استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
من الخصائص المميزة للدول الكبرى، امتلاكها دبلوماسية نشطة ومتنوعة. فلا تقتصر علاقاتها الخارجية على مجالها الحيوي أو الجغرافي، ولا تغلق تفاعلاتها على دائرة محددة من الدول.
وتنطلق الدبلوماسية الناجحة من اعتبارات عملية واضحة الأهداف والرؤية وليس وفق أجندات سياسية أو أيديولوجية. ومن أهم مؤشرات قوة الدبلوماسية الإماراتية، اتساع دائرة نشاطها لتشمل العالم كله وليس نطاق جغرافي محدد؛ فمن أوروبا إلى الأمريكيتين (الشمالية والجنوبية) ومها لقارة آسيا وفي القلب منها القارة الأفريقية التي لم تعد «القارة المنسية» في الدبلوماسية الإماراتية.
من هنا جاء اهتمام الإمارات بأفريقيا شعوباً ودولاً، لتحقيق استفادة مشتركة ومصالح متبادلة مع الحكومات الأفريقية. في سياق رؤية إماراتية شاملة ومتوازنة لمستقبل العالم وتنمية الإنسان في مختلف أنحاء الكرة الأرضية.
فرغم تركيز الإمارات على قضايا جوهرية مثل التنمية الشاملة والتطلع إلى المستقبل للدولة والشعب الإماراتي، لا تدخر الإمارات جهداً في إقامة علاقات قوية وروابط مصلحية متينة مع الدول الأفريقية. وأتذكر في هذا المقام، ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على هامش استقباله رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نجيسو خلال شهر أبريل الماضي، من أن لدى الإمارات توجه استراتيجي نحو الشراكة مع أفريقيا، وبخاصة في الشراكات الاقتصادية.
وفي تطبيق عملي لحرص الإمارات على تنويع وتعدد الشراكات الاقتصادية مع دول القارة السمراء، بادر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، إلى زيارة دولة أنجولا أواخر شهر أغسطس الماضي. حيث كانت زيارة دولة شهدت مباحثات رسمية مع الرئيس الأنجولي جواو مانويل غونسالفس لورينسو. حيث أبرم الرئيسان شراكة اقتصادية شاملة بينهما، تمت ترجمتها في عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين.
وبقراءة هادئة لطبيعة ونطاق الاتفاقات التي جرت بين الدولتين، سنلاحظ أنها تمتاز بالتنوع وتعدد القطاعات والمجالات التي تشملها. بما في ذلك التبادلات التجارية ذات الميزة النسبية لكل من الدولتين. وبعض المجالات النوعية المتخصصة مثل الأعمال المصرفية. إضافة إلى حرص الإمارات على مساعدة أنجولا ودعمها في مجال الذكاء الاصطناعي كمدخل أساسي لتطوير البنية المعلوماتية والعلمية.
وثمة ملاحظة يجب تسجيلها على التوجه الإماراتي نحو الشراكة مع دول أفريقيا، وهي الحرص الإماراتي على تحييد الجانب النفطي في أوجه التعاون الجارية والمستقبلية. فمثلاً، وصل حجم التجارة غير النفطية مع أنجولا العام الماضي 2024 حوالي 2,17 مليار دولار. وفي النصف الأول من العام الجاري 2025 بلغت 1,4 مليار دولار، وتنتظرها زيادة متوقعة بعد الاتفاقيات التي أبرمت خلال زيارة رئيس الدولة. كما تركز الاستثمارات الإماراتية في أنجولا على ضخ استثمارات في مجال الطاقة الجديدة بأنجولا، ومنها مشروع ضخم للطاقة الشمسية تقوم به شركة «مصدر» الإماراتية.
فضلاً عن الروابط الاقتصادية التي تعود بالمنافع المتبادلة، جاءت زيارة رئيس الدولة للعاصمة الأنجولية لواندا في توقيت مهم وملائم؛ وذلك في ضوء تولي أنجولا رئاسة الاتحاد الإفريقي. بما يحمله ذلك من دلالات حسن اختيار توقيت الزيارة، وترتيب ما يمكن أن تسهم به العلاقات الثنائية المتميزة في توثيق وتعزيز الحضور الإماراتي في إفريقيا. ليس فقط على المستوى الاقتصادي لكن أيضاً في اتجاه تهيئة الظروف الملائمة للتنمية والنهوض بشعوب القارة. بما يتضمنه ذلك من الاستعانة بالخبرة الإماراتية الواسعة في مجال تسوية النزاعات وحفظ السلم والوساطات الحميدة، وغير ذلك من مزايا تتمتع بها الدبلوماسية الإماراتية.
إن هذه الشراكات التي تقوم بها الإمارات في اتجاهات متعددة في العالم وتشتمل على مجالات تنموية بالأساس، هي تجسيد عملي لتوجه الدولة التعاوني والانفتاحي على العالم، من منظور إنساني متكامل. وهذا تحديداً هو ما يوفر أرضية قوية ورصيداً داعماً لسياسة الدولة ومعززاً لشبكة علاقاتها الخارجية مع مختلف دول العالم. الأمر الذي يمثل في التحليل النهائي، قوة استراتيجية شاملة لا تقل أهمية عن الأوجه المادية المباشرة للقوة.
بهذا المفهوم الواسع للرؤية الشاملة التي يقودها صاحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أصبحت دولة الإمارات بالفعل قوة كبرى ليس فقط في إقليم الشرق الأوسط، بل في العالم.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات