2022-11-01
ماذا يعني انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون ؟
من أبرز ما حدث في القمة الثانية والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت في مدينة سمرقند بأوزباكستان في هذا العام هو قبول انضمام إيران كعضو كامل في المنظمة بعد أن كانت عضواً مراقباً منذ عام 2005. فمنذ ذلك العام وإيران تحاول الانضمام للمنظمة الإقليمية الأكبر في العالم والتي تضم كل من الصين، روسيا، الهند، كازاخستان، أوزباكستان، قيرغستان، طاجيكستان، وباكستان. فهذه الدول تمثل 40% من سكان العالم، و30% من الناتج القومي العالمي، الأمر الذي يجعل المنظمة بالفعل المنظمة الإقليمية الأكبر في العالم، وصاحبة إمكانيات وقدرات لتكون مؤثرة على مجريات التفاعلات الدولية وبالأخص في منطقة أسيا.
نشأة منظمة شنغهاي للتعاون كانت مرتبطة أساساً بالتعاون في المجال الأمني، والخاص بمواجهة الإرهاب، والجماعات الانفصالية، والمتشددين الدينيين. فهذا المجال كان كفيلاً بأن يخلق درجة من التعاون بين مثل هذه الدول رغم وجود خلافات بينية بين بعضها لاسيما بين الصين والهند، والهند وباكستان. ولكن قدرة المنظمة على لم مختلف الأطراف المتخاصمة تحت بوتقتها هو دليل واضح على أهميتها وقوتها وقدرتها في التأثير. هذا التعاون بين دول المنظمة أصبح أكثر تطوراً بعد ذلك ليشمل جوانب سياسية وثقافية واقتصادية، مع استمرار تأكيد المنظمة بأنها لا تمثل تحالفاً عسكرياً.
إذا، ما الذي يمكن لإيران أن تستفيد منه بعضويتها في المنظمة؟ هنا يمكننا القول بأن أبرز الاستفادة التي يمكن أن تحصل عليها إيران تتمثل في التالي: أولاً، ستستفيد إيران من قبولها من الصين بالذات لتكون عضواً في منظومة التفاعلات التعاونية القائمة بين دول المنظمة. فالمعروف أن الصين كانت أبرز المتحفظين على انضمام إيران للمنظمة بسبب مواقف إيران المتشددة من الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة، والعقوبات الدولية الشديدة المفروضة عليها. فالصين لم تشأ أن تُبرز المنظمة على أنها موجهة ضد الولايات المتحدة من خلال إدخال إيران في عضويتها. ولكن قبول إيران اليوم كعضو في المنظمة يعني أن الصين قد غيرت من فكرتها تجاه التواجد الإيراني في المنظمة، الأمر الذي يُعطي زخماً أكبراً للإيرانيين بأن الصين أصبحت اليوم أكثر قرباً منهم سياسياً على أقل تقدير عما كانت عليه في السابق. فهذا مكسب لإيران التي لطالما كانت تبحث لنفسها عن وجود سياسي وقوة تقارب مع الدول المحورية في النظام الدولي كالصين وروسيا.
ثانياً، الاستفادة الاقتصادية من وراء التعاون مع سوق تجارية كبيرة وواعدة في المنطقة تضم دول تسعى إلى تعزيز الترابط التجاري فيما بينها، وبالأخص مع الصين التي تحاول أن تُطوع المنظمة للاستفادة منها في تعزيز مكانة وقوة مبادرة الحزام والطريق. فالصين قد وقعت اتفاقيات مع دول المنظمة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري للشركات الصينية في المناطق المختلفة لدول المنظمة، والعديد من الاستثمارات الكبرى للصين في مثل هذه الدول تأتني في هذا الإطار. فإيران تتطلع إلى فرص تعاون اقتصادي وتجاري مع دول العالم من أجل التقليل من حجم التأثير السلبي على العقوبات الدولية والأمريكية عليها. فهذه فرصة ذهبية لإيران للاستفادة الاقتصادية من عضويتها في المنظمة، والانفتاح الاقتصادي على مجموعة من الدول المهمة اقتصادياً عالمياً وإقليمياً. وثالثاً، الاستفادة الأمنية من التعاون بين دول المنظمة في مجال مكافحة الإرهاب والجماعات الانفصالية في المنطقة. إيران دولة تواجه وجود بعض الجماعات الإثنية المطالبة بالانفصال، وترتبط بأجندات في دول أخرى مجاورة لها. لذلك فإن التعاون في المجال الأمني يصب في صالح إيران التي تريد أن تتعاون مع دول المنطقة للحد من أنشطة الجماعات الانفصالية في المنطقة والتي غالباً ما تنشط عبر حدود الدول. فتبادل المعلومات والخبرات والتكنولوجيا المرتبطة بمكافحة الإرهاب يمثل فرصة كبيرة لإيران للتعاون مع دول المنظمة من خلال انضمامها كعضو كامل فيها.
الفرص متاحة لإيران كي تستفيد من عضويتها في المنظمة، ولكن الأمر يتوقف أيضاً على حجم رغبة الدول الأعضاء في المنظمة وبالأخص الصين وروسيا في التعاون مع إيران، ولاسيما أن الصين دائماً ما تسير بخط حذر في تعاونها مع دول العالم بحيث لا تضر بمصالحها مع دول أخرى لا تقل أهمية عن إيران.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات