مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-06-06

ما الذي يجعل المقاربة الكوربيتية للأمن البحري استراتيجية مفيدة للدول الخليجية

تعلن وسائل الإعلام في عناوينها بشكل شبه يومي عن تدشين سفن حربية متطورة للإبحار في أعالي المحيطات. وهذه السفن غالباً ما يزيد وزنها عن 5,000 طن، وتضم كل شيء؛ من الفرقاطات الكبيرة إلى المدمرات والطرادات وحاملة الطائرات المؤقتة. حتى إن بعض القوات البحرية وضعت غواصات صيادة قاتلة شبحية مزودة بصواريخ بالستية وتعمل بالطاقة النووية. وعلى الرغم من أن هذه تطورات جديرة بالاهتمام في الأمن البحري، فهي محصورة إلى حد كبير في الولايات المتحدة والصين، وأحياناً الهند والمملكة المتحدة وفرنسا. والأهم من ذلك أن هذه السفن الحربية أكثر ملاءمةً للقوات البحرية التي تتابع السفن الموجهة نحو عرض القوة في أعالي البحار. وتتوافق أساطيل أعالي البحار هذه مع الاستراتيجية البحرية التي دعا إليها ألفريد ماهان.
 
بقلم: كريستوفر ك. كولي
والأمر الذي تفتقر إليه غالباً مثل هذه المناقشات هو أن الغالبية العظمى من القوات البحرية في العالم لا تسعى إلى استعراض القوة في أعالي البحار. وبدلاً من ذلك، فهي أكثر تركيزاً على الاستراتيجيات البحرية التي روج لها جوليان كوربيت. تدفع هذه التعاليم القوات البحرية إلى شراء سفن حربية أقل طموحاً، ولكنها ذات أهمية استراتيجية بالنسبة إلى المخاوف الأمنية الفورية لدولة أصغر حجماً. تدور مثل هذه المخاوف في كثير من الأحيان حول امتلاك القدرة على الدفاع عن المنطقة الاقتصادية الخالصة للدولة (EEZ)، والتي تمتد لمسافة 200 ميل عن البر. ينقسم هذا المقال إلى ثلاثة أقسام. أولاً، أقوم بتحليل الجانب العملي لأسطول كوربيتي. ثانياً، أبحث البيئة الأمنية الحالية والمحتملة في الخليج العربي. وأخيراً، سيناقش قسمٌ موجزٌ التطبيقات الممكنة لدول الخليج.
 
كوربيت والاستراتيجية:
لم يتم بناء الأساطيل الكوربيتية لاستعراض القوة على بعد آلاف الأميال من المياه الوطنية للدولة؛ حيث لا يُنظر إلى الحاجة إلى حاملات الطائرات باهظة الثمن، والمجموعات القتالية المصاحبة لها، على أنها ضرورية للمصالح الوطنية للدولة، فضلاً عن أنها تكلف عشرات مليارات الدولارات. وتفتقر معظم الدول الصغيرة إلى كل من القدرات المالية والنفوذ الاستراتيجي لإنشاء قواعد بحرية في زوايا بعيدة من العالم حسبما دعا إليه ألفريد ماهان. وبالنسبة إلى الدول ذات الطموحات البحرية المحدودة، تعد الغواصات الكهربائية التي تعمل بالديزل بديلاً عملياً عن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية. فبدلاً من الطرادات الكبيرة والمدمرات ذات الصواريخ الموجهة التي يتراوح وزنها ما بين 4,000 إلى 12,000 طن، لا تعتبر الفرقاطات الأصغر حجماً وحتى القوارب القتالية الساحلية المزودة بصواريخ كروز الفتاكة المضادة للسفن أقل تكلفة بكثير فحسب، بل هي كذلك أكثر قدرة على المناورة وتمثل أهدافاً أصغر بكثير. ولنأخذ، على سبيل المثال، حاملة طائرات أمريكية من فئة نيميتز يبلغ وزنها 100,000 طن، فهي تمثل هدفاً كبيراً في المياه الضيقة، مثل الخليج العربي. أضف إلى ذلك أن أسطول الحراسة سيواجه صعوبة بالغة في حماية حاملة الطائرات في مناطق مثل مضيق هرمز (أو ملقا في هذا الصدد). وترتبط هذه التحديات بالدور الذي يمكن أن تلعبه الجغرافيا في الاستراتيجية البحرية.
 
في منطقة مثل الخليج، يجعل القرب الشديد من الأرض السفن الكبيرة والقوية، مثل حاملات الطائرات، غير عملية أبداً ما لم تكن قادرة على التحييد الفعال لقدرة العدو على إطلاق صواريخ مضادة للسفن. وحتى إن تم تدمير المنشآت الساحلية، فقد تتمكن القوارب الصغيرة من «اجتياح» السفن الأكبر حجماً ومهاجمتها بأعداد هائلة. وعلاوة على ذلك، فإن المياه الضحلة في الخليج غير مناسبة تماماً لحرب الغواصات، ولا سيما الغواصات الأكبر حجماً والتي تعمل بالطاقة النووية.
 
البيئة الأمنية في الخليج وانعكاساتها على دول الخليج:
إن البيئة الأمنية الراهنة في الخليج تكتنفها التنافسات الإقليمية والخارجية على القوة. ومن الأفضل، في ظل مثل هذه الظروف، أن تتعاون دول المنطقة مع قوى خارجية، مثل الولايات المتحدة، للمساعدة في ضمان الاستقرار؛ إذْ يوفر الوجود العسكري الأمريكي في جميع أنحاء الخليج رادعاً ذا مصداقية للدول التي تسعى إلى زعزعة السلام في المنطقة. والأمر الأهم أن البحرية الأمريكية تتمتع بالقدرة على القيام بمهام منتظمة في الخليج وفي منطقة المحيط الهندي الكبرى على حد سواء. وهناك قوى أخرى مثل الصين والهند تمتلك أيضاً مصالح مهمة في المنطقة، ولكنها لم تقم حتى الآن بنشر وجود منتظم للبحرية في الخليج، حتى إن الصين تمتلك القدرة حالياً على الاحتفاظ بشكل منتظم بثماني عشرة سفينة حربية تتمتع بالقدرات في المياه الزرقاء في المحيط الهندي.
 
تعدّ تعاليم كوربيت مهمة للدول الأصغر حجماً. وقد تجد دول الخليج أن كتاباته مفيدة بشكل خاص في تطوير استراتيجيات لتحقيق المصالح الوطنية، وفي الوقت نفسه ردع المنافسين المحتملين عن السلوك الذي قد يهدد السلام في المنطقة. إن حماية الخليج العربي لا تتطلب سفناً حربيةً كبيرة؛ فقوارب أصغر حجماً وأكثر ذكاءً وسرعةً تعدّ مناسبةً تماماً لجغرافيا المنطقة. إن التقدم الذي تحقق في تكنولوجيا الصواريخ؛ مثل الدقة والسرعة الزائدين، يقلل من الحاجة إلى القوة الجوية المحمولة على متن حاملة الطائرات. وعلى الرغم من أن البحرية الأمريكية قد تكون قادرة على توفير الدعم في حال وجود اضطرابات في مياه المنطقة، فإن أسطولاً أصغر حجماً، ولكنه يتمتع بالقدرات وبالفتك، قد يكون مناسباً تماماً للعديد من دول الخليج في المستقبل المنظور.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره