مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-12-01

زيارة‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬التاريخية‭ ‬للبحرين‭..‬‭ ‬رسالة‭ ‬سلام‭ ‬للبشرية

‮«‬عقب‭ ‬حربين‭ ‬عالميتيْن‭ ‬مروعتيْن،‭ ‬وحرب‭ ‬باردة‭ ‬ظلَّ‭ ‬العالم‭ ‬فيها‭ ‬حابسًا‭ ‬أنفاسه‭ ‬لعشرات‭ ‬السنين،‭ ‬تحدُث‭ ‬صراعات‭ ‬كارثية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬كافة،‭ ‬ووسط‭ ‬تصاعد‭ ‬الاتهامات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والتنديدات،‭ ‬مازلنا‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬هاوية‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نسقط‮»‬‭.. ‬هكذا‭ ‬قدَّم‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬رأس‭ ‬الكنيسة‭ ‬الرومانية‭ ‬الكاثوليكية،‭ ‬صورة‭ ‬دقيقة‭ ‬للمشهد‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬إبَّان‭ ‬زيارته‭ ‬التاريخية‭ ‬الأولى‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬نوفمبر2022،‭ ‬والثانية‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬لدولة‭ ‬خليجية‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬أجراها‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭.‬
 
 
بقلم‭: ‬جهاد‭ ‬عمر‭ ‬الخطيب‭ ‬
باحثة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية
وتأتي‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬دولي‭ ‬شديد‭ ‬التعقيد‭ ‬حيث‭ ‬استطالة‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬وتزايُد‭ ‬حدة‭ ‬الاستقطابات‭ ‬والتجاذبات‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬تعميق‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬العالم‭ ‬أحوج‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلى‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تخاطب‭ ‬العقل،‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬للحوار‭ ‬والسلام‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬صنوف‭ ‬البشر‭ ‬جميعًا،‭ ‬وتُعيد‭ ‬لهم‭ ‬أمنهم‭ ‬وتُجدِّد‭ ‬إيمانهم‭. ‬
 
 
زيارة‭ ‬بابوية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭:‬
وصف‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬زيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬بكونها‭ ‬‮«‬زيارة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحوار‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬أتت‭ ‬بعد‭ ‬أسابيع‭ ‬قلائل‭ ‬من‭ ‬زيارته‭ ‬لكازاخستان‭ ‬بمنتصف‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬حضر‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬قادة‭ ‬الأديان‭ ‬العالمية‭ ‬والتقليدية‮»‬‭  ‬Congress of Leaders of‭ ‬World and Traditional Religions،‭ ‬وتُعَد‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬للبحرين،‭ ‬وتزامنت‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬“ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭- ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني”،‭ ‬بمشاركة‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬“أحمد‭ ‬الطيب”‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭.‬
 
 
وتُعتبر‭ ‬البحرين‭ ‬المحطة‭ ‬العربية‭ ‬السابعة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬زيارات‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬للخارج‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬رئاسة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬وطيلة‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة،‭ ‬أجرى‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الجولات‭ ‬العربية‭ ‬بدأها‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الأردن‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2014،‭ ‬وكانت‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحطة‭ ‬العربية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬للأردن،‭ ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬مدينة‭ ‬بيت‭ ‬لحم‭ ‬التاريخية‭ ‬جنوبي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬حج‭ ‬وسلام‭ ‬للأراضي‭ ‬المقدسة‭ ‬ببيت‭ ‬لحم‭. ‬
 
 
وفي‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬قام‭ ‬الحبر‭ ‬الأعظم‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬منذ‭ ‬17‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬يوحنا‭ ‬بولس‭ ‬الثاني‭ ‬لمصر‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬وكانت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬المحطة‭ ‬العربية‭ ‬الرابعة‭ ‬للبابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬واستمدت‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬رمزية‭ ‬خاصة‭ ‬كونها‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬الإمارات‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬عاما‭ ‬للتسامح،‭ ‬كما‭ ‬اعْتُبرت‭ ‬محطة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬كونها‭ ‬شهدت‭ ‬توقيع‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬الإمام‭ ‬“أحمد‭ ‬الطيب”‭ ‬والبابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬بابا‭ ‬الفاتكيان‭ ‬“وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية”‭. ‬
 
 
وفي‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬قام‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬بزيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬لدولة‭ ‬المغرب،‭ ‬وكانت‭ ‬جمهورية‭ ‬العراق‭ ‬المحطة‭ ‬السادسة‭ ‬لبابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬عدة‭ ‬مدن‭ ‬عراقية‭ ‬أبرزها‭ ‬العاصمة‭ ‬بغداد‭ ‬والنجف‭ ‬و”أور”‭ ‬الأثرية‭ ‬التاريخية‭ ‬ليعود‭ ‬مجددًا‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بزيارته‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭.‬
 
 
إبعاد‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حافة‭ ‬الهاوية‮»‬
أكَّد‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭- ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‮»‬،‭ ‬المنعقد‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المنامة‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬زيارة‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬للبحرين،‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يُدْفَع‭ ‬دفعًا‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬حافة‭ ‬الهاوية‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفاقُم‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والكوارث‭ ‬الإنسانية،‭ ‬مجددًا‭ ‬معارضته‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تأجيج‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات،‭ ‬وإطالة‭ ‬أمدها‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬جدَّد‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬معارضته‭ ‬لسباق‭ ‬التسلُّح‭ ‬كونه‭ ‬يُعيد‭ ‬العالم‭ ‬لحقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬وكذا‭ ‬الزعماء‭ ‬الدينيين‭ ‬الذين‭ ‬يدعمون‭ ‬بفتواهم‭ ‬الحروب‭ ‬الراهنة،‭ ‬وقادة‭ ‬الدول‭ ‬الذين‭ ‬ينجرفون‭ ‬لصراعات‭ ‬طائشة‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيها،‭ ‬وإحياء‭ ‬خطاب‭ ‬عفا‭ ‬عليه‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬رسم‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذ‭ ‬وتحالفات‭. ‬
 
 
ويُلاحظ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬للمشهد‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬والواقعية؛‭ ‬فالانزلاق‭ ‬لسباق‭ ‬تسلُّح‭ ‬تقليدي‭ ‬أو‭ ‬نووي،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الحروب‭ ‬دون‭ ‬محاولة‭ ‬لتسويتها‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أطرافها‭ ‬بغية‭ ‬التوصُّل‭ ‬لحل‭ ‬وسط‭ ‬يضع‭ ‬حدًا‭ ‬للحرب‭ ‬كلها‭ ‬أمور‭ ‬لن‭ ‬يجني‭ ‬العالم‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقطابات‭ ‬والتجاذبات‭ ‬والتقسيم‭ ‬إلى‭ ‬معسكرات‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الجديدة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬فاقمت‭ ‬–ولا‭ ‬تزال‭- ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭.‬
 
 
لقاء‭ ‬‮«‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬مجدداً
منذ‭ ‬لقائهما‭ ‬التاريخي‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬حيث‭ ‬وقَّعا‭ ‬على‭ ‬‮«‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬تكرَّرت‭ ‬اللقاءات‭ ‬بين‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬الإمام‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬والبابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية،‭ ‬ودائمًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الود‭ ‬والحفاوة‭ ‬والاحترام‭ ‬السَّمت‭ ‬المُميِّز‭ ‬لتلك‭ ‬اللقاءات‭.‬
 
 
ومجددًا‭ ‬في‭ ‬المنامة،‭ ‬التقى‭ ‬الإمام‭ ‬الطيب‭ ‬والبابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬زيارتهما‭ ‬لدولة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حضور‭ ‬ملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭- ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سعيهما‭ ‬معًا‭ ‬لإحلال‭ ‬وإرساء‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تأكيدهما‭ ‬أهمية‭ ‬تضامن‭ ‬قادة‭ ‬وزعماء‭ ‬الأديان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خير‭ ‬البشرية،‭ ‬وإعلاء‭ ‬صوت‭ ‬الدين‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء‭.‬
وإبَّان‭ ‬الزيارة،‭ ‬شهد‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭ ‬الذي‭ ‬عُقِد‭ ‬برئاسة‭ ‬استثنائية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬وشيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬وقد‭ ‬شهد‭ ‬الاجتماع‭ ‬توافقًا‭ ‬حول‭ ‬الأطروحات‭ ‬التي‭ ‬بلورها‭ ‬الإمام‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬تعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬واحترام‭ ‬الاختلافات،‭ ‬وكذا‭ ‬الوحدة‭ ‬مع‭ ‬المسيحيين‭ ‬والأديان‭ ‬الأخرى،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والذي‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬إذابة‭ ‬الاختلافات‭ ‬وتجسير‭ ‬الفجوة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يستهدف‭ ‬البتَّة‭ ‬طمس‭ ‬الهوية‭ ‬أو‭ ‬إلغاء‭ ‬الفروقات‭ ‬والتمايزات‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬وبعضهم‭.‬
 
 
وفي‭ ‬المنامة،‭ ‬عاود‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الإمام‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬‮«‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬باعتبارها‭ ‬أنموذجًا‭ ‬ونهجاً‭ ‬يُمثِّل‭ ‬أساساً‭ ‬للبناء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬والوئام‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والتسامح‭ ‬بين‭ ‬الناس‭. ‬وهي‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬وقَّعها‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬والبابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬فبراير‭ ‬2019،‭ ‬وجاءت‭ ‬بمثابة‭ ‬دعوة‭ ‬للمصالحة‭ ‬والتَّآخِي‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالأديان،‭ ‬وكذا‭ ‬المؤمنين‭ ‬وغير‭ ‬المؤمنين،‭ ‬وكذا‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭ ‬الأعمى،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أيضًا‭ ‬مثَّلت‭ ‬دعوة‭ ‬للتسامح،‭ ‬والتمسُّك‭ ‬بقيم‭ ‬السلام‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك،‭ ‬وكفالة‭ ‬الحرية‭ ‬لكل‭ ‬البشر‭ ‬اعتقاداً‭ ‬وفكراً‭ ‬وتعبيراً‭ ‬وممارسةً‭ ‬حسبما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬بنود‭ ‬الوثيقة‭.‬
 
 
وتخليداً‭ ‬لهذا‭ ‬اليوم‭ ‬وتأكيد‭ ‬كونه‭ ‬محطة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬اعتمدت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قراراً‭ ‬بالإجماع‭ ‬لإعلان‭ ‬يوم‭ ‬4‭ ‬فبراير‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬الدولي‭ ‬للأخوة‭ ‬الإنسانية‮»‬‭-‬ضمن‭ ‬مبادرة‭ ‬قدمتها‭ ‬كلٌ‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والإمارات‭ ‬والبحرين‭ ‬والسعودية‭- ‬واحتفاء‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬سنوياً‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬باعتباره‭ ‬مناسبة‭ ‬للتفكُّر‭ ‬والتدبُّر‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬والأديان‭ ‬وقيمة‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر،‭ ‬وهو‭ ‬جوهر‭ ‬أي‭ ‬دين‭.‬
 
 
واعْتُبر‭ ‬لقاء‭ ‬الإمام‭ ‬‮«‬الطيب‮»‬‭ ‬والبابا‭ ‬‮«‬فرانسيس‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬تأكيدًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نصَّت‭ ‬عليه‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بشأن‭ ‬العلاقة‭ ‬الارتباطية‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬قصوى‭ ‬للجانبيْن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبدالها‭ ‬أو‭ ‬تجاهلها؛‭ ‬فكلاهما‭ ‬يرى‭ ‬ضآلته‭ ‬في‭ ‬الآخر،‭ ‬فبإمكان‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يستلهم‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬ما‭ ‬يعالج‭ ‬به‭ ‬روحه‭ ‬ويواجه‭ ‬به‭ ‬طغيان‭ ‬الجانب‭ ‬المادي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬سبُل‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني‭. ‬
 
 
وصفوة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الزيارة‭ ‬التاريخية‭ ‬للبابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬للبحرين‭ ‬ولقائه‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬الإمام‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬الطيب‮»‬‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬تُضاف‭ ‬إلى‭ ‬سجل‭ ‬الزعيميْن‭ ‬الدينييْن‭ ‬الحافل‭ ‬بمحاولات‭ ‬مخلصة‭ ‬لتقديم‭ ‬نموذج‭ ‬للحوار‭ ‬والتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬وتجسير‭ ‬الهُوّة‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬التعدُّد‭ ‬والاختلاف‭ ‬هو‭ ‬سُنَّة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬كونه،‭ ‬وأن‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬وقبول‭ ‬معتقده‭ ‬الديني‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بأية‭ ‬حال‭ ‬طمس‭ ‬الهوية‭ ‬أو‭ ‬الفناء‭ ‬في‭ ‬الآخر،‭ ‬وإنما‭ ‬القبول‭ ‬والتعارف‭ ‬والتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬السِّلمي‭ ‬والوحدة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يموج‭ ‬بالصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬الطائشة‭ ‬والمغامرات‭ ‬غير‭ ‬محسوبة‭ ‬العواقب‭.  ‬


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره