استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
«المناخ»، كلمة مرتبطة بحالة الطقس والتنبؤ بمستقبل الأحوال الجوية، ولكن هي مستخدمة أيضاً في مجال الدراسات الإنسانية والمستقبلية والتقديرات الاستراتيجية. ويقصد بها في هذا المجال كل ما يحيط بالدولة والمنطقة والعالم من متغيرات تمس حالة الأمن والاستقرار وطبيعة التحديات والتهديدات التي تواجهها.
وإذا كانت أدوات قياس حالة «طقس الجو» رقمية أو صور تلتقطها الأقمار الصناعية، وربما الذكاء الاصطناعي في وقتنا الحالي، فإنه في العلوم السياسية والاستراتيجيات فإن أدوات القياس تكون من خلال مراقبة الاحداث وتسجيل تفاصيلها وقياس معدلات التغيير واتجاهاتها وغيرها من الوسائل التي تساعد المراقب أو الدارس للمناخ الاستراتيجي على استقراء ما سيحدث في المستقبل سواءً القريب في الحالات التي تشهد تصعيداً كبيراً أو المستقبل البعيد والتي يعمل على تقليل التداعيات.
وبما أن قراءة مستقبل المناخ تعتمد على القدرات البشرية بمساعدة أدوات القياس فإنها كما تخفق حالة التنبؤ بالطقس في بعض الأحيان فإن التنبؤ بمجريات الأحداث الاستراتيجية أصعب وأعقد وبالتالي فإنها كثيرا ما تخالف توقعات الاستراتيجيين والسياسيين، بل إن تداعياتها السلبية تكون أكبر من تداعيات مناخ الطقس. فهامش الخطأ هنا بسيط، مقارنة بهامش الخطأ في المجال الاستراتيجي والسياسي خاصة في ظل اشتداد حالة الاحتقان السياسي مع وجود أسلحة متطورة تحركها مزاجات بعض السياسيين الذي يتهورون في اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب.
ومن حيث التطبيق، فلو نظرنا إلى مناخ منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الأيام الممتدة منذ السابع من أكتوبر عام 2023 سنجد أن هذا المناخ أعلن عن نفسه بأنه مقلق أمنياً وأن وتيرته تتصاعد مع مرور الوقت من حيث «تسخين» أجواء المنطقة بدرجة تنذر بحصول انفجار في أي لحظة. فمنذ ذلك التاريخ والمنطقة مشتعلة بين الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ووكلاء إيران في المنطقة بدءاً بحركة حماس ومروراً بحزب الله وصولاً إلى كل من «الحوثيين» والحشد الشعبي في العراق إلى أن وصل الأمر بأن يستعد الطرفان الحقيقيان للمواجهة بينهما وبذلك يكونوا قد «كسروا» قواعد الصراع الاستراتيجي الممتدة منذ بداية الثمانينات بحيث تكون مواجهة بعضهم من خلال وكلاء وليس المواجهة المباشرة فالاثنين إيران وإسرائيل يمتلكان أسلحة تدميرها يتعدى الطرفين وبالتالي كان الخيار المواجهة إما تكتيكية أو غير مباشرة.
العالم يترقب الرد الإيراني منذ قيام إسرائيل بعملية اغتيال زعيم حركة حماس الذي كان في زيارة إلى طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإصلاحي الجديد، مسعود بزشكيان، والتي شعرت إيران بذلك الاغتيال إهانة بعد اختراق سيادتها الوطنية وبالتالي «وجب الرد» كما يقول المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي.
من الصعب الحديث عن حصول هدوء كامل لمنطقة الشرق الأوسط لسببين اثنين مهمين. السبب الأول: هذا حال هذه المنطقة منذ القدم لأنها محل تنافس دولي وبالتالي فاستقرارها يعتمد على ترتيبات تتعدى دول المنطقة لوحدها فلا بد من مشاركة القوى الدولية في الحفاظ على استقرارها وبما أن المناخ الاستراتيجي العالمي محل تنافس على النفوذ ستكون منطقتنا في هذه الحالة لحين حصول استقرار على المستوى العالمي.
السبب الثاني: أن من يسيطر على هذه المنطقة سواءً كان فاعل دولي أو إقليمي فإنه سيكون أحد صناع السياسات الدولية والمبرر أنه سيتحكم بمورد أساسي لحاجة العالم من الطاقة الاحفورية وسيفرض إدارته على ممرات الدولية التي تربط دول العالم ببعضها.
نظرياً يبرز على السطح بأن ما يحدث هو صراع الإسرائيلي- الإيراني، ولكن عملياً فالصراع له أبعاد دولية فنحن في مرحلة إعادة تشكل النظام العالمي فتهدئة «المناخ الإقليمي» قبل أن يكون من داخله لا بد أن يسبقه تهدئة المناخ الدولي.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات