مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-01-01

العلاقات‭ ‬الصينـــــــيـــة‭ ‬الخليجـيـــــة‭:‬الإمـارات‭ ‬نموذجاً

في‭ ‬زيارة‭ ‬تخللها‭ ‬انعقاد‭ ‬3‭ ‬قمم‭ (‬سعودية‭ - ‬صينية،‭ ‬وعربية‭ - ‬صينية،‭ ‬وخليجية‭ - ‬صينية‭) ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جينبينغ‭ ‬بتدشين‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية،‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬وصفت‭ ‬بالتاريخية‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬التي‭ ‬استضافت‭ ‬بدورها‭ ‬قمتين‭ ‬متتاليتين‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الخمسة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والقوتين‭ ‬الدوليتين‭ ‬الكبيرتين،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬تسلط‭ ‬‮«‬درع‭ ‬الوطن‮»‬‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬ـ‭ ‬الإماراتية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وتحليل‭ ‬أبعاد‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ومستهدفاتها‭.‬
 
 
إعداد‭: ‬هيئة‭ ‬التحرير
 
 
جاءت‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬للرياض‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬للمملكة،‭ ‬وفي‭ ‬توقيت‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬حيث‭ ‬تشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ـ‭ ‬السعودية‭ ‬توتراً‭ ‬واضحاً‭ ‬إثر‭ ‬دعم‭ ‬المملكة‭ ‬لقرار‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬أوبك‭+‬‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬فض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط،‭ ‬بما‭ ‬يعاكس‭ ‬الرغبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬هدفاً‭ ‬رئيسياً‭ ‬لزيارة‭ ‬بايدن،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬اصطفافاً‭ ‬سعودياً‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وفي‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬بشأن‭ ‬زيارة‭ ‬شي،‭ ‬قال‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬جون‭ ‬كيربي‭ ‬للصحافيين‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني،‭ ‬إن‭ ‬السعودية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حليفا‭ ‬مهما‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لكنه‭ ‬أصدر‭ ‬تحذيرا‭ ‬بشأن‭ ‬الصين،‭  ‬وقال‭ ‬“نحن‭ ‬مدركون‭ ‬للنفوذ‭ ‬الذي‭ ‬تحاول‭ ‬الصين‭ ‬توسيعه‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬حيث‭ ‬يرغبون‭ ‬بتعميق‭ ‬مستوى‭ ‬نفوذهم”،‭ ‬مضيفا‭ ‬“نعتقد‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يسعون‭ ‬إليها،‭ ‬وطريقة‭ ‬سعيهم‭ ‬إليها،‭ ‬لا‭ ‬تتلاءم‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تحكمه‭ ‬قواعد”‭ ‬محددة‭. ‬وتابع‭ ‬كيربي‭ ‬“لا‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬لكن‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬مرات‭ ‬عدة،‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية”‭.‬
 
 
وتحظى‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والدولة‭ ‬المستضيفة‭ (‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭) ‬بأهمية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬بكين‭ ‬لدورها‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬استحوذت‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ %‬20‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2005‭ ‬ـ2020،‭ ‬والسعودية‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والصين‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للخام،‭ ‬وتشتري‭ ‬نحو‭ %‬25‭ ‬من‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬السعودية،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬أهمية‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭. ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الخليجي‭ ‬تعتبر‭ ‬الصين‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأول‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬كما‭ ‬تعد‭ ‬الصين‭ ‬شريكاً‭ ‬حيوياً‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬والتجارية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‭ ‬السياسية‭ ‬الداعمة‭ ‬للحقوق‭ ‬العربية‭ ‬المحافل‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭.‬
 
 
وقد‭ ‬انعكست‭ ‬أهمية‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ،‭ ‬للمملكة‭ ‬في‭ ‬الاستقبال‭ ‬المهيب‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مضيفيه‭ ‬السعوديين،‭ ‬حيث‭ ‬رافقت‭ ‬طائرة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬مقاتلات‭ ‬سعودية‭ ‬احتفت‭ ‬بالزيارة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاق‭ ‬دخان‭ ‬باللونين‭ ‬الأبيض‭ ‬والأخضر،‭ ‬ألوان‭ ‬علم‭ ‬المملكة،‭ ‬كما‭ ‬رافق‭ ‬موكبه‭ ‬حرس‭ ‬الشرف‭ ‬السعودي‭ ‬حتى‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬العاصمة،‭ ‬الرياض،‭ ‬حيث‭ ‬استقبله‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬استقبالاً‭ ‬حاراً‭ ‬كان‭ ‬علامة‭ ‬مؤكدة‭ ‬على‭ ‬عمق‭ ‬العلاقات‭ ‬وتقارب‭ ‬المواقف‭ ‬والطموح‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬الجانبين‭ ‬مستقبلاً‭.‬
 
 
اعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬أن‭ ‬زيارته‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬تفتح‭ ‬عصراً‭ ‬جديداً‭ ‬للعلاقات‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬مشدداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬عضو‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬وأضاف‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬بصحيفة‭ ‬الرياض‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تبقى‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وأكبر‭ ‬مستورد‭ ‬لمنتجاته،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬حققت‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬للتنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬كما‭ ‬أضاف‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬أطلقت‭ ‬مبادرات‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأخضر‭ ‬والسعودية‭ ‬الخضراء،‭ ‬مؤكدا‭ ‬دعم‭ ‬بكين‭ ‬لجهود‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سيادتها‭ ‬واستقلالها‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها‭.‬
 
 
وقد‭ ‬وقعت‭ ‬السعودية‭ ‬والصين‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬مجالات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الطاقة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬بقيمة‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬لـ”التوفيق”‭ ‬بين‭ ‬أجندة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬السعودي‭ ‬الطموحة‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬“رؤية‭ ‬2030”،‭ ‬ومبادرة‭ ‬“الحزم‭ ‬والطريق”‭ ‬الصينية‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬استثماراتها‭ ‬بتريليونات‭ ‬الدولارات‭ ‬وتشمل‭ ‬نحو‭ ‬68‭ ‬دولة،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬بكين‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الرياض،‭ ‬بينما‭ ‬تتطلع‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬تحالفاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭.‬
 
 
العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬ـ‭ ‬الخليجية‭: ‬الإمارات‭ ‬نموذجاً
تشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬الإماراتية‭ ‬ـ‭ ‬الصينية‭ ‬نمواّ‭ ‬متسارعاً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬بزيارة‭ ‬للإمارات‭ ‬وقع‭ ‬خلالها‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الشاملة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬تعاون‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬وحيث‭ ‬تكتسب‭ ‬علاقات‭ ‬الإمارات‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬أهمية‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرص‭ ‬أبوظبي‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬يتيحها‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الاستراتيجيين،‭ ‬وبما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأهداف‭ ‬التنافسية‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تتضمنها‭ ‬وثيقة‭ ‬‮«‬مبادىء‭ ‬الخمسين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية‭.‬
 
 
وفي‭ ‬أول‭ ‬جولة‭ ‬خارجية‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه‭ ‬رئيساً‭ ‬للبلاد‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2018،‭ ‬ولمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬التقى‭ ‬خلالها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭. ‬حيث‭ ‬استبق‭ ‬سموه‭ ‬الزيارة‭ ‬بإصدار‭ ‬بيان‭ ‬ترحيب‭ ‬رسمي‭  ‬وصف‭ ‬فيه‭ ‬الزيارة‭ ‬بالتاريخية،‭ ‬واحتفاء‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬أطلقت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬الأسبوع‭ ‬الإماراتي‭ - ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬17‭ ‬ـ‭ ‬24‭ ‬يوليو‭ ‬بهدف‭ ‬إبراز‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري‭ ‬والتبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬وعلاقات‭ ‬الصداقة‭ ‬بين‭ ‬الشعبين،‭ ‬وتم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬سنوياً‭ ‬بهذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتزامن‭ ‬الاحتفالات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬مع‭ ‬الاحتفالات‭ ‬برأس‭ ‬السنة‭ ‬الصينية‭. ‬
 
 
وفي‭ ‬تلك‭ ‬المناسبة‭ ‬قال‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭ ‬“منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬28‭ ‬سنة‭ ‬زار‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬الصين‭ ‬مؤسسا‭ ‬لعلاقة‭ ‬استراتيجية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬حصدنا‭ ‬ثمارها‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬وثقافية‭ ‬متميزة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود”،‭ ‬وأشار‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬إلى‭ ‬المكانة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للصين‭ ‬قائلاً‭ ‬“إن‭ ‬الصين‭ ‬عملاق‭ ‬اقتصادي‭ ‬دولي‭ ‬ولها‭ ‬ثقل‭ ‬سياسي‭ ‬عالمي‭.. ‬ودورها‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والسلام‭ ‬العالميين”‭. ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬التاريخية‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الندوات‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬ندوة‭ ‬حول‭ ‬كتاب‭ ‬“حول‭ ‬الحكم‭ ‬والإدارة”‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬وإطلاق‭ ‬النسخة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬وعقد‭ ‬ندوة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬آفاق‭ ‬العلاقات‭ ‬الإماراتية‭ - ‬الصينية‭.‬
 
 
مرتكزات‭ ‬وأسس‭ ‬التعاون‭ ‬الاماراتي‭ ‬ـ‭ ‬الصيني
تستند‭ ‬العلاقات‭ ‬الإماراتية‭ ‬ـ‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المرتكزات‭ ‬والأسس‭ ‬والمقومات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬دور‭ ‬القوة‭ ‬المحركة‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقات‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقها‭ ‬منتصف‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ويمكن‭ ‬تناول‭ ‬هذه‭ ‬المقومات‭ ‬والمرتكزات‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬
 
 
الإرث‭ ‬التاريخي‭ ‬والصداقة‭ ‬العميقة‭: ‬وضع‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬ـ‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬ـ‭ ‬الأساس‭ ‬القوي‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬ففي‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإعلان‭ ‬رسمياً‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد،‭ ‬بعث‭ ‬القائد‭ ‬المؤسس،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬ببرقية‭ ‬إلى‭ ‬شون‭ ‬إن‭ ‬لاي‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الدولة‭ ‬الصيني‭ ‬يبلغه‭ ‬فيها‭ ‬بقيام‭ ‬دولة‭ ‬الامارات،‭ ‬حيث‭ ‬رد‭ ‬الزعيم‭ ‬الصيني‭ ‬السابق‭ ‬ببرقية‭ ‬تهئنة‭ ‬إلى‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد،‭ ‬معلناً‭ ‬اعتراف‭ ‬الصين‭ ‬رسمياً‭ ‬بدولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭. ‬وكانت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وجمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬1984‭ ‬فيما‭ ‬افتتحت‭ ‬السفارة‭ ‬الإماراتية‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬عام‭ ‬1987‭. ‬
 
 
وجاءت‭ ‬المحطة‭ ‬النوعية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬عبر‭ ‬زيارة‭ ‬القائد‭ ‬المؤسس،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬إلى‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬لأحد‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للصين،‭ ‬حيث‭ ‬دشنت‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الصديقين،‭ ‬كما‭ ‬وضعت‭ ‬الأساس‭ ‬للعلاقات‭ ‬الثقافية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬خلالها‭ ‬وضع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لانشاء‭ ‬مركز‭ ‬الامارات‭ ‬لدراسة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والدراسات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬قنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬الصيني‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية،‭ ‬منذ‭ ‬تم‭ ‬افتتاحه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬الامارات،‭ ‬حيث‭ ‬زاره‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وقدم‭ ‬منحة‭ ‬بقيمة‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬باسم‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬أنشطة‭ ‬المركز‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية‭ ‬وتعزيزاً‭ ‬لدوره‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬ـ‭ ‬الصيني‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬تبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬البلدين‭ ‬ليضيف‭ ‬تراكماً‭ ‬عزز‭ ‬مسيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬وأسهم‭ ‬في‭ ‬تطورها،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬فيما‭ ‬قام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭ ‬بثلاث‭ ‬زيارات‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬أعوام‭ ‬2009،‭ ‬2012،‭ ‬2015‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬بينما‭ ‬استقبلت‭ ‬الامارات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الصينيين‭.‬
 
 
التوافق‭ ‬حول‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭: ‬يشير‭ ‬تحليل‭ ‬مجمل‭ ‬تصريحات‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وجمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬إلى‭ ‬توافر‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬قوية‭ ‬لدى‭ ‬قيادتي‭ ‬البلدين‭ ‬وعزم‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬وتعميقها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬الشعبين‭ ‬الصديقين،‭ ‬حيث‭ ‬وصف‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭ ‬قبيل‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬علاقات‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‮»‬،‭ ‬مؤكداً‭ ‬حرص‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬بقيادة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬وقال‭ ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬بناء‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬ونجعل‭ ‬منه‭ ‬منصة‭ ‬وجسراً‭ ‬لتبادل‭ ‬المصالح‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعبير‭ ‬جلي‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الامارات‭ ‬والصين،‭ ‬حيث‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬إحياء‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬القديم‭ ‬ودور‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الامن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ورفاه‭ ‬الشعوب‭. ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬خلال‭ ‬استقباله‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تعتبر‭ ‬الامارات‭ ‬صديقاً‭ ‬وشريكا‭ ‬جيداً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬توجه‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬مشدداً‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تطوير‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطاقة‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬والتجارة‭ ‬والاستثمار‭ ‬والفضاء‭. ‬
 
 
على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬سفارة‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬أبوظبي‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬1985‭ ‬وأنشئت‭ ‬القنصلية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬1988‭. ‬فيما‭ ‬افتتحت‭ ‬سفارة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬مارس‭ ‬1987‭. ‬وأنشأت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬قنصليتين‭ ‬عامتين‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬افتتحت‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2000‭ ‬وواحدة‭ ‬في‭ ‬شنغهاي‭ ‬افتتحت‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2009‭.. ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬افتتاح‭ ‬القنصلية‭ ‬العامة‭ ‬الثالثة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬غوانغ‭ ‬جو‭ ‬الصينية‭.‬
 
 
‭ ‬وجود‭ ‬قاعدة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭: ‬ترتبط‭ ‬الامارات‭ ‬والصين‭ ‬بحزمة‭ ‬متنامية‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬حيث‭ ‬تنظر‭ ‬الامارات‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬باعتبارها‭ ‬إحدى‭ ‬اهم‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الضامنة‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالمي،‭ ‬وطرف‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬معادلات‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بحكم‭ ‬مكانتها‭ ‬المتنامية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬القائم،‭ ‬وصناعة‭ ‬القرار‭ ‬الدولي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭. ‬بينما‭ ‬تنظر‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الامارات‭ ‬باعتبارها‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬ناجح‭ ‬واقتصاد‭ ‬صاعد‭ ‬ومعبر‭ ‬حيوي‭ ‬للصادرات‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وافريقيا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الامارات‭ ‬شريك‭ ‬رئيسي‭ ‬مؤسس‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬الآسيوي‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وإحدى‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬التنمية‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شين‭ ‬جين‭ ‬بينغ،‭ ‬والتي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬مبادرات‭ ‬التنمية‭ ‬والانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬
 
 
وقد‭ ‬أشار‭ ‬ني‭ ‬جيان‭ ‬سفير‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬لدى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬حافظت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬كأكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬للإمارات،‭ ‬كما‭ ‬اصبحت‭ ‬الإمارات‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬وأكبر‭ ‬سوق‭ ‬تصدير‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬آسيا‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭. ‬وأكد‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬وصل‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬49‭,‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بزيادة‭ ‬13‭,%‬1‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الفرص‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بمجال‭ ‬التجارة‭. ‬وأوضح‭ ‬السفير‭ ‬الصيني‭ ‬أن‭ ‬التبادلات‭ ‬الثقافية‭ ‬والشعبية‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والإمارات‭ ‬تزدهر‭ ‬ويتنامى‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬حيث‭ ‬يتقدم‭ ‬برنامج‭ ‬تدريس‭ ‬اللغة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬200‭ ‬مدرسة‭ ‬إماراتية،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬المدرسة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬دبي،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬صينية‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬تأسست‭ ‬الصين‭ ‬الجديدة‭ ‬لتوها‭ ‬وكانت‭ ‬فقيرة‭ ‬للغاية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لم‭ ‬يبلغ‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬سوى‭ ‬12‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬باحتلاله‭ ‬المرتبة‭ ‬الـ77‭ ‬عالمياً،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬البالغ‭ ‬23‭ ‬دولاراً،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأدنى‭ ‬عالمياً‭. ‬
 
 
وتابع‭: ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬تلمست‭ ‬الصين‭ ‬الطريق‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة،‭ ‬ووجدت‭ ‬تدريجياً‭ ‬طريقاً‭ ‬تنموياً‭ ‬ناجحاً،‭ ‬أي‭ ‬طريق‭ ‬الاشتراكية‭ ‬ذات‭ ‬الخصائص‭ ‬الصينية‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتتخذ‭ ‬التنمية‭ ‬أمراً‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه،‭ ‬حيث‭ ‬دفعت‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬باستمرار،‭ ‬ما‭ ‬حقق‭ ‬نمواً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬متسارعاً‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬9‭% ‬لمتوسط‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬غصون‭ ‬بضعة‭ ‬عقود‭ ‬وأسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬معيشة‭ ‬الشعب‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬للصين‭ ‬قفز‭ ‬إلى‭ ‬14.7‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بزيادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬مرة،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬لتصبح‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يشكل‭ %‬17‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وتتجاوز‭ ‬نسبة‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ %‬50‭ ‬لسنوات‭ ‬متتالية،‭ ‬كما‭ ‬ارتفع‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭ ‬بزيادة‭ ‬100‭ ‬مرة،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭. ‬وبيّن‭ ‬ني‭ ‬جيان،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬حالياً‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التصنيع‭ ‬وتجارة‭ ‬السلع‭ ‬واحتياطي‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬واستحوذت‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عالمياً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنتاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬220‭ ‬منتجاً‭ ‬صناعياً،‭ ‬والسكك‭ ‬الحديد‭ ‬فائقة‭ ‬السرعة‭ ‬والطرق‭ ‬السريعة‭ ‬والقدرة‭ ‬المركبة‭ ‬لمحطات‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬وحجم‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬للإنترنت‭ ‬وتوظيف‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬والمتجددة‭. ‬ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تتمتع‭ ‬بسبعة‭ ‬مطارات‭ ‬وسبعة‭ ‬موانئ‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬أكبر‭ ‬عشرة‭ ‬مطارات‭ ‬وأكبر‭ ‬عشرة‭ ‬موانئ‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬للحاويات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي،‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ورحلات‭ ‬الفضاء‭ ‬المأهولة‭ ‬واستكشاف‭ ‬المريخ‭ ‬والتواصل‭ ‬الكمي‭ ‬والحوسبة‭ ‬الفائقة‭.‬
 
 
تقارب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬حيال‭ ‬القضايا‭ ‬والملفات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭: ‬حيث‭ ‬تكشف‭ ‬مواقف‭ ‬البلدين‭ ‬تقارب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬والمواقف‭ ‬حيال‭ ‬معظم‭ ‬الملفات‭ ‬والقضايا‭ ‬والموضوعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬كما‭ ‬يبدي‭ ‬البلدان‭ ‬تفهماً‭ ‬ودعماً‭ ‬متبادلاً‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لكل‭ ‬طرف‭ ‬منهما،‭ ‬وما‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتنسيق‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬إماراتية‭ ‬ـ‭ ‬صينية‭ ‬مشتركة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أكثر‭ ‬عمقاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشاور‭ ‬المستمر،‭ ‬وقد‭ ‬تبلور‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬صيغة‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لتتوج‭ ‬مسيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وقد‭ ‬أثمرت‭ ‬هذه‭ ‬الصيغة‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الصين‭ ‬للسياسات‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬للدول‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬دعم‭ ‬الامارات‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬صين‭ ‬واحدة‮»‬‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬انفاذ‭ ‬القانون‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الجريمة‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬وفود‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صون‭ ‬المصالح‭ ‬الجوهرية‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭.‬
 
 
الزيارات‭ ‬المتبادلة‭ ‬والحوار‭ ‬المتواصل‭: ‬تمثل‭ ‬زيارات‭ ‬قادة‭ ‬البلدين‭ ‬منعطفات‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬الزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬المتبادلة‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬الأسبق‭ ‬يانج‭ ‬شانج‭ ‬كون‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬فيما‭ ‬قام‭ ‬المغفور‭ ‬به‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬1990،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬السابق‭ ‬هو‭ ‬جينتاو‭ ‬بزيارة‭ ‬خاطفة‭ ‬إلى‭ ‬الامارات‭ ‬حيث‭ ‬توقف‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬ضمن‭ ‬رحلة‭ ‬خارجية‭ ‬له‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬حيث‭ ‬استقبله‭ ‬آنذاك‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم،‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬التالية‭ (‬2008‭) ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬ون‭ ‬جياباو‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الدولة‭ ‬الصيني‭ ‬السابق‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬للإمارات‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬بالدورة‭ ‬الخامسة‭ ‬للقمة‭ ‬العالمية‭ ‬لطاقة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتم‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬المهمة‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الامارات‭ ‬والصين‭. ‬
 
 
كما‭ ‬قام‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الصيني‭ ‬السابق‭ ‬وانج‭ ‬يي‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬التقى‭ ‬خلالها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬وسمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭. ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬بثلاث‭ ‬زيارات‭ ‬متتالية‭ ‬للصين‭ ‬أعوام‭ ‬2009‭ ‬و2012‭ ‬و2015،‭ ‬حيث‭ ‬مثلت‭ ‬الزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لسموه‭ ‬تحديداً‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬وعمقت‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وأثمرت‭ ‬الزيارة‭ ‬عن‭ ‬توقيع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬وبروتوكولات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي،‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬لتبادل‭ ‬العملات‭ ‬بين‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬لدولة‭ ‬الامارات‭ ‬وبنك‭ ‬الشعب‭ ‬الصيني،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بشأن‭ ‬انشاء‭ ‬مركز‭ ‬مقاصة‭ ‬للعملة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬الامارات،‭ ‬واتفاقية‭ ‬تعاون‭ ‬استراتيجي‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬وإنتاج‭ ‬النفط،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المقاييس‭ ‬والمطابقة،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بشان‭ ‬تبادل‭ ‬رخص‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬تعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭ ‬والأبحاث‭ ‬والتطوير‭ ‬والاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬
 
 
كما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬الاستثمار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المشترك‮»‬‭ ‬بقيمة‭ ‬10‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مناصفة‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬محفظة‭ ‬متوازنة‭ ‬تضم‭ ‬استثمارات‭ ‬تجارية‭ ‬متنوعة‭ ‬وتغطي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬المكاسب‭ ‬التنموية‭ ‬لاقتصادي‭ ‬البلدين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬قدرة‭ ‬الاقتصادين‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬للأزمات‭ ‬الطارئة،‭ ‬وتمكينهما‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬وقتذاك‭ ‬أن‭ ‬انشاء‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬يجسد‭ ‬الشراكة‭ ‬المتنامية‭ ‬بين‭ ‬الامارات‭ ‬والصين،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأسس‭ ‬المتينة‭ ‬لأواصر‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الصديقين‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬روابط‭ ‬اقتصادية‭ ‬قوية‭ ‬ومتنامية‭ ‬وعلاقات‭ ‬سياسية‭ ‬عميقة‭. ‬واعتبر‭ ‬سموه‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬هذه‭ ‬الصندوق‭ ‬يمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬ويعكس‭ ‬السعي‭ ‬المشترك‭ ‬للعمل‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلدين‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬ومن‭ ‬جانبه‭ ‬اعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬وقتذاك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بالمرونة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاستثمارات‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬وتعميق‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وأن‭ ‬الصندوق‭ ‬سوف‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬حزم‭ ‬واحد،‭ ‬طريق‭ ‬واحد‮»‬‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬قد‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬قيادتي‭ ‬البلدين،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬عظيم‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬نسج‭ ‬علاقات‭ ‬صداقة‭ ‬قوية‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لذلك‭ ‬آثار‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الاحتفاء‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬قوبل‭ ‬به‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬
 
 
خاتمة
تقوم‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬وأسس‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والسعي‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬إلى‭ ‬توطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬ومد‭ ‬جسور‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬قربها‭ ‬أو‭ ‬بعدها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬ويؤكد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ـ‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ـ‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬حرص‭ ‬الامارات‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬بناءة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كافة،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬للدول‭ ‬ويلبي‭ ‬طموحات‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والازدهار‭. ‬وهذا‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬إيمان‭ ‬راسخ‭ ‬بالدور‭ ‬المحوري‭ ‬للتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬إحراز‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وللعالم‭ ‬بأسره‭. ‬
 
حيث‭ ‬تسعى‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬دائماً‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مراتب‭ ‬التنافسية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية،‭ ‬وتوظف‭ ‬الدولة‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬استثنائية‭ ‬مثل‭ ‬البيئة‭ ‬المحفزة‭ ‬للعمل‭ ‬والاستثمار،‭ ‬وتبنى‭ ‬أحدث‭ ‬مخرجات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬وتسهيل‭ ‬وزيادة‭ ‬كفاءة‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭. ‬
 
كما‭ ‬تستفيد‭ ‬الامارات‭ ‬من‭ ‬موقعها‭ ‬الفريد‭ ‬كبوابة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للوصول‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وآسيا،‭ ‬ما‭ ‬يوفر‭ ‬للشركات‭ ‬والمستثمرين‭ ‬طيفاً‭ ‬واسعاً‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الاستثمار‭ ‬وفرص‭ ‬التصدير،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإماراتية‭ ‬تتمتع‭ ‬بنشاط‭ ‬وحيوية‭ ‬وديناميكية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بأدوراها‭ ‬كافة‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً‭. ‬
 
وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تحرص‭ ‬فيه‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية‭ ‬وتوسيع‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬فإنها‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬شريكاً‭ ‬يحظى‭ ‬بالثقة‭ ‬والتقدير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والقوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬فيه‭. ‬ويشهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬زعماء‭ ‬وقادة‭ ‬ورؤساء‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭.‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره