2023-08-03
الناتو طريق أوكرانيا الوعر
أنهى الرئيس الأمريكي جو بايدين (ولو على المدى المنظور) الآمال التي كان يحلم بها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بشأن بانضمام بلاده إلى حلف الشمال الأطلسي (الناتو) بعدما قال بايدن في حوار له على قناة سي إن إن الأمريكية قبل انعقاد قمة الناتو، الشهر الماضي، في العاصمة لليتوانية فيلينوس إن: «أوكرانيا غير جاهزة للانضمام إلى الحلف لا سياسياً ولا اقتصادياً».
هذا الكلام لم يكن موجوداً قبل عام فقط فعلى العكس منه تماماً كان هناك تشجيع متكرر كي تتقدم أوكرانيا بطلب الانضمام إلى الحلف.
الصور المنتشرة للرئيس الأوكراني خلال القمة تبدو كمن يبحث عمن ينقذه بعدما شعر أنه لم يعد يملك خيار غير استمرار الحرب مع روسيا ولو بمفرده، بعدما تحولت الشعارات السياسية الغربية في الدفع به للاستمرار في الحرب وبعد الزيارات المكوكية للسياسيين الأوروبيين وعلى رأسهم بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق التي تعددت حيث تأكد أن معيار تحقيق المكاسب يتجاوز غيره من المعايير التي تستنزف المخزون الاستراتيجي الغربي.
من يراجع تصريحات المسئولين غير الأمريكيين سيجد أنها تغيرت سواءً من حيث تراجع حماسة دعم أو أوكرانيا أو بالتصريحات المباشرة.
خذ مثال بريطانيا التي كانت الداعم الثاني بعد الولايات المتحدة فكان رد وزير دفاعها على انتقادات زيلينسكي للأوروبيين في القمة بأن أوروبا ليست متجر «أمازون للأسلحة» في إشارة صريحة بأنهم لم يعد الغرب بتلك الحماسة في دعم استمرار الحرب. السؤال الذي يفرض نفسه هنا هل بدأ الرئيس الأوكراني يستوعب الواقعية السياسية في العلاقات بين الدول وليس عند الأمريكان فقط، حتى ولو كانت واشنطن هي من تمارسها بوضوح أكثر؟
صَوّرَ البعض الموقف الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً نوعاً من «الغدر السياسي» بينما هو منطق المصلحة التي تحدد المسار علاقات الدول، فالأخلاقيات في مواقف الدول تتراجع إن لم تكن أساساً غير موجودة. وبالتالي الواضح أن هناك ميل غربي للتفاهم مع روسيا حتى وإن بدت الحكومات الغربية رافضة علناً فالحرب التي لا تريد أن تنتهي تستنزف الكل وليس روسيا فقط.
فمنذ بدء الحرب في فبراير 2021 واضح أن حلف «الناتو» يتبنى نهجاً محدداً في دعم أوكرانيا وهو عدم الانخراط بشكل مباشر في الحرب بل كل التقديرات الاستراتيجية كانت تشير إلى أن الحرب الروسية ليست مع أوكرانيا وإنما مع الغرب، بل إنه رغم كل المساعدات التي تقدمها الدول الغربية سواءً تقديم الأسلحة أو تدريب المتطوعين وحتى المواقف السياسية تبين أن هذا الحلف لا يريد تصعيد العمليات العسكرية مع روسيا بالشكل الذي يتعدى الحدود الأكرانية.
ولو أردنا تلخيص أجندة الولايات المتحدة من هذه الحرب فيمن اختصارها في هدفين اثنين هما. الهدف الأول: استنزاف القوة الروسية التي تتصاعد مع مرور الوقت ويكون لها حضور في الساحة الدولية. الهدف الثاني: الدفع نحو خلخل التماسك الصيني-الروسي أو ما يسمى بالمعسكر الشرقي لأنهما يعملان مع بعض لإضعاف الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه لا تريد واشنطن إعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذريعة لتوسعة الحرب وهذه هي الرسالة الواضحة من رفض انضمام أوكرانيا إلى الحلف في الوقت الحاضر.
الخلاصة أن باتت المطالب الأوكرانية ثقيلة على الغرب وإن كانت هذه الدول مستمرة في تقديم الدعم لكن التحديات الداخلية لكل دولة منها بما فيها الولايات المتحدة تضاعفت منذ نشوب الحرب وبالتالي على الرئيس الأوكراني أن يفكر بخيارات وسيناريوهات عديدة للتعامل مع تداعيات الحرب إن فضل الاستمرار فيها لأن الطريق إلى الانضمام في حلف «الناتو» لحمايته لن يكون سالكاً في المستقبل.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات