2022-08-02
خارطة طريق
عكست كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ إلى شعب الإمارات، الخطوط العريضة لرؤيته الاستراتيجية لمواصلة مسيرة التنمية المستدامة خلال المرحلة المقبلة، حيث جاءت الكلمة بمنزلة خارطة طريق كاشفة لسياسات الدولة داخلياً وخارجياً، وعاكسة لرؤية سموه العميقة الهادئة التي تتسم بكشف خفايا الملفات جميعها وبناء تصورات دقيقة حول الحاضر والمستقبل.
في الثالث عشر من يوليو الماضي أدلى سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولةـ حفظه الله ـ بكلمة شاملة جامعة وهي الأولى لسموه منذ توليه منصب الرئاسة في الرابع عشر من مايو، حيث اشتملت الكلمة على نقاط عدة وصيغت بأسلوب يتسم بالوضوح والمباشرة ومخاطبة القلوب والعقول معاً، وعاكسة لفكر وتوجهات وسمات شخصية سموه في الخطاب الواضح المباشر الذي يستوطن القلوب قبل أن يصل إلى العقول.
جاء استهلال صاحب السمو رئيس الدولة في أول كلمة رسمية منذ توليه منصب الرئاسة برثاء «القائد الوالد» و»صاحب القلب الكبير» و»المعلم الحكيم» موثقاً شهادة للتاريخ بحسن أداء الراحل الكبير للأمانة التي حملها طيلة فترة حكمه، بإخلاص وحكمة، مشيراً سموه إلى إرث الفقيد الراحل من العطاء لشعوب المنطقة والعالم. هذه البداية الرئاسية الموفقة تمثل قدوة للأجيال وترسيخاً لمبادىء الحكم والقيادة في دولة الإمارات، حيث لا انقطاع ولا انكار لجهود السابقين، ولا انتقاص من حقوق كل من خدم الوطن بهمة وإخلاص، جيل يستلم الراية من بعد جيل، وهذا هو الدرس الذي حرص صاحب السمو رئيس الدولة على تعليمه للأجيال الجديدة في مختلف قطاعات العمل ومجالاته على أرض الوطن.
لم تتوقف قيمة الوفاء في كلمة صاحب السمو رئيس الدولة عند توثيق دور الرئيس الراحل ومآثره وأدواره في بناء الوطن وقيادته، بل شملت كذلك الوفاء لشعب الإمارات الذي وصفه سموه بالعزيز، مؤكداً أن القيادة الرشيدة محظوظة بهذا «الشعب العزيز»، وقد جاءت هذه الكلمة لتجسد طبيعة العلاقة القوية والروابط الوثيقة التي تجمعه وشعب الإمارات منذ سنوات طويلة، حيث يحتل سموه مكانة لا ينافسه فيها أحد في قلوب أبناء الإمارات جميعاً. كما يلاحظ شمول الوفاء كذلك لدور المقيمين على أرض دولة الإمارات، وهذه من السمات التي ينفرد بها صاحب السمو رئيس الدولة، حيث يحرص دائماً على تقدير عطاء المقيمين مؤكداً أن الإمارات بلدهم الثاني وأن اسهاماتهم في البناء والتطوير منذ قيام دولة الإمارات موضع تقدير سموه.
لقد تضمنت كلمة رئيس الدولة، التأكيد على النهج العام للسياسات والفلسفة التي سينتهجها سموه في إدارة شؤون البلاد، حيث قال سموه في هذا الشأن «مستمرون بإذن الله على نهجهم (القادة المؤسسين) وحكمتهم ورؤيتهم»، مضيفاً سموه: «نستلهم منهم الدروس والعبر في القيادة والإرادة.. وسيبقى تاريخنا وهويتنا وموروثنا الثقافي جزءاً أساسياً في خططنا إلى المستقبل»، وهذا الإطار العام المؤكد للاستمرارية في إطار نهج راسخ للدولة منذ تأسيسها يمثل مسألة ضرورية لمراقبي الشأن الإماراتي، وقادة دول العالم المختلفة، الذين يعرفون جيداً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من خلال اللقاءات المشتركة والاتصالات وتحليل السياسات والتوجهات الاستراتيجية لسموه، ولكن التأكيد على هذه النقاط يبدو مسألة حيوية في بدايات حكم سموه في إطار تقاليد الحكم المتوارثة التي تمثل أحد خصائص التجربة الاتحادية الفريدة في دولة الإمارات.
احتوت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ التي وجهها إلى شعب الإمارات، على دروس مهمة يمكن استخلاصها والاستفادة منها في التجارب التنموية للدول الأخرى، أبرزها أن عملية التنمية شاملة ومستمرة، لا تقتصر على جانب من دون غيره، وإنما تسير بالتوازي في مختلف الجوانب والقطاعات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وثانيها أن التنمية عملية مستمرة ومتواصلة لا تتوقف، وأنه مهما حققت الدول من إنجازات ونجاحات تنموية، فإنها يجب أن تتطلع إلى إضافة لبنات جديدة لمراكمة النجاح والانجازات، من أجل استدامة النمو وتأمين مستقبل الأجيال القادمة وضمان حقها في الرفاه والازدهار.
لا يوجد تعليقات