مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2020-07-08

كورونا .. كيف سيؤثر في الصناعات الدفاعية والعسكريـة في العالم؟

ما يزال وباء كورونا المستجد»كوفيد- 19» منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019 يلقي بتأثيراته السلبية على كافة مجالات الحياة، الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية، خاصة أن الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تبنتها معظم دول العالم لوقف انتشاره أدت إلى إغلاق الاقتصاد ووقف العديد من الأنشطة والصناعات ووقف سلاسل التوريد. 
 
بقلم: يوسف جمعة الحداد
 
 
وتعد الصناعات الدفاعية والعسكرية من ضمن القطاعات التي تأثرت نتيجة هذا الوباء، سواء فيما يتعلق بقيام بعض الدول بتجميد هذه الصناعات ، جزئياً، أو فيما يتعلق بإرجاء المعارض الدفاعية والعسكرية في بعض الدول ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذا الوباء، والحيلولة دون انتشاره.
 
لكن رغم هذا الجانب السلبي، فإن وباء كورونا سلط الضوء على المزايا النسبية التي تتمتع بها الصناعات الدفاعية والعسكرية، وكيف أنها يمكن أن تشكل أحد البدائل المهمة التي تلجأ إليها الحكومات في العديد من دول العالم لمواجهة الأزمات والكوارث الطارئة من نوعية كورونا، حينما تم توجيه هذه الصناعات إلى إنتاج المستلزمات الطبية والأدوات الصحية اللازمة لمواجهته.
 
مفهوم الصناعات الدفاعية والعسكرية
يشير مفهوم الصناعات الدفاعية والعسكرية إلى «قاعدة الصناعة والتكنولوجيا الدفاعية»، التي ترتبط بأصول الحكومات الصناعية ذات الأهمية المباشرة وغير المباشرة لإنتاج معدات القوات المسلحة. وتعد الصناعات الدفاعية فرعاً اساسياً من فروع الصناعات الوطنية، وفي أغلب الدول المتقدمة صناعياً لا يمكن الفصل بينها وبين الصناعات المدنية، حيث تقوم العديد من الشركات الكبرى بإنتاح سلع مدنية وعسكرية في آن معاً، وهناك العديد من الأمثلة لتلك الحالات، ومن أشهرها شركة «بوينج» و«نورثروب» و«جنرال إليكتريك» المشهورة بمجالات الإنتاج الصناعي المدني وإنتاج أنظمة أسلحة ومعدات عسكرية متطورة، تشمل الطائرات الحربية والصواريخ الحديثة، ويشكل الإنتاج الحربي أحد فروعها وقسماً أساسياً من نشاطها العام.
 
وهناك تداخل واضح بين الصناعات المدنية والصناعات الدفاعية والعسكرية في أي دولة، خاصة أن الصناعات الدفاعية تعتمد في جانب كبير منها على الصناعات المدنية مثل صناعات صهر الحديد والألومنيوم والإلكترونيات والكابلات، ولهذا بات من السهل تحويل الصناعات الدفاعية والعسكرية إلى الصناعات المدنية، والعكس، ويكون ذلك في أوقات الأزمات الكبرى كالحروب والصراعات والأوبئة، وليس أدل على ذلك من قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في شهر مارس 2020 بتفعيل «قانون الإنتاج الدفاعي»، لمطالبة شركة جنرال موتورز بإنتاج المزيد من أجهزة التنفس، بسبب انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة. 
 
كيف تأثرت الصناعات الدفاعية بوباء كورونا؟
لا شك أن وباء كورونا أثر على الصناعات الدفاعية والعسكرية في العديد من دول العالم، لكن اختلفت طبيعة تأثيره من دولة لأخرى، وفقاً لقوة اقتصادها وموقعها من سوق السلاح العالمي، ودرجة انتشار الوباء فيها، لكن اللافت أن هذه الصناعات لم تتأثر بدرجة كبيرة في الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا والصين، التي تعد الأكثر إنفاقاً في مجال الإنفاق الدفاعي، ولديها العديد من الشركات الصناعية والدفاعية التي تسعى إلى الوفاء بالتزاماتها من الصفقات مع الدول الأخرى، بينما تعرضت هذه الصناعات لتأثيرات سلبية في بعض الدول الأخرى التي اضطرت إلى إيقاف هذه الصناعات، جزأياً، ضمن جهودها الإحترازية لمواجهة هذا الوباء، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي:
 
1 - الولايات المتحدة رغم أنها تأتي في مقدمة دول العالم الأكثر تضرراً بوباء كورونا، سواء من حيث الإصابات أو الوفيات، فإنها واصلت تنفيذ برامجها ومشروعاتها من الصناعات العسكرية، صحيح أن بعض الشركات أرجأت – لأسابيع – أنشطتها وطلبت من العاملين فيها العمل عن بعد، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، واستأنفت نشاطها، فعلى سبيل المثال، فقد أعلنت شركة «بوينج» في شهر مايو 2020 عن قرب انتهاء اختبارات التحليق الخاصة بمروحيتها المستقبلية العمودية التحليق «إس بي - 1 ديفانت»، كما أعلنت أيضاً عن خروج أول مقاتلتين مطورتين من نوع «أف إيه- 18 سوبر هورنيت بلوك 3»، من خط التجميع النهائي، تمهيداً لتسليمهما إلى البحرية الأمريكية. كما واصلت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تنفيذ مشروعاتها من الأسلحة المتقدمة، ونشرت في شهر مايو 2020 مقطع فيديو يوثق تجربتها لمدفع ليزر جديد بإمكانه تدمير الطائرات في الجو، وقد اختبر الجيش الأمريكي هذا السلاح على طائرة بدون طيار عادية وليس حربية عبر توجيه شعاع ليزر نحوها من على متن السفينة البرمائية «بورتلاند».  
 
2 - روسيا واصلت تنفيذ مشروعاتها من الصناعات الدفــاعيــــــة والعسكــــريـــة، حيــــــث أعلـــــــن نائب رئيـــــس الــوزراء الروســى يـــــــورى بوريســــوف في شهر مايو 2020 أن الاســتعـدادات لتجربة الصاروخ الباليستى العابر للقارات الجديد «سارمات» لم تتوقف بسبب وباء كورونا، وأن العمل يجرى وفقا للخطة الموضوعة، ولم تتوقف عمليات الإنتاج في المؤسسات المشاركة في تصميم الصاروخ المذكور. ومن المعروف أن  منظومات صواريخ «سارمات» ستحل محل منظومة «فويفودا» في المستقبل القريب . كما أعلن قائد قوات الدفاع الجوي الروسية، ألكسندر ليونوف، أن روسيا تطور نسخة قادرة على السباحة من نظام الدفاع الجوي «تور-إم2». ويشار إلى أن هذه المنظومة مزودة بـ16 صاروخ أرض — جو، وهي قادرة على ضرب أي أهداف جوية على ارتفاعات تصل إلى 10 وفي دائرة نصف قطرها يصل إلى 15 كم. كما أعلنت العديد من الشركات الروسية الكبرى في الصناعات العسكرية أنها ستواصل العمل من أجل الوفاء بصفقات الأسلحة التي أبرمتها مع العديد من دول العالم.
 
3 - الصـين هي الأخرى واصلت جهــــــود تطـويـر صناعاتها العسكريـــة رغــم وباء كـورونا، فاســتتمرت في تنفيذ برنامج تصنيـــع أول قاذفـــة فوق صوتية محلياً، وهو برنامج القاذفة « اتش 20». وحسب صحيفة جنوب الصين الصباحية « South China Morning Post»، فإن قاذفة «اتش 20»، الاستراتيجية الشبحية جاهزة لكشفها في معرض «جوخاي» للأسلحة الذي سيقام في نوفمبر 2020، والذي يمثل منصة جيدة لترويج سمعة الصين ودعاية لنجاحاتها في مكافحة فيروس كورونا، وسيوضح هذا المعرض للعالم أن كورونا لم يؤثر على الصناعة الدفاعية الصينية. ويعني ظهور القاذفة الاستراتيجية الجديدة انتهاء عملية تحديث الثالوث النووي الصيني الذي يضم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات النووية والطائرات الاستراتيجية الحاملة للصواريخ. وقد صممت القاذفة الشبحية الجديدة «اتش 20»، وفقاً لوسائل الإعلام الصينية، على أساس تكنولوجيات الجناح الواحد والتخفي عن الرادارات (ستيلز). ويبلغ وزنها عند الإقلاع 200 طن، وبمقدورها أن تحمل 45 طنا من الحمولة المفيدة، وتضم أسلحتها 4 صواريخ استراتيجية ثقيلة.
 
4 - إيطاليا: كان تأثير كورونا فيها سلبياً على الصناعات الدفاعية بدرجة كبيرة، لدرجة اضطرت إلى إقفال مصانع ومرافق إنتاج معدات دفاعية؛ الأمر الذي ترتب علىه عدم وفاء العديد من الشركات بالعقود الدفاعية، حيث تم إغلاق منشأتين متعلقتين بمقاتلات الجيل الخامس من طراز «إف-35»،  كما قامت شركة «Fincantieri» الايطالية وهي شركة متخصصة في تصنيع السفن الحربية، بتعلىق إنتاجها في مارس 2020 بسبب عدم قدرتها على الوفاء بمواعيد التسليم لبعض الدول.
 
5 - تأجيل العديد من معارض الصناعات الدفاعية والعسكرية: مثلما أدى وباء كورونا إلى إلغاء العديد من الفاعلىات الكبرى في قطاعات عريضة، فإنه أدى كذلك إلى إلغاء العديد من معارض الصناعات الدفاعية والعسكرية، مثل معرض ومؤتمر معدات الدفاع والأمن الدولي» DSEI» في اليابان الذي كان مقرراً إقامته في شهر مايو 2020، ومعرض «ديمدكس» الذي كان من المزمع عقده في قطر بين 16 و 18 مارس عام 2020 ومعرض «AUSA» للصناعات العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية. بينما شهدت المعارض التي أقيمت في بداية العام الجاري انخفاضاً كبيراً في أعداد المشاركين خوفاً من وباء كورونا، ففي شهر فبراير 2020 ألغت أكثر من 70 شركة مشاركتها في معرض الصناعات الجوية في سنغافورة، بينها شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية العملاقة للصناعات الدفاعية.
 
لماذا لم تتأثر الصناعات الدفاعية والعسكرية في الدول الكبرى؟ 
من الواضح في ضوء ما سبق، أن الصناعات الدفاعية والعسكرية في الولايات المتحدة وروسيا والصين لم تتأثر كثيراً نتيجة وباء كورونا، بل واصلت هذه الدول تنفيذ مشروعاتها وبرامجها للصناعات الدفاعية والعسكرية، كما استمرت في زيادة موازناتها الدفاعية في هذا السياق، ففي ميزانية الصين العامة لعام 2020، نما الإنفاق العسكري بنسبة 6.6٪، ليصل إلى 1.27 تريليون يوان (178.8 مليار دولار). وبحسب الوثيقة، التي تم تقديمها إلى الجمعية التشريعية للبلاد في شهر مايو 2020 فإن: «إنفاق الدفاع الوطني سيبلغ 1.268 تريليون يوان، أي بزيادة 6.6٪ (مقارنة بالعام الماضي)». بينما ظلت موازنة الدفاع الأمريكية كما هي الأكبر في دول العالم، بواقع 732 مليار دولار أي خمسي الإجمالي العالمي. 
 
في الوقت ذاته، فإن استمرار هذه الدول في تنفيذ مشروعاتها الدفاعية والعسكرية الكبرى رغم جائحة كورونا لا ينفصل عن سباق التسلح فيما بينها، حيث تدرك أن القوة العسكرية ما تزال تشكل أهم مقومات النفوذ والتأثير في الساحة الدولية، كما أنها تسعى في الوقت ذاته إلى تعزيز حصتها من سوق السلاح الدولية، لهذا تعلن بين الحين والآخر عن أسلحة جديدة وتواصل اختبارات أخرى في إطار الترويج لقدراتها في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية، حتى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كشف في شهر مايو 2020 أن بلاده ستكون قريباً في وضع يمكنها من مواجهة أسلحة الدول الأخرى التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وأنها تتقدم على الولايات المتحدة في تطوير أنواع جديدة من الأسلحة.  
 
 كورونا ..... التكامل بين الصناعات الدفاعية والمدنية
كان لجائحة كورونا أثرها في تعزيز التكامل بين الصناعات الدفاعية والمدنية في العديد من دول العالم، ففي الوقت الذي تم فيه استدعاء العديد من الشركات المدنية إلى العمل وفقاً لقوانين الحروب والدفاع، لتغطية المتطلبات والاحتياجات الصحية لأزمة كورونا، لجأت العديد من دول العالم إلى توجيه الشركات الدفاعية والعسكرية إلى إنتاج المستلزمات الصحية والطبية، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي: 
 
1 - توجيه الشركات المدنية لإنتاج المستلزمات الصحية وفقاً لقوانين الدفاع، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، حينما قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شهر مارس 2020 باستخدام قانون الإنتاج الدفاعي، لمطالبة شركة «جنرال موتورز»، وهي شركة تصنيع سيارات، بإنتاج المزيد من أجهزة التنفس، بسبب انتشار فيروس كورونا. ويمنح هذا القانون الذي صدر في عام 1950 الحكومة الأمريكية المزيد من السيطرة في أثناء حالات الطوارئ لتوجيه الانتاج الصناعي. وتصف الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ هذا القانون، باعتباره المصدر الأساسي للسلطات الرئاسية لتسريع وتوسيع إمدادات الموارد من القاعدة الصناعية الأمريكية لدعم برامج الجيش والطاقة والفضاء والأمن الداخلي. ووفقًا لتقرير خدمة أبحاث الكونجرس المحدث بشأن القانون الذي صدر في شهر مارس 2020، فإن القانون يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مجموعة واسعة من السلطات للتأثير على الصناعة المحلية لصالح الدفاع الوطني، ويمكنه من استخدام السلطات في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية؛ لتشكيل القاعدة الصناعية المحلية؛ بحيث تكون قادرة، عند الطلب، على توفير المواد الأساسية والسلع اللازمة للدفاع الوطني، كما هو الحال فيما يتعلق بأزمة كورونا.
 
2 - التكامل بين الصناعات الدفاعية والمدنية: أوجدت جائحة كورونا فرصاً للتكامل بين الصناعات الدفاعية والمدنية في العديد من دول العالم، ففي المملكة العربية السعودية كشفت الهيئة العامة للصناعات العسكرية في شهر يونيو 2020 عن توقيع مذكرتي تعاون مشترك مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية والهيئة الملكية للجبيل وينبع، لتحفيز وتمكين وتوطين الصناعات العسكرية في المملكة، من خلال تنفيذ حوكمة شاملة لسلاسل الإمداد في القطاع الصناعي العسكري والمدني، والسعي إلى تأسيس تجمعات صناعية عسكرية، تحقيقاً لتوجه المملكة لمستهدفات رؤية المملكة 2030 من خلال توطين ما نسبته %50 من الإنفاق العسكري وجعله رافداً مهماً للتنمية الاقتصادية والمجتمعية. ويستهدف هذا التعاون المشترك إلى وضع أطر للتفاهم والتعاون للمضي قدماً نحو تنفيذ حوكمة شاملة لسلاسل الإمداد للقطاع الصناعي العسكري والمدني، ورفع مستوى التنسيقات وتوحيد الجهود والعمل المشترك الفعال في كل ما يدعم ويعزز تطوير الصناعات العسكرية في المملكة، وتأسيس تجمعات صناعية عسكرية في عدة مناطق بالمملكة. 
 
وفي جمهورية مصر العرية وقعت وزارتي الإنتاج الحربي والتجارة والصناعة مذكرة تعاون يتم بمقتضاها الاستفادة من الطاقات التصنيعية المتوافرة لدى الإنتاج الحربي للارتقاء بجودة وتنافسية المنتج المصري. حيث تمتلك وزارة الإنتاج الحربي طاقات إنتاجية كبيرة وتنتج منتجات على درجة عالية من الجودة بهدف تلبية احتياجات السوق المحلي من كافة المنتجات، وبصفة خاصة المستلزمات الطبية والصحية اللازمة لمواجهة وباء كورونا، كالكمامات الجراحية والمزودة بصمام تنفس وكذا المطهرات بأنواعها فضلاً عن المنظفات والبويات المضادة للبكتريا باستخدام النانوتكنولوجي.
 
3 - توجيه الصناعات الدفاعية إلى إنتاج المستلزمات الصحية والطبية: تمتلك الصناعات الدفاعية العديد من المزايا النسبية، التي تمكنها من التحول إلى الصناعات المدنية، والمساعدة في مواجهة الكوارث والأزمات، كوباء كورونا، وبالفعل فقد تم توجيه الصناعات الدفاعية في العديد من دول العالم إلى إنتاج المستلزمات الصحية والطبية لمواجهة كورونا، ومن الأمثلة على ذلك، الجيش الإيطالي الذي لعب دوراً كبيراً في دعم مصانع الأدوية واللقاحات والمستحضرات الطبية. وفي الولايات المتحدة تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تطوير أجهزة تنفس صناعي ميكانيكية تعتمد على نظم الذكاء الاصطناعي، أو أجهزة تنفس يتم التحكم فيها عن بُعد، بالنظر للعجز الكبير بسبب أزمة كورونا. وفي إسرائيل، دشنت شركة الصناعات الجوية خط إنتاج لأجهزة التنفس الصناعي وسلمت 63 جهازًا لوزارة الصحة، فيما كشفت شركة الصناعات العسكرية «ألبيت»، وهي شركة متخصصة في إنتاج الطائرات بدون طيار والصواريخ، عن نيتها فتح خط إنتاج لأجهزة التنفس الصناعي في سبيل مكافحة فيروس كورونا.  
 
وفي العديد من الدول العربية، تم تحويل الصناعات الدفاعية لإنتاج المستلزمات الصحية والأدوات الطبية اللازمة لمواجهة وباء كورونا، ففي مصر على سبيل المثال، عملت الشركات التابعة لوزارة الإنتاج الحربي على توفير الأدوات المستخدمة في عمليات التعقيم والتطهر للمواطنين من خلال إنتاجها محلياً، وتوفير هذه الأدوات في عدد من المنافذ بأسعار ملائمة للمواطنن، مثل كمامات الوجه، خاصة بعد ارتفاع أسعارها في السوق المحلية، نتيجة لتصاعد الطلب علىها بصورة مفاجئة لمواجهة كورونا، بالإضافة إلى تطويع خطوط إنتاج الملبوسات بإدارة المهمات لصالح إنتاج البدل الواقية الملائمة لمواجهة كورونا. 
 
وفي الجزائر، اتجهت الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني إلى إنتاج المستلزمات الصحية لمواجهة كورونا، خاصة الأقنعة الواقية، وكاميرات المراقبة وقياس درجة حرارة الشخص. وفي السودان انخرطت منظومة الصناعات الدفاعية الحكومية في تصنيع وتطوير معدات طبية، وتجهيز عربات طوارىء لمواجهة فيروس كورونا، كما أعلنت عن تدشين باصات غرف الكشف المتحركه في الأحياء والشوارع، وسيارات غرفة الطوارئ، وجهاز التنفس الصناعي وجهاز التعقيم اليدوي الآلي ومغسلة الايدي الاوتوماتيكية متعددة الاغراض، وتطبيقات الكشف المبكر، ونفق التعقيم الآلي.
 
كورونا والصناعات الدفاعية في الإمارات
تمتلك الإمارات قاعدة متقدمة من الصناعات الدفاعية أصبحت قادرة على التنافس في الأسواق الإقليمية والعالمية، بما تتميز به من كفاءة وجودة عالية تضاهي نظيراتها في الدول المتقدمة. وهذه الصناعات الدفاعية تندرج ضمن منظومة متكاملة للتطوير الصناعي والتقني في الدولة، أصبحت معها الإمارات قاعدة صناعية لسلع إستراتيجية عدة منها الألمونيوم وصناعات البناء والتشييد، والبتروكيماويات والصناعات التقنية بالغة الدقة وغير ذلك.وتتمتع الصناعات الدفاعية في الإمارات بالعديد من المزايا النسبية التي تؤهلها للتحول إلى الصناعات المدنية في أوقات الأزمات والمحن، التي ينتج عنها نقص في بعض السلع الرئيسية، كما حدث مع أزمة وباء كورونا.
 
لقد اتجهت بعض الشركات الوطنية العاملة في مجال الصناعات الدفاعية إلى إنتاج المستلزمات الصحية لمواجهة وباء كورونا، حيث أعلنت شركة مبادلة للاستثمار «مبادلة» في شهر مايو 2020 عن تعاون استراتيجي بين شركة «ستراتا للتصنيع»، المملوكة بالكامل لمبادلة، وتمتلك خبرة كبيرة في صناعة الطيران والصناعات الدفاعية، وشركة «هانيويل» العالمية لإنتاج كمامات» N95 « في مصنع ستراتا بمدينة العين، وذلك في إطار جهود مبادلة للحد من انتشار فيروس كورونا. ويعتبر خط الإنتاج الجديد، الذي بدأ بتصنيع الكمامات بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 30 مليون كمامة أول خط إنتاج لكمامات» N95 «  « في منطقة الخليج العربي.
 
ولا شك في أن قيام شركة ستراتا للتصنيع بإنتاج هذه النوعية من الكمامات يوفر جانباُ مهماً من المستلزمات الطبية والصحية اللازمة لمواجهة وباء كورونا المستجد، وسيعزز من كفاءة سلاسل الإمداد في مجال مستلزمات الوقاية الشخصية في دولة الإمارات والمنطقة بوجه عام، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن نقص توافر هذه المستلزمات في الأسواق العالمية يعد واحداً من أكبر التحديات التي تواجهها الدول والمنظمات العالمية في إطار جهودها للحد من انتشار فيروس كورونا. وستنضم دولة الإمارات مع تدشين خط الإنتاج الجديد إلى قائمة الدول المصدرة لكمامات «N95 « ذات الأهمية العالمية بعد أن كانت من الدول المستوردة لها، حيث سيوفر خط الإنتاج الجديد كافة احتياجات الدولة من هذا المنتج مع إمكانية تصدير الكميات الإضافية إلى دول أخرى.
 
وإضافة إلى ما سبق، فإن شركة «مبادلة للاستثمار»، أبرمت في شهر فبراير 2020 مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية  لتعزيز التعاون في مجال الصناعات المتقدمة. وقد حددت مذكرة تفاهم بين الشركتين الإطار الاستراتيجي للاستثمار المشترك والتعاون على المدى الطويل في مجال البحث والتطوير والتصنيع والإصلاح والصيانة والعمرة والهندسة، وذلك استكمالاً لخطط التحول الصناعي الطموحة التي تبنتها كل من الإمارات والسعودية، بما في ذلك استراتيجيات التطوير والنمو، عبر سلسلة القيمة لقطاعي صناعة الطيران والصناعات الدفاعية. وتسعى الشركتان إلى وضع الأسس اللازمة لتوسيع منصة صناعة الطيران والصناعات الدفاعية في منطقة الخليج العربي، وتدعم التطوير المثمر للقطاعين في كلا البلدين. وستؤسس مذكرة التعاون هذه لشراكة استراتيجية بين الإمارات والسعودية في مجال الصناعات المتقدمة، وخاصة في صناعة الطيران والصناعات الدفاعية. 
 
إقامة معرضي «يومكس 2020» و«سيمتكس 2020» .. رغم كورونا
ورغم وباء كورونا الذي أدى إلى إرجاء معظم المعارض الدفاعية والأمنية في العالم، فإن الإمارات بما تمتلكه من خبرة كبيرة في تنظيم هذه المعارض، ونتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها في مواجهة كورونا، نجحت في تنظيم الدورة الرابعة والأكبر من معرضي الأنظمة غير المأهولة «يومكس 2020» والمحاكاة والتدريب «سيمتكس 2020» والمؤتمر المصاحب لهما، واللذان تم تنظيمهما خلال الفترة من 23 إلى 25 فبراير 2020، وقد حققا المعرضان أرقاماً قياسية تاريخية، حيث ناهز إجمالي قيمة الصفقات التي تم عقدها خلالهما 750 مليون درهم، وتجاوز عدد الزوار 25,981 زائرا. ونجح المعرضان اللذان تنظمهما شركة أبوظبي الوطنية للمعارض «أدنيك» بالتعاون مع القيادة العامة للقوات المسلحة، في تسليط الضوء على أحدث الابتكارات والتقنيات والمعدات الأمنية أمام جمهور عالمي يضم وفوداً حكومية إقليمية، إلى جانب مجموعة من الوكالات والجهات المتخصصة بالقطاع والهيئات المدنية.
 
خاتمــــــة 
في الوقت الذي شكل فيه وباء كورونا المستجد تحدياً للصناعات الدفاعية والعسكرية في العديد من دول العالم، إلا أنه في المقابل أتاح فرصاً للتعاون والشراكات مع الصناعات المدنية، بل أن توجه العديد من الشركات الدفاعية التابعة للجيوش والقوات المسلحة إلى إنتاج المستلزمات الصحية لمواجهة النقص في المستلزمات الصحية والطبية يكشف بوضوح الأهمية الكبيرة للصناعات الدفاعية في ظل ما تتمتع به من مزايا وقدرات نوعية، تمكنها من الانخراط الفاعل في الصناعات المدنية بالسرعة اللازمة وبأقصى طاقة ممكنة، ولهذا فإن الاستثمار في الصناعات الدفاعية والعسكرية يمثل أهم التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها العديد من دول العالم، ليس فقط لأنها تنطوي على مردود تنموي بالغ الأهمية، وإنما أيضاً لأنها أثبتت فاعلىتها في توفير المتطلبات اللازمة للدول في أوقات الأزمات، حينما تتحول إلى الصناعات المدنية والصحية كما حدث مع أزمة وباء كورونا.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره