مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-12-03

الأيدلوجيا تموت أحياناً

لكل ظاهرة سياسية قاعدتين أساسيتين. القاعدة الأولى: أن الظاهرة العلمية لا تعرف النتائج النهائية أو الجامدة التي تتصف بالحكم المطلق كما يدعي أصحاب الحقيقة الكاملة من الأيديولوجيين وأصحاب الفكر المتشدد فكل شيء في الحياة قابل للشك والنسبية وقابل المراجعة من أجل تطوير الفكرة وتعديل المسار قبل أن تموت إما بموت أصحابها أو تراجع مكانتها بين مؤيديها والمتعاطفين معها، فوهج اللحظة يتراجع بعد فترة.
 
القاعدة الثانية: لا يمكن الحكم على ظاهرة سياسية أو علمية دون قياسها أو اختبارها وأصبحت هناك نظريات في العلاقات الدولية لقياس الظاهرة السياسية واحدة منها “النظرية السلوكية” التي تعتمد على متابعة حركة سلوك الدول أو التنظيمات السياسية لقياسها إن كانت عقلانية وحية أو أن هذه الدولة أو التنظيم يسير نحو الموت أو قتل نفسه كما حدث للعديد من التنظيمات القائمة على الفكر الأيديولوجي.
كي لا يبقى الحديث سرد نظري، فإن مناسبة الحديث هنا يأتي من النقاشات التي أثارتها “حرب غزة” التي تسببت فيها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في السابع من أكتوبر 2023، والذي يدور حول أن أي محاولة للقضاء على هذه الحركة القائمة على “الفكر الإخواني” أمر مستحيل وغير قابل للتنفيذ مهما فعلت الحكومة الإسرائيلية.
 
يمكن القبول بوجهة النظر هذه نسبياً وفي حالة واحدة وهي: جوهر أو “زبدة هذا المقال” بأن تحافظ الحركة على بوصلتها السياسية وألا تضل طريقها أو هدفها الأساسي وهي خدمة القضية الفلسطينية وشعبها وفق المعطيات الجديدة في القضية، المقاومة ليست عمليات اختطاف وترهيب المدنيين والمتاجرة بالشعب كما أنه المقاومة ليست خدمة أجندات وأهداف لا علاقة لها بالقضية الأساسية.
 
قوة أي أيديولوجيا تأتي من أنها “خادمة” للأمة، أي بمعنى آخر أن استمرارية الفكر يحتاج من يدعمه من المجتمع الذي يتواجد فيه أو ما يعرف بـ”الحاضنة المجتمعية” ولكي يجد هذه الحاضنة على الأيديولوجيا أن تكون معبرة بشكل حقيقي عن طموحات أفراد المجتمع حتى ولو كانت أيديولوجية ببعد ديني ( مع أن كل الأيديولوجيات سياسية) فهي رغم أنها الأقوى من بين كل أنواع الأيديولوجيات إلا أنها تتراجع وتموت عندما تكون أو تعمل على عكس اتجاهات الشعوب وكذلك اتجاهات الإنسانية إذا كانت الأيديولوجيا عابرة للحدود كما هي أيديولوجية الإخوان المسلمين وفي حالتنا هنا حركة “حماس” أحد ممثلي هذه الأيديولوجيا.
 
“الفكر لا يموت” مقولة الجميع يرددها، إلا أن استمراريتها يشترط عوامل معينة منها مراجعة أهداف الفكر لتكون مناسبة لمعطيات الواقع الجديد والزمن الذي تعيش فيه، وعدم الارتهان على ترديد أقوال المؤسسين للفكر أو المنتفعين منه. الشرط الآخر، أن يسجل هذا الفكر الأيديولوجي نجاحات يشعر بها الشعب أو المتعاطفين معه من مصالح سياسية واقتصادية وإلا فإن الناس سيلفظونه وهذا حصل مع تنظيم الإخوان المسلمين في المجتمعات العربية وعشنا تجربة اختفاءهم فكرياً ومجتمعياً.
 
يجادل البعض في دعمه بأن “الأفكار لا تموت” بوجود الشيوعية رغم انهيار الاتحاد السوفيتي وأن الصين ما زالت تطبق هذه الأيديولوجيا وهي ناجحة مقارنة بالمعسكر الغربي، هذا الرأي يصدق في حالة الأخذ بالشروط التي سبق وتم ذكرها. فالشيوعية الصينية ليست هي نفس الفكر الذي كانت تؤمن فيه، وكذلك الشيوعية الصينية ملامسة لحاجات معتنقيها وتقدم تنمية اقتصادية مبهرة ولا تضحي فيهم في حروب خاسرة، هذا على عكس ما تفعله “حماس”.
 
“حماس” هي حالة واحدة من ضمن حالات سياسية كثيرة تتبنى فكراً أو أيديلوجية تدغدغ مشاعر الناس بالشعارات السياسية لذا وجب على الجماهير عدم تصديق مقولات ثابته لأنها ليست إلا تلاعب بالألفاظ لحين اكتشاف الحقيقة.
 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره