مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-07-31

الإمارات والشعب الفلسطيني.. جهود دعم استثنائية مستمرة

تحظى العلاقات الإماراتية-الفلسطينية بتاريخ طويل ومتميز يمتد لنحو نصف قرن من الزمان، فمنذ تأسيس دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، أبدت الإمارات، ولا تزال، التزاماً قوياً بالقضية الفلسطينية ودعمت جهود الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المحافل والمؤتمرات والفعاليات الدولية، فمنذ قيام دولة الاتحاد، والإمارات، قيادة وحكومة وشعباً، لا تتوانى الدولة عن تقديم الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني، انطلاقاً من مقولة مؤسسها وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي أكد منذ تأسيس الدولة  أن «دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة»، لتصبح هذه الكلمات بمثابة ميثاق ونهج للإمارات وسياستها الثابتة بالالتزام الراسخ بدعم القضية الفلسطينية حتى اليوم. وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على الجهود الإنسانية والدبلوماسية التي تبذلها الدولة منذ اندلاع الأزمة الراهنة في السابع من أكتوبر 2023.

إعداد: هيئة التحرير

وتُعد الإمارات أول دولة عربية تعترف بدولة فلسطين بعد إعلان استقلالها في عام 1988، وقد سمحت دولة الإمارات بافتتاح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1968، وفي الثمانينات تم تحويل مكتب منظمة التحرير إلى سفارة لدولة فلسطين، ثم اعتمدت العلاقة وتدرجت إلى تمثيل دبلوماسي كامل، تلاه افتتاح قنصلية عامة لفلسطين في دبي، بجانب السفارة في العاصمة أبوظبي.

هذا النهج الراسخ التزم به قادة الإمارات وينفذونه على الأرض بسياسات واقعية ودعم قوي للشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة بتقديم مساهمات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية لتمكين الفلسطينيين من الصمود على أرضهم حتى تتحقق دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وكان آخرها توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة 20 مليون دولار للفلسطينيين، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة «الفارس الشهم 3» الإنسانية لدعم القطاع، والتي اشتملت على إرسال مستشفى ميداني متكامل لمعالجة مصابي العمليات العسكرية من أبناء الشعب الفلسطيني.

واليوم، ومع مواجهة قطاع غزة حرباً شديدة منذ السابع من أكتوبر الماضي، حين نفذت حركة «حماس» هجوماً دامياً ضد إسرائيل، تلعب دولة الإمارات في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، دوراً محورياً على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإنسانية، وتواصل دعمها لأهل غزة براً وبحراً وجواً، عبر جهود رائدة ومبادرات انسانية غير مسبوقة، للتخفيف من معاناة سكان القطاع الذي يئن سكانه المدنيين من ويلات الحرب، ناهيك عن الجهود الدبلوماسية والسياسية الكبيرة التي تبذلها القيادة الرشيدة على كافة الصعد والمستويات من أجل حقن دماء المدنيين الفلسطينيين ووقف القتال والدفع باتجاه تحقيق سلام شامل وعادل ينهي الصراع بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.

علاقات ممتدة وتاريخ من الدعم المتواصل
عند تناول العلاقات التي تجمع الإمارات بالشعب والقضية الفسلطينية، لا يمكن إغفال أهمية الدور الريادي الذي قامت وتقوم به دولة الإمارات على هذا الصعيد، من خلال تقديم المساعدات المادية والعينية، وإنشاء عدد من المشاريع السكنية والتنموية على مدار عقود في دعم لا يتوقف، كما تتبنى موقفاً ثابتاً في دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتقدم مساهمة كبيرة على الصعد الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية لتمكين الفلسطينيين من الصمود على أرضهم حتى تتحقق دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وخلال الفترة من (2000-1980) ركزت الإمارات على تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي للشعب الفلسطيني. وتمثل هذا الدعم في المساهمة في بناء البنية التحتية الفلسطينية، وتقديم المساعدات الإنسانية، والمشاركة في مؤتمرات القمة العربية والدولية التي تدعو إلى دعم القضية الفلسطينية. كما لعبت الإمارات دوراً بارزًا في دعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1993-1987) من خلال توفير المساعدات المالية والمعنوية.

ومع مطلع الألفية الثالثة، استمرت الإمارات في تقديم الدعم للفلسطينيين عبر طرق وقنوات متعددة؛ وقد تميزت هذه الفترة بدعم الإمارات للسلطة الفلسطينية، والمساهمة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، كما تم تكثيف الجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني ودعوة المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم.

وبالحديث عن هذه الجهود، يُشار للدور الكبير للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهو الذي تبرع شخصيًا بـ30 مليون درهم للمنكوبين من أبناء الشعب الفلسطيني إبان انتفاضة الأقصى، وموّل إقامة عدد من المشاريع السكنية التي تحمل اسمه في مدينة القدس، وفي شمال وجنوب قطاع غزة، وأعاد إعمار مخيم جنين بعدما تم تدميره في عام 2002، بالإضافة إلى عدد من مشاريع الترميم والمشروعات الخدمية وتأهيل المستشفيات، وتكفل، طيب الله ثراه، بترميم سقف مسجد قبة الصخرة في الحرم القدسي الشريف على نفقته الخاصة بعد أن تضرر جراء الهزة الأرضية التي ضربت مدينة القدس عام 2004، وفي عهده، بذلت دولة الإمارات جهودًا حثيثة خلال توليها رئاسة مجلس جامعة الدول العربية، من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن، يدين مصادرة الحكومة الإسرائيلية عشرات الهكتارات من أراضي القدس الشرقية، لإقامة مستوطنات. وفي الفترة من (2010-2020) تصاعدت التوترات والصراعات في غزة والضفة الغربية، مما دفع الإمارات إلى تكثيف جهودها الإنسانية والاقتصادية لدعم الفلسطينيين. تمثل ذلك في تقديم المساعدات الطارئة خلال الأزمات، ودعم مشاريع إعادة الإعمار، والمساهمة في تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية

فكان القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أول مَن دعم الشعب الفلسطيني، حين تبرع بـ30 مليون درهم لإغاثة الفلسطينيين، وأصدر تعليماته بصرف 250 مليون دولار لبناء مدينة الشيخ زايد في شمال غزة، كما كلف الهلال الأحمر الإماراتي في عام 2004 بإعادة إعمار مئات المنازل المدمرة في رفح وحي الزيتون، بالإضافة لإعادة تأهيل المستشفيات، والمدارس، والمساجد، والمرافق الخدمية في غزة، وأعاد إعمار مخيم جنين بتكلفة بلغت 27 مليون دولار آنذاك، وأُطلق اسم المغفور له على عدة منشآت بعموم فلسطين أبرزها مدينة الشيخ زايد السكنية في شمال غزة، وجناح الشيخ زايد للطوارئ في مجمع فلسطين الطبي، ومسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. كما قدمت الإمارات للفلسطينين دعمًا تجاوز 840 مليون دولار أمريكي، في الفترة من 2013 وحتى عام2020، بحسب بيانات رسمية إماراتية، ومنحت الدولة وكالة الأونروا الإغاثية أكثر من 218 مليون دولار لدعم القطاعات الخدمية والتعليم في قطاع غزة والضفة الغربية. ووفقًا لبيانات رسمية فلسطينية، جاءت الإمارات من بين أكبر خمس دول داعمة ماليًا لفلسطين ومانحة لوكالة «الأونروا»، كما قدمت الإمارات مساعدات بـ 2 مليار و104 ملايين دولار أمريكي للشعب الفلسطيني منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1993، خصصت جميعها لمشروعات البنى التحتية وتأهيل القطاعات الخدمية بحسب المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار «بكدار
».

ولم يطرأ أي تغيير يذكر على موقف الامارات بشأن دعم القضية والشعب الفلسطيني عقب الاتفاق على اقامة علاقات مع إسرائيل، بل إن أحد محفرات هذا الاتفاق هو حلحلة الجمود والمياه الراكدة في القضية الفلسطينية، والسعي لشراء الوقت وفتح ثغرة في جدار الجمود القائم من أجل استئناف الحوار الفلسطيني الاسرائيلي بحثاً عن تسوية عادلة للقضية. وقد أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في الكلمة التي ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، خلال لقاء نظمه في أبوظبي ممثلون للجالية الفلسطينية في الإمارات: «اليوم والإمارات تتخذ قرارها السيادي من أجل السلام والمستقبل أؤكد لكم أنكم في بلدكم الثاني بين أهلكم كما أؤكد أن هذه العلاقة ثابتة وراسخة ولن تتغير». وقال: “سنستمر في دعم القضية الفلسطينية على خطى الدعم التاريخي الذي قدمته الإمارات وهو موقف نابع من قناعة متجذرة لا تغيره أية اعتبارات».. وأضاف:” كما أود أن أطمئن جميع الحاضرين بأن الإمارات ترى أن خيار السلام استراتيجي وضروري للمنطقة وأن هذا الخيار لن يكون على حساب دعمنا التاريخي للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق».

الجهود الإماراتية في دعم المدنيين في قطاع غزة
الدعم الإنساني

منذ بدء الحرب في غزة، كثّفت الإمارات جهودها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للتخفيف من معاناة السكان المدنيين المتضررين من النزاع، وشمل الدعم الإماراتي المقدم المساعدات الطبية، والغذائية، والإيواء والمشاريع المنقذة للحياة، فقدمت الإمارات منذ بدء الحرب ملحمة إغاثية إنسانية، عبر عدة مبادرات، قادها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله،وقد جعلت هذه الجهود الإمارات في مقدمة الدول الداعمة لأهل غزة بشكل خاص والعمل الإنساني بشكل عام، وهو ما توثقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكده الأرقام التي تبرز الجهود القياسية للإمارات في دعم غزة وأهلها.

الملحمة الإنسانية لدعم أهل غزة، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الذي أمر في الأيام الأولى للحرب بتقديم 20 مليون دولار مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين، وذلك عبر وكالة «أونروا» التي توفر خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. كما وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتقديم 50 مليون درهم، مساعدات عاجلة، عبر مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية. ووجهت قرينة حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة «القلب الكبير»، بتقديم مساعدات إغاثية بمبلغ 30 مليون درهم لمساعدة أهالي القطاع.


«الفارس الشهم 3»: مع اشتعال الأوضاع في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس» وتفاقم معاناة المدنيين جراء هذا الصراع وفشل الجهود الدبلوماسية في وقف الحرب، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بإطلاق عملية «الفارس الشهم 3»، التي قدمت أكثر من 25 ألف طن من المساعدات الإغاثية والإنسانية والغذائية والطبية للقطاع، كما اشتملت على إنشاء مستشفى ميداني في غزة، ومستشفى عائم في مدينة العريش المصرية، يقدم العلاج لآف الفلسطينيين، بالإضافة إلى استقبال مئات الحالات الطبية لتلقي العلاج في مستشفيات الدولة بناء على المبادرة التي أطلقها صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، لعلاج 1000 طفل مصاب من أبناء قطاع غزة و1000 من مرضى السرطان، شملت حالات طبية حرجة شديدة الصعوبة.

ويحسب لدولة الإمارات أنها أول دولة تتمكن من إدخال مساعدات لخان يونس جنوب غزة،وهي ثاني كبرى مدن القطاع، في إطار عملية «الفارس الشهم 3»، حيث قدمت آلاف الطرود الغذائية والمستلزمات الأساسية والطعام والخبز، وسَيّرت شاحنات محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية لإغاثة السكان بعد عودتهم لمنازلهم التي غادروها منذ عدة شهور،في خطوة إنسانية واسعة هدفها مساندة سكان المدينة في ظل انعدام أساسيات الحياة هناك، وليس ذلك فقط، بل تسعى الدولة إلى إعادة تأهيل مجمع ناصر الطبي في المدينة، ليعود للعمل ويتمكن من استقبال وعلاج المصابين بعدما توقف عن العمل.

عمليات جراحية وأطراف صناعية تعيد الأمل للمصابين: تواصل الإمارات بث الأمل في نفوس الغزيين الذين مزقتهم الحرب، فوفقًا لتقارير صحية، بات بالقطاع أكثر من 77 ألف مصاب، يحتاج أكثر من ثلثهم لأطراف صناعية، وهنا كانت الدولة حاضرة بدءًا من علاج المصابين بالمستشفى الميداني الإماراتي في رفح جنوبي القطاع، مرورًا بنقل بعض المصابين للعلاج بالإمارات، انتهاءًا بمبادرة مشروع الأطراف الصناعيةفي مؤسسة زايد العلي الأصحاب الهمم، التي يوظف أحدث التقنياتلتصميم وإنتاج أطراف اصطناعية تمكن المصابين من استعادة زمام أمورهم وقدرتهم على الاعتماد على أنفسهم من جديد.
هذا بخلاف، إجراء العديد من العمليات الجراحية في مدينة الإمارات الإنسانية، التي استطاع كوادرها من مختلف التخصصات والخبرات الطبية وحتى أبريل الماضي إجراء 1,704 علميات جراحية لحالات مختلفة؛ كثير منها حرجة.


«تراحم من أجل غزة».. 38 ألف سلة إغاثية: جنبا إلى جنب مع المساعدات، رسم أهل الإمارات صورة إنسانية ملهمة عبر التطوع في مبادرة «تراحم من أجل غزة»، دعمًا لإخوانهم في غزة، والتي انطلقت في أكتوبر الماضي تحت إشراف هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وقدمت العديد من الحزم الإغاثية لأهالي غزة، إذ جهزت نحو 38 ألف حزمة وجمعت 800 طن من المواد الإغاثية. وتعكس الحملة جهود دولة الإمارات الإغاثية والإنسانية لمساعدة المتضررين في قطاع غزة، وهذا ليس بجديد على الدولة صاحبة الأيادي البيضاء الممتدة دائمًا لأشقائها العرب، بل والمحتاجين في العالم، لتحقق أرقامًا قياسية وسوابق تاريخية دعمًا لأهل غزة.

طيور الخير..أكثر من 3344 طنًا من المساعدات: ضمن عملية «الفارس الشهم 3»، جاءت عملية «طيور الخير» لدعم الشعب الفلسطيني، وشملت أكثر من 3344 طنًا من المساعدات الإنسانية والإغاثية، تم إرسالها عبر 49 عملية إسقاط جوي على قطاع غزة جوًا بالتعاون مع مصر، و14 عملية إسقاط جوي بالتعاون مع الأردن. وبموازاة إرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية، أطلقت دولة الإمارات عددًا من مشاريع الإغاثة المستدامة لتوفير الغذاء والمياه لسكان غزة وتشمل: إنشاء 5 مخابز آلية، وتوفير الطحين لـ8 مخابز قائمة تلبي احتياجات أكثر من 17 ألف شخص، بالإضافة إلى إنشاء 6 محطات لتحلية المياه (تعمل بقدرة إجمالية تبلغ 1.2 مليون جالون من المياه)، يستفيد منها ما يصل إلى 600 ألف شخص يوميًا. كما وفّرت الإمارات خدمة «ستارلينك» في المستشفى الميداني، لتقديم الاستشارات الطبية العاجلة للمرضى والمصابين بالقطاع.

ركائز الدعم الإماراتي للشعب الفلسطيني
البعد العربي:
لدولة الإمارات سياسات وثوابت وضعها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تتسم بالحكمة والاعتدال وترتكز على قواعد استراتيجية في علاقاتها بدول العالم، وخاصة تجاه القضية الفلسطينية التي تدعمها بمواقف ثابتة ومحددة وتاريخية، ففي الباب الأول من دستور الدولة، المادة (6) ينص على أن الاتحاد جزء من الوطن العربي الكبير، وتربطه به روابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك؛ وشعب الاتحاد شعب واحد، وهو جزء من الأمة العربية، وتنص المادة (12) من دستور الدولة على أن سياسة الاتحاد الخارجية تستهدف نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب، على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والأخلاق المثلى الدولية. كما ترتكز السياسة الخارجية للدولة على ثوابت سارت عليها منذ إنشاء الاتحاد، وهي الحرص على التزام مواثيق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية كافة واحترامها، وإقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والتزام حل النزاعات بين الدول بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل، والإسهام في دعم الاستقرار والسلم الدوليين، وإعلاء قيم الإخاء الإنساني والدعوة إلى رفع المعاناة عن الإنسان بصرف النظر عن جنسه أو دينه.

وفي هذا الإطار، تولي السياسة الخارجية الإماراتية اهتمامًا خاصًا بالبعد العربي، منذ عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي يشهد له التاريخ بمواقف راسخة في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي والسياسي، في إطار قناعة راسخة بأن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ. وقد عبَّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الرابع والأربعين، عن هذا المبدأ الثابت، حينما أكد سموه أن «دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن بأن أمنها الوطني جزء من الأمن القومي العربي، وأن بناء موقف عربي قوي للتعامل مع متغيِّرات المنطقة وتحولاتها هو السبيل للحفاظ على المصالح العربية العليا، وتحصين المنطقة ضد التدخلات الخارجية» مشيراً سموه إلى أن هذه القناعة تفسر «حرص الإمارات على التنسيق والتعاون الكاملَين مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية الأخرى؛ من أجل تعزيز قدرة العرب على حفظ أمنهم القومي في منطقة تعيش حالة من التحول الكبير، وتعاني مصادر خطر متعددة».

ومجمل هذه القناعات الراسخة قد انعكست في دعم دول وشعوب عربية أخرى منها مصر واليمن وليبيا والسودان وغيرها، ولا ينسى الجميع أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هو صاحب القرار التاريخي بشـأن قطع إمدادات النفط عن الغرب أثناء حرب عام 1973 مؤكداً دعم بلاده لمصر، ووقوفه إلى جانبها بكل وضوح وحسم، ويذكر له التاريخ مقولته الشهيرة «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي». وأثناء الغزو العراقي للكويت، كان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، من أوائل القادة العرب الذين نادوا بالمصالحة. وحين اندلعت حرب أهلية في اليمن عام 1994، بذل جهودًا للوساطة بين الفرقاء، وقد مضى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، على درب دعم اليمن في مختلف المجالات وفي مقدمتها المشاريع الإنمائية التي استهدفت قطاعات المياه والكهرباء والتعليم والصحة والبنية التحتية، حيث قدمت الدولة نحو 22.97 مليار درهم خلال الفترة من عام 2015 وحتى عام 2021، بالإضافة إلى توفير وديعة بقيمة 300 مليون دولار لدعم العملة الوطنية. وبعد عقود، لم تنقطع مسيرة الإمارات في الالتزام بالقضايا العربية على رأسها القضية الفلسطينية، والالتزام أيضًا بدعم ومساندة دول الجوار دون التدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلاد، كالدور الداعم في اليمن وليبيا والوساطة بين الفرقاء، بالإضافة للدور الإنساني والإغاثي عقب الكوارث، على سبيل المثال إطلاق الجسر الجوي الإماراتي إلى ليبيا عقب كارثة الفيضانات وإعصار دانيال، بحجم مساعدات إنسانية وإغاثية بلغ 622 طنًا.

دعم القضايا العادلة: تقف دولة الإمارات دومًا إلى جانب القضايا العادلة بما يتفق مع المبادئ والقيم الراسخة والأصيلة التي تحكم سياستها الخارجية منذ تأسيسها، حيث تحرص الدولة على المساهمة في تخفيف معاناة الشعوب في مناطق الصراعات حول العالم ومدّ يد العون والمساعدة والمساندة لهم بصرف النظر عن الدين أو اللغة أو العِرق، مؤكدة نهجها الفريد في تعزيز قيم التعاضد العالمي ووحدة المصير الإنساني، وعلى رأس هذه القضايا حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وصولاً إلى حصوله على دولته المستقلة، وهي السياسة التي بدأت منذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحتى اليوم في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، الذي يؤكد فعلًا وقولًا أن موقف الإمارات ثابت وراسخ في دعمه للموقف العربي الداعي لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وأن الإمارات مستمرة في دعم القضية الفلسطينية، وهو موقف نابع من قناعة متجذرة، تضع الإمارات في مقدمة الدول العربية الداعمة للقضية الفلسطينية، سواء على المستوى السياسي أو المالي، ويكتسب الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية مصداقية حقيقية لكونه موجه إلى الشعب الفلسطيني، وليس إلى تيار أو فصيل معين، كما أنه يركز على القطاعات التنموية التي تتصل مباشرة بحياة الفلسطينيين، بغرض تحسين حياتهم والنهوض بمستقبلهم.

الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي: لقد بذلت دولة الامارات العربية المتحدة أثناء عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي للفترة 2022 ـ2023» جهوداً كبيرة لدعم القضية الفلسطينية في إطار نشاطها الدبلوماسي الواسع في السنوات الأخيرة لنزع فتيل التوترات وتحقيق الأمن والاستقرار بين الدول كافة، فضلاً عن سعي الامارات لقيادة جهود تبريد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط من خلال دبلوماسية تستهدف انهاء التوترات القائمة من خلال اعادة بناء الجسور، فضلاً عن محاولاتها الحثيثة استئناف مسيرة السلام العربي ـ الاسرائيلي بتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات مع اسرائيل في منتصف أغسطس عام 2020، ومحاولة البحث عن خيارات ومسارات بديلة لمعالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل انسداد أفق الحلول السياسية التي تشهد جموداً مزمناً لا يخدم سوى تنظيمات التطرف والارهاب والمتاجرون بالقضية واختزالها في شعارات دعائية تعمل في اتجاه مضاد للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2025-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره