2024-04-03
العــلاقـــات الإمـاراتيـــة ـ الكـويتيــة: موروث من التعاون والشراكة والتضـامن الأخوي
تتميز العلاقات الإماراتية الكويتية بأنها نتاج إرث مشترك ورؤية استراتيجية عميقة واهتمام متواصل لبلدين تربطهما أواصر الأخوة والتاريخ والجغرافيا، وقد أرسى دعائم هذه العلاقة القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ اللقاء الذي جمعه مع المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح، عام 1973، وازدادت هذه العلاقات عمقًا ورسوخًا على مدار عقود، وتشهد مرحلة جديدة من التطور والنمو في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، ما يدفع بها إلى آفاق مستقبلية ويمنحها قوة وزخمًا يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين وبقية شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليح العربية. وفي هذا العدد تسلط “درع الوطن” الضوء على أبعاد الزيارة المهمة التي قام بها أمير دولة الكويت للإمارات خلال شهر مارس الماضي.
منذ قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، كانت دولة الكويت من أوائل دول العالم التي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع الاتحاد الوليد آنذاك، وبعدها لم تتوقف العلاقات الأخوية عن التطور والنمو، وترجمت الإمارات قوة هذه العلاقات التي تربطها بالكويت الشقيقة، قيادة وشعباً، بموقفها التاريخي المشرف أثناء احتلال الكويت في أغسطس عام1990، إذ استضافت عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت، وهو موقف مشهود للإمارات يستند إلى رؤية الأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صاحب الرؤية الحكيمة الداعمة لأمن واستقرار الأشقاء، واعتبار الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، حفاظًا على قيم العروبة وروابط الجيرة بالمنطقة عمومًا وللأشقاء بمنطقة الخليج العربي خصوصًا.
استقبال حافل
جاء الاستقبال الحافل والاحتفاء الإماراتي الكبير بزيارة الدولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى الإمارات في الخامس من مارس الماضي، تقديراً لسموه وتجسيداً لعمق العلاقات والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، حيث جرت لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مراسم استقبال رسمية مهيبة لدى وصول موكبه يرافقه صاحب السمو رئيس الدولة إلى قصر الوطن في العاصمة أبوظبي، حيث رافق الموكب ثلة من الفرسان على صهوات الخيول وفرق الهجانة إضافة إلى فرق الفنون الشعبية الإماراتية .. ثم اصطحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ضيف البلاد إلى منصة الشرف وعزف السلام الوطني لكل من دولة الإمارات ودولة الكويت واصطفت ثلة من حرس الشرف وأطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيباً بزيارة سموه كما اصطفت مجموعات من الأطفال يلوحون بأعلام البلدين ويرددون العبارات الترحيبية. وحلق فريق “فرسان الإمارات” الوطني للاستعراضات الجوية في سماء قصر الوطن مشكلاً لوحة لعلم دولة الكويت..كما تزينت معالم العاصمة وشوارعها بأعلام الكويت والعبارات الترحيبية بزيارة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى البلاد.
أهمية الزيارة
جاءت زيارة أمير الكويت لدولة الامارات بالتزامن مع احتفال الكويت بذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني في 25 فبراير، وذكرى تحريرها من غزو نظام صدام حسين في 26 فبراير، حيث شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في صفوف القوات الإماراتية التي شاركت في عملية “عاصفة الصحراء” لتحرير دولة الكويت من احتلال نظام صدام حسين في عام 1991. كما تحتفي الإمارات بهذه الذكرى بما يجسد أواصر الأخوة والمحبة بين البلدين قيادة وشعبًا، حيث نظمت سفارة الكويت لدى الإمارات احتفالًا حضره عدد من المسؤولين الإماراتيين رفيعي المستوى، تقدمهم الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وسمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، كما بعث صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، برقية تهنئة إلى أمير دولة الكويت، بمناسبة اليوم الوطني وذكرى التحرير لبلاده. وهي في مجملها شواهد وإشارات على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين، حيث تمثل المناسبات الوطنية مرآة تعكس عمق الروابط بين الدول والقادة. وقد شهدت الزيارة، منح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، «وسام زايد»، تقديرًا لجهوده في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، فيما أهداه الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، «قلادة مبارك الكبير».
لقاءات ومباحثات وتعاون مثمر
اللقاءات المتبادلة والمتواصلة بين مسؤولي البلدين عززت أيضًا أواصر العلاقات والشراكة، ففي يناير الماضي قام صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، بزيارة إلى دولة الكويت، واستقبله الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، في قصر بيان، وبحث الجانبان عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة.
وقد شارك وفد كويتي رفيع المستوى في القمة العالمية للحكومات التي عقدت منتصف فبراير الماضي، وفي نوفمبر من العام الماضي، التقى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، على هامش مشاركة البلدين في أعمال «القمة العربية-الإسلامية المشتركة غير العادية» بالسعودية لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة.
أجندة الزيارة
الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين والتنسيق المشترك في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، شَكّلت تعزيزًا للعلاقات السياسية، فكانت الإمارات والكويت دائمًا على قدم وساق في دعم القضايا العربية المشتركة وتعزيز السلم والاستقرار في المنطقة، ومثّلت الزيارة الأخيرة للشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، إلى دولة الإمارات، محطة مهمة في العلاقات الأخوية بين البلدين، وتمتد إلى العمل الخليجي المشترك، الذي يمثل إحدى الركائز المهمة لدول مجلس التعاون الخليجي،ويشار إلى أنها الزيارة الأولى بعد توليه مسند الإمارة في دولة الكويت،وشملت أجندة مباحثات الزعيمين عدة موضوعات على رأسها حرب غزة، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية.
الجانب الاقتصادي
جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى دولة الإمارات عقب توقيع اتفاقية الازدواج الضريبي بين الإمارات والكويت في مطلع فبراير الماضي،وتهدف هذه الاتفاقية ـ بجانب منع التهرب الضريبي بين البلدين ـ إلى وتعزيز العلاقات الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وتسهيل حركة تدفق رؤوس الأموال.
وخلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله أخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، أشاد الجانبان بنمو العلاقات التجارية والاستثمارات الثنائية، إذ سجلت التجارة غير النفطية بين البلدين ارتفاعًا بنسبة 2% في عام 2023 مقارنة مع عام 2022، وبلغت مايعادل 12.2 مليار دولار أمريكي، كما أكد الجانبان أهمية توسيع آفاق التعاون والشراكة الاقتصادية، ورحبا بقيام المستثمرين والشركات الإماراتية والكويتية بتوسيع أعمالهم والاستفادة من الفرص المتاحة في المشروعات التي تشهدها جميع القطاعات الحيوية في البلدين، بالتزامن مع استكشاف وتطوير الفرص الاقتصادية في ضوء (رؤية الكويت 2035)، ورؤية (نحن الإمارات 2031) التنمويتين.
الجانب الأمني والدفاعي
شهدت زيارة أمير دولة الكويت للإمارات مباحثات مكثفة في الجانب الأمني، إذ يحث البلدان على تطوير الشراكة الاستراتيجية في مجالات أمنية حيوية مثل مكافحة التطرف والارهاب، وتبادل الخبرات في مجال أمن الحدود، وكانت المستجدات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على العلاقات العربية - العربية والأمن والاستقرار الإقليمي، حاضرة في هذه المباحثات التي شملت عدة محاور رئيسة:
تطرق الزعيمين لقضايا التماس بين الكويت والعراق، مع التأكيد على أهمية احترام الأخيرة لسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الدولية وقرار مجلس الأمن بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية بين الدولتين، وأكد الجانبين رفضهما إلغاء الجانب العراقي بشكل أحادي لبروتوكول المبادلة الأمني المُوقّع في عام 2008 بشأن ضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله.
استكمالًا للرؤى المشتركة تجاه القضايا الأمنية، أكدت الإمارات الاتساق مع الرؤية الكويتية بشأن الثروات الطبيعية في المنطقة المحاذية للمنطقة المقسومة الكويتية - السعودية، بما فيها حقل الدرة النفطي بكامله، وبأنها ملكية مشتركة بين الكويت والسعودية فقط، مع الرفض القاطع لأي إدعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة.
أيّدت دولة الكويت ودعمت حق الإمارات في جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى المحتلة من قِبل إيران، مؤكدة رفضها القاطع لاستمرار احتلال إيران للجزر، والتأكيد على سيادة دولة الإمارات الكاملة على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي.
التطورات المتسارعة واضطراب الملاحة في البحر الأحمر خاصة في أعقاب حرب غزة، لم تغب عن مناقشات الزعيمين، اللذين أكدا على أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، واحترام حق الملاحة البحرية فيها وفقًا لأحكام القانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة.
الجانب السياسي
أكد الجانبان خلال محادثات صاحب السمو رئيس الدولة وأمير دولة الكويت على دعمهما للأمن والاستقرار الاقليمي، وأهمية تغليب الحوار والحلول الدبلوماسية في حل النزاعات، معربين عن قلقهما البالغ حيال الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، وشددا على ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي، بمسؤولياته لوقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإغاثية لأهالي القطاع، وأخيرًا تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية استنادًا إلى مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. ويأتي الموقف الإماراتي المساند والداعم لغزة والقضية الفلسطينية انطلاقًا من نهج الدولة الراسخ في تقديم العون والمساعدة للمحتاجين دون تفرقة على أساس ديني أو عرقي أو سياسي، وهو نهج متأصل في سياستها الخارجية، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتفي بالعمل الإنساني كجزء أساسي من سياستها الخارجية، كما أنها تتصدر دول العالم على صعيد تقديم المساعدات الإنسانية.
ركائز التعاون الإماراتي ـ الكويتي
المصالح الاقتصادية المشتركة
تُشكّل الإمارات والكويت ركائز أساسية في اقتصادات دول مجلس التعاون، ما جعل قيادات البلدين تعملان على تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال الاستثمارات المشتركة وتبادل التجارة وتطوير المشاريع الاقتصادية الكبرى، وعلى مدار الأعوام الماضية، وقعت البلدين اتفاقيات عديدة عززت حجم التبادل التجاري ورسخت الاستثمارات المتبادلة بينهما، وتعتبر الإمارات ثاني أكبر الدول المصدرة للكويت بعد الصين، وأول الدول العربية والخليجية في عام 2022، وتحل في المرتبة الـ 3 عالميًا لأهم الدول المستثمرة في الكويت بنسبة مساهمة تجاوزت 6% من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الكويت بنهاية 2022، فيما جاءت الكويت في المرتبة الـ 10 لأهم شركاء الإمارات التجاريين خلال العام ذاته، وفي المرتبة الـ 8 في الصادرات الإماراتية غير النفطية.
وتركز الاستثمارات الإماراتية في الكويت بشكل أساسي في الفحم والنفط والغاز، والنقل والتخزين، والأدوية ومستحضرات التجميل، والعقارات، والاتصالات، والمعادن، والفندقة، والطيران والسياحة،والقطاع المالي والمصرفي. بينما تركز الاستثمارات الكويتية في الإمارات على الأنشطة المالية، أنشطة التأمين، الصناعة التحويلية، الأنشطة العقارية، المعلومات والاتصالات، والعقارات، والسياحة، والاتصالات، والمنسوجات، والتعدين واستغلال المحاجر، والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية.
خلال السنوات الماضية، في الفترة من 2013 إلى 2022، بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 317 مليار درهم، ونمت التجارة البينية بنسبة 120.5%، وفي النصف الأول من 2023 وصل التبادل التجاري بينهما22.3 مليار درهم بنمو 6% عن نفس الفترة من العام الماضي، وحقق حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين عام 2022 نمو قياسي نسبته 496% مقارنة بنسبته عام 2010، وبلغ 363.8 مليار درهم في الفترة من 2010 و2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد.
الاتفاقيات الثنائية
على مدار الأعوام الماضية، وقّعت الدولتين اتفاقيات عديدة عزّزت في مجملها مستوى التبادل التجاري، وأرست المزيد من الاستثمارات المتبادلة، وعلى سبيل المثال، كان عام 2022، زاخراً بعدد من الاتفاقيات، منها توقيع مذكرة تفاهم بين مجموعة موانئ أبوظبي والإدارة العامة للجمارك في الكويت، بهدف إنشاء ممر تجاري افتراضي بين الطرفين لتسهيل وتبسيط التخليص الجمركي للتجارة عبر الحدود، وكذلك توقيع اتفاقية تطبيق “كوفي” للاستفادة من برنامج الابتكار التابع لمكتب أبوظبي للاستثمار وتأسيس مقر للتطبيق في الإمارة، وكذلك اتفاقية تعاون ثلاثية في مجال الأوراق المالية بين سوق أبوظبي للأوراق المالية والبورصة الكويتية والشركة الكويتية للمقاصة، واتفاقية لتعزيز سلامة الطيران.
التعاون الثقافي والسياحي والبيئي
لا تقتصر أواصر العلاقات القوية بين البلدين على الجانبين السياسي والاقتصادي، بل تشهد زخمًا مماثلًا ينتجه التعاون على المستوى الثقافي، والذي يعود لخمسينات القرن الماضي، حيث بدأت البعثة التعليمية الكويتية في الإمارات في عام 1955، بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان تأسيس الاتحاد، وهي فترة كانت مرحلة نهوض إماراتي، ووقوف كويتي أصيل إلى جانب الإمارات الشقيقة، بما يذكره الإماراتيون بتقدير واعتزاز لأشقائهم بالكويت، كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي، بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات، وأبرم البلدان العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتربية والتعليم، لتبادل الخبرات وتطوير التعاون المشترك. وفي نهاية الستينات أنشئت محطة إرسال تلفزيوني في دبي بدعم كويتي، وقبله الاسهام في نهضة التعليم ، ماكان له أثر حقيقي ومهم في تلك المرحلة بالنسبة لنهضة وتطور دولة الإمارات. وتوطدت العلاقات مع الجارة الشقيقة باتفاقيات ثقافية عدة، ففي عام 2006 تم إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين لتنمية العلاقات، وفي الربع الأول من عام 2008 عُقدت اجتماعات الدورة الأولى للجنة في العاصمة أبوظبي، حيث تم التوقيع على سبع اتفاقيات بين البلدين الشقيقين في المجال الثقافي والفني والتربوي والتعليم العالي والبحث العلمي.
في17 أكتوبر 2019 ، تم افتتاح معرض “روائع الآثار في دولة الكويت” في متحف الشارقة للآثار، ضم مجموعة نادرة من القطع الأثرية بالكويت، يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة بين الألف السادسة قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الأول الميلادي، وفي نهاية عام 2020، وقع البلدين برنامجًا تنفيذيًا للتعاون في المجال التربوي وآخر للتعاون في مجال الثقافة والفنون، وفي يوليو 2023 افتتحت الكويت موسم 2023 من برنامج مديرو العلوم التنفيذيون بمشاركة 28 من طلبة مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين في دولة الإمارات. ولم تقتصر الروابط الثقافية على مستوى القادة، بل على المستوى الشعبي أيضًا، إذ ارتفع عدد السياح الكويتيين للإمارات في عام 2023 بشكل كبير جدًا وبلغ نحو 400 ألف سائح، مقارنة بـ 250 ألف في العام 2022، ويعكس هذا الرقم عمق التقارب بين الشعبين. وقد أبرمت الإمارات والكويت العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتربية والتعليم، بغرض تبادل الخبرات وتطوير التعاون المشترك بما يصب في مصلحة كلا البلدين. وبلغ عدد الطلبة الكويتيين الذين يدرسون في الجامعات الإماراتية 1,240 طالباً، وقد أصدرت الكويت مؤخراً قرارات شجعت الطلبة أكثر على الدراسة في الإمارات، ما سيسهم في تعزيز التعاون في مجال التعليم.
المجال البيئي
على المستوى البيئي، يمتلك البلدان رؤية بيئية مشتركة تدعم الاستدامة البيئية العالمية، حيث شاركت الكويت في مؤتمر “كوب 28” بفعالية، وقدّم الصندوق الكويتي للتنمية عدة مشروعات في مجالات الطاقة المتجددة، والمياه، والزراعة المستدامة، ونظم محاضرات حول التغير المناخي، كما انضمت الكويت لتحالف القرم من أجل المناخ الذي أطلقته الإمارات.
التعاون العسكري والأمني
تعتبر العلاقات العسكرية والأمنية بين الإمارات والكويت عميقة الجذور ومتينة الأسس، وتمتد عبر مجموعة متنوعة من المجالات العسكرية والأمنية. يتجسد هذا التعاون في مختلف المبادرات والاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التهديدات الأمنية المشتركة وتحقيق التعاون الاستراتيجي في مجالات متعددة. وأحد أهم مظاهر التعاون العسكري بين الإمارات والكويت هو تبادل الزيارات والخبرات في المجال العسكري والتدريبات المشتركة بين الجيشين الإماراتي والكويتي، ففي نوفمبر الماضي استقبل ميناء الشويخ الفرقاطة “بينونة” فخر الصناعة الإماراتية.
كما تشهد القوات العسكرية في الإمارات والكويت تبادلًا مستمرًا للخبرات في مجالات التدريب والتكتيكات والاستراتيجيات العسكرية، وهذا التبادل يساهم في تعزيز قدرات القوات المسلحة في البلدين وتعزيز التعاون العسكري الثنائي. ويشار إلى أنه في مارس الماضي، شهدت منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر أضخم مناورات بحرية في الشرق الأوسط، بمشاركة أكثر من 50 دولة، من بينهم الإمارات والكويت، لتعزيز الأمن البحري. بالإضافة إلى ذلك، تشمل مجالات التعاون العسكري بين الإمارات والكويت التعاون في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود. إذ يعمل البلدان معًا على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز التنسيق الأمني للحد من التهديدات الإرهابية والحفاظ على الأمن الإقليمي. ولا يقتصر التعاون الأمني بين البلدين على المجال العسكري فقط، بل يشمل أيضًا التعاون في مجالات الدفاع المدني والحماية المدنية. فالبلدين يتبادلان الخبرات والتقنيات في مجال الدفاع المدني، ويعملان سويًا على تعزيز القدرات الاستجابية لمختلف الكوارث والطوارئ.
لا يوجد تعليقات