2023-02-01
أيدكس.. ماركة إماراتية
تحتل المعارض عموماً والعسكرية بشكل خاص، في كل دول العالم مكانة لدى مساعدي صناع القرار لسببين اثنين على الأقل هما. السبب الأول: لأنها تمثل أحد الروافد المهمة في دعم اقتصادات الدول من واقع ما أثبتته هذه المعارض من قدرة في أن تُدر دخلاً مالياً خاصة عندما تكون تلك المعارض أو الفعاليات التي تصنف ضمن المستويات الضخمة مثل المعارض العسكرية أو الاقتصادية الضخمة.
والسبب الثاني: لأنها من الصناعات (المعارض أصبحت صناعة) التي تعمل على تشكيل صورة الدول وإعادة صياغتها التي تتقن فن هذه ا لصناعة لدى الرأي العام والعالمي. وتحاول الدول من خلال استضافتها للمعارض ترك انطباع جيد عنها كي تحول ذلك الحدث بشكل آلي إلى قوى ناعمة لها ومع تكرار الاستضافات السنوية والدورية للمعرض أو المعارض الأخرى تترسخ الصورة في الأذهان وتعزز من مكانة الدولة المستضيفة لتكون ضمن قائمة الدول المؤثرة في مجالها وربما في المجالات الحيوية الأخرى.
اكتسبت إستراتيجية صناعة المعارض في دولة الإمارات زخماً كبيراً مع تتالي مجالاتها فخلال شهر فبراير الحالي تستضيف دولتنا أكبر حدثين ضمن مجال صناعة المعارض هما: القمة العالمية للحكومات 2023 وهي من القمم التي يحضرها صناع القرار في العالم ومتخذيه بالإضافة مسئولين تنفيذيين في الجوانب الاقتصادية والتنموية، أما الحدث الآخر فهو معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «أيدكس 2023» الذي ينظم نسخته الـ16 في الفترة من 20-26 من فبراير الحالي.
الإمارات هي واحدة من الدول التي احترفت هذه الصناعة وباتت تنشغل فيها بالتطوير ومواكبة أحدث أساليب وطرق تنظيمها بل وخصصت مقرات دائمة لتنظيم المعارض وفق المعايير العالمية ففي العاصمة أبوظبي مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» وهي منطقة تكاد لا تخلو من الفعاليات على مدى أيام السنة من خلال المرور على أرض الواقع أو زيارة الموقع الالكتروني.
وتصديقاً لما نقوله هنا، فإن العالم أجمع ينتظر ذلك الحدث العالمي في شهر نوفمبر 2023 عندما تستضيف الإمارات مؤتمر Cop28 الذي سيناقش قضية الحياد المناخي وهي من القضايا التي تهتم بالإنسان. أما عن أهم شهادة قدمها العالم للمكانة التي سجلتها الإمارات في هذا المجال فكانت في الاعتراف بنجاح أكبر تظاهرة عالمية اكسبو 2020 دبي ما يؤكد أن هذا الصناعة التي لم تعد احتفالية أو مهرجان بقدر أنها علامة تجارية وطنية (ماركة وطنية) يمكن الاعتماد عليها رفد الدخل القومي للدولة.
“أيدكس”، كمعرض عسكري متخصص، باتت علامة بارزة في هذا المجال الحيوي ما دفع بدول العالم لأن تستعير أو تقتبس بعض الافكار منه ليس من أجل تنظيمه وإنما في كيفية تحقيق فائدة ومردود اقتصادية منه، ومن ثم المردود الدبلوماسي فالهدفين مهمين لصناع القرار العالمي وينبغي أن يكونا ضمن رؤية المنظمين لها بل إن بعض الدول تسعى للاستفادة من ناحية توطين هذه الحرفة لتكون محلية خالصة وهي فكرة تتعدى الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية لتكون مسألة أمن وطني وهي كذلك في ظل دورة حياة وتشابك القضايا.
لو وقفنا على معرض أيدكس الذي يتم تنظيمه كل سنتين فقد بدأت الفكرة قبل 30 عاماً (أول معرض كان في 1993) اليوم هو: الملهم الأول في المنطقة في فن صناعة المعارض من خلال حالة التدرج في الفكرة من حيث التنظيم والارتقاء بالجودة ثم تحويل الفكرة لتكون مناسبة لمناقشة الأفكار السلام العالمي مع أنه مكان تحضر فيه أحدث الأسلحة.
اكتشفت دولة الامارات مبكراً أهمية معرض أيدكس لتعزيز جاذبيتها التنموية من خلال استضافة العارضين من دول العالم المختلفة ونجحت من خلاله في استقطاب العديد من دول العالم وأن ترسخ مكانتها فيه كما نجحت كذلك في أن توسع مجالاتها فيه بشكل لافت.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات