استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
تحتدم حدة المنافسة الشرسة في منطقة الشرق الأوسط، وبالأحرى بين إسرائيل وإيران، وتكثر التكهنات حول المواجهة العسكرية بينهما، ضربة من هنا وضربة من هناك، كل طرف يحاول فرد عضلاته، فالمواجهة وجودية على ما يبدو بين هاتين القوتين المؤثرتين في التفاعلات الجارية في المنطقة. فكيف يمكن لنا أن نفسر ما يحدث من مواجهات عسكرية مستمرة بينهما.
لطالما كان الحديث عن علاقة إسرائيل وإيران مرتبط بشكل أساسي بمفهوم توازن القوة والرغبة في تحقيق هذا التوازن عسكرياً، ولاسيما من قبل الجانب الإيراني من أجل ضمان أمن وسلامة النظام السياسي من تداعيات التهديدات الإسرائيلية. قوة عسكرية يقابلها قوة عسكرية أخرى قادرة على تحقيق التوازن وردع الطرف الآخر. هذا ما جرى عليه سير التحليل السياسي لفترة طويلة للتفاعلات القائمة بين الطرفين. إلا أن مجريات الأحداث والتطورات العسكرية التي جرت وتجري في المنطقة وبالأخص بين إسرائيل وإيران تأخذنا إلى اعتبار أن ما يحدث أفقد مفهوم توازن القوة ثقله في تفسير الحالة القائمة بين البلدين. فالواقع أثبت بأن القوة العسكرية لإسرائيل هي أكبر بكثير من حيث الكفاءة والقدرة عن ما تمتلكه إيران من قوة عسكرية، فقد أثبتت العمليات العسكرية كفاءة المنظومة العسكرية الإسرائيلية على تحقيق مكاسب عسكرية فائقة مقارنة بعجز الألة العسكرية الإيرانية عن تحقيق مكاسب عسكرية تُذكر. وعليه يستغرب البعض من استمرار إيران في إصرارها على توجيه ضربات عسكرية لإسرائيل من خلال الرد على الضربات العسكرية القادمة منها على إيران ومصالحها رغم عدم وجود توازن في القوة! فماذا يجري يا ترى؟
كمتخصصين في دراسة الشأن السياسي الدولي ننظر إلى الأمر من زاوية ما وراء توازن القوة، ونحو تفسير الوضع الجاري حالياً من النظرة الإيرانية من زاوية تحقيق توازن الرعب مع إسرائيل. أي أنه مع عدم قدرة إيران على إلحاق الضرر العسكري الفعلي والمؤثر بإسرائيل، يستغرب البعض من استمرار طهران في توجيه ضربات عسكرية لها. التفسير بالطبع مرده إلى أن إيران تريد أن تحافظ على مبدأ التوازن في علاقتها مع إسرائيل، ولا تود لهذا التوازن أن يختل لغير صالحها، لأن في ذلك ضرر مباشر على أمن واستقرار النظام السياسي في إيران. ولطالما أن توازن القوة العسكرية هو موضوع خارج عن قدرة إيران في الوقت الراهن على تحقيقه في علاقتها مع إسرائيل فإنها تحاول أن تعمل على تحقيق التوازن من خلال السير في مجال ما يسمى بتوازن الرعب والتهديد للطرف الإسرائيلي، بمعنى أن إيران تريد أن تقول أنه ورغم غياب توازن القوة بينها وبين إسرائيل إلا أنها قادرة على أن تلحق الأذى من خلال إحداث الرعب في نفوس وعقول الإسرائيليين عبر تسيير صواريخها ومسيراتها الحربية إلى الأراضي الإسرائيلية بغض النظر عن مدى فاعليتها العسكرية. فمثل هذه العمليات تفتح المجال على إحداث أضرار كبيرة في إسرائيل من خلال الضغط النفسي والتأثير الاقتصادي والسياسي على المجتمع الإسرائيلي وحكومته، الذي سيضل يعيش في دوامة من التوتر من إمكانية وصول الصواريخ الإيرانية إلى العمق الإسرائيلي. فإيران لا تود أن لا تُقابل الهجوم الإسرائيلي عليها وعلى مصالحها من دون توجيه ضربة عكسية مضادة، حيث أن قوتها ومكانتها تعتمد على سعيها الوقوف في وجه إسرائيل. فتوازن الرعب والتهديد هي الفرصة المثلى لإيران كي تعكس قوتها، وهو الأمر البديل عن التوازن في القوة العسكرية الذي في الأساس لا يصب في صالحها وإنما يميل بشكل كبير إلى إسرائيل. لذلك تتجرأ طهران، وتقوم بعمليات عسكرية ضد إسرائيل رغم محدودية تأثيراتها التدميرية بهدف خلق توزان من نوع جديد مع إسرائيل.
فحتى تمتلك إيران القنبلة النووية وتحقق من خلالها التوازن في القوة العسكرية مع إسرائيل، فإنها ليست إلا أمام خيار العمل على تعزيز من قدراتها التهديدية لإسرائيل من أجل إحداث حالة من الرعب عبر ما تمتلكه من قدرات عسكرية قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي أو عبر وكلائها الذين يعملون في المنطقة لصالح مشروع الرعب الإيراني.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات