وسط تعدد القضايا السياسية المثارة على الساحة العالمية، وتعقد الأزمات المتفجرة فوق خريطة الكرة الأرضية، تظهر أهمية الدول الكبيرة والفاعلة في العالم. وذلك من خلال القادة والزعماء رؤساء تلك الدول، والأدوار المحورية التي تلعبها بلادهم من خلالهم. وتقدم دولة الإمارات مثالاً نموذجياً يتمثل في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله.
فرغم ضخامة المسؤوليات وتنوع الاهتمامات لقائد لدولة صار لها قدرها وباتت تملك مكانة متميزة عالمياً، إلا أن سموه حريص دائماً على قيادة أنشطة الإمارات الدولية في مختلف الاتجاهات بنفسه، ومتابعة تحركاتها الدبلوماسية بإشراف شخصي مباشر.
لقد أعاد رئيس الدولة الاعتبار مجدداً إلى الدبلوماسية الرئاسية، التي كانت ظهرت للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي وارتبطت أولاً بالأنشطة الدبلوماسية التي كان يقوم بها رئيس كل من القوتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق. وبعد فترة قصيرة حاول خلالها الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك اتباع النهج ذاته لتسوية بعض الأزمات والقضايا الخارجية بمقابلات مباشرة مع نظرائه، تراجعت وتيرة الدبلوماسية الرئاسية في العقود التالية إلى حد بعيد. حتى وصلت في الأعوام الأخيرة إلى التركز في المحافل الدولية والقمم الجماعية للمنظمات الإقليمية خصوصاً.
ومواكبة من سموه لذلك التطور في آليات التواصل الدولي بين القادة والزعماء، جاءت زيارته الأخيرة لإيطاليا منتصف الشهر الماضي (يونيو)، لحضور قمة مجموعة السبع التي كان جدول أعمالها حافلاً بقضايا مهمة على قائمة أولويات السياسة الخارجية الإماراتية. منها تغير المناخ والتنمية، الحرب في كل من غزة وأوكرانيا، فضلاً عن القضايا المستجدة مثل استخدامات التكنولوجيا وآفاق الذكاء الاصطناعي.
يباشر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ذلك النشاط الدبلوماسي رفيع المستوى، من قبل توليه مقاليد الحكم في الدولة رسمياً. فهو أقرب إلى سمة شخصية لسموه، حرصاً منه على إنجاز الأهداف المرجوة وإتمام المهام المطلوبة بأعلى مستوى من النجاح والكمال، والذي لا يمكن ضمانه بشكل كامل سوى بإشراف مباشر منه وبالوقوف شخصياً على ما يجب عمله. ولذا يضطلع سموه بالتواصل الشخصي والمباشر مع نظرائه من القادة والزعماء في المنطقة والعالم، لإحراز أفضل النتائج من تلك الاتصالات واللقاءات.
تاريخياً، قلة فقط من القادة والزعماء هم الذين يتبعون الدبلوماسية الرئاسية، ويندر من بينهم من يمارسها بشكل مكثف في اتجاهات متعددة وخلال فترة زمنية محدودة. ولعل صاحب السمو رئيس الدولة هو الزعيم الوحيد في العالم حالياً الذي يقوم بذلك.
ففي أسابيع قليلة، وقبل زيارة سموه إيطاليا، قام بزيارة كلاً من الصين وكوريا الجنوبية. ولا شك في أن التواصل على المستوى الرئاسي مع كل من الصين وكوريا الجنوبية، يؤكد ما تعلنه الإمارات دائماً من الانفتاح على التعاون البناء مع كل دول العالم. من دون انحياز أو انخراط في تحالفات مغلقة. ويسجل التاريخ القريب ذلك بحروف من نور، حيث شهدت تطورات العلاقات الإماراتية مع دول من شرق العالم وغربه، طفرات مهمة خصوصاً في المجالات التنموية والقطاعات المرتبطة مباشرة بمستقبل العالم ورفاهة الشعوب.
الدبلوماسية الإماراتية زاخرة بالكوادر والقدرات البشرية الماهرة في العمل السياسي والدبلوماسي، إلا أن الدور الرئاسي الذي يقوم به صاحب السمو رئيس الدولة، يمثل قوة دفع تهتدي بها أجهزة ومؤسسات الدولة في مختلف المجالات. فضلاً عما يعنيه تولي قائد الدولة بنفسه تحركاتها وعلاقاتها الخارجية من شعور بالمسؤولية وثقة في النجاح الكامل فيما تتطلبه من مهام ومشاورات وحلول وأفكار. وإنه لحافز كبير لشباب ورجال الإمارات، أن يكون القدوة والمثال في ذلك العمل الدؤوب الناجح، هو قائدهم رئيس الدولة شخصياً.
لا يوجد تعليقات