استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
إن موضوع إصلاح الأمم المتحدة لتفعيل دورها الأساسي في مجال تحقيق الأمن والاستقرار العالميين هو موضوع غاية في الأهمية لمنظمة عالمية تلعب أدوار محورية في حاضر ومستقبل منظومة التفاعلات العالمية. لا أحد يستطيع أن يُقلل من حجم ومكانة وأهمية الأمم المتحدة في تعزيز التعاون وتحقيق السلم العالمي. يكفينا فقط أن نقول أنه ومنذ نشأة الأمم المتحدة لم يشهد العالم حرباً عالميةً جديدةً مدمرةً شبيهةً بالحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
وهذا أمرٌ يُكتب لوجود الأمم المتحدة. إلا أن أدوارها هذه وبالأخص في مجال تحقيق السلام العالمي تواجه بانتقادات كثيرة ومنذ فترة من الزمن، ومردها الأساسي القوة الاستثنائية التي تتمتع بها خمس دول فقط في منظمة دولية تتكون من 193 دولة. خمس دول لديها حق النقض أو الاعتراض أو ما يسمى بحق الفيتو، وهو الحق الذي أُعطي لهذه الدول من دون غيرها، والذي من خلاله تستطيع أي منها أن توقف أي مسعى أو عمل أو جهد دولي في مجال تحقيق الأمن والسلم الدوليين. الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين هي الدول الخمس التي تتمتع حصرياً بهذا الحق. فما لا يُعجب إحداها من قرارات لن يجد له تفعيلا فعلياً في منظومة أدوار المنظمة العالمية. وهو الأمر الذي جعل هذه المنظمة حبيسة توجهات ومصالح هذه الدول الخمس. مما جعل دول العالم الأخرى لا تجد جدوى في عمل المنظمة العالمية في الكثير من القضايا التي من المفترض أن تعمل من خلالها على تحقيق الأمن والاستقرار العالميين.
حق الفيتو هو حق أُعطي للدول الخمس منذ نشأة الأمم المتحدة في عام 1945. وفكرته تعتمد على أن الاتحاد السوفيتي أصر على أن يكون له حق الاعتراض على القرارات في مجلس الأمن، لأنه اعتبر أن لدى الولايات المتحدة حلفاء في المجلس يستطيعون دعمها فيما تريد تمريره. فالدول الأخرى الثلاث (بريطانيا، فرنسا والصين) جميعها كانت حليفة لواشنطن. ولمنع حدوث مثل هذا الأمر ولتحقيق التوازن بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، أصرت موسكو على أن يكون لديها حق الفيتو أو الاعتراض، كي لا تتمكن الولايات المتحدة من تمرير القرارات في مجلس الأمن من دون قدرة موسكو على اعتراضها. وعلى الجانب الأخر، أصرت واشنطن بأن عدم حصولها على ذات الحق الذي يُطالب به الاتحاد السوفيتي لن يُرضي الكونغرس الأمريكي، وبالتالي لن تتمكن الولايات المتحدة من دخول المنظمة، حيث أن قرار الانضمام يتطلب موافقة الكونغرس. وعليه تم الاتفاق على منح الدول الخمس المنتصرة في الحرب العالمية الثانية هذا الحق حتى يتمكنوا من إنجاح مسعى إقامة الأمم المتحدة. ومن هنا أصبحت هذه الدول صاحبة حق الفيتو. واليوم وبعد قرابة ثمانين سنة على نشأة الأمم المتحدة وتغير الأحوال العالمية، لم يتغير حال الأمم المتحدة فيما يتعلق بمجلس الأمن - السلطة التشريعية والتنفيذية الأعلى في المنظمة. لذلك فإن الأحاديث تدور حول ضرورة إصلاح مجلس الأمن لكي يتمكن من القيام بدوره في تحقيق السلام العالمي من دون أن يقع تحت رحمة مصلحة دولة واحدة من دول اعضاءه الدائمين، كما هو حاصل اليوم مع قيام دول بغزو أو استخدام العنف ضد شعوب ودول أخرى بغطاء من مثل بعض هذه الدول.
هل عملية الإصلاح هذه ممكنة؟ بالطبع نعم، ولكن تحقيقها يتطلب دعم الدول الخمس ذاتها، لأن تعديل الميثاق وإحداث إصلاحات على عضوية مجلس الأمن تتطلب موافقة الدول الخمس التي لديها حق الاعتراض بالفيتو على فعل ذلك وفقاً للمادتين 108 و 109 من ميثاق الأمم المتحدة. ولكن إذا ما تمت الموافقة، عندها يمكن إحداث الإصلاح. ونعتقد أن هذا الإصلاح إذا ما تم فإنه من المُفيد أن يتم من خلال زيادة مقاعد عضوية مجلس الأمن من العدد الحالي المكون من 15 دولة (خمس دائمة، وعشرة غير دائمة) إلى عشرين دولة بحيث يمكن إضافة بعض الدول المحورية في النظام العالمي إلى مجلس الأمن وإعطاءها حق الفيتو مثل اليابان والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ومصر، وتغير منهجية استخدام الفيتو إلى إمكانية إبطاله في حالة الحصول على أغلبية الثلثين في عملية التصويت، أي أن الدول تحافظ على حق الفيتو ولكن تصبح عملية استخدامه أكثر واقعية من خلال التوافق بين الأغلبية العظمى من الأعضاء. عالم اليوم بأمس الحاجة إلى منظومة دولية أكثر فاعلية في تحقيق هدف السلم والأمن الدوليين، وغيابها للأسف سيُبقي حالة الاسلم قائمة، مما يهدد العالم بأسره، لذلك فإن إصلاح الأمم المتحدة أمر ضروري لتحقيق هذا الهدف.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات