مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-03-01

نحن وإيران

انتقاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية حرق السفارة السعودية في طهران كرد فعل على إعدام نمر النمر، وإن جاء بعد مرور شهر على الحادث، هو في العرف الدبلوماسي الخليجي خروج عن المألوف منذ نجاح الثورة الإيرانية في 1979. هذا الانتقاد ولّد في البداية حالة من «الشك» لدى الخليجيين، ولكن بعد تداول الإعلام الإيراني للخبر تم التأكد من صحته. لأن الصورة النمطية للتعامل الإيراني مع جوارها ينطلق من «الفوقية» وعدم الاعتراف بالندية.
 
القلق الخليجي من أي تصرف إيجابي صادر عن إيران هو أمر طبيعي، لأن الخبرة التاريخية تقول: إن أي تراجع في الموقف السياسي الإيراني ليس له إلا تفسيران اثنان.
 
الأول: أن النظام الإيراني يعيش «مأزقاً» سياسياً يريد الخروج منه بأي طريقة، وهذه الضغوط إما أنها خارجية كما هو حاصل الآن في العديد من الأماكن التي كان له نفوذ فيها مثل اليمن أو لبنان أو العراق وإما داخلية. وعادة ما يكون الصراع التقليدي بين المحافظين والمعتدلين أو الوضع الاقتصادي الذي يعاني من زيادة البطالة وحالات الفقر نتيجة للمغامرات السياسية التي يتبعها النظام، مثل تمويل أذرعه السياسية في المنطقة مثل: حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية التي تسربت مؤخرا أنباء عن عودة علاقتها «الاستراتيجية» مع طهران. 
 
الثاني: وهو الأقرب في هذا الموقف هو أن النظام الإيراني يريد أن يظهر أمام المجتمع الدولي بأنه الطرف «الطيب والجميل» في معادلة التنافس السياسي في المنطقة الذي بدأ يميل لمصلحة الجانب الخليجي. وما يرجح صحة هذا التحليل أن التحرك الخليجي بقيادة السعودية استطاع أن يجعل من إيران دولة معزولة عن الإقليم من خلال التحالف الإسلامي ومن خلال ظهور موقف عربي وخليجي ندد بالسلوك الإيراني في المنطقة، بل إن مناورات «رعد الشمال» زادت من صعوبة الموقف الإيراني، وبالتالي فإن انتقاد المرشد لا يمكن أن يخرج من هذا التحليل، وخاصة أن الرئيس حسن روحاني رفض أكثر من مرة الاعتذار عن حرق السفارة.
 
الخبر ليس مؤشراً على تغير في النمط السياسة الإيرانية في التعامل مع العرب، على الأقل أنه لا يمكن أن تتغير سياسة معينة لدولة اعتادت أن تستخدم أيديولوجية «متغطرسة» بل ما أظهره الرئيس الإيراني روحاني من تحامل على السعودية من خلال اتهامها بأنها السبب في ما يحدث في المنطقة هو الموقف الحقيقي لإيران.
 
إذاً، يكون التفسير الواقعي لموقف علي خامنئي أنه عبارة عن تكتيك دبلوماسي يحاول فيه «خداع» الرأي العام العربي، والعالمي تحديداً، بأن إيران بعد الاتفاقية النووية أصبحت دولة طبيعية وأن سياستها تغيرت حتى مع دول الإقليم، ولكن يبدو أن الأمر ليس بتلك السذاجة التي كان يتوقعها لأن الناس لديها القدرة على التفريق بين التصريحات والسلوكيات.
 
إن على دول «التعاون الخليجي» في هذه اللحظة من التراجع الإيراني هو استثمار ما حققته الدبلوماسية الخليجية من مكاسب سياسية ضد إيران، أقلها الاستمرار في سياسية الضغط الدبلوماسي بعدما تأكد للجميع أن إيران ليست تلك الدولة القوية التي ليس بالإمكان هزيمتها، وأن الوضع الإيراني الداخلي «الهش» يعاني انقسامات عرقية ودينية سلاح يمكن استخدامه خلال خطاب خليجي موحد. 
 
يبقى أن الاستثمار الحقيقي يكون في صياغة معادلة استراتيجية أمنية خليجية تقوم على عدم التراخي مع أي تجاوز إيراني وهذه الاستراتيجية تلزم الخليجيين بضمان عدم الخروج عنه لأي سبب كان، بحيث تكون المعادلة «دول التعاون مقابل إيران» وليس دول التعاون زائداً إيران، كما يحلو للبعض في الخليج عمله.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره