مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-06-01

روسيا..الأزمة الأوكرانية..والنووي الإيراني

بعيداً عن الدخول في تفاصيل الأزمة الأوكرانية، تعتبر هذه الأزمة بحق مواجهة جديدة بين روسيا والغرب وخاصة بعد ضم روسيا جزيرة القِرم، وتهديداتها للحدود الجنوبية لأوكرانيا وحكومتها الموالية للغرب، وتصاعد الأزمة التي يرى البعض أنها تنزلق باتجاه أتون حرب أهلية. هذا الأمر دفع بدوره إلى فرض عقوبات على الجانب الروسي الذي يمتلك بدوره أدوات قوية من قبيل النفط والغاز المصدر للغرب، تضعف بدورها هذه الأخيرة في تبني عقوبات اقتصادية تؤثر بشكل جذري على الاقتصاد الروسي. 
 
إن المتتبع للموقف الروسي حيال البرنامج النووي الإيراني يلاحظ أن روسيا ظلت على الدوام في توافق مع بقية مجموعة 5+1 للحيلولة دون حصول إيران على السلاح النووي، وهو ما دفعها إلى المشاركة في عقوبات دولية ضد إيران للدفع باتجاه إبداء الشفافية في برنامجها النووي. ويمكن القول أن هذا الأمر لا يمكن أن ينظر له بعيداً عن الإستراتيجية الروسية والتي لا شك تدفع باتجاه تأمين روسيا من أي تهديدات خارجية. من هذا المنطلق تبقى الإستراتيجية الروسية حائلة دون أن تؤثر الأزمة الأوكرانية بأن تدفعها إلى اتخاذ خطوات في ملف البرنامج النووي الإيراني لا تتماش مع استراتيجيتها ودفع المخاطر بعيد عن محيطها الأمني حاله في ذلك حال الدرع الصاروخية للناتو.
 
ولذا يصبح تقاطع المصالح الإستراتيجية بين الغرب وروسيا ظاهراً من خلال الحيلولة دون حصول إيران على السلاح النووي. 
بالعودة إلى الموقف الروسي قبل المرحلة الثالثة من مباحثات الخبراء السياسيين حول الاتفاق المؤقت بين إيران و5+1 الذي عقد في مارس الماضي، أعلن المسئولين في روسيا أن هذه الأزمة لن تؤثر على موقفها تجاه مباحثات البرنامج النووي الإيراني، وفي الوقت ذاته، أشار أحد المسؤولين الروس أن روسيا من الممكن أن تراجع مواقفها مع مجموعة 5+1 حيال البرنامج النووي الإيراني في حال صعد الغرب من موقفه في أوكرانيا. فما الذي حدث؟ عقدت تلك المباحثات وتم الإعلان عن جولة رابعة من المباحثات ستعقد خلال هذا الأسبوع للبدء في صياغة مسودة الاتفاق النهائي للبرنامج النووي الإيراني، وبالتالي ظلت آثار الأزمة الأوكرانية بعيدة عن ملف البرنامج النووي الإيراني.
 
في الحقيقة أن هذا الملف لا يزال ورقة ضغط قوية لدى روسيا من الممكن ممارستها ضد الغرب. غير أن هذه الورقة لا يمكن حصرها فقط في دائرة ضيقة تتمثل في انسحاب روسيا من مجموعة 5+1 والسماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وإنما هناك هامش حركة من الممكن أن يمارسه الجانب الروسي دون التأثير على مصالحه الإستراتيجية ومحيطه الأمني. فمسألة الحديث عن الوصول إلى اتفاق حول تصدير 500 ألف برميل إيراني يومياً لروسيا في مقابل تصدير الأخيرة لها ما تحتاجه من مواد غذائية أو غيرها، بالإضافة إلى السعي الإيراني لإنشاء مفاعلات نووية جديدة بالتعاون مع روسيا، هي خطوات تؤدي إلى خرق العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران ولاسيما تصدير النفط الذي يعتبر المؤثر الحقيقي بين العقوبات الاقتصادية الأخرى بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على القطاع المالي. 
 
إذن فإن التجاذب الروسي الغربي حيال أوكرانيا معرض لان يلقي بظلاله على ملف البرنامج النووي الإيراني. ويبقى التأثير فيه أمر بيد روسيا يدفعها باتجاه ذلك تنامي التصعيد الغربي حيالها في أوكرانيا. وبذلك تبقى العلاقة بين الملفين إلى حدٍ ما علاقة طردية تحكمها و تُأطِرُها المصالح الإستراتيجية العليا لروسيا والحفاظ على محيطها الأمني.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره