مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-04-02

أطول مهمة للعرب في الفضاء ... الإمــــارات تحلــق عــاليــاً

في أطول مهمة في تاريخ العرب لاستشكاف الفضاء، وفي رحلة علمية تستغرق 6 أشهر، انطلق سلطان النيادي، ثاني رائد فضاء إماراتي، في الثالث من مارس 2023، في رحلة «طموح زايد 2» إلى محطة الفضاء الدولية، ليكتب فصلاً جديداً من فصول المجد الإماراتي في مجال علوم الفضاء، مواصلاً مسيرة زميله هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، والذي أمضى عشرة أيام في عام 2019. وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على هذه الرحلة العلمية التاريخية وأهميتها، حيث يعد النيادي أول رائد فضاء إماراتي ينطلق من الأراضي الأمريكية إلى محطة الفضاء الدولية ضمن فريق في رحلة طويلة.
 
إعداد: هيئة التحرير
 
في أوائل سبتمبر 2018، ومن بين أربعة آلاف شباب وشابة تقدموا للاختبارات ضمن برنامج الامارات لرواد الفضاء، تم الإعلان رسمياً عن اختيار أول رائدي فضاء إماراتيين هما هزاع علي خلفان المنصوري وسلطان مفتاح النيادي، لتقوم وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس» بتأهيلهما كي ينطلق أحدهما إلى الفضاء في مهمة مدتها عشرة أيام في مهمة علمية غير مسبوقة إماراتياً وعربياً، ضمن بعثة فضاء روسية، كأول رائد فضاء إماراتي.
 
في الثالث من مارس 2023، وفي أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، وصلت رحلة «طموح زايد 2»، التي ضمت رائد الفضاء سلطان النيادي، إلى محطة الفضاء الدولية على متن كبسولة «كرودراغون»، حيث قضى طاقم المهمة الموجود داخل الكبسولة التابعة لشركة «سبيس اكس»، حوالي 24 ساعة في مدار حول الأرض قبل الالتحام بمحطة الفضاء الدولية. وسيكون رائد الفضاء سلطان النيادي هو اختصاصي المهمة، إلى جانب رائد الفضاء ستيفن بوين، قائد المهمة، من وكالة ناسا، ورائد الفضاء وارين هوبيرغ، قائد المركبة، من وكالة ناسا، ورائد الفضاء أندري فيدياييف، اختصاصي مهمة، من وكالة روسكوزموس. وستكون المهمة ضمن البعثة 6968 إلى محطة الفضاء الدولية. وسيجري رواد فضاء طاقم Crew-6 عدّة تجارب علمية، سيتضمن بعضها أبحاثا علمية جديدة للتحضير للمهمات البشرية خارج مدار الأرض المنخفض، ومن ثمّ الاستفادة من نتائجها في مختلف علوم الحياة على الأرض. وخلال الأشهر الستة هذه سيتم إجراء 13 مكالمة مباشرة و10 اتصالات لاسلكية، وجلسات لبرنامج التوعية المجتمعية مع مؤسسة الإمارات للآداب.
 
وخلال المهمة، سيجري سلطان النيادي أكثر من 19 تجربة علمية، ودراسات متقدمة، بالتعاون مع وكالة “ناسا”، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا”، تشمل مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم “ما فوق الجينات”، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات.
 
كما ستشمل المهمة برنامجاً تعليمياً وتوعوياً، من أجل إلهام الجيل القادم من العلماء والباحثين، حيث اختار “مركز محمد بن راشد للفضاء”، مشروعين بحثيين من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وسيركز المشروع الأول على تقييم تأثير بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء، على التفاعل بين القلب ووضعية الجسم، بينما سيعمل المشروع الثاني على دراسة خلايا الفم والأسنان على الأرض في بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى. سيشارك في كلا المشروعين عدد من الطلاب والباحثين، لضمان تطوير القدرات، وتأهيل جيل جديد من العلماء.
 
دعم وطني رفيع المستوى 
يحظى برنامج الفضاء الإماراتي برعاية رفيعة المستوى من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ حيث يتابع سموه رائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي منذ اختيارهما للمهمة العلمية كدفعة أولى لبرنامج الفضاء الذي أطلق عام 2017، لتدريب فريق من رواد الفضاء الإماراتيين وإعدادهم وإرسالهم للفضاء، حيث استقبل سموه في الثاني عشر من أكتوبر 2019 رائدي الفضاء الإماراتيين، هزاع المنصوري وسلطان النيادي، عقب عودتهما مباشرة من روسيا ونجاح رحلة المنصوري إلى المحطة الفضائية الدولية، وذلك تقديراً من القيادة الرشيدة واعتزازاً بأبناء الإمارات، الذين يسهمون في رفعتها وبناء أمجادها بين الأمم. وفي هذا الإطار أيضاً قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في الخامس من سبتمبر عام 2022 بزيارة منزل رائد الفضاء سلطان النيادي في منطقة أم غافة بمدينة العين.
 
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، تبادل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع النيادي وأفراد عائلته الأحاديث الودية، معربًا عن فخره بأبناء الإمارات الذين يضيفون إلى أنفسهم ووطنهم إنجازات نوعية. واطمأن سموه على استعدادات النيادي لمهمته إلى محطة الفضاء الدولية، والتي تستغرق ستة أشهر، كونه أول رائد فضاء عربي ينفذ هذه المهمة. وقال إن دولة الإمارات ستواصل تعزيز موقعها في مختلف العلوم، خاصة العلوم الحديثة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها بهمة وقدرات أبنائها. وقد أشاد رئيس الإمارات بعزيمة رائد الفضاء سلطان النيادي وسعيه لتحقيق إنجازات لوطنه، وأعرب عن ثقته بقدراته وإمكاناته لتحقيق نجاح جديد باسم دولة الإمارات. وقبيل انطلاق المهمة، حرص صاحب السمو رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ على الاطمئنان بنفسه على رائد الفضاء سلطان النيادي، وأعرب سموه على موقع “تويتر” عن فخره بالنيادي وأمثاله من شباب الإمارات، الذين يعملون على رفع راية الوطن وتعزيز إسهاماته في خدمة البشرية، وقال سموه “انطلاقة جديدة لطموح دولة الإمارات يحملها ابنها سلطان النيادي في ثاني مهمة إماراتية لمحطة الفضاء الدولية.. أدعو الله له بالتوفيق والعودة سالماً إلى أهله وبلده.. فخورون به وبأمثاله من شباب الإمارات الذين يعملون لرفع راية الوطن وتعزيز إسهاماته في خدمة البشرية”.
 
من جانب آخر،  وفي استمرار للدعم الوطني الكبير الذي يحظى به برنامج الفضاء الإماراتي منذ إطلاقه، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في منتصف يوليو 2022 تأسيس صندوق بقيمة 3 مليارات درهم (نحو 817 مليون دولار)، كما أطلق سموه البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية “سرب” لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، والذي يوفر تصويرا راداريا على مدار الساعة وفي جميع الأحوال الجوية.
 
ويهدف مشروع الأقمار الصناعية إلى تحقيق مجموعة كبيرة من المستهدفات التي من شأنها تعزيز جهود الإمارات لإيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالتغير المناخي واستدامة البيئة والمساهمة في التطوير العمراني، والعمل على تكامل الجهود ودعم مواجهة الكوارث وتحديات الأمن الغذائي وغيرها.
 
كما يستهدف تأسيس صندوق استراتيجي متخصص لدعم قطاع الفضاء في الدولة، توفير الموارد المالية وحوكمة إدارتها وبما يتواءم مع توجه الدولة نحو إيجاد حلول بديلة ومبتكرة لتمويل المشاريع وتنمية القطاع، حيث يسهم تأسيس الصندوق والذي سيكون تحت مظلة وكالة الإمارات للفضاء في تعزيز الاستثمارات من المهتمين من رواد الأعمال والشركات الخاصة، والعمل على تمويل وتسهيل تطوير الأنشطة والمشاريع الفضائية المستقبلية، حيث تلعب وكالات الفضاء دور تطوير القدرات ودعم القطاع عن طريق رفع جاهزيته وخلق الفرص الاستثمارية. 
 
ويضم الصندوق ضمن خططه ومشاريعه إنشاء أكاديمية لتطوير قدرات المهندسين في تطوير الأقمار الاصطناعية، ومجمع للبيانات الفضائية، وإنشاء حاضنة أعمال لدعم الشركات الصغيرة بالخبرة والعقود، يضمن عملهم في المشاريع التي يتم تطويرها من قبل الصندوق.
 
ويمثل البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية للاستشعار عن بعد أحد البرنامج النوعية والأولى عربياً في القطاع الفضائي، حيث سيسهم ضمن أهدافه في رصد المتغيرات التي تطرأ على كوكب الأرض بسبب التغيرات المناخية والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للاستدامة البيئية والموارد على سطح الأرض، فيما تساهم منظومة الأقمار الاصطناعية في تلبية مختلف الاحتياجات الاقتصادية والبيئية بما يدعم تنافسية دولة الإمارات واقتصادها الوطني عن طريق تبني تقنيات فضائية متقدمة تخدم القطاعات الحيوية في الدولة.
 
ويضم المشروع الوطني النوعي للأقمار الاصطناعية الرّادارية أول قمر اصطناعي عربي للاستشعار الراداري، وسيوفر البرنامج والذي يمتد إلى 6 سنوات ضمن منظومته لدولة الإمارات ولأول مرة بيانات متواصلة من الفضاء على مدار الساعة وفي جميع الحالات الجوية، يتم فيه استخدام تكنولوجيا متطورة تصل فيها دقة التصوير إلى أقل من 1 متر، كما سيتم من خلاله تطوير سرب من الأقمار الرّادارية التجارية لدعم القطاعات الاقتصادية وعدد من القطاعات الحيوية في الدولة.
 
كما سيتضمن البرنامج إبرام عقود للشركات الوطنية في تطوير أنظمة الأقمار الاصطناعية الرّادارية ومعالجة بياناتها بنفس النهج المتبع في مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، حيث سيتم فتح باب التقديم للشركات الوطنية الناشئة في مجال الفضاء للمشاركة في تطوير سرب الأقمار الرّادارية، إلى جانب إشراك العاملين في الوظائف الهندسية وفتح باب التوظيف لهم لتطوير خبراتهم في مجال الفضاء ودعمهم للدخول في القطاع الخاص عن طريق تأسيس شركات في نفس المجال، وبحسب الخطة الزمنية للمشروع سيتم إطلاق القمر الأول ضمن سرب الأقمار خلال ثلاث سنوات.
يذكر أن قيمة الإنفاق التجاري في قطاع الفضاء الإماراتي خلال السنوات القليلة الماضية قد بلغت نحو 9 مليارات درهم، فيما تبلغ نسبة مساهمة القطاع الخاص الإماراتي 50% من إجمالي الإنفاق على القطاع في عام 2019، ما يعكس مشاركة القطاع الحكومي والخاص في المساهمة في الاستثمار والتطوير لهذا القطاع.
 
إنجازات نوعية وعمل مؤسسي 
في الثالث من مارس 2023، سجلت الإمارات نجاحاً جديداً في برنامجها الفضائي، حيث تمثل رحلة رائد الفضاء سلطان النيادي، نقلة نوعية في هذا البرنامج، وهو ماحظي باهتمام إعلامي دولي، حيث أشار موقع إذاعة «كي بي إس وورلد» الكوري الجنوبي إلى أن الإمارات تخوض تحد فضائي جديد برفقة الولايات المتحدة وروسيا، واصفاً ما حدث بأنه ميلاد جديد لقوة فضائية. 
وتشمل انجازات الإمارات في مجال الفضاء مشروع المريخ 2117 الذي يهدف إلى صقل المهارات المختلفة لتحقيق التقدم العلمي، ومن ثم يصل في مراحله النهائية إلى الهدف الأسمى والذي يتمثل ببناء أول مستعمرة بشرية على سطح كوكب المريخ خلال مائة عام. 
 
وإلى جانب ماسبق، فقد شهد قطاع الفضاء الإماراتي سلسلة متلاحقة من الانجازات خلال سنوات قلائل، وتحديداً منذ انشاء وكالة الإمارات للفضاء التي تعد أول وكالة فضاء عربية؛ حيث بدأت انجازات الامارات في مجال الفضاء بمشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ، والذي أُطلق من الإمارات للفضاء بتاريخ 20 يوليو 2020، ليتمكن في 9 فبراير 2021  من الوصول إلى الكوكب الأحمر ويكتب اسم الإمارات بأحرف من ذهب كخامس دولة تصل إلى المريخ من أول محاولة. وتبرز قيمة الإنجاز هذا بأن المشروع تم تحت إدارة فريق إماراتي مختص وبتمويلٍ كامل من وكالة الامارات للفضاء ابوظبي، أما أهمية المشروع فتتمثل في المعلومات الغنية والصور الاستثنائية غير المسبوقة التي تساعد العلماء والباحثين في دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ، بالإضافة إلى تآكل الغلاف الجوي لكوكب المريخ والتغيرات المناخية التي تحدث على كوكب المريخ، إلى جانب حركة الغبار والماء في الغلاف الجوي لكوكب المريخ وغير ذلك من الأهداف المميزة.
وقبل ذلك كان القمر الصناعي “خليفة سات” الذي أُطلق للفضاء عام 2018، بهدف التقاط صور تفصيلية ودقيقة لكوكب الأرض وما يجري عليه من تغيّرات بيئية، ومن ثم يتم إرسالها إلى مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي. ينفرد هذا القمر الصناعي الذي تم تصنيعه بالكامل في الإمارات بعدة مميزات تكنولوجية حديثة، أبرزها الكاميرات الرقمية عالية الدقة ونظام التحكم التلقائي بالقمر الاصطناعي، إلى جانب السرعة في تحميل البيانات والاتصال وتحدي المواقع المستهدفة. وبعد ذلك جاء القمر الصناعي «ظبي سات»  الذي طوّره نخبة من أمهر طلبة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا التي تصنّف كواحدة من أبرز الجامعات محلياً وإقليمياً ودولياً. 
 
وتستعد الإمارات لمواصلة مشوار النجاح العلمي من خلال الجيل الثاني في برنامج الفضاء الإماراتي، والذي تضمن اختيار نورا المطروشي، أول رائدة فضاء عربية وقع الاختيار عليها في البرنامج، وجرى اختيارها من بين 4 آلاف متقدم. تجدر الإشارة إلى أن نورا المطروشي حاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 2015، كما شاركت في مؤتمر الأمم المتحدة للشباب في صيف 2018، وشتاء 2019 مندوبة عن بلدها الإمارات.
وقد وضعت الإمارات خطة طويلة الأمد تهدف إلى تأسيس بنية تعليمية متكاملة تتعلق بالفضاء وعلومه وتقنياته، حيث تم التوافق مع الجامعات الإماراتية لاستحداث تخصصات تعنى بعلوم الفضاء وتوفير منح دراسية للتشجيع على دراستها، بالإضافة إلى تقديم فرص ابتعاث لدراسة التخصصات الفضائية في أرقى الجامعات العالمية، وذلك في سبيل إعداد كوادر وطنية مؤهلة للعمل في قطاع الفضاء في الدولة.
 
وفي عام 2020، بدأ تنفيذ قانون الفضاء الإماراتي ليمثل دعامة رئيسية لبيئة العمل بقطاع الفضاء بعد دخول مشغلون كثر للقطاع كمستثمرين وشركات محلية ودولية، لتصبح الإمارات إحدى الدول القلائل التي تمتلك بيئة تشريعية منظمة للبيئة الفضائية، وهذا تطور مهم للغاية بالنظر إلى ضرورة التشريعات التي تنظم هذا القطاع الاستراتيجي حالياً ومستقبلاً،  ، بما في ذلك بناء المستوطنات والمنشآت البشرية في الفضاء وعملية عودة دخول الأجسام الفضائية للأرض، إلى جانب الرحلات دون المدارية والسياحة الفضائية وإدارة المخاطر الفضائية والأحجار النيزكية الساقطة من الفضاء وغير ذلك.
وكانت الإمارات قد حققت نجاحاً مهماً في ديسمبر الماضي، بإطلاق المستكشف “راشد” في أول مهمة إماراتية إلى القمر، وذلك من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية الأمريكية المطلة على ساحل الأطلنطي بولاية فلوريدا. والمهمة «راشد» إلى القمر هي تمهيد لبرنامج أرتميس الفضائي بإرسال البشر مرة أخرى إلى القمر في عام 2025، كما تعد خطوة في طريق إرسال البشر إلى المريخ في المستقبل.
المستكشف راشد هو مركبة من نوع الروبورتات الذكية صنع بأيد إماراتية 100% في دبي، تحت إشراف مركز محمد بن راشد للفضاء، وبشراكات محلية ودولية، حيث يتضمن معدات ترسل إلى سطح القمر للمرة الأولى تسمح بتوفير بيانات غير مسبوقة حول القمر. وبخروجه بسلام من مركبة الهبوط اليابانية “هاكوتو آر ميشن 1” التي ستنقله إلى سطح القمر، يكون المستكشف راشد أول روبوت من نوعه يهبط على سطح القمر، من حيث إنه الأخف وزنا لكن الأكثر تطورا من النواحي التقنية. والمستكشف الإماراتي عبارة عن من مجسم مضغوط هرمي الشكل مصنوع من الألومنيوم بأبعاد هندسية متناسقة، حيث يبلغ طوله 53.5 سم، وعرضه 53.85 سم، وارتفاعه 8.49 سم. أما وزن المستكشف فهو 10 كيلوجرامات، وهو الوزن المثالي الذي توصل إليه المستكشفون الإماراتيون لتمكينه من الهبوط بسلام.
 
ويتضمن المستكشف راشد 4 عجلات مستدامة تعمل كل منها بمقود مستقل، وهي قادرة على تحمل حرارة سطح القمر التي تبلغ خلال النهار القمري نحو 120 درجة مئوية. وقد تم تركيب مواد تخص وكالة الفضاء الأوروبية على عجلات راشد؛ لاختبار قدرتها على تحمل الظروف على سطح القمر، وهي مواد تستخدم في تصميم بدلات رواد الفضاء. ويتضمن المستكشف راشد ألواحاً شمسية لتزويده بالطاقة التي تحتاجها معداته للعمل بكفاءة، وتتمثل هذه المعدات في كاميراتين بصريتين أساسيتين، الأولى CASPEX ثلاثية الأبعاد تتحرك عموديا وأفقيا وتوفر صوراً من سطح القمر بأعلى دقة للطبقة العليا من الغبار القمري. أما الكاميرا الثانية فهي كاميرا مجهرية للتحقق من مدى تفاعل مواد سطح المستكشف من الإشعاع الشمسي الذي له أهمية كبيرة في فهم بيئة البلازما وتفاعلات تربة القمر، وكاميرا للتصوير الحراري لمسح سطح القمر.وعبر أنظمة اتصال تعمل لحطة بلحظة، يرسل المستكشف راشد صوره وبياناته إلى المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، ثم مشاركتها مع الدوائر العلمية في اختراق علمي فضائي جديد.
 
وتخطط دولة الإمارات لإرسال مركبة فضائية غير مأهولة إلى القمر العام المقبل، وتخطط كذلك لبناء مدينة على سطح المريخ، ومن المتوقع أن يشجع برنامج الفضاء الإماراتي دولاً عربية أخرى على المضي في الاتجاه ذاته، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية أنها سترسل أول رائدة فضاء في مهمة في النصف الثاني من العام الجاري.
وفي هذا الإطار قال باسكال ايرولت، في مقال نشرته صحيفة “لوبينيون” الفرنسية إن إطلاق المستكشف “راشد” يضع الإمارات بين القوى العظمى التي استكشفت القمر، ويشير الكاتب إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ يمتلك طموحات كبيرة في هذا القطاع، وأن الإمارات أكثر الدول العربية والخليجية طموحاً في قطاع الفضاء تحديداً. وينقل عن متخصص في المجال قوله إن هذه السياسة لها بعد حيوي من أبعاد القوة، حيث تعكس القدرات المعرفية والتكنولوجية لدى الدول. 
 
الخاتمة
تمثل نجاحات الإمارات وانجازاتها في مجال الفضاء وغيره، رسائل أمل ملهمة في منطقة جغرافية لا يصدر عنها الكثير من الأخبار الايجابية، حيث تنتشر في الشرق الأوسط الأزمات والنزاعات، وبالتالي تضطلع الإمارات بدور صانع الأمل إدراكاً من الامارات وقيادتها الرشيدة أن على الدولة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها عالمنا العربي، مسؤوليات كبرى في حشد الطاقات وحفز ملايين الشباب العربي وتشجيعهم على النظر بتفاؤل للمستقبل من خلال صناعة الأمل وبناء النموذج الملهم الباعث على الفخر والاعتزاز بالذات العربية، حيث تدرك القيادة الرشيدة أن دور الامارات ومسؤولياتها كنموذج عربي ملهم يمليان عليها قيادة جهود العرب المعرفية والسعي لاستئناف الحضارة العربية. وكل هذه الانجازات تجسد شعار الإمارات «لا شىء مستحيل»، لذا حرصت القيادة الرشيدة على وضع كل هذه الانجازات والنجاحات في سياقات حضارية وانسانية تسهم في نشر الايجابية؛ فالبشرية جميعها تحتاج بشدة إلى ملهمين جدد يقودونها إلى دروب المستقبل وتجاوز آثار محنة تفشي وباء كورونا ومن بعدها تداعيات حرب أوكرانيا. 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره