مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-04-21

عاصفة الحزم وفزعة الإخوة

بقلم : المقدم ركن/ يوسف جمعة الحداد
        رئيس التحرير
 
عندما انقلبت جماعة الحوثي على الشرعية الدستورية في اليمن الشقيق، وتمادت في سفك الدماء وإشاعة الفوضى والاضطراب في أنحاء القطر الشقيق، لم يكن أمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى رأسها سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، سوى الانخراط بقوة في عملية "عاصفة الحزم" ضد هذه الجماعة حفاظاً على أمن اليمن الشقيق واستقراره، ودفاعاً عن مصالح شعبه، وترسيخاً لأسس وركائز السياسة الخارجية الإماراتية التي تنطلق من ثوابت تنبع في جوهرها من مواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولي وأحكامه، فضلاً عن أن اليمن الشقيق هو بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في منزلة استثنائية ومكانة لا مزايدة عليها ولا جدال فيها ولا حولها.
 
"فزعة الإخوة" التي وصف بها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية عملية "عاصفة الحزم" لم تكن هي الأولى من نوعها في سجل دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة عن الشعوب الخليجية والعربية الشقيقة وحقها في الأمن والاستقرار، ويخطئ من يظن أن هذه المشاركة تمثل تحولاً نوعياً في توجهات السياسة الخارجية الإماراتية، وإلا فإنه يتجاهل سجلاً طويلاً من المواقف القومية والخليجية والإنسانية الراسخة في أذهان الشعوب الخليجية والعربية كافة، ابتداءً من الموقف التاريخي للمغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حين تبنى، طيب الله ثراه، موقفاً بطولياً قومياً رائعاً في مساندة الجيشين المصري والسوري في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، ودولة الاتحاد كانت وقتذاك لا تزال وليدة، وكان اتخاذ هذا الموقف البطولي مثل هذا القرار تعبيراً جلياً عن أصالة وتجذر "فزعة الإخوة" والإيمان الراسخ بحتمية الدفاع عن المقدسات لدى الوالد القائد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة. 
 
فهي إذاً مواقف ثابتة ومبادئ لا تتجزأ مضى عليها سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله. ويحفل سجل دولتنا الفتية وقيادتنا الرشيدة بسلسلة من المشاركات التي تفخر قواتنا المسلحة بها على المستويات السياسية والحضارية والإنسانية والإغاثية، فبالإضافة إلى "عاصفة الحزم" فقد شاركت قواتنا مؤخراً ضمن قوة "درع الجزيرة" في الحفاظ على أمن مملكة البحرين الشقيقة، وها هي ذي تشارك الآن بفاعلية واقتدار وفخر لنا جميعاً ضمن التحالف الدولي الذي يتصدى لخطر تنظيم "داعش" في الأراضي السورية والعراقية.
 
إن دولة الإمارات العربية المتحدة حين تقرر المشاركة في عمليات عسكرية تحرص تماماً على العمل تحت غطاء الشرعية الدولية، وتدرك تماماً أن إقرار الحق والعدل هو السبيل لصون الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ومن الصعب المزايدة أو التشكيك في نوايا دولتنا حيال الأشقاء في اليمن، فالتاريخ يشهد لنا ويدعم مواقفنا ويؤكد حرصنا الشديد على مصالحهم وإدراكنا العميق لصلات القربى والدم التي تربط الشعبين الإماراتي واليمني، وقيادتنا الرشيد تستشعر حجم مسؤولياتها التاريخية نحو الأشقاء في اليمن، والتوجهات صريحة وواضحة بأن تحالف "عاصفة الحزم" يستهدف ردع جماعة الحوثي من دون أن ينال من مكتسبات الأشقاء اليمنيين وبناهم التحتية. ومن ثم فلا مجال للتشكيك، ولو بنسبة ضئيلة، في مواقف الإمارات تجاه اليمن الشقيق، الذي يستحق حياة كريمة تليق بعراقة تاريخه وحضارته التليدة، فلا يصح لبلد يمتلك هذا العمق التاريخي أن تستقوي فئة منه بقوى توسعية إقليمية بغية فرض أجندات هذه القوى تحت الضغط والقوة، ثم ننتظر أن يقف بقية الأشقاء عاجزين صامتين في مشهد لم يكن التاريخ أو الأجيال القادمة لتغفره لهم، أو تتسامح فيه.
 
إن "فزعة الإخوة" هي واجب فرضته اعتبارات السياسة وصلات التاريخ وعلاقات الدم والقربى، فلا مجال للضجيج العابر من الشاطئ الآخر لخليجنا العربي، ولا منطق لأتباعهم في اليمن الشقيق، فالحق والشرعية الدولية تفضح نواياهم وما يضمرونه من عداء وأحقاد ضد شعوبنا ودولنا.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره