مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-12-01

قمــرات جديـــدة للمقاتــلات لتخفيـف العــبء على الطيــارين

قُمْرة القيادة Cockpit هي مساحة معينة تقع عموماً في مقدمة الطائرة، مخصصة لقيادة الطائرة والتحكم بها، وظهرت للمرة الأولى في عام  1914، والهدف الرئيسي من قمرات القيادة الجديدة في المقاتلات هو تخفيف العبء عن كاهل الطيارين حتى يكونوا أكثر قدرة على إصابة الأهداف، وذلك بفضل استخدام التقنيات الحديثة، بعد أن أصبحت المقاتلات متعددة المهام، ابتداء من السيادة الجوية وحتى تقديم الدعم الجوي القريب للقوات الأرضية.
 
إعداد: عميد م. علي حلمي علواني
 
 
وتصمم القمرات الجديدة للمقاتلات لتلائم مهام الحرب الجوية في القرن الحادي والعشرين، حيث ركز المصممون على أن توفر القمرة الإدراك بالموقف التكتيكي مع تأكيد البيانات اللحظية للطيار، بحيث يتحول الطيار إلى مقاتل تكتيكي، بعد أن أصبحت المقاتلة الحديثة شديدة التعقيد، وأصبح التحكم في كل أنظمتها من شأنه أن يشتت انتباه الطيار ويصرفه عن التركيز على ما هو أكثر أهمية لتحقيق المهمة، وذلك بزيادة الآلية، وتقليل المفاتيح، وتصفية البيانات المعروضة لتتضمن الهام منها فقط. 
 
توفير وعرض المعلومات
من المهام الرئيسية لقمرة القيادة في الطائرة توفير المعلومات للطاقم، وكلما زادت سرعة الطائرة كلما تعقدت مهام القتال، وكلما أصبحت الأجواء أكثر عدائية، وزادت عمليات الحرب الالكترونية والقتال المتلاحم، وهذا بدوره يجعل تدفق المعلومات أكثر أهمية. وكانت القمرات القديمة لا تناسب كثيراً التطورات في مجال الحرب الجوية، فوفقاً لأوضاع أجهزة القياس والمفاتيح في القمرة كان على الطيار أن يبعد عينيه عن الهدف ليركز على لوحة المقاييس والمفاتيح، وإضافة إلى أن هذا يزيد من زمن رد الفعل فإنه يعطي العدو الفرصة للإفلات.
 
وكان على الطيار تفسير جميع المعلومات بقدراته الذهنية لإدراك الموقف القتالي في البيئة التي يطير فيها والتي تمتلئ بالطائرات المعادية والصديقة، وكان عليه أيضاً أن يستعين بالموجهين الذين يحددون له الأهداف التي عليه أن يتوجه صوبها، وكانت دقة إصابة الهدف تعتمد على دقة معلومات الموجهين، وكان الحل لهذه المشكلات هو عرض كل المعلومات للطيار بطريقة تساعده بدلاً من أن تعيقه، بحيث يستطيع أن يقوم بكل المهام دون أن يحرك يديه بين المفاتيح والمقاييس.
 
وهذه المعلومات يمكن تقسيمها إلى مجموعتين، وكل منهما لها متطلبات خاصة بالنسبة لأجهزة العرض: المجموعة الأولى وهى المعلومات الحرجة، وتتضمن كل ما هو مهم لحظياً، مثل سرعة الطائرة، والارتفاع، ومعلومات الأسلحة، وبيانات الهدف، وغيرها، وهذه المعلومات يجب تقديمها في مجال رؤية الطيار لتمكنه من التركيز على العالم الخارجي، ولذلك، يجب عرضها بطريقة يسهل تفسيرها لتقليل الأخطاء.
 
أما المجموعة الأخرى فهي المعلومات غير الحرجة، وهي التي قد يحتاجها الطيار كل فترة، مثل موقف الوقود والذخائر، وبيانات المحرك، والحرب الالكترونية، ومعلومات الرادار التكتيكية، وهذه المعلومات يجب أن يكون من السهل الوصول إليها، وألا يتم إعادة تجميعها حتى لا يحدث خطأ في تفسيرها، فليس هناك أصعب من دوام النظر إلى بيانات كثيرة يصعب تفسيرها، ويجب على وسائل عرض هذه المعلومات أن تكون مرنة بحيث تتواءم مع التغيرات في الأنظمة. وقد تم تصميم نظام شاشة العرض المحمولة على الخوذة Head Up Display: HUD وشاشة الرؤية إلى أسفل Head Down-Display: HDD للوفاء بهذه المتطلبات.
 
قمرة المقاتلة F-22
لقد غيرت قمرة المقاتلة F-22 Raptor  الشكل المعتاد لقمرة القيادة حيث تسمح لقائد الطائرة بالتصرف كقائد تكتيكي بدلاً من مجرد مشغل لبعض المستشعرات، وأتاحت له فرصة للتفكير والتخطيط والتنفيذ بالاستعانة بجهاز الكمبيوتر. وهذه المقاتلة هي الأولى من بين كل المقاتلات التكتيكية التي لها قمرة زجاجية بالكامل، ومن التحديثات الجديدة في هذه القمرة:
- هي أول قمرة متوافقة مع منظار الرؤية الليلية.
- عدم تواجد أجهزة القياس والعدادات التناظرية التقليدية.
- القابلية للتحديث.
- القمرة مزودة بكرسي قاذف محسن وفقاً للمواصفات العسكرية.
- تستخدم شاشة العرض المحمولة على خوذة الرأس للطيار Head Up Display: HUD والتي لها مجال رؤية أمامي يغطي 30 درجة أفقياً و25 درجة رأسياً، وذلك بدلاً من شاشة الرؤية إلى أسفل Head Down display: HDD، وللحماية من ضربات الطيور  يضاف إلى الواقي الزجاجي الأمامي واقي مطاطي إضافي حول شاشة HUD كمخفف للصدمات حتى لا تتأثر الشاشة. وشاشة العرض متعددة الأغراض Primary multi-Function Display: PMFD ملونة، ومقاسها 8×8 بوصة، وهي الشاشة الرئيسة التي يستخدمها الطيار في أعمال الملاحة، حيث توضح له مسار الطيران. ويمكن للطيار الإبلاغ عن الموقف حوله بمجرد نظرة على الشاشات، وتظهر طائرات العدو كمثلثات حمراء، أما الطائرات الصديقة فتظهر كدوائر حمراء، بينما تظهر الطائرات الأخرى المجهولة (الطائرة المجهولة هي التي لم يتم تمييزها بدرجة دقة لا تقل عن 98 %) كمربعات صفراء، وتظهر المقذوفات سطح / جو كأشكال خماسية، إضافة إلى توضيح نوع هذه المقذوفات ومداها المؤثر، وإذا حدث عطل في إحدى شاشات العرض تنقل المعلومات آلياً إلى شاشة أخرى.
 
- تعتبر لوحة التحكم المتكاملة Integrated Control Panel: ICP هي المكان الرئيسي التي من خلالها يستطيع الطيار إدخال البيانات للاتصالات، والطيار الآلي Autopilot، والملاحة، وهذه اللوحة تثبت أسفل شاشة HUD وأعلى منتصف لوحة أجهزة القياس.
 
- بالقمرة 6 شاشات عرض كريستاليةLCD  تعمل باللمس، فمجرد لمسة أصبع على أماكن مختلفة تظهر معلومات مختلفة بفضل تقنية اللمس على الزجاج التي تطورت كثيراً، خاصة مع إمكانية تغيير حجم البيانات المعروضة، وأدى ذلك إلى الاستغناء عن العديد من المفاتيح التي كانت تميز قمرات الأجيال السابقة من المقاتلات، ويمكن قراءة ما عليها في وجود أشعة الشمس، وهي تتميز عن شاشات العرض القديمة التي تعتمد على أنابيب الكاثود Cathode Ray Tubes بخفة الوزن، وصغر الحجم، وقلة استهلاك الطاقة، وشاشتي العرض Up Front Displays: UFD تزودان الطيار بمعلومات الاتصالات والملاحة والتحذيرات وتمييز الأهداف، ويمكن أن تظهر عليهما 12 رسالة في نفس الوقت، وتتميزان بوجود فلتر لتصفية الإنذارات الكاذبة.
- يوجد نظام صوتي لتنبيه الطيار في حال حدوث عطل في الطائرة، وهو يعطي تحذيراً مسموعاً مثل «هناك عطل في المحرك». 
- وللمحافظة على حياة الطيار يستخدم نظام لتوليد الأكسجين، ومنظم للتنفس، وصمام لمعادلة التغير في الجاذبية من خلال التحكم في الضغط في القناع والبزة.
 
قمرة المقاتلة F-35
بدلاً من تطوير قمرة الطائرة F-35 من الطرازات السابقة فإنه تم تصميم قمرة جديدة بالكامل، وذلك بمراعاة وجهات نظر الطيارين. وهذه القمرة يمكنها استيعاب طيارين ذوي أوزان وأطوال مختلفة (بدءاً من وزن  100 رطل وبطول 4 قدم و11 بوصة وحتى وزن 250 رطل وبطول 6 أقدام و5 بوصات).
 
ولقمرة المقاتلة F-35 شاشة عرض بانورامية زجاجية مقاس 20×8 بوصة، ونظام تعرف على الأصوات، وهي أول طائرة أمريكية ثابتة الجناح تستخدم هذا النظام بالرغم من استخدام أنظمة مشابهة من قبل في الطائرات AV-8B، وستزود جميع نماذج هذه المقاتلة بنظام شاشة العرض على الخوذة Helmet-mounted Display System: HMDS، وهو النظام المستخدم على الطائرات  F-15 و F-16وF/A-18. وبينما تستخدم بعض المقاتلات نظام HMDS مع نظام HUD فإنه للمرة الأولى منذ عدة عقود تصمم مقاتلة نفاثة تكتيكية تعمل في الخطوط الأمامية، وهي المقاتلة F-35، بدون نظام HUD.
 
ويمكن للطيار إعطاء أوامر صوتية للتحكم في بعض الوظائف في أنظمة الطائرة، ولكن اللمس بالأصبع على زجاج شاشات العرض يحقق نتائج أسرع. وتعتبر المقاتلة F-35 هي أول مقاتلة تستخدم شاشة العرض العلوية الافتراضية Virtual head-up display، والتي تسقط المعلومات على خوذة الطيار مهما اختلف الاتجاه الذي ينظر إليه الطيار، ويسمى هذا النظام Helmet Mounted Display: HMD، وهو يوفر للطيار القدرة على النظر في أي اتجاه للبحث عن معلومات تكتيكية أو معلومات تتعلق بالطيران على خط الرؤية، وهذا يزيد من القدرة على تحقيق إصابات قاتلة، وفى نفس الوقت، توفير مزيد من الحماية للطائرة، وهذا هو ما يسمى بـ»القدرة خارج المحور» off-axis capability، وهي تعني السماح للطيار بمواجهة التهديدات «برأسه» بدلاً من مواجهتها بتحريك الطائرة. ويخفض نظام HMD من التكاليف والوزن، مقارنة بنظام HUD التقليدي، وفي نفس الوقت، يبسط من تصميم القمرة. ونظام HMD يحسن من عملية تصويب الأسلحة من خلال معلومات الهدف التي تنقل إلى الطيار. وفي السابق، كان نظام الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء FLIR المستخدم للتصويب يقتصر على مجال الرؤية الضيق الذي يسمح به نظام HUD. وباستخدام نظام HMD يستطيع الطيار مراجعة صور نظام FLIR فورياً مما يزيد من قدرته على إدراك الموقــــف في الزمن الحقيقي. وإضافة إلى هذه المزايا فإن نظام HMD يسمح بعرض صور أجهزة الرؤية الليلية للأهداف الموجودة على محــــور الطائرة أو خارج المحور باستخدام مستشعرات الأشعة تحت الحمراء التي تعمل في كل الاتجاهات، وهـــذه المستشعرات تعمـــل بالتوافـــق مع تقنيات جديـــدة للكامـــيرات.
 
قمرات مقاتلات أخرى
في عام 2003 بدأت عملية تطوير نظام HMDS للمقاتلة Gripen اعتماداً على النظام Striker HMDS الذي سبق تطويره للمقاتلة الأوروبية Typhoon، وأصبح النظام جاهزاً في عام 2008، وقد روعي في تصميمه إمكانية التخلص منه في حالة لجوء الطيار إلى القفز من الطائرة.
 
وقمرة المقاتلة «تايفون» زجاجية بالكامل، وبدون أي أجهزة تقليدية، وتستخدم ثلاث شاشات ملونة متعددة الاستخدامات للرؤية إلى أسفل ومتصلة بشاشة عرض HUD مزودة بنظام FLIR ونظام توزيع المعلومات MIDS، ويتحكم الطيار في الطائرة بواسطة عصا مركزية مصممة بنظام Hand on Throttle and Stick: HOTAS لتقليل العبء على الطيار، ونظام دخول الصوت مباشرة Direct Voice Input: DVI الذي يستخدم تقنية التعرف على الأصوات، وهذا النظام هو الأول من نوعه الذي يستخدم في قمرة المقاتلات، وهو يمكن الطيار من إعطاء الأوامر الصوتية لنحو 26 وظيفة غير حرجة في القمرة، وذلك لتخفيف العبء عنه، إضافة إلى أنه يحسن من مستوى أمان الطائرة.
 
وقمرة القيادة في المقاتلة الروسية Su-37 هي أول قمرة روسية تستخدم نظام Hands On Throttle and Stick: HOTAS، وبعصا جانبية. وتتميز القمرة بأربع شاشات متعددة الأغراض. وتحتوى القمرة أيضاً على مقعد قذف مائل بـ 30 درجة للخلف للمساعدة في تقليل تأثير قوى الجاذبة العالية.
 
وصممت القمرة الزجاجية الرقمية للمقاتلة الفرنسية Rafale وفقاً لمبدأ صهر المعلومات من خلال كمبيوتر مركزي يستخدم الذكاء الاصطناعي في اختيار وترتيب المعلومات التي يتم عرضها على الطيار لتسهيل عملية القيادة والسيطرة، وبالقمرة نظام Direct Voice Input: DVI الذي يسمح بتنفيذ العديد من المهام بواسطة صوت الطيار لتقليل العبء عنه، ولعرض المعلومات التي يتم جمعها من المستشعرات المختلفة يستخدم نظام HUD عريض الزاوية وشاشتي عرض ملونتين للرؤية لأسفل وشاشة مركزية، وتم وضع هذه الشاشات بحيث تقلل من تشتيت انتباه الطيار عن معرفة ما يجري حوله، ويتم عرض معظم المعلومات بواسطة اللمس، ويستخدم نظام HMD للقيام ببعض المهام، مثل اختيار الأهداف. والقمرة تتوافق مع مناظير الرؤية الليلية، وهي مزودة بكرسي قاذف يمكنه العمل والطائرة ساكنة على الأرض، والكرسي مائل للخلف بزاوية 29 درجة لتوفير مجال رؤية أفضل للطيار، ويوجد بالقمرة مولد للأكسجين بدلاً من تحميل أنابيب أكسجين داخل القمرة.
 
قمرات المستقبل
أن الهدف النهائي من القمرات الجديدة للمقاتلات هو تركيز المعلومات الحرجة ووسائل التحكم في مجال رؤية الطيار بما يساعده على التغيير الفوري بين المهام المختلفة (من الهجوم الأرضي إلى القتال المتلاحم، ومن المسح الراداري إلى القتال المتلاحم). 
 
وتوفر القمرات الجديدة الحصول على معلومات حرب الشبكات المركزية التي تظهر آلياً على كل شاشات العرض ليتحول الطيار إلى مخطط عمليات تكتيكية يعمل من داخل القمرة، ويتطلب ذلك دمج المستشعرات لتصفية المعلومات وتقديم اللازم منها للطيار، فقمرة المستقبل ستصمم لتناسب عدداً من الطيارين الذين يقودون طائرات مختلفة في نفس الوقت، وهذا يتطلب تبسيط الرموز المستخدمة وتعدد الألوان على الشاشات، والقدرة على إدارة البيانات وتبادلها بحيث يمكن لأي طائرة أن تقود وتوجه مجموعة طائرات مأهولة أو غير مأهولة، ولهذا، زودت المقاتلات الجديدة بقمرات مزودة بشاشات توفر معلومات فورية للطيار في الزمن الحقيقي.
 
وسوف تستبدل القمرات الحالية بقمرة ذات شاشة عرض واحدة كبيرة مع شاشة رقمية ملونة إضافية على مستوى الرأس، وسوف يتم الاستغناء عن الشاشات ثنائية الأبعاد واستبدالها بأخرى ثلاثية الأبعاد توفر عرضاً أفضل للموقف القتالي مع عرض بيانات المستشعرات المختلفة، وتصميم القمرة الجديدة يهدف إلى القيام بمزيد من الوظائف من خلال شاشات العرض على مستوى الرأس.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره