مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-04-01

شكـــــراً

بقلم : الرائد ركن/ يوسف جمعة الحداد
       رئيس التحرير
 
 
كلمة «شكراً» هي من أربعة أحرف، ولكنها تحمل معانٍ ومشاعر من مئات الآلاف من الحروف، وهي كلمة رخيصة التكاليف لكسب الولاء والانتماء والإخلاص وزيادة الإنتاج، تشعر سامعها بالفرحة والبهجة والرغبة في تقديم المزيد والأفضل لقائلها، كلمة شكراً لها تأثير سحري على الموظف مهما كان موقعه وعمره ووضعه وخبرته، ومهما كانت مهامه وواجباته، بل مهما كانت مكانته الاجتماعية، فحين نترك الموظف وهو يؤدي مهامه وواجباته بدون أن يلتفت مسؤوله أو مديره أو رئيسه إلى جهده وعطائه باعتبار أن ما يقوم به واجب وتحصيل حاصل فحتماً سيتسرّب الإحباط إلى نفسه ويدفعه إلى التقاعس عن أداء ما يعتبره المسؤول واجباً وتحصيل حاصل، لأن النفس البشرية بطبعها تواقة للمديح والثناء والتقدير، وخير قدوة لنا في الشكر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سُئل وهو يصلي وقدماه داميتان قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فكان رده عليه الصلاة والسلام «أفلا أكون عبداً شكوراً»، كما قال في موضع آخر: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، وقديماً قالوا من يزرع المعروف يحصد الشكر، ومن جعل الشكر شعاره رفع الله قدره.
 
كلمة «شكراً» يجب على المسؤول أن يرسخها في نفوس وعقول مرؤوسيه، ويجب أن يكون مثلهم في هذا التصرف الراقي، بل إنها هي سلوك يجب أن يشيعه القائد الحقيقي بين مرؤسيه، فكلمة الشكر التي يبادر بها الرئيس مرؤوسيه تفتح الشهية للعمل والإقبال عليه، وربما تدفع الموظف إلى النهوض بمهام إضافية، أو مفاجأة المسؤول بقدرات إبداعية لم تخطر على باله، بل أن لها قدرة على تفجير الطاقات، وتساهم في زيادة معدلات العطاء، وتدفع إلى تحقيق المزيد من النجاحات والانجازات، وهي بمثابة الحافز الحقيقي الذي يشجع الموظف على المزيد من العطاء وعلى التفاني والإخلاص، فهي تمنح الموظف الملتزم المزيد من الزخم، وتجعله يضاعف جهوده، كما قد يكون لها تأثير إيجابي حتى على الموظف غير الملتزم، إلا أن هناك بعض المسؤولين بعيدة هذه الكلمة كل البعد عن قاموسهم الوظيفي لا يعرفونها ولا يفهمونها ولا حتى يستطيعون النطق بها، وهذا ما أكده سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» بقوله: (بعض القادة وصل إلى مرحلة لم يعد قادراً معها أن يقول لمن معه: شكراً، بعض القادة لا يعرف كيف يربت على كتف موظف ناجح ويقول: أحسنت، لقد فعلت شيئاً جميلاً تستحق عليه المكافأة، هل يعرف هؤلاء وقع الكلمة الطيبة؟ إنها الجسر إلى القلوب ورفع المعنويات وإزالة سوء الفهم، ويجب علينا جميعاً ان نتقن نطقها بصدق وعفوية).
 
نعم.. لكلمة «شكراً» سحرها الخاص حين تُقال بشعور وإحساس راقٍ يصل دفؤها إلى من يتلقاها، إلا أنه ينبغي أن تأتي مصحوبة بالإطراء والتقدير للجهد المبذول، خصوصاً حين يؤدي الموظف عملاً مميزاً، أو حينما يبذل جهداً مضاعفاً، لكن الامتناع عن الشكر يحرم جهات العمل من موظفين كثر يمكنهم أن يقوموا بأعمال مميزة، أو يحد من مثابرة مخلصة، لا ينعكس أثرها في النهاية على الموظفين فحسب، بل على المؤسسة التي كان بإمكانها أن تكون كياناً يحظى بالاحترام والتقدير، لكن تغييب «الشكر» وإهماله حرمها هذه المكانة!. 
 
فكلمة شكراً تغسل تعب الموظف، وتجعله مستقراً ومسروراً في عمله، هذه الطريقة أثبتت جدواها، والمطلوب أن لا نبخل بكلمات التقدير والثناء والشكر على كل جهد مهما بلغت قيمته، لأنه لا يوجد عمل لا يشكر عليه، قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم). لقد قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة، كما أكدت بعض الدراسات أن الامتنان للآخرين وممارسة الشكر والإحساس الدائم بفضل الله تعالى يزيد من قدرة النظام المناعي للجسم.
 
وأخيراً نقول: شكراً.. خليفة لأنك قائدنا راقبت الله فينا، فأسكناك في قلوبنا.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره