مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2018-08-01

دور القوات البحرية في الصعود الصيني

كان الرئيس الصيني، شي جين بينج، الذي قام بأول زيارة خارجية له منذ إعادة انتخابه في شهر مارس الماضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، واضحاً حول نهج سياسة بلاده وهي تسير نحو الصعود إلى مصاف قوة عالمية إلى الارتكاز على القوات البحرية وتطويرها بشكل خاص بما يتناسب والطموحات المستقبلية لبلاده لكن دون أن يتسبب ذلك في تجاهل باقي القطاعات العسكرية باعتبار أن القوات البحرية هي الذراع الأنسب لتنفيذ استراتيجيته التي أعلنها في عام 2013 والمعروفة بمبادرة «الطريق والحزام» والهادفة إلى الانفتاح على العالم وفق طريق الحرير القديم والجديد فيه إضافة منطقة أوروبا الوسطى.
 
 
وقد صدرت تصريحات الرئيس الصيني، ذو الرؤية الجديدة للصين، خلال مناورات عسكرية للقوات البحرية في إبريل الماضي وذلك عندما فاجأ، تشي جين بينج، جنوده بالزيارة وإلقاء كلمة أبرز ما فيها إعلانه أن بلاده بحاجة إلى قوات بحرية «قوية» في إشارة واضحة إلى اهتمام القيادة الصينية بهذا القطاع. ولم تقتصر مفاجأة الرئيس الصيني على جنوده فقط، ولكنها شملت القوات الأمريكية التي كانت تقوم بمناورات بحرية أيضاً في التوقيت نفسه على اعتبار أن تلك الزيارة كانت قريبة من منطقة متنازع عليها مع تايوان أحد حلفاء الولايات المتحدة في بحر الصين، وبهذا الإعلان تكون الصين قد تخلت السرية في طموحاتها إلى نمط الوضوح.
 
 
على كل، فإن دور الصين الدولي ورغبتها في منافسة الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً لم يعد قيد نقاش كما كان حتى وقت قريب، ولكن بالزيارة التي قام بها الرئيس الصيني إلى دولة الإمارات وبتلك التصريحات أثناء المناورات حسم ذلك الأمر بين دوائر صناعة القرار في العالم وصار الحديث عن وضع النظام الدولي الجديد خلال المرحلة المقبلة، هل سنشهد حرب باردة جديدة أو أن الأمر محسوم في ناحية تراجع الولايات المتحدة عن مسئولياتها الدولية خاصة في ظل سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تقلق جميع حلفاءه التقليدين بما فيهم اليابان وكوريا الجنوبية جارتي الصين؟!
 
 
النقطة الملفتة هنا أنه في الوقت الذي يتصور فيه الناس أن اهتمام الدول بالقوات البحرية أمر يرمز إلى الماضي وإلى عدم مواكبة التطورات في المجال العسكري الذي باتت الحروب الفضاء والالكترونية والطائرات بلا طيار هي حديث الساعة فإن الصين تركز على تطوير الغواصات وحاملات الطائرات وكأن هناك فجوة استراتيجية ولكن إذا ما ركزنا على النظرية العسكرية التي اعتمد عليها المخطط الاستراتيجي الصيني والمعروفة بـ»نظيرية ماهان» الضابط الأمريكي التي تقوم على أن الدول ذات حجم القوة البحرية الأكبر سيكون لها تأثير أكبر على السياسة العالمية واسقطنا عليها استراتيجية الصين الجديدة (الطريق والحزام) وتذكرنا معها التحديات التي نراها الآن في التعامل الدولي سنجد أن هناك شيئاً من المنطق.
 
 
لأن هناك رغبة لدى القيادة الصينية في السيطرة على الطرق البحرية والممرات الدولية خاصة القريبة منها، فهي بهذا تسعى لبناء قواعد عسكرية بحرية ضمن المناطق التي تشملها استراتيجيتها آسيا وأفريقيا حتى الآن مثل: ميناء جوادر الباكستاني، وبناء ميناء شيتاجونج في بنغلاديش وفي تايلاند بل أن هناك مشروع صيني لشق قناة لربط بين المحيط الهندي وخليج سيام. لأن بناء الصين للقوات البحرية بجانب أنها توفر الحماية اللازمة لاستراتيجيتها من خلال ضمان أصدقاء في الدول التي تشملها الاستراتيجية فإن الأمر يعني حماية للمنابع النفط والغاز خاصة في منطقة الخليج العربي وبالتالي عدم ترك مصير سلامة وصولها في يد الآخرين.
 
 
أخلص هنا إلى الآتي: أنه ينبغي الانتباه إلى أن الاستراتيجيات العسكرية التي قد تبدو أنها قديمة ويلحقها بعض التجاهل قد تعود أهميتها نتيجة لطموحات الدول ولأهدافها الاستراتيجية والرائع في الاهتمام الصيني بالقوات البحرية أنها استفادت من مفكر أمريكي وهو ألفريد ثاير ماهان ولكن أخضعت تلك النظرية وفق الصياغة الصينية لتناسب استراتيجيتها الوطنية. كما أن الاهتمام الصيني بتطوير قواتها تحولت من القوات البرية إلى القوات البحرية بعدما قل التهديد القادم من جارها الشيوعي الاتحاد السوفيتي بعد انهياره، حيث كانت القوات البحرية بمثابة «الخاصرة الرخوة» ولكن اليوم الهيبة الصينية في هذا القطاع العسكري، الذي يتوقع أن يشهد مزيداً من التطوير.
 
 
وبمفهوم عام ووفق النظرة التقليدية فإن موضوع السيطرة على العالم تتركز على أن لقوة البحرية هي الأساس بما فيها وقتنا الحاضر فالولايات المتحدة الأمريكية ما زالت هي من تتربع على الساحة الدولية وهي في الوقت نفسه القوة البحرية الأولى في العالم.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره