مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-06-01

للتذكير... إيقاف الحروب مهمة الدول الكبرى

بعد مضي قرابة الشهرين على اندلاع الحرب السودانية في الـ15 من إبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان «حميدتي»، بدأ مشهد التخمينات حول مدى وطول هذه الحرب يتكرر ويسترجع معه سيناريو الوقت في الحرب الروسية-الأوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير 2022 من أنها مهمة قصيرة إلى مهمة غير معروفة موعد انتهاءها بعد مرور عام والآن نحن في العام الثاني منها.
 
هذا السيناريو يحضر الآن في الأذهان يتكرر في طروحات المراقبين والسياسيين حول الحرب السودانية وكأن كل حرب تنشب في العالم عليها أن تستمر بلا نهاية ليس لعدم القدرة على إيقافها من قبل المجتمع الدولي بقدر أن هناك شك برغبة الدول الكبرى في إنهاءها بل تصل بعض التخمينات بأن هناك مساع من بعض تلك الدول على استمرارها لتوسعة نفوذها الدولي وبالتالي فإيقافها لا يوفر لها تلك الفرصة مع أنها هذا هو دورها من تواجدها عضو دائم وصاحب فيتو في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
 
رغم قناعتي بجدية أن وساطة المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية الشقيقة للسودان وفي مساعيها لحين إيقاف هذه الحرب مهما تطلبت من جهد ووقت؛  لأن استمرارها لن يفيد العرب ولا الجوار الجغرافي للسودان في أفريقيا بقدر ما يخدم أجندات عالمية، إلا أن اللافت في الأمر يبدو وكأن دور الدول الكبرى هو إشعال الحروب وليس إخمادها بل إنه بدل من التعاون بين هؤلاء (الكبار الخمسة) فإنهم يعرقلون عمل المنظمات الإقليمية ومحاولات الفردية للدول للوساطة والتفاوض بين المتصارعين في مشهد يشبه التشجيع على استمرار الحروب خاصة عندما يقومون بإجلاء رعاياهم في مناطق الحروب التي تتم بين قوى عسكرية في دولة واحد مثلما حدث في السودان.
 
الحديث عن أهمية قيام أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين الذين لديهم «الفيتو» في نقض أي قرار لإيقاف أي حرب يأتي في وقت ومؤشرات اندلاع حرب أخرى في العالم وتحديداً في جنوب شرق آسيا بين الصين وتايوان والخوف من أن يتكرر المشهدين في أوكرانيا والسودان في آسيا أيضاً وبالتالي تصبح مسألة نشوب الحروب في العالم سلسلة متواصلة وبدلاً من أن تعمل الدول الكبرى على إيقافها تكون فرصة مواتية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول وبالتالي نعود بالتاريخ إلى ما قبل تأسيس الأمم المتحدة حيث الحرب العالمية الثانية ولكن هذه المرة لن تكون التداعيات والمآلات كما كانت قبل ثمانية عقود مضت فالأسلحة وأساليب القتال لم تعد كما كانت من حيث الآثار التدميرية التي كانت.
 
أول شروط إيقاف الحروب هو الانتباه إلى نقاط التماس الجديدة في أي مكان في العالم دون التحيز لمنطقة جغرافية عن الأخرى كي لا تتفاقم الأزمات والصراعات، ومن ثم بعث رسالة طمأنة من الدول الكبرى بعدم اكتفاءها بالمسكنات السياسية من مندوبين ومبعوثي الأمم المتحدة، وبعدها عدم ترحيل الأزمات والخلافات إلى وقت آخر لأنها سياسة «تركيم» الأزمة لحين تكبر الأزمة لتصبح مثل «كرة الثلج» لحين انفجارها في لحظة معينة حينها يتفاجأ العالم بحجم التداعيات لدرجة يصعب السيطرة عليها وتكون الكارثة على المدنيين والشعوب لأنهم أول الضحايا. 
 
حتى لا تكون عضوية الدول الدائمة في الأمم المتحدة «شرفية» فقط أو لأن المقعد الدائم والفيتو هو حق مكتسب لأن هذه الدول هي استطاعت أن تلحق الهزيمة على «دول المحور» أثناء الحرب العالمية الثانية فعلى هؤلاء الأعضاء أن يدركوا أن أولى مهماهم هي: الحفاظ على السلام والأمن الدوليين من خلال الاستجابة للأزمات التي تحدث في العالم بنود تأسيس الأمم المتحدة.
 
الخلاصة أنه لا يمكن شغل مقعد مهم في منظمة عالمية أُسست لهدف نبيل هو وقف الحرب مع أنه في واقع الأمر أن هؤلاء الأعضاء هم من يعملون على اندلاع الحروب وتسخين الأجواء السياسية لتوسعة نفوذها الدولي.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره