مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-10-10

القراصنة الجــدد أمـــام سواحــل اليمــن

بقلم المقدم ركن/  يوسف جمعه الحداد
رئيس التحرير
 
لم يكن استهداف ميلشيات الحوثي سفينة الاغاثة الإماراتية "سويفت" مؤخراً سوى جرس إنذار قوي بظهور موجة جديدة من القرصنة البحرية قرابة واحد من أهم وأخطر المعابر البحرية الدولية العالمية؛ فمن المعروف أن مضيق "باب المندب" هو أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث تمر من خلاله نحو 7% من حجم التجارة العالمية، ويعتبر شرياناً ملاحياً رئيسياً لا يمكن للقوى الاقليمية والدولية السماح للميلشيات والتنظيمات الارهابية وغيرها بتهديد الأمن وحرية الملاحة البحرية فيه.
 
منذ فترة، تسعى ميلشيات الحوثي إلى السيطرة على "باب المندب" من خلال مدينة "المخا" اليمنية الواقعة على بعد نحو 60 كم شرق المضيق، ويعتبر التصدي لهذه المحاولات أحد أبرز مهام قوات دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث تدرك هذه الدول أن الحوثي ينفذ تعليمات وأجندات خارجية بالسيطرة على هذا المضيق الحيوي، الذي عانى طيلة الأعوام الماضية جراء تفشي خطر القراصنة أمام سواحل الصومال وتهديدهم للملاحة البحرية الدولية في تلك المنطقة.
 
وإذا كان خطر القرصنة البحرية قد انحسر نسبياً أمام سواحل الصومال تحت وطأة الضربات والرقابة البحرية المشددة للتحالف المكون من قوات نحو 12 دولة شاركت في تأمين هذا الممر المائي الحيوي خلال السنوات الأخيرة، فإن الاعتداء على سفينة الاغاثة الإماراتية "سويفت" يمثل إعلاناً صريحاً بتجدد هذا الخطر، ولكن عبر "أدوات" أخرى ووكلاء يعملون لمصلحة قوى خارجية سواء في داخل اليمن، أو أمام سواحله البحرية.
 
وإذا كانت ميلشيات الحوثي تسعى مجدداً إلى نشر الفوضى والاضطراب أمام سواحل اليمن عبر استهداف سفن الاغاثة التابعة لدول التحالف العربي، فإن هذا الأمر لا يجب السكوت عليه ويتطلب من المجتمع الدولي والقوى الكبرى وقفة حازمة، لأن هذه المنطقة لا تتحمل مغامرات الميلشيات الحوثية، التي تمتلك علاقات وثيقة مع تنظيم "القاعدة" الارهابي الذي يتخذ من اليمن مقراً له، كما أنها تنفذ مخطط خارجي للضغط على دول التحالف العربي عبر استهداف سفنها المدنية، وليس هناك أدل على ذلك من التقارير المتخصصة، التي كشفت زيف ادعاءات الاعلام الحوثي، وأكـدت استهـداف سفينـة الاغاثة الاماراتية بصـاروخ مـن  طراز C -802 الصيني الأصل تقوم إحدى الدول الإقليمية بتصنيعه تحت اسم "نور"، وتستخدمه ميلشياتها المارقة بكثافة، وسبق أن قامت بتهربيه إلى حزب الله الإرهابي الذي استخدمه بدوره في هجوم على فرقاطة اسرائيلية خلال صيف عام 2006.
 
المؤكد أن تهريب الأسلحة إلى ميلشيات الحوثي يستهدف تصعيد العمليات العسكرية البحرية، وإشعال مواجهات بحرية أمام واحد من أكثر المعابر البحرية الدولية حساسية، ما يعكس تفاقم مستوى الخطر الاستراتيجي والتهديد الناشئ عن الدعم العسكري الإقليمي لمشيليات الحوثي، لاسيما أن صواريخ "نور" تعد من أكثر الصواريخ خطورة، بحكم قدراتها العملياتية على الافلات من الصواريخ الاعتراضية وإصابة الأهداف، بما يعني أن تهديدها يطال أيضاً القطع البحرية التابعة للدول الكبرى والمتمركزة في تلك المنطقة.
 
هذا التصعيد الخطير في العداء لدول التحالف العربي عبر دخول المواجهة مع ميلشيات الحوثي ومساندتها بشكل مباشر في القتال، إنما يمثل سكباً للزيت على نار الأزمات الاقليمية، ويهدد باندلاع مواجهات أوسع نطاقاً، ويسد أبواب الحلول، وينذر بإسدال الستار على الجهود التفاوضية الشاقة التي تبذلها دول التحالف من أجل إنهاء الأزمة اليمنية واستعادة الأمن والاستقرار للشعب اليمني الشقيق.
إن العالم أجمع قد خاض تجارب مريرة جراء التحالفات المشبوهة بين تنظيمات الارهاب والميلشيات المارقة ومهربي السلاح من دول تسعى إلى إثارة الفوضى والاضطرابات الاقليمية، وكانت أخطر تلك التجارب الاعتداء الارهابي الذي تعرضت له المدمرة الأمريكية "كول" قبالة سواحل اليمن عام 2000 من جانب عناصر تابعة لتنظيم "القاعدة" الارهابي، ثم استهداف التنظيم ذاته لناقلة نفط فرنسية عملاقة في خليج عدن بعد ذلك بعامين.
 
إن المجتمع الدولي يدرك حساسية وضع اليمن في معادلة الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، ومن ثم فإن من الضرورة التصدي لمظاهر التهديد الاستراتيجي المتمثلة في تهريب الأسلحة إلى ميلشيات الحوثي والمخلوع صالح من أجل استخدامها لتهديد السفن المدنية أمام سواحل اليمن؛ فالعالم الذي دفع فاتورة باهظة لخطر القرصنة البحرية أمام سواحل اليمن طيلة سنوات مضت، لا يجب أن يسمح بتجدد مصادر الخطر والتهديد، فلم يعد هناك من يتحمل التكلفة الاقتصادية الكبيرة لعبث الميلشيات وحلفائها من الدول الداعمة للفوضى.
 
 
 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره