مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-09-01

بوتين.. والتفكير بعقلية المنتصر

التفسير الرائج لما يحدث في أفريقيا الآن من انقلابات عسكرية وما يتبع تلك الانقلابات من تعنت سياسي لمنفذيها في الاستماع لأي نصائح أو تهديدات من دول الجوار أو الدول الغربية المتضررة من تغير النظم السياسية هناك وخاصة فرنسا؛ المتهمة باستنزاف البلدان الأفريقية (هذا التفسير) هو أن: «روسيا بوتين» تحرض تلك العسكريين على هذا الفعل وذلك من منطلق التنافس على النفوذ الدولي في تلك القارة الواعدة.
 
ومن منطلق انتقام روسيا من الغرب على تحريضهم للجوار الجغرافي الروسي مثل أوكرانيا.
 
 
روسيا تستغل عاملين اثنين يساعدها في تحريك المشاعر الأفريقية الغاضبة ضد الغرب عموماً، وهي مع أنها موجودة لكنها كانت مكتومة لزمن طويل وهذين العاملين هما. العامل الأول: صفاء التاريخ الروسي السياسي من أي احتلال في تلك القارة بل إن الروس يستذكرون مع الأفارقة «الزمن السياسي الجميل بينهما» أيام وقوف الاتحاد السوفيتي مع هذه الدول في حقبة الحرب الباردة ضد الإمبريالية الغربية العالمية.
 
 
أما العامل الثاني: أن روسيا بوتين نقلت حالة الغضب الأفريقي على التدخلات الغربية في بلدانهم من دوائر المثقفين والنخب السياسية إلى الشعب والرأي العام الذي أصبح اليوم بالكامل يكاد يكون ضد فرنسا تحديداً وقد رأينا المظاهرات في الأيام الأخيرة من شهر أغسطس الماضي في النيجر مؤيدة للإنقلاب بعدما هددت دول «إيكواس» بالتدخل العسكري.
 
 
أما الشيء اللافت في هذا التفسير، أنه يتزامن مع الحرب المتصاعدة وتيرتها يوماً بعد يوم بين روسيا وأوكرانيا الدولة المدعومة بقوة من الولايات المتحدة والغرب، فرغم أن نتيجتها تتأرجح ما بين ترجيح كفة (روسيا بوتين) أحياناً في حين أحياناً أخرى نجد أن الأوكرانيين يُعجّزون روسيا ويصعبون عليها مهمتها الخاصة إلى درجة أن مسألة هزيمة روسيا سياسياً تكاد تكون أمراً وارداً في سياسة الكر والفر التي تتبعها أوكرانيا ورغم كل ذلك إلا أن روسيا ورئيسها بوتين يديرون حرباً أخرى لا تقل أهمية في زعزعة الاستقرار الغربي في أفريقيا، القارة التي تمثل حاجة العالم من المعادن والموارد الأولية والاستثمارات في الزراعة.
 
 
هذه الإدارة الروسية تُعطي انطباعاً بأن الرئيس بوتين ينطلق في استراتيجيته للحرب من: التفكير بعقلية المنتصر حتى وإن لم تكن المعركة قد حسمت ولكن لديه القدرة على التشويش في كل الملفات بهدوء بل هذا التشويش أثبت فعاليته الموجعة ضد الغرب ما يعني أن الغرب لم يستطع حتى الآن في إثناء روسيا عن طموحاتها الاستراتيجية لا في الجوار الجغرافي لها ولا في أفريقيا بل نستطيع القول إنها ضاعفت التركيز فيه بذكاء.
 
 
قد تكون قوات «فاغنر» المنتشرة في أكثر من دولة أفريقية هي من تنوب روسيا فيما يحدث هناك ولكن علينا ألا ننسى أن الغرب عموماً وفرنسا بالأخص يفتقدون إلى القراءة الصحيحة للمتغيرات الدولية الحاصلة في القارة الأفريقية والقائمة على رغبة القادة الجدد في علاقات تشاركية أكثر وكذلك عدم إعطاء «مواعظ» سياسية في كيفية إدارة بلدانهم لأنها تجلب الغضب عليهم بل إن حالة المساندة الروسية لتلك البلدان من خلال رفض تهديدات التدخل يرفع من أسهم روسيا السياسية.
 
 
في حال استمرار الوضع في النيجر كما هو عليه بعد الانقلاب فإن الأمر حسب الاعتقادات الغربية أنه مشجع لباقي الدول الأفريقية على التخلص من الوجود الغربي عموماً بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت في تغيير سلوكها السياسي ولكن «بخجل» وبالتالي فإن الطريق ممهد لتوسع النفوذ الروسي والصيني لكن في المقابل فإن فرنسا المتضرر الأكبر ومعه الغرب لن يقبل بسهولة ما يحدث ضدها وهذا ما قد يكرر المشهد الأوكراني ولكن في أفريقيا.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره