مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-10-01

لعبة الحرب ودورها في صناعة القرار وتطوير القدرات العسكرية

تعتبر بحوث العمليات من العلوم التطبيقية الحديثة التي حققت تطبيقاتها نجاحا واسعا في مختلف مجالات الحياة، ولعبة الحرب أحد أفرع بحوث العمليات الأساسية. إذ إن صناعة القرارات وتطبيقاتها في أي مجال من المجالات يتطلب اللجوء إلى الأساليب العلمية التي تمكن صانعي القرارات والقائمين على تنفيذها من الوصول إلى الغايات المرجوة في ظل الإمكانات المتاحة. 
 
بقلم : الرائد / عبدالله الكعبي
الرائد / خميس الزيودي
 
بحوث العمليات
عرفته جمعية بحوث العمليات البريطانية على أنه «استخدام الأساليب العلمية لحل المشكلات المعقدة في إدارة الأنظمة الكبيرة من المعدات، والمواد الأولية، والقوى العاملة، والأموال، والأمور الخدمية الأخرى في المؤسسات والمصانع العسكرية والمدنية».
 
أما جمعية بحوث العمليات الأمريكية فقد عرفت بحوث العمليات على أنها «تهتم باتخاذ القرارات العلمية لتصميم ووضع أنظمة المعدات والقوى العاملة وفقا لشروط معينة تتطلب تخصيص الموارد المحدودة بشكل أمثل»
 
استخدامات لعبة الحرب
تستخدم لعبة الحرب كوسيلة لتبادل الآراء والأفكار بطريقة تفاعل قرارات أشخاص معينين من طرفين أو أكثر ينتج عنها أحداث اللعبة، فلعبة الحرب أداة لمعرفة آلية الحرب أو القتال، ووسيلة لطرح الأسئلة التي تتم الإجابة عليها من خلال تحليل مجريات اللعبة، ولهذا فهي تساعد القادة وأركانيتهم على ممارسة صنع القرار العسكري لموقف معين قد يصعب تجربته أو تطبيقه على أرض الواقع في وقت السلم؛ فالغرض من لعبة الحرب هو اكتساب خبرات ومعلومات مستقبلية قبل التنفيذ الفعلي، ولهذا فإن مجالات استخدام لعبة الحرب تنحصر في الآتي:
 
الأبحاث (دراسة متطلبات المستقبل، ومنظومة أسلحة المستقبل) على مختلف المستويات.
صنع القرار العسكري على مختلف المستويات.
تقويم الخطة على مختلف المستويات.
التدريب لكسب الخبرة، والتنافس، وتنمية مهارات الأشخاص.
 
اقسام لعبة الحرب
من فهم استخدامات لعبة الحرب وحصرها فيما ذكرنا يمكن أن نقسم لعبة الحرب بالنسبة لنوعها ولمستوياتها.
 
أنواع لعبة الحرب
لعبة حرب خاصة لأغراض التدريب. يتم تصميمها على أساس أن تساعد مستخدميها على تصور تسلسل المواقف المتتالية التي تحدث أثناء القتال، وتطوير مهاراتهم في مجال القيادة والسيطرة.
لعبة حرب خاصة للأغراض العملياتية. يتم تصميم هذا النوع على أساس توفير إمكانية القيام باختبار وتقويم لمدى صلاحية الخطط العسكرية المقترحة أو المطروحة.
لعبة حرب لأغراض الأبحاث. يتم تصمم مثل هذا النوع من لعبة الحرب لدراسة الموضوعات المستقبلية سواء مواقف أم أنظمة معينة أم خلافه.
 
مستويات لعبة الحرب
1 - لعبة حرب على المستوى الاستراتيجي. ويصمم وينفذ هذا المستوى من لعب الحرب لمساعدة صانعي القرارات على المستويات العليا في الدولة على اتخاذ أفضل قرارات ممكنة لاستخدام أدوات القوة الوطنية لتحقيق الأهداف الوطنية ورعاية مصالح الدولة، ومن هذه الأدوات الوطنية القوة العسكرية.
 
2 - لعبة حرب على المستوى العلملياتي (على مستوى المسرح). وتصمم لخدمة القيادات المشتركة لمساعدتهم على اتخاذ أفضل القرارات اللازمة لاستخدام الأداة العسكرية كأداة قوة وطنية فاعلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية العسكرية المرسومة على المستوى الوطني.
 
3 - لعبة حرب على المستوى التكتيكي (على مستوى ميدان المعركة). وتصمم هذه اللعبة لمساعدة القادة ضباط الأركان على اتخاذ أنسب القرارات لتوجيه وحداتهم على المستوى التكتيكي لتحقيق الأهداف التكتيكية في ميدان المعركة.
لهذا فإن لعبة الحرب تعتبر الوسيلة الأمثل والبديل الأقرب للميدان العملي لاختبار وتجربة الأساس النظري للعقيدة القتالية وتنمية التجربة العملية في المجال العسكري قبل أن تختبر ميدانيا، وهكذا أطلت لعبة الحرب بقوة في ميدان التطور العسكري، إذ هو الحقل الأساس في ظهورها وتطورها،  وأصبحت ملازمة لأي تجربة ميدانية، بسبب حجم المجالات والأغراض التي عنيت بها لعبة الحرب، وأخذت أشكالاً نمطية متعددة لابد من الوصول إلى أفكارها وأسسها للغوص في تطبيقاتها واستثمارها إلى الحد الأقصى الذي يحقق الفائدة المطلوبة على ضوء التجربة والتاريخ الحافل باستثماراتها العملية.
 
لعبة الحرب المعاصرة
كان لظهور الحاسوب والتطور التقاني واستخدام المشبهات في القرن الماضي الأثر الكبير في تطوير لعبة الحرب والتي جعلت من استخدامها وسيلة عالية الفائدة للجيوش لتطوير قدراتها وإعداد أفرادها لمعارك المستقبل، حيث أصبحت لعبة الحرب توفر لصانع القرار والمخططين العسكريين القدرة على تقويم خطط المستقبل ومدى ملاءمتها لظروف المعركة الحقيقية ومدى تحقيقها للأهداف والنهايات المرغوبة. إن عملية تشبية ومحاكاة جميع القدرات والإمكانات وظروف مسرح المعركة ومجموع الإجراءات وتأثير جميع هذه العوامل بعضها ببعض لصنع صورة تحاكي وتشبه الصورة الشاملة للمعركة، ويكون صنع هذه الصورة بوساطة مستخدم واحد فقط يمثل طرفي المعركة ذات الجانبيين من خلال تحديد مسار ثابت لكل طرف ومجموعة محددة من الإجراءات في زمن محدد أو بوساطة  تمارين أكثر واقعية والتي تدار بوساطة لاعبين قد يصل عددهم إلى مئات الأشخاص في كل طرف، لينتج عن لعبة الحرب مخرجات من النتائج تمكن صناع القرار والمخططين العسكريين والمتدربين والمعلمين من تقويم مدى نجاح عملية صنع القرار وخطط العمليات التي تخطط لعملية ما أو تدرس لإبراز الدروس التي تساعد في صنع القرار وتطوير القدرات وتلاشي السلبيات.
 
مفهوم لعبة الحرب
وبناءً على ما تقدم نستطيع أن نضع مفهوما عاما للعبة الحرب على أنها أسلوب تحليلي واسترشادي للقائد وهيئة أركانه تمكنه من تحليل المهمه والتعرف على البدائل والاستراتيجيات التي يتخذ من خلالها قراره وفق القدرات والإمكانات والمعلومات المتاحة، وفي نهاية لعبة الحرب وتقويم نتائجها يكون هناك تحليل كامل للخطط التي يمكن تنفيذها، وعوامل نجاحها، وأسلوب التغلب على نقاط الضعف فيها، لما تقوم به لعبة الحرب من محاكاة للواقع، وتمثيل للحقيقة بجميع أبعادها من خلال أحداث ومتغيرات مؤثرة ومستمرة في إطار البعد الزمني.
 
أصبحت تطبيقات التقانات الحديثة تستخدم للتدريب على اتخاذ القرارات في المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، حيث تستخدم لعبة الحرب في المستويين الاستراتيجي والعملياتي، لمساعدة صانعي القرارات والمخططين على اتخاذ أفضل القرارات اللازمة لاستخدام القوة الوطنية والأداة العسكرية، أما على المستوى التكتيكي فتستخدم المشبهات ولعبة الحرب، لتطوير مهارات القتال في ميدان المعركة. حيث يسعى متخذو القرار دائما إلى الحصول على معلومات إحصائية دقيقة تمكنهم من الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات دقيقة. حيث أصبحت بيئة اتخاذ القرارات بالغة التعقيد وسريعة التغيير وتتسم بعدم التأكد الذي يكتنف معظم القرارات مما يؤدى إلى ارتفاع درجة المخاطرة المصاحبة للنتائج المتوقع تحقيقها. وقد أصبحت هناك ضرورة ملحة لتنمية مهارات القادة في مختلف المستويات معتمدة على تملك مهارات العلوم والأساليب الكمية التي تساعد على الاعتماد على المعلومات الكمية القابلة للقياس المدعمة للحقائق والتي تستفيد من قوة النماذج الإحصائية والرياضية في التحليل دون تحيز شخصي في التوصل إلى القرار الأمثل للأنواع المختلفة من التدريبات.
 
سيناريو تطوير القدرات
لو أخذنا سيناريو على سبيل المثال وهو وجود وحدة بحرية حديثة تابعة للقوات البحرية  ويوجد بها من إمكانات وقدرات  ما يفوق الطرف المعادي (التهديد)، وقام الطرف المعادي خلال فترة من الزمن باستخدام كل الطرائق التقليدية وغير التقليدية باتباع أساليب متعددة في تدريباته وعملياته لمواجهة هذه الوحدة البحرية المتطورة، فبالتالي يجب على القوات البحرية  دراسة الطرف المعادي (التهديد) حتى يتم معرفة نقاط الضعف والقوى للجانبين سواء أكانت في العمل التكتيكي والتنفيذي أم  العمل على تطوير الأسلحة المضادة أم إدراج أسحلة جديدة ، لذلك نرى أن لعبة الحرب إحدى الوسائل التى تخدم القوات البحرية لدراسة موقفها من هذا التهديد والقيام بالبحث فيما لديها وما لدى الطرف المعادى للوقوف على القرارات الصائبة والتي تخدم تطوير القدرات سواء أكانت هذه القدرات في الأجهزة والمستشعرات والتسليح أم كانت بآلية تنفيذ المهام والأعمال التكتيكية تجاه التهديد المقابل.
 
إن ما توصلت إليه العمليات العسكرية وذلك  بتوحيد الجهود تحت قيادة مشتركة واحدة لتحقيق هدف مشترك بإشتراك مكونات من قوتين أو أكثر تحت مفهوم العمليات المشتركة والتي تتطلب فهما متبادلا لأدوار ومكونات عناصر القوة المشتركة حتى تكون عمليات مشتركة ناجحة، تأتي لعبة الحرب في هذه العمليات بدور بارز وكبير في تنسيق الأعمال واختبار الخطط وفهم الأدوار واختبار للأعمال الممكنة وقياس القدرات المتوفرة ومدى إمكاناتها في تحقيق الهدف المشترك لدى القوات كما تساعد القائد المشترك على اتخاذ القرارالأمثل.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره