مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2020-12-13

فقدنا وطن!

الفقد كلمة لا يمكن استيعابها ولا يمكن التعبير عنها بسهولة لعمق أثرها وغزارة جرحها، وهنا لا أقصد الا الفقد الذي يغيب عن حياتنا إنسان عزيز وغالي وجوده كان هينا لينا يدخل البهجة والسرور لمجرد رؤيته، يشعرك بالطمأنينة والراحة في عند الحديث معه. وجوده أشبه بـ (جبر خاطر) لكل ما تراه في يومك وما عانيته في مراحل حياتك المختلفة.
 
 
دروس الحياة كثيرة ومختلفة ولم أجد درسا أقسى من “ الموت” حين يغيب عزيز لدي! يتركني أمام الآلاف من الأسئلة دون إجابة! أفقد معها بوصلة حياتي وتضيع اتجاهاتي وكأن الزمن توقف بي! وكأن الزمن يتحدى قدرتي في التحكم بمشاعري وقدرة عقلي على إدراك أمراً تتجدد معه أسئلتي في كل مرة، ولا يوقف كل ذلك عند حده الا الايمان بما كتبه الله والصبر على قضاءه وحكمته في خلقه سبحانه وتعالى.
 
رثاء الأحبة صعب، وفي حقيقته مستمر لا ينتهي بمرور سنوات على فقدهم، بل تشعر به بداخلك في كل موقف يدفع بالذكريات دفعا نحو ذاكرتك ليعصر قلبك ويجدد ألمك! تشعر به في كل مكان يحبه فقيدك وفي كل كلمة يرددها ومع كل شخص عزيز عليه! رثاء الأحبة تجده عند كل دعوة تسمعها ممن يعرف فقيدك وعاشره وكان له مع فقيدك مواقف وذكريات ترفع بفقيدك منازل في الآخرة قبل الدنيا. رثاء الأحبة يتجدد برؤية ذريته ورؤية ألم فقده في أعينهم وقسمات وجوههم وفي ضحكتهم المكسورة وفي حديثهم المتكرر عنه ليشاركوك ألم الفقد!
 
في كل مرة نفقد عزيز، نستذكر كل الأحبة الذين فقدناهم في الدنيا لنقف عاجزين أمام الأسئلة ذاتها التي تصر على ان تتكرر للحصول على إجابة تخفف من صدمة الفقد ولوعة الفراق والصبر على غيابه، ونصر ان نواجهها بدورنا –رغم الحاحها- بالإيمان بقضاء الله وبقدره وبالصبر الجميل على ما كتب، وبالدعاء الذي لا ينقطع لهم.
 
بالأمس القريب، فقدنا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر رحمة الله وطيب الله ثراه، وكم كان موجعا ومفجعا خبر وفاته بقدر ما كان مفاجئا. فقدنا الأب الحنون وباني نهضة البحرين، فقدنا الداعم الكبير للاعلام والمكرم لطلبة العلم الذين كانوا ينتظرون ببالغ اللهفة السلام على سموه وسماع كلماته الأبوية المهنئة لنا في حفلات التخرج وعيد العلم. حين فقدناه، شعرنا وكأننا فقدنا وطن، فقدنا (أبو البحرين) صاحب المواقف الإنسانية التي لا تعد ولا تحصى، صاحب اليد البيضاء التي لا تبخل على المحتاج، راعي الفزعات لمن يناشده.  لا يمكن حصر كل ما قام به سموه على امتداد 49 عاما كرس خلالها حياته لخدمة الوطن والمواطن وساهم بحكمته وحنكته السياسة في بناء البحرين ونهضتها، وكان خير سند وذخر لشعب البحرين الوفي. للفقيد مناقب كثيرة لا يتسع لها المقال ستبقى راسخة في أذهاننا وإن غاب سموه، فهو حاضر بإنجازاته ومواقفه التي سجلها التاريخ وشهدتها البحرين والمجتمع الدولي، سائلة الله تعالى ان يرحم فقد البحرين برحمته الواسعة وان يلهم قيادتنا وشيوخنا ويلهم شعب البحرين الوفي الصبر والسلوان، وان يجزيه عنا خير الجزاء على ما قدمه للوطن ولأبناء الوطن.
 
السطر الأخير ...
« الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء» محمود درويش
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره