مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-04-01

دبلوماسية الإمارات التنموية

تنخرط العديد من الدول في إتباع طرق مختلفة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، ولعل واحدة من هذه الطرق هي استخدام المساعدات الاقتصادية لدول وأطراف دولية، وهو ما يصطلح على تسميته بالدبلوماسية التنموية. ففي هذا النوع من الدبلوماسية تستخدم الدول قدراتها المالية وكفاءتها الإدارية والتخطيطية لمساعدة دول أخرى على تحقيق التنمية. وهذا ما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في سياساتها الخارجية هذه الأيام ولاسيما تجاه مصر.
 
 
تتمتع دولة الإمارات بقدرة وكفاءة تخطيطية تعتبر رائدة في المنطقة العربية، أهلتها لأن تتبوأ مركز الصدارة في العديد من المؤشرات التنموية. هذه الكفاءة جعلت الإمارات محط أنظار وإعجاب الكثيرين الذين ينظرون في النموذج الإماراتي على أنه هو أفضل نموذج عربي على الإطلاق. هذه الكفاءة ولدت قوة ناعمة للإمارات تحقق من خلالها الريادة وتتفوق على دول أخرى أكبر منها في العديد من الإمكانات. 
 
 
واليوم تستخدم الإمارات هذه القوة بشكل رائع في سبيل المساعدة في انتشال مصر من مغبة العبث بأمنها واستقرارها بل ومكانتها الإقليمية المعروفة بها. فالخبرة الإماراتية في مجال المشاريع التنموية وفي مجال بناء وإدارة مدن حديثة أصبحت هي المتواجدة وبقوة مع الأخوة في مصر للنهوض بالمحروسة من دائرة الفشل التي يحاول أعداء مصر الجديدة إلصاقها بها. إن الصراع الدائر في مصر اليوم هو بين مشروعين، الأول تقوده الإمارات بالتعاون مع الحكومة المصرية ومعها السعودية والكويت للنهوض بمصر وجعلها واحة استقرار ومصدر أمن لمحيطها العربي، والثاني هو مشروع إضعاف لمصر وجرها في مغبة الصراعات والتوترات وجعلها مصدر تهديد لمحيطها العربي. 
 
 
إن النجاح الكبير والباهر للتجمع الأخير المنعقد في شرم الشيخ تحت مسمى مؤتمر مصر المستقبل كان إشارة واضحة على أن مصر تتجه نحو السير في مسار المشروع الأول. هذا المؤتمر كان مؤتمر اقتصادي إلا أنه بأبعاد سياسية. 
 
 
فقد حضره ممثلون عن تسعين دولة وخمس وعشرين منظمة دولية وإقليمية. فقد تمكن المؤتمر من حصد 142 مليار دولار أمريكي لنجاح مشروع مصر التنموي، وكانت دول الخليج العربي والممثلة في كل من الإمارات والسعودية والكويت الرائدة في دعم مثل هذا المشروع. ولعل الدعم الإماراتي لم يتوقف عند تقديم السيولة المادية المطلوبة بل تعداه لتقديم الخبرة الإماراتية في السير بمصر نحو مشروعها التنموي. فمشروع العاصمة الجديدة سيكون معلم حضاري رائع بكل معنى الكلمة، وستكون الكفاءة والخبرة  الإماراتية في مثل هذا المجال هي المحركة للمشروع، كيف ولا والخبرة الإماراتية قد أثبتت كفاءتها في هذا المجال، حيث المدن الجديدة في دولة الإمارات تضاهي بمستوياتها المقاييس العالمية. 
 
 
إن الإمارات اليوم قوية في العالم ليس لأنها تمتلك القوة العسكرية اللازمة لفرض ذاتها على الساحة الإقليمية، بل لأنها تمتلك القوة اللينة التي مكنتها من أن تتبوأ مركز الصدارة ليس فقط في نطاقها الإقليمي بل أوسع من ذلك ليشمل النطاق العالمي. هذه القوة المتمثلة في الكفاءة الإماراتية أصبحت تنافس بل وتتغلب على القوة التي تمتلكها دول أخرى تحاول أن تأخذ مصر في طريق مغاير. فهذه القوة يجب أن تكون هي الأداة الأساسية التي يمكن للإمارات استثمارها في العلاقات مع دول عربية عديدة تقع تحت نير الفشل التنموي. فاليمن والعراق وسوريا وليبيا كلها دول تعاني من الفشل في الكثير من الجوانب، ولربما أن الكفاءة والخبرة الإماراتية قادرة أن تساعد مثل هذه الدول في الوقوف على الطريق الصحيح نحو تحقيق الأمن والاستقرار فيها. ولعل التجربة مع مصر قد تكون حافزاً للآخرين للأخذ به، فالإشادة كل الإشادة بدبلوماسية الإمارات التنموية.
 
 
 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره