سهلة بالطبع لأن تفجير المذنب كان يتطلب دقة كبيرة تعادل الدقة المنشودة لإصابة وسط عملة نقدية صغيرة على بعد 20 كلم .
غير أنه ومن رحمة الله فإن المذنب لم يرتطم بالأرض ، ولم يقترب من مدارها إلا بمسافة حوالي 600 ألف كيلومتر .
هل هناك مخاوف من إقتراب أو إرتطام مذنب أو نيازك عما قريب بالكوكب الأزرق ليقضي على الزرع والضرع معا ؟
الإصطدام بين الحقيقة والخيال
منذ سنوات خرجت علينا هوليوود بفيلم أمريكي شهير « أرماجدون » ، من بطولة النجم الألماني الأصل الأمريكي الجنسية « بروس ويلز » ،هذا الفيلم تدور أحداثه حول نيازك يهدد بتدمير الأرض ،ولهذا يتم الإستعانة ب « ويلز » الذي يعمل حفارا في أحد حقول النفط وفريقه ،من أجل تنفيذ عملية في الفضاء ، وهي زرع قنبلة نووية في جسم النيازك كي يتم تدميره قبل أن يضرب الأرض، في مغامرة تحتاج إلي سرعة في تنفيذ المهمة ، قبل أن تحدث الكارثة التي ستقضي على الحياة على الأرض .
هذه الفكرة الخيالية ربما باتت اليوم واقع وهذا ما أشار إليه مؤخرا العالم الإسترالي « فينس فورد »، والذي أكد على أنه يجب إستخدام سلاح نووي لإبعاد كويكب سيار عن مساره الحالي ،حيث يحتمل إن استمر في هذا المسار ، أن يرتطم بالأرض بعد 17 عاما وقال « فورد » إنه بدون التحرك ، فإن الكويكب يمكن أن يصطدم بالأرض ، ويسبب موجات مد ودمار هائل .
غير أن العلماء غير واثقين مما إذا كان هذا الكويكب والذي يبلغ قطره أربعة كيلومترات ومعروف لدى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا باسم « NT7-2002” سوف يتجه نحو الأرض ، وقالت ناسا إنه من السابق لآوانه التنبؤ بما إذا كان هذا الإحتمال البعيد سوف يصبح أكثر ترجيحا .
مذنب 2036 أم نيازك 2126؟
في أكتوبر من عام 2005 صدر تقرير عن مركز الأبحاث في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، يفيد برصد مذنب كبير سوف يقترب من فضاء الأرض في عام 2029، ويخشى العلماء أن ينحرف مسار المذنب بعد الاقتراب من مدار الأرض، ويدخل في مدار جديد قد يعود ويصطدم بالأرض في عام 2036 ، ويوصي البحث بإرسال مركبة فضاء فيها بعثة علمية مهمتها الإقتراب من المذنب بمسافة عدة آلاف من الكيلومترات ،وتحاول إرسال مسبار ليهبط على المذنب مزود بجاهز راديو للإرسال والاستقبال، لدراسة مسار المذنب في حال تغيير مساره الأصلي ، عند التداخل مع جاذبية الأرض .
اليوم تتجدد مخاوف العلماء مرة أخرى مع ظهور نيازك يعتبر أكبر من السابق بعشرات المرات ويتوقع العلماء أن يرتطم بالأرض سنة 2126 ، وهو واحد من بين آلاف المذنبات المختلفة الأحجام والأشكال، التي تعبر مدار الأرض، وتحوم في مدار خارج وحول الشمس كل مائة عام ، وقد سبق له أن اقترب من الأرض دون أن يشكل خطورة كبيرة ، لكن عودته المرتقبة في سنة 2126 حسب حسابات علماء الفلك هي التي تثير المخاوف .
والعلماء المفرطون في التشاؤم يؤكدون ربما نهاية معظم العالم ستكون في سنة 2126 ، حيث أن حساباتهم تجزم بأن المذنب سيظهر في السماء،محدثا إنفجارا ودويا هائلا، ثم سيسقط بحجمه الذي يتعدى حجم مدينة كبيرة فوق الأرض بسرعة تفوق سرعة الرصاص بمائة مرة، وسيكون محملا بطاقة هائلة تتعدى كل الإحتياطي النووي الموجود في العالم، هل يمكن أن يقف الإنسان عاقدا ذراعيه على صدره أمام ثورة الطبيعة الفضائية هذه ؟.
الأرض بين الحماية الطبيعية والبشرية
في الجواب على السؤال المتقدم نجد أننا إزاء شكلين من أشكال الحماية أحدهما طبيعي والآخر صناعي.
فبحسب تقرير نشرته صحيفة الديلي تليجراف البريطانية قال علماء فلك إنجليز إن كوكبي زحل والمشترى حميا الحياة على الارض منذ مئات ملايين السنين، بجذبهما وإبعادهما المذنبات الخطيرة عنها، فقد أكتشف العلماء أن الدليل الجديد يؤكد عدم خطورة المذنبات على الأرض، بعكس ما كان متخيلا في السابق وفقا لأفلام الخيال العلمي التي كانت تصب في هذا الاتجاه .
لكنهم قالوا إن كوكبنا ليس آمنا تماما من تأثير الأجسام التي ترتطم به من الفضاء الخارجي وحذر علماء الفلك من أن هناك كويكبات مثل تلك التي ظهرت في فيلم « ارمجدون » ، مازالت تشكل تهديدا كبيرا ، وتشير إحصاءات فريق من علماء من جامعة واشنطن ، الي أن مذنبين فقط أرتطما بالأرض خلال الخمسمائة مليون سنة الماضية ، ويلمح تقييمهم إلي وجود مذنبات أكثر مما كان يعتقد في السابق ، لكن الأرض ظلت محمية بفعل جاذبية كوكبي زحل والمشترى ، اللذين يطردان المذنبات إلي الفضاء الخارجي أو يوجهانها نحو الكواكب الأبعد .
على أنه وفي السنوات الأخيرة ،طالبت مجموعة من العلماء الأمم المتحدة ببناء درع وقائي كأمر طارئ لحماية الأرض من الكويكبات المتساقطة، ويتضمن النظام الدفاعي نشر سفن فضائية مهامها تدمير أو تحريف مسار أي أجرام قد تنهمر على الكوكب ، وجاء في دعوة هولاء العلماء « أنه يتوجب على الأسرة الدولية العمل على إستحداث ثلاثة عوامل وقائية: التحذير ، وتقنيات لتحريف المسار ، وإجراء لإتخاذ القرارات ،وتحويلها إلي وسائل دفاعية ضد أي حوادث إرتطام مستقبلية .، وقد حذرت مجموعة العلماء هذه من أن عدة عشرات من تلك الكويكبات قد تمثل تهديدا لكوكب الأرض وان الخطر الأعظم يتمثل في استحالة التكهن الدقيق بخطورة أي منها وحتى اقترابه الشديد من الأرض مما يعني فوات الأوان لاتخاذ تدابير للحيلولة دون كارثة، وجاء في تقرير لهم انه « على مدى الأعوام العشرة أو أل 15 المقبلة فان عملية اكتشاف الكويكبات قد تؤدي الي تحديد العشرات منها كأجسام جديدة تهدد الأرض بما يكفي لاتخاذ المم المتحدة خطوات وقائية .
ويبقى التساؤل الرئيس قبل الإنصراف :»هل ستنجح البشرية في درء هذا الخطر القادم، أم أنها النهاية المحتومة لكل كائن حي على وجه الكرة الأرضية ؟ .
لا يوجد تعليقات