2024-04-03
الصين.. رسالة سياسية في الميزانية الدفاعية
أعلنت الصين في 7 مارس الماضي مع افتتاح الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الهيئة التشريعية الوطنية في البلاد بحضور صاحب مشروع الصين الاقتصادي العالمي (الحزام والطريق) الرئيس شي جين بينج عن زيادة في ميزانيتها العسكرية لعام 2024 بنسبة 7.2% لتصبح (231) مليار دولار. ومع أن هذه الزيادة أعلى من نسبة النمو السنوي لهذا العام وهي 5% إلا أنها تحمل رسالة سياسية مهمة إقليمياً ودولياً، حتى لو أبدت الصين أن استراتيجياتها العالمية اقتصادية بالدرجة الأولى.
أبرز ثلاثة رسائل يمكن استخلاصها من زيادة الصين للميزانية الدفاعية لها هي. الرسالة الأولى: أنها تؤكد قناعتها أن الطموحات الاقتصادية العالمية تحتاج إلى «أنياب» لحمايتها وبالتالي فإنها توسعها في المشروعات الاستثمارية في العالم تحتاج إلى التوسع في الجوانب العسكرية خاصة في ظل حالة الرفض الغربي لما تقوم بها الصين وبالتالي فكأنها بتلك الميزانية المعلنة والتي يعتقد المهتمين بالشأن الصين أكبر مما هو معلن وهو بمثابة التخلي عن سياسة الغموض والدبلوماسية الناعمة لها.
الرسالة الثانية: الميزانية تأتي في ظل حالة من التوتر السياسي والأمني فيما يخص تايوان وكأنها بذلك تؤكد سلوكها المحتمل بأنها راغبة في استعادة الجزيرة المتمردة بشكل كامل أو ما يتعارف عليه: الصين الموحدة التي تم إقرارها في العام 1979، ولكن تكرار رؤساء الولايات المتحدة على استفزاز الصين بإعادة النظر في هذا المصطلح الذي اعترفت فيه واشنطن في عهد الرئيس كارتر في السبعينيات من القرن الماضي وكأن آخر استفزاز بل وأقواه في أغسطس عام 2022 عندما قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي زيارة تايوان وكان وقتها في أوج الحرب الروسية-الأوكرانية ما أعطى انطباعاً بأن يتكرر المشهد مع الصين.
أما الرسالة الثالثة فهي أقرب إلى الدروس المستفادة من واقع المتابعة الصينية لما يحدث في الحرب الروسية-الأوكرانية حيث تم استنزاف المخزون العسكري الروسي وهي أحد التكتيكات الغربية في إنهاك روسيا ما دفع بموسكو إلى التعويض من خلال استيراد احتياجاتها حلفاءها وبالتالي فالموضوع أقرب إلى سيناريو لمحاكاة ما قد يتكرر مع الصين في مشهد تايوان.
المؤسسة العسكرية الصينية تعيش منذ العام الماضي العديد من التغييرات يقوم بها الرئيس الصيني نفسه تشي جين بينج نفسه لها علاقة بالاستعداد بالنظرة الاستراتيجية الصينية لتطويق البحر الصين الجنوبي حيث المقصود به تايوان والموضوعة في فترة ما بين عامي 2026-2028 من تلك التغييرات: تطهير المؤسسة من الفساد والمحسوبية حيث أقال وزير الدفاع لي شانج فو في أغسطس من العام 2023 والعديد من الجنرالات بعضهم بتهم التجسس للولايات المتحدة الأمريكية، ومن تلك التغيرات أيضاً تحديث هذه المؤسسة على اعتبار أنها تعاني من نوعية الأسلحة وكفاءتها القتالية مقارنة بالجيش الأمريكي وبالتالي فإن ضخ ميزانية كبيرة ربما توجه أغلبها نحو عمليات شراء أسلحة أو تطوير القطاعات العسكرية الصينية بما يتواكب مع الطموحات الصينية. ومنها كذلك أن الجيش الصيني كان يعتمد بشكل كبير على الخبرات الفنية الأوروبية ومنها الخبرة الأكرانية في استيراد التكنولوجيا التي تستخدم في صناعة الأسلحة والسفن الحربية الصينية خاصة من ألمانيا ولكن بعد الحرب الأوكرانية وميل الموقف الصيني تجاه روسيا بدأ بتراجع هذا التعاون بضغوط أمريكية.
الخلاصة أن زيادة الميزانية الدافعية الصينية تعكس حرص القيادة الصينية على تطوير جيشها بما يتواكب وطموحاتها الاقتصادية العالمية كما أنها تعبر عن حالة المناخ الاستراتيجي العالمي والذي يسيطر عليه التوتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ولكن النقطة الأهم في هذا المناخ هي أنها أكثر حزما من أي وقت مضى في استعادة تايوان وفق مصطلح الصين الموحدة وأنها لن تتردد في اللجوء إلى القوة في حالة شعرت بتهديد مصالحها الاستراتيجية.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات