مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-07-07

الإمارات وتركيا... رؤية استراتيجية شاملة

في العاشر من شهر يونيو الحالي، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بزيارة رسمية إلى تركيا، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، حيث حضر سموه أيضا المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا التي أقيمت على ملعب أتاتورك بمدينة أسطنبول، بين مانشستر سيتي الإنجليزي وإنتر ميلان الإيطالي. وأجرى سموه خلال هذه الزيارة محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن تعزيز العلاقات الاستراتيجية، «ودفع الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمع البلدين». 
 
التقارب مع تركيا يعد أحد براهين تطبيق مبادىء الخمسين التي اعتمدتها دولة الإمارات لتكون خارطة استراتيجية تحدد توجهات دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف المجالات للخمسين عاماً القادمة، والتي تكرس قيم التسامح والحوار والسلام وتؤكد أن تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية يعتبر إحدى أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة. كما يعكس هذا التقارب الإماراتي التركي رؤية استراتيجية شاملة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ويصب التقارب مع تركيا في خانة مساعي دولة الإمارات لمعالجة الوضع المأزوم في سوريا، فالتوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة أراضي سوريا وسيادتها، ويعيد إليها الأمن والاستقرار يتطلب الحوار المكثف مع تركيا، سواء لجهة عودة اللاجئين السوريين أو إنهاء تواجد تنظيمات الإرهاب على الأراضي السورية، وكل هذا يصب بمصلحة الأمن والاستقرار الإقليمي لاسيما في ظل استمرار انتشار عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية، وكذلك مطالبات العديد من الدول بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، تخفيفاً للضغوط الواقعة على اقتصادات بعض الدول مثل لبنان وغيره.
 
كما يمثل هذا التقارب أحد ركائز سياسة الإمارات لقيادة جهود تبريد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط من خلال دبلوماسية تستهدف إنهاء التوترات القائمة وإعادة بناء الجسور مع دول إقليمية عدة مثل تركيا وإيران، والدفع باتجاه عودة سوريا إلى حاضنتها العربية ودعم جهود تحقيق الاستقرار في ليبيا واليمن والعراق وغيرها، فضلاً عن قيادتها لجهود استئناف مسيرة السلام العربي ـ الاسرائيلي بتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات مع اسرائيل في منتصف أغسطس عام 2020، في نقلة نوعية للأمن والاستقرار الإقليمي ودفع جهود دبلوماسية التنمية والاستقرار وبناء طريق ثالث والبحث عن خيارات ومسارات بديلة لمعالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل انسداد أفق الحلول السياسية التي تشهد جموداً مزمناً لا يخدم سوى تنظيمات التطرف والإرهاب والمتاجرون بالقضية واختزالها في شعارات دعائية تعمل في اتجاه مضاد للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة.
 
تمثل التحركات الدبلوماسية الإماراتية باتجاه تركيا وغيرها نهجاً تشاركياً يعكس رؤية الإمارات وميلها الدائم نحو ترسيخ الأمن والسلم الدوليين بما يعكس قدرتها على أداء دور فاعل في مجلس الأمن الدولي، فالإمارات لا تسعى للجمع بين المتناقضات كما يتصور البعض، بل تريد تشارك بين الجميع وفق رؤية تحقق المصالح المشتركة قفزاً على التناقضات والتباينات من خلال تعظيم المشتركات والبناء عليها وإقصاء الاختلافات والحد من تأثيرها، والانفتاح على الجميع، وليس مفاجئاً أن تعتمد الدولة التي تمتلك أهداف طموحة ـ كالتي وردت في وثيقة مبادىء الخمسين ـ أو التي تعلنها القيادة الرشيدة بأن الطموحات لا سقف لها سوى السماء، تطرق أبواب مصالحها الاستراتيجية أينما كانت، لاسيما أن المسألة لا تتعلق فقط بمكاسب اقتصادية وتجارية، بل برغبة صادقة في نشر قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر عالمياً، لذا ليس من باب المنطق أن تُبذل كل هذه الجهود في التقريب بين البشر سواء من خلال وثيقة الأخوة الانسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، في حين لا تستطيع اختراق الحواجز في علاقاتها الثنائية مع أطراف اقليمية مثل اسرائيل أو تركيا أو إيران، ناهيك عن سوريا، حاضرة الثقافة العربية العريقة التي لا يمكن للعرب مواصلة الابتعاد عنها أو إقصائها من منظومة العمل العربي المشترك بكل ما يعنيه ذلك من تبعات استراتيجية سلبية للجميع. 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره